المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الأمر الرابع: هل عدم إخراج الشيخين للرجل في "الصحيح" يقتضي ضعفه أو لينه عندهما - النكت الجياد المنتخبة من كلام شيخ النقاد - جـ ٢

[إبراهيم بن سعيد الصبيحي]

فهرس الكتاب

- ‌الْقسم الثاني«مناهج بعض أئمة النقد والمصنِّفين»

- ‌مقدمة

- ‌خطة العمل في هذا القسم:

- ‌البخاري

- ‌المبحث الأول: منهج البخاري في "الجامع الصحيح

- ‌المطلب الأول: فيما يتعلق بالأسانيد

- ‌الأمر الأولمنهج البخاري في انتقاء رجال "صحيحه" وكيفية إخراجه لحديثهم، أو: شرطه في رجال "صحيحه

- ‌ توطئة

- ‌أولاً: قول ابن طاهر في شروط الأئمة الستة:

- ‌ثانيًا: قول الحازمي في شروط الأئمة الخمسة:

- ‌ثالثًا: قول ابن تيمية:

- ‌رابعًا: قول العراقي:

- ‌مقصد تطبيقات العلامة المعلمي على منهج البخاري وشرطه في رجال "صحيحه

- ‌الأمر الثاني: انتقاء البخاري من أحاديث شيوخه المتكلم فيهم

- ‌الأمر الثالث: الرواة المتكلم فيه داخل "الصحيحين

- ‌الأمر الرابع: هل عدم إخراج الشيخين للرجل في "الصحيح" يقتضي ضعْفَهُ أو لِينَهُ عندهما

- ‌الأمر الخامس: هل عدم إخراج الشيخين للرجل في الأصول يقتضي أنه لا يحتج به عندهما

- ‌المطلب الثاني: فيما يتعلق بالمتون

- ‌الأمر الأولمن منهح البخاري في ترتيب أحاديث الباب

- ‌الأمر الثانيمن منهج البخاري في إخراج الحديث في باب دون باب

- ‌النموذج الأول:

- ‌النموذج الثاني:

- ‌النموذج الثالث:

- ‌الأمر الثالثالأحاديث المنتقدة على "الصحيحين

- ‌الأمر الرابعما يعلقه البخاري بصيغة الجزم

- ‌الأمر الخامسرواية البخاري من حفظه

- ‌الأمر السادسفيما ذكر أن البخاري مات قبل أن يبيض كتابه

- ‌المبحث الثاني: منهج البخاري في غير "الصحيحين

- ‌أولًا: شيوخه:

- ‌ثانيًا: غير شيوخه:

- ‌المبحث الثالث: البخاري وكتابه "التاريخ الكبير

- ‌المطلب الأولطريقة البخاري في إخراج كتابه "التاريخ الكبير" ومنهجه في تصنيفه والجواب المجمل على ما أُخذ عليه فيه

- ‌المطلب الثانيإشارة البخاري أحيانًا إلى حال الرجل بإخراج شيء من حديثه في ترجمته من "التاريخ

- ‌المبحث الرابع: اصطلاح البخاري في بعض عبارات الجرح

- ‌أولاً: قوله: "فيه نظر"، "سكتوا عنه"، "منكر الحديث

- ‌ثانيا: قوله: "لم يصح حديثه"، "في إسناده نظر"، "يتكلمون في إسناده

- ‌مسلم بن الحجاج

- ‌المطلب السابعمنهج مسلم في ترتيب روايات الحديث في الباب الواحد

- ‌النوع الأولما وقفتُ فيه لمسلمٍ فيه على كلام خارج "الصحيح"، وهو أعلاها

- ‌نموذج (1)في باب: مواقيت الحج والعمرة

- ‌نموذج (2)في باب: من باع نخلا عليها ثمر

- ‌نموذج (3)في أول كتاب القسامة

- ‌النوع الثانيما نبَّهَ مسلم عقب إيراده على ما وقع فيه من الوهم أو المخالفة

- ‌نموذج (1)

- ‌نموذج (2)

- ‌نموذج (3)

- ‌النوع الثالثما يورد فى فيه مسلمٌ الحديثَ أولا بالسياق المحفوظ، ثم يشير إلى وروده من طريقٍ أخرى يسوق إسنادها أو يقول: بمثل إسناد السابق، لكنه يُعرض عن متنها

- ‌نموذج (1)في باب التيمم من "الصحيح

- ‌نموذج (2)راجع النموذج الآتي المتعلق بصلاة الكسوف في النوع الرابع

- ‌النوع الرابعما تدل طريقة عرضه لأحاديث الباب، ولقرائن تحتف بذلك على إرادته ترجيح أحاديث على أخرى

- ‌نموذج (1)الأحاديث الواردة في صفة صلاة الكسوف

- ‌نموذج (2)الأحاديث المتعلقة بصلاة العشاء: وقتها وتأخيرها

- ‌نموذج (3)أحاديث "سترة المصلي

- ‌النوع الخامس:ما شرح مسلم فيه ما وقع أحيانا من الإدراج في بعض الأحاديث، دون النص على وقوع ذلك

- ‌نموذج (1)باب: الجهر بالقراءة في الصبح والقراءة على الجن من "الصحيح

- ‌نموذج (2)باب: تحريم الكذب وبيان المباح منه:

- ‌أبو حاتم الرازي

- ‌1 - أيوب بن سويد الرملي:

- ‌2 - ثابت بن أبي صفية أبو حمزة الثمالي:

- ‌3 - حسين بن علي بن الأسود العجلي الكوفي:

- ‌4 - سماك بن حرب الكوفي:

- ‌5 - ضرار بن صرد أبو نعيم الطحان الكوفي:

- ‌6 - عبد الرحمن بن النعمان بن معبد:

- ‌7 - أبو جعفر الرازي واسمه عيسى، واخلتف في اسم أبيه:

- ‌8 - مجاهد بن وردان:

- ‌9 - محمد بن موسى بن أبي نعيم الواسطي:

- ‌10 - الوليد بن الوليد بن زيد العنسي الدمشقي:

- ‌11 - يمان بن عدي الحضرمي الحمصي:

- ‌12 - يوسف بن محمد بن يزيد بن صيفي بن صهيب:

- ‌13 - يونس بن أبي يعفور العبدي الكوفي:

- ‌ابن معين

- ‌الأمر الأولاختلاف قوله في الراوي

- ‌الأمر الثانيتكذيبه أحيانًا بمعنى كثرة الخطأ ونحوه

- ‌الأمر الثالثقوله "ليس بثقة" قد يريد به نفي الدرجة العليا من التوثيق

- ‌الأمر الرابعتشدده أحيانًا فيما يتفرد به الراوي

- ‌الأمر الخامسمعنى قول ابن معين: ليس بشيء

- ‌الأمر السادستوثيقه لبعض المجاهيل

- ‌الأمر السابعتوثيقه لمن ضعفه غيره

- ‌الأمر الثامنتجمُّل بعض الرواة الضعفاء لابن معين واستقباله بأحاديث مستقيمة فيُحسن القولَ فيهم

- ‌الإمام أحمد بن حنبل

- ‌الأمر الأولكيف يشير إلى تعليل الروايات في "مسنده" أحيانا

- ‌الأمر الثانيمنهجه في ترتيب الروايات في "المسند" من حيث القوة

- ‌الأمر الثالثموضوع "المسند" وهل يخرج فيه مراسيل

- ‌الإمام مالك بن أنس

- ‌قضية تركه للعمل بما لم يعمل به أهل المدينة

- ‌عبد الله بن المبارك

- ‌الأول: أن من عادته تتبع أصول شيوخه:

- ‌الثاني: هل روايته عن الرجل تقويه

- ‌الثالث: هل هو ممن لا يشدد في الرواية عن الرجال

- ‌الإمام النسائي

- ‌المبحث الأول: منهجه في الجرح والتعديل

- ‌المطلب الأولشرط النسائي في الرجال مقارنةً بشرط الشيخين

- ‌المطلب الثانيتوسُّعُه في توثيق المجاهيل

- ‌المبحث الثاني: منهجه في إيراد اختلاف الروايات في سننه

- ‌تطبيق يتعلق بما نسب إلى النسائي من التشيع

- ‌ابن حبان

- ‌المطلب الأولما لا صلة له بمنهجه في الجرح والتعديل أو التصحيح والتعليل

- ‌الأمر الأولقولُ ابن الصلاح فيه: غلط الغلط الفاحش في تصرفه

- ‌الأمر الثانيما نُقل عنه أنه قال: "النبوة: العلم والعمل

- ‌الأمر الثالثما نُقل من إنكاره الحدّ لله تعالى

- ‌المطلب الثانيما يتعلق بمنهج ابن حبان في الجرح والتعديل والتصحيح والتعليل وغير ذلك

- ‌الأمر الأولمنزلة ابن حبان بين أهل النقد

- ‌الأمر الثانيمنهج ابن حبان في شرائط إيراده للرواة في كتاب "الثقات

- ‌الأمر الثالثفي ذكر بعض عادات ابن حبان في إيراد الرواة في كتاب "الثقات

- ‌أولًا: يذكر الرجل في "الثقات" بناء على أنه يروي المناكير التى رويت من طريقه أنَّ الحمل فيها على غيره:

- ‌ثانيًا: إذا تردد ابن حبان في توثيق راوٍ ذكره في "الثقات" وغَمَزَهُ:

- ‌ثالثًا: عادة ابن حبان فيمن لم يجد عنه إلا راوٍ واحدٍ:

- ‌الأمر الرابعفي درجات توثيق ابن حبان

- ‌الأمر الخامسفيما ذُكر من تعنت ابن حبان في باب الجرح في مقابل ما وُصف به من التساهل في باب التوثيق

- ‌الأمر السادسفي تفسير بعض الألفاظ التي يطلقها ابن حبان في كتاب "الثقات

- ‌أولاً: قوله: ربما أخطأ، وربما خالف، ونحوهما:

- ‌ثانيًا: قوله: يغرب:

- ‌ثالثًا: قوله: يخطىء ويخالف:

- ‌الأمر السابعفي شرائط ابن حبان في تصحيح الأخبار

- ‌الأمر الثامنفي النظر في طبقة شيوخ وشيوخ شيوخ ابن حبان

- ‌1 - طبقة شيوخ ابن حبان:

- ‌2 - طبقة شيوخ شيوخ ابن حبان:

- ‌الأمر التاسعأمثلة لما أُخذ على ابن حبان في توثيقه لمَنْ ضَعَّفَهُ في موضع آخر

- ‌الحاكم صاحب "المستدرك

- ‌المطلب الأولشرط الحاكم في كتابه "المستدرك

- ‌المطلب الثانيتناقضه في إخراج أحاديث في "المستدرك" بأسانيد قد وَهَّنَ هو بعض رجالها في مواضع أخرى

- ‌المطلب الثالثالبحث في القَدْر الذي أصاب الحاكم فيه التساهُل في "المستدرك"، والسبب في ذلك

- ‌المطلب الرابع:منزلته في التوثيق والتصحيح

- ‌ابن القطان صاحب "بيان الوهم والإيهام

- ‌الأمر الأولقول المعلمي فيما وقع لابن القطان من التصحيف في أسماء الرواة

- ‌الأمر الثانيما زدتُّه من بعميه الفوائد والنكات الحديثية المتعلقة بكتاب "بيان الوهم والإيهام

- ‌نماذج من مناقشات واعتراضات بعض الحفاظ على ابن القطان في جانب نقده للرواة

- ‌1 - الرد عليه في رميه هشام بن عروة بالاختلاط والتغير:

- ‌2 - الاعتراض عليه في إطلاق التجهيل على من لم يَطَّلِعْ على حاله من الرواة مع مناقشة هذا الاعتراض:

- ‌3 - عدم معرفة ابن القطان بأئمة كبار:

- ‌4 - الاعتراض عليه في ذهابه إلى أن انفراد الثقات أو اختلافهم لا يضر:

- ‌5 - الاعتراض على ابن القطان في إيطاله لكثير من تعليلات النقاد بأنواع من التجويزات والاحتمالات العقلية:

- ‌6 - الاعتراض عليه في رده مراسيل الصحابة:

- ‌تعليق مجمل على ما سبق

- ‌الضياء المقدسي صاحب "المختارة

- ‌الأمر الأولقول المعلمي في تصحيحٍ للضياء

- ‌الأمر الثانيما زدتُّه من بعض الفوائد والنكات المتعلقة بإخراج الضياء المقدسي للحديث في كتابه "المختارة" وتصحيحه له بناء على ذلك

- ‌1 - مدح كتابه لا سيما عند مقارنته بـ "مستدرك الحاكم

- ‌2 - تصحيحه ما لم يُسبق إليه:

- ‌3 - بعض ما انتقده الحفاظ عليه في "المختارة

- ‌أبو عوانة

- ‌الأمر الأولقول المعلمي في أبي عوانة والمستخرجات بصفة عامة

- ‌الأمر الثانيما زدتُّه من بعض النماذج التي وقفت عليها مما يؤيد تلك المعاني التي شرحها المعلمي

- ‌الخطيب البغدادي

- ‌الأمر الأولالنظر في عقيدته وتقرير أنه كان على مذهب السلف

- ‌الأمر الثانيالنظر في مذهبه في الفروع

- ‌الأمر الثالثحول اختصاصه بالبغداديين

- ‌الأمر الرابعحول انفراده بالرواية عن الرجل وتصديقه إياه

- ‌الأمر الخامستثبته واحتياطه

- ‌الأمر السادسعادته في "تاريخه" التعويل فيما يورده من الجرح والتعديل على الكلام المؤخر في الترجمة

- ‌الأمر السابعالإشارة إلى وَهَن الراوي بإيراد الأحاديث الشاذَّة والمنكرة في ترجمته من "التاريخ

- ‌ابن الجوزي

- ‌الأمر الأولالنظر في عقيدته

- ‌الأمر الثانيالتنبيه على أنه لا يُعلم أنه يلتزم الصحة فيما يحكيه بغير سند، والتنبيه على كثرة أوهامه في تصانيفه

- ‌الأمر الثالثكشف ما في كلامه في الخطيب من التجني والتحامل

- ‌ابن عدي

- ‌الأمر الأولذكره الأحاديث في ترجمة الرجل مع أن الحمل فيها على غيره واعتذار المعلمي عنه في بعض المواضع

- ‌الأمر الثانيالنظر في جواب المعلمي على رمي ابن عدي رجلا بالسرقة من أجل حديث واحد لا يتبين الحمل فيه عليه

- ‌الأمر الثالثمعنى قوله في التراجم: أرجو أنه لا بأس به

- ‌الدارقطني

- ‌البيهقي

- ‌الأمر الأولبيان عذر البيهقي في إخراج أحاديث البخاري وغيره بإسناد البيهقي إليهم، ونسبتها إليهم مع وجود خلاف في اللفظ

- ‌الأمر الثانيجواب الشيخ المعلمي عن قول البيهقي في حماد بن سلمة

- ‌الأمر الثالثمقارنة البيهقي بابن حبان والخطيب في معرفة دقائق هذا الفن

- ‌ابن قانع

- ‌وصفه الشيخ المعلمي

- ‌ نماذج مما تعقب فيه ابنُ حجر ابنَ قانع:

- ‌الدولابي

- ‌ نعيم بن حماد

- ‌ حماد بن سلمة

- ‌العقيلي

- ‌مسلمة بن القاسم الأندلسي

- ‌أبو الفتح الأزدي

- ‌السليماني

- ‌السيوطي

- ‌ابن التركماني

- ‌ابن سعد

- ‌ابن شاهين

- ‌ابن يونس

- ‌أبو الشيخ الأصبهاني

- ‌السُّلَمي

- ‌ابن طاهر

- ‌رزين بن معاوية العبدري

- ‌النووي

- ‌ابن تيمية

- ‌ابن السبكي

- ‌سبط ابن الجوزي

- ‌ابن فُورَك

- ‌ابن الثلجي

- ‌ابن قتيبة

- ‌ابن خراش

- ‌ابن نمير

- ‌عثمان بن أبي شيبة

- ‌دحيم

- ‌العجلي

- ‌ابن أبي خيثمة

- ‌ابن محرز

- ‌موسى بن عقبة

- ‌الحكيم الترمذي

- ‌بدر الدين العيني

- ‌ياقوت الحموي

- ‌الحسن بن صالح بن حي

- ‌الإمام أبو حنيفة

- ‌أبو بكر الرازي

- ‌عبد القادر القرشي

- ‌ابن خالويه

- ‌أبو الحسن الأشعري

- ‌الدميري

- ‌أبو جعفر الإسكافي

- ‌الثعالبي

- ‌الملك عيسى بن أبي بكر بن أيوب

- ‌ابن دحية

- ‌محمد بن مخلد أبو عبد الله العطار

- ‌ابن أبي الحديد

- ‌محمد رشيد رضا

- ‌الأمر الأولمناقشته في قضية خطيرة نسبها إلى أبي حامد الغزالي، وهو منها براء

- ‌الأمر الثانيالرَّدُّ عليه في قوله إن النهي عن كتابة الأحاديث متأخر عن الإذن بالكتابة

- ‌الأمر الثالثالجواب عما زعمه هو وأبو رية من تصديق النبي للمنافقين والكفار في أحاديثهم لعدم علمه بالغيب

- ‌الأمر الرابعهل السنة تنسخ القرآن أم لا

- ‌المدعو مسعود بن شيبة

الفصل: ‌الأمر الرابع: هل عدم إخراج الشيخين للرجل في "الصحيح" يقتضي ضعفه أو لينه عندهما

‌الأمر الرابع: هل عدم إخراج الشيخين للرجل في "الصحيح" يقتضي ضعْفَهُ أو لِينَهُ عندهما

؟

قد طعن الكوثري في جماعةٍ من الرواة والمحدثين مُحْتَجًّا بأن البخاري -وربما أصحاب الكتب الستة- لم يخرجوا لهم، فشَرَحَ المعلمي بعضَ أسباب ذلك بما لا يقتضي الطعن.

من ذلك:

(1)

قول العلامة المعلمي في ترجمة إبراهيم بن شماس الغازي من "التنكيل" رقم (6):

أما عدم إخراج البخاري عنه في "صحيحه" فكأنه إنما لقيه مرة؛ فإن إبراهيم كان دائبًا في الجهاد، فلم يسمع منه البخاري ما يحتاج إلى إخراجه في "الصحيح".

وقد أدرك البخاري من هو أكبر من إبراهيم وأعلى إسنادًا، وكم من ثقةٍ ثبتٍ لم يتَّفِقْ أن يخرج عنه البخاري في "صحيحه" وأخرج عمن هو دونه بكثير.

فأما بقية الستة؛ فأبو داود ولد سنة 202، فقد أدرك إبراهيم؛ فإن إبراهيم استشهد سنة 220، ولكن لعله لم يَلْقَهُ وإنما روى في مسائل مالك عن رجل عنه، على ما يظهر من "التهذيب"، وقد سمع أبو داود جماعةً ممن هو أكبر وأعلى إسنادًا من إبراهيم.

ومسلم ولد سنة 204، والباقون بعد ذلك.

ص: 38

وجامعو الكتب الستة يتحرون علوّ الإسناد والاختصار، ولا ينزلون إلا لحاجةٍ، والروايةُ عن إبراهيم قليلةٌ؛ لاشتغاله بالجهاد، ولأنه لم يُعَمَّرْ حتى يُحتاج إليه، وقد رَوى عنه من هو أجَلُّ من أصحاب الكتب الستة كما مرّ (1).

(2)

وقوله في ترجمة: محمد بن علي بن الحسن بن شقيق رقم (221):

"من شأنهما -يعني الشيخين- في "الصحيح" أن يتطلبا العلوّ ما وجدوا إليه سبيلًا، ولا يرضيان بالنزول إلا أن يتفقَ لهما حديثٌ صحيحٌ تشتد الحاجة إلى ذكره في "الصحيح" ولا يقع لهما إلا بنزول، فلم يتفق لهما ذلك هنا، وهذا الرجل سِنُّهُ قريبٌ من سِنِّهِما، فروايتهما عنه نزولٌ.

وهناك وجوهٌ أُخَر لعدم إخراجهما للرجل في "الصحيح"، راجع ترجمة إبراهيم ابن شماس.

ولهذا لم يلتفت المحققون إلى عدم إخراجهما، فلم يَعُدُّوا عدمَ إخراجهما الحديث دليلا على عدم صحته، ولا عدم إخراجهما للرجل دليلا على لِينِه (2).

ومحمد هذا وثقه النسائي، والنسائي ممن قد يفوق الشيخين في التشدد كما نبهوا عليه في ترجته، ووثقه غيره أيضًا.

وروى عنه أبو حاتم وقال: "صدوق" وأبو زرعة، ومن عادته أن لا يروي إلا عن ثقة كما في "لسان الميزان"(2/ 416)، وبقي بن مخلد، وهو لا يروي إلا عن ثقة كما مرّ في ترجمة أحمد بن سعد، وابنُ خزيمة، وهو لا يروي في "صحيحه" إلا عن ثقةٍ، واللَّه الموفق". اهـ ..

(1) مثل أحمد وكذا أبي زرعة رحمهما اللَّه وهما لا يرويان إلا عن ثقة عندهما، كا ذكره المعلمي، وعظَّم إسحاقُ بن راهويه شأنه وحرَّض على الكتابة عنه، ووثقه الدارقطني وابن حبان.

(2)

سيأتي النظر في هذا القول في نهاية هذا الأمر الرابع.

ص: 39

(3)

وقوله في ترجمة رجاء بن السندي رقم (92):

"توفي رجاء سنة (231) فلم يدركه الترمذي والنسائي وابن ماجه، وأدركوا مِنْ أقرانه ومَنْ هو أكبر منه مَنْ هو مثله أو أعلى إسنادًا منه، فلم يحتاجوا إلى الرواية عن رجلٍ عنه؛ لإيثارهم العلوّ.

وأدركه أبو داود في الجملة؛ لأنه مات وسنّ أبي داود نحو تسع عشرة سنة، ولكنه في بلد غير بلده، فالظاهر أنه لم يلقه.

فأما مسلم فإنه كان له حين مات رجاء نحو لست عشرة سنة، وهو بلديُّه، ويمكن أن يكون سمع منه وهو صغير، فلم ير مسلم ذلك سماعًا لائقًا بأن يعتمده في "الصحيح"، ويمكن أن يكون مسلم تشاغل أول عمره بالسماع ممن هو أسنُّ من رجاء وأعلى إسنادًا، فَفَاتَهُ رجاء.

وأما البخاري فقد ذكر الكمال أنه روى عنه لكن قال المزي: لم أجد له ذكرًا في "الصحيح"(1). فقد لا يكون البخاري لقيه (2)، وقد يكون لقيه مرة فلم يسمع منه إلا شيئًا عن شيوخه الذين أدرك البخاري أقرانهم فلم يَحْتَجْ إلى النزول بالرواية عن رجاء.

(1) هكذا هو في "تهذيب" ابن حجر (3/ 231) مختصرًا من كلام المزي، وتمامه: ولا ذكره أحدٌ من المصنفين في رجاله، "وإنما قال الحاكم في "تاريخ نيسابور":"روى عنه البخاري، ولم يقل في "الصحيح" فلعلَّه روى عنه خارج "الصحيح". هكذا قاله المزي في حاشية نسخته من "تهذيب الكمال"، كما نقله عنه محققه (9/ 164).

(2)

هكذا قال المعلمي اعتمادا على نقل الحافظ ابن حجر المختصر لكلام المزي، وسبق كلام الحاكم في ذلك.

ص: 40

فتحصَّلَ مِنْ هذا أنهم إنا لم يخرجوا عنه إيثارًا للعلوّ من غير طريقه على النزول من طريقه (1). وراجع ترجمة إبراهيم بن شماس.

وقد رَوى عنه الإمام أحمد، وهو لا يروي إلا عن ثقةٍ، كما يأتي في ترجمة محمد بن أعين، وروى عنه أيضًا إبراهيم بن موسى وأبو حاتم وقال:"صدوق". وقال الحاكم: "ركن من أركان الحديث".

(4)

وقوله في ترجمة: محمد بن معاوية الزيادي رقم (234):

"قد قدَّمْنا مِرارًا أن كونَهم -يعني الأئمة الستة- لم يخرجوا للرجل، ليس بدليل على وَهَنِه عندهم، ولاسيما مَنْ كان سنُّهُ قريبًا من سِنِّهم وكان مقلا كهذا الرجل، فإنهم كغيرهم من أهل الحديث إنا يُعنون بعلوّ الإسناد، ولا ينزلون إلا لضرورة.

وقد روى النسائي عن هذا الرجل في "عمل اليوم والليلة" وقال في مشيخته: "أرجو أن يكون صدوقًا، كتبت عنه شيئًا يسيرًا" وإنما قال: "أرجو

"؛ لأنه إنما سمع منه شيئًا يسيرًا ولم يتفرغ لاختباره؛ لاشتغاله بالسعي وراء مَنْ هُم أعلى منه إسنادًا ممن هم في طبقة شيوخ هذا الرجل

".

(5)

وقوله في ترجمة: إسماعيل بن عرعرة رقم (51):

"قد يكون الرجلُ ثقةً مقلا من الرواية، إنا يروي قليلا من الحكايات، فلا يعتني به أهل التواريخ، ولا يُحتاج إليه في الأمهات الست".

(1) قال الذهبي في "تاريخ الإسلام" - الطبقة 23: "من كبار أصحاب الحديث، لكنه مات قبل أن ينتشر ذكره". اهـ. وهو مؤيد لكلام المعلمي رحمه الله.

ص: 41

(6)

- (7)

انظر ترجمتي: أحمد بن الحسن الترمذي رقم (14)، وترجمة عامر بن إسماعيل البغدادي رقم (115) من "التنكيل".

قاله أبو أنس:

قد لخَصَّ الشيخُ المعلمي القولَ في هذا المبحث بقوله آنفًا:

"لم يلتفت المحققون إلى عدم إخراجهما -يعني الشيخين- فلم يَعُدُّوا عدمَ إخراجهما الحديث دليلا على عدم صحته، ولا عدم إخراجهما للرجل دليلا على لِينِه".اهـ.

فأقول:

هذا الكلام فيه تفصيلٌ لابدَّ منه، وذلك أن الملاحظ في النماذج التي سبق جواب الشيخ المعلمي عن عدم إخراج الشيخين لأصحابها، إنما هو لأسباب لا تتعلق بلِينِ الراوي ونحوه، إنما هو لعدم الاحتياج لما عند الراوي، لاسيما إذا كانت روايتهما عنه بنزول، مع الاستغناء عما عنده حينئذ بطرق أخرى عالية، وهذا واضحٌ وسائغٌ جدًّا في طبقة أصحاب الكتب الستة -لاسيما الشيخين- أو طبقة شيوخهم، وهو جل النماذج السابقة.

أما الطبقات المتقدمة، فالراوي إذا كان معروفًا، وروى أحاديثَ لا توصف بالندرة، ومنها ما هو في أبواب يُحتاج إليها، وظهر الاحتياج لما عنده حينئذ لضيق مخارجه أو قلة طرقه، أو وضوح متنه في بابه، أو نحو ذلك من مُهمات الإسناد أو المتن، فعدمُ إخراج صاحبي "الصحيح" لمثل هذا -مع ما وصفنا- يُعد إعراضا عنه وعما عنده من الحديث.

ص: 42

نعم، هذا لا يلزمُ منه توهينُ الراوي -إلا أن يصرحا بضعفه، أو يتفق الأئمة على ذلك- ولكن يدل ذلك على أنهما لم يرياه صالحا للاحتجاج، ولا ما عنده ناهضا للاستشهاد.

وقد دَأَبَ غيرُ واحد من المحققين على غمز الراوي -لا سيما المختلف فيه- بعدم إخراج صاحبي "الصحيح" له، تدعيما لمن ضعفه على من أَجمل فيه القولَ.

من هؤلاء: البيهقي، فقد ذكر ذلك في جماعة من الرواة في كتابه "السنن الكبرى".

قاله في: عبد خير (1/ 292)، وداود بن عبد اللَّه الأودي (1/ 190)، وقيس بن عباية (2/ 52)، والأجلح بن عبد اللَّه (10/ 267)(1).

قال في كُلٍّ من هؤلاء: لم يحتج به صاحبا "الصحيح".

وخليد بن جعفر (6/ 71) قال فيه: لم يحتج به محمد بن إسماعيل البخاري في كتاب "الصحيح"، وأخرج مسلم بن الحجاج حديثه الذي يرويه مع المستمر بن الريان عن أبي نضرة عن أبي سعيد في المسك وغيره. اهـ.

ولخليد هذا في صحيح مسلم ثلاثة أحاديث: أحدها هذا الذي أشار إليه البيهقي، وهو برقم (2252) مقرون بالمستمر بن الريان. والثاني برقم (1738) وقد أعقبه أيضًا بمتابعة المستمر بن الريان عن أبي نضرة. والثالث برقم (2341) من رواية شعبة عنه عن أبي إياس عن أنس أنه سئل عن شيب النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ما شانه اللَّه ببيضاء. أخرجه في آخر باب شيب النبي صلى الله عليه وسلم، وقد قدَّم عليه حديث أنس من طرق أخرى أصح من هذه، وفيها قول أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان به شعرات قليلة بيضاء.

وسيأتي مزيدُ بيانٍ لإخراج صاحبي "الصحيح" للرجل في الشواهد ونحوها دون الأصول، وذلك في الأمر التالي، واللَّه الموفق.

(1) وحمزة بن ربيعة: "نصب الراية" عنه: (3/ 228).

ص: 43