المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الأمر الأولذكره الأحاديث في ترجمة الرجل مع أن الحمل فيها على غيره واعتذار المعلمي عنه في بعض المواضع - النكت الجياد المنتخبة من كلام شيخ النقاد - جـ ٢

[إبراهيم بن سعيد الصبيحي]

فهرس الكتاب

- ‌الْقسم الثاني«مناهج بعض أئمة النقد والمصنِّفين»

- ‌مقدمة

- ‌خطة العمل في هذا القسم:

- ‌البخاري

- ‌المبحث الأول: منهج البخاري في "الجامع الصحيح

- ‌المطلب الأول: فيما يتعلق بالأسانيد

- ‌الأمر الأولمنهج البخاري في انتقاء رجال "صحيحه" وكيفية إخراجه لحديثهم، أو: شرطه في رجال "صحيحه

- ‌ توطئة

- ‌أولاً: قول ابن طاهر في شروط الأئمة الستة:

- ‌ثانيًا: قول الحازمي في شروط الأئمة الخمسة:

- ‌ثالثًا: قول ابن تيمية:

- ‌رابعًا: قول العراقي:

- ‌مقصد تطبيقات العلامة المعلمي على منهج البخاري وشرطه في رجال "صحيحه

- ‌الأمر الثاني: انتقاء البخاري من أحاديث شيوخه المتكلم فيهم

- ‌الأمر الثالث: الرواة المتكلم فيه داخل "الصحيحين

- ‌الأمر الرابع: هل عدم إخراج الشيخين للرجل في "الصحيح" يقتضي ضعْفَهُ أو لِينَهُ عندهما

- ‌الأمر الخامس: هل عدم إخراج الشيخين للرجل في الأصول يقتضي أنه لا يحتج به عندهما

- ‌المطلب الثاني: فيما يتعلق بالمتون

- ‌الأمر الأولمن منهح البخاري في ترتيب أحاديث الباب

- ‌الأمر الثانيمن منهج البخاري في إخراج الحديث في باب دون باب

- ‌النموذج الأول:

- ‌النموذج الثاني:

- ‌النموذج الثالث:

- ‌الأمر الثالثالأحاديث المنتقدة على "الصحيحين

- ‌الأمر الرابعما يعلقه البخاري بصيغة الجزم

- ‌الأمر الخامسرواية البخاري من حفظه

- ‌الأمر السادسفيما ذكر أن البخاري مات قبل أن يبيض كتابه

- ‌المبحث الثاني: منهج البخاري في غير "الصحيحين

- ‌أولًا: شيوخه:

- ‌ثانيًا: غير شيوخه:

- ‌المبحث الثالث: البخاري وكتابه "التاريخ الكبير

- ‌المطلب الأولطريقة البخاري في إخراج كتابه "التاريخ الكبير" ومنهجه في تصنيفه والجواب المجمل على ما أُخذ عليه فيه

- ‌المطلب الثانيإشارة البخاري أحيانًا إلى حال الرجل بإخراج شيء من حديثه في ترجمته من "التاريخ

- ‌المبحث الرابع: اصطلاح البخاري في بعض عبارات الجرح

- ‌أولاً: قوله: "فيه نظر"، "سكتوا عنه"، "منكر الحديث

- ‌ثانيا: قوله: "لم يصح حديثه"، "في إسناده نظر"، "يتكلمون في إسناده

- ‌مسلم بن الحجاج

- ‌المطلب السابعمنهج مسلم في ترتيب روايات الحديث في الباب الواحد

- ‌النوع الأولما وقفتُ فيه لمسلمٍ فيه على كلام خارج "الصحيح"، وهو أعلاها

- ‌نموذج (1)في باب: مواقيت الحج والعمرة

- ‌نموذج (2)في باب: من باع نخلا عليها ثمر

- ‌نموذج (3)في أول كتاب القسامة

- ‌النوع الثانيما نبَّهَ مسلم عقب إيراده على ما وقع فيه من الوهم أو المخالفة

- ‌نموذج (1)

- ‌نموذج (2)

- ‌نموذج (3)

- ‌النوع الثالثما يورد فى فيه مسلمٌ الحديثَ أولا بالسياق المحفوظ، ثم يشير إلى وروده من طريقٍ أخرى يسوق إسنادها أو يقول: بمثل إسناد السابق، لكنه يُعرض عن متنها

- ‌نموذج (1)في باب التيمم من "الصحيح

- ‌نموذج (2)راجع النموذج الآتي المتعلق بصلاة الكسوف في النوع الرابع

- ‌النوع الرابعما تدل طريقة عرضه لأحاديث الباب، ولقرائن تحتف بذلك على إرادته ترجيح أحاديث على أخرى

- ‌نموذج (1)الأحاديث الواردة في صفة صلاة الكسوف

- ‌نموذج (2)الأحاديث المتعلقة بصلاة العشاء: وقتها وتأخيرها

- ‌نموذج (3)أحاديث "سترة المصلي

- ‌النوع الخامس:ما شرح مسلم فيه ما وقع أحيانا من الإدراج في بعض الأحاديث، دون النص على وقوع ذلك

- ‌نموذج (1)باب: الجهر بالقراءة في الصبح والقراءة على الجن من "الصحيح

- ‌نموذج (2)باب: تحريم الكذب وبيان المباح منه:

- ‌أبو حاتم الرازي

- ‌1 - أيوب بن سويد الرملي:

- ‌2 - ثابت بن أبي صفية أبو حمزة الثمالي:

- ‌3 - حسين بن علي بن الأسود العجلي الكوفي:

- ‌4 - سماك بن حرب الكوفي:

- ‌5 - ضرار بن صرد أبو نعيم الطحان الكوفي:

- ‌6 - عبد الرحمن بن النعمان بن معبد:

- ‌7 - أبو جعفر الرازي واسمه عيسى، واخلتف في اسم أبيه:

- ‌8 - مجاهد بن وردان:

- ‌9 - محمد بن موسى بن أبي نعيم الواسطي:

- ‌10 - الوليد بن الوليد بن زيد العنسي الدمشقي:

- ‌11 - يمان بن عدي الحضرمي الحمصي:

- ‌12 - يوسف بن محمد بن يزيد بن صيفي بن صهيب:

- ‌13 - يونس بن أبي يعفور العبدي الكوفي:

- ‌ابن معين

- ‌الأمر الأولاختلاف قوله في الراوي

- ‌الأمر الثانيتكذيبه أحيانًا بمعنى كثرة الخطأ ونحوه

- ‌الأمر الثالثقوله "ليس بثقة" قد يريد به نفي الدرجة العليا من التوثيق

- ‌الأمر الرابعتشدده أحيانًا فيما يتفرد به الراوي

- ‌الأمر الخامسمعنى قول ابن معين: ليس بشيء

- ‌الأمر السادستوثيقه لبعض المجاهيل

- ‌الأمر السابعتوثيقه لمن ضعفه غيره

- ‌الأمر الثامنتجمُّل بعض الرواة الضعفاء لابن معين واستقباله بأحاديث مستقيمة فيُحسن القولَ فيهم

- ‌الإمام أحمد بن حنبل

- ‌الأمر الأولكيف يشير إلى تعليل الروايات في "مسنده" أحيانا

- ‌الأمر الثانيمنهجه في ترتيب الروايات في "المسند" من حيث القوة

- ‌الأمر الثالثموضوع "المسند" وهل يخرج فيه مراسيل

- ‌الإمام مالك بن أنس

- ‌قضية تركه للعمل بما لم يعمل به أهل المدينة

- ‌عبد الله بن المبارك

- ‌الأول: أن من عادته تتبع أصول شيوخه:

- ‌الثاني: هل روايته عن الرجل تقويه

- ‌الثالث: هل هو ممن لا يشدد في الرواية عن الرجال

- ‌الإمام النسائي

- ‌المبحث الأول: منهجه في الجرح والتعديل

- ‌المطلب الأولشرط النسائي في الرجال مقارنةً بشرط الشيخين

- ‌المطلب الثانيتوسُّعُه في توثيق المجاهيل

- ‌المبحث الثاني: منهجه في إيراد اختلاف الروايات في سننه

- ‌تطبيق يتعلق بما نسب إلى النسائي من التشيع

- ‌ابن حبان

- ‌المطلب الأولما لا صلة له بمنهجه في الجرح والتعديل أو التصحيح والتعليل

- ‌الأمر الأولقولُ ابن الصلاح فيه: غلط الغلط الفاحش في تصرفه

- ‌الأمر الثانيما نُقل عنه أنه قال: "النبوة: العلم والعمل

- ‌الأمر الثالثما نُقل من إنكاره الحدّ لله تعالى

- ‌المطلب الثانيما يتعلق بمنهج ابن حبان في الجرح والتعديل والتصحيح والتعليل وغير ذلك

- ‌الأمر الأولمنزلة ابن حبان بين أهل النقد

- ‌الأمر الثانيمنهج ابن حبان في شرائط إيراده للرواة في كتاب "الثقات

- ‌الأمر الثالثفي ذكر بعض عادات ابن حبان في إيراد الرواة في كتاب "الثقات

- ‌أولًا: يذكر الرجل في "الثقات" بناء على أنه يروي المناكير التى رويت من طريقه أنَّ الحمل فيها على غيره:

- ‌ثانيًا: إذا تردد ابن حبان في توثيق راوٍ ذكره في "الثقات" وغَمَزَهُ:

- ‌ثالثًا: عادة ابن حبان فيمن لم يجد عنه إلا راوٍ واحدٍ:

- ‌الأمر الرابعفي درجات توثيق ابن حبان

- ‌الأمر الخامسفيما ذُكر من تعنت ابن حبان في باب الجرح في مقابل ما وُصف به من التساهل في باب التوثيق

- ‌الأمر السادسفي تفسير بعض الألفاظ التي يطلقها ابن حبان في كتاب "الثقات

- ‌أولاً: قوله: ربما أخطأ، وربما خالف، ونحوهما:

- ‌ثانيًا: قوله: يغرب:

- ‌ثالثًا: قوله: يخطىء ويخالف:

- ‌الأمر السابعفي شرائط ابن حبان في تصحيح الأخبار

- ‌الأمر الثامنفي النظر في طبقة شيوخ وشيوخ شيوخ ابن حبان

- ‌1 - طبقة شيوخ ابن حبان:

- ‌2 - طبقة شيوخ شيوخ ابن حبان:

- ‌الأمر التاسعأمثلة لما أُخذ على ابن حبان في توثيقه لمَنْ ضَعَّفَهُ في موضع آخر

- ‌الحاكم صاحب "المستدرك

- ‌المطلب الأولشرط الحاكم في كتابه "المستدرك

- ‌المطلب الثانيتناقضه في إخراج أحاديث في "المستدرك" بأسانيد قد وَهَّنَ هو بعض رجالها في مواضع أخرى

- ‌المطلب الثالثالبحث في القَدْر الذي أصاب الحاكم فيه التساهُل في "المستدرك"، والسبب في ذلك

- ‌المطلب الرابع:منزلته في التوثيق والتصحيح

- ‌ابن القطان صاحب "بيان الوهم والإيهام

- ‌الأمر الأولقول المعلمي فيما وقع لابن القطان من التصحيف في أسماء الرواة

- ‌الأمر الثانيما زدتُّه من بعميه الفوائد والنكات الحديثية المتعلقة بكتاب "بيان الوهم والإيهام

- ‌نماذج من مناقشات واعتراضات بعض الحفاظ على ابن القطان في جانب نقده للرواة

- ‌1 - الرد عليه في رميه هشام بن عروة بالاختلاط والتغير:

- ‌2 - الاعتراض عليه في إطلاق التجهيل على من لم يَطَّلِعْ على حاله من الرواة مع مناقشة هذا الاعتراض:

- ‌3 - عدم معرفة ابن القطان بأئمة كبار:

- ‌4 - الاعتراض عليه في ذهابه إلى أن انفراد الثقات أو اختلافهم لا يضر:

- ‌5 - الاعتراض على ابن القطان في إيطاله لكثير من تعليلات النقاد بأنواع من التجويزات والاحتمالات العقلية:

- ‌6 - الاعتراض عليه في رده مراسيل الصحابة:

- ‌تعليق مجمل على ما سبق

- ‌الضياء المقدسي صاحب "المختارة

- ‌الأمر الأولقول المعلمي في تصحيحٍ للضياء

- ‌الأمر الثانيما زدتُّه من بعض الفوائد والنكات المتعلقة بإخراج الضياء المقدسي للحديث في كتابه "المختارة" وتصحيحه له بناء على ذلك

- ‌1 - مدح كتابه لا سيما عند مقارنته بـ "مستدرك الحاكم

- ‌2 - تصحيحه ما لم يُسبق إليه:

- ‌3 - بعض ما انتقده الحفاظ عليه في "المختارة

- ‌أبو عوانة

- ‌الأمر الأولقول المعلمي في أبي عوانة والمستخرجات بصفة عامة

- ‌الأمر الثانيما زدتُّه من بعض النماذج التي وقفت عليها مما يؤيد تلك المعاني التي شرحها المعلمي

- ‌الخطيب البغدادي

- ‌الأمر الأولالنظر في عقيدته وتقرير أنه كان على مذهب السلف

- ‌الأمر الثانيالنظر في مذهبه في الفروع

- ‌الأمر الثالثحول اختصاصه بالبغداديين

- ‌الأمر الرابعحول انفراده بالرواية عن الرجل وتصديقه إياه

- ‌الأمر الخامستثبته واحتياطه

- ‌الأمر السادسعادته في "تاريخه" التعويل فيما يورده من الجرح والتعديل على الكلام المؤخر في الترجمة

- ‌الأمر السابعالإشارة إلى وَهَن الراوي بإيراد الأحاديث الشاذَّة والمنكرة في ترجمته من "التاريخ

- ‌ابن الجوزي

- ‌الأمر الأولالنظر في عقيدته

- ‌الأمر الثانيالتنبيه على أنه لا يُعلم أنه يلتزم الصحة فيما يحكيه بغير سند، والتنبيه على كثرة أوهامه في تصانيفه

- ‌الأمر الثالثكشف ما في كلامه في الخطيب من التجني والتحامل

- ‌ابن عدي

- ‌الأمر الأولذكره الأحاديث في ترجمة الرجل مع أن الحمل فيها على غيره واعتذار المعلمي عنه في بعض المواضع

- ‌الأمر الثانيالنظر في جواب المعلمي على رمي ابن عدي رجلا بالسرقة من أجل حديث واحد لا يتبين الحمل فيه عليه

- ‌الأمر الثالثمعنى قوله في التراجم: أرجو أنه لا بأس به

- ‌الدارقطني

- ‌البيهقي

- ‌الأمر الأولبيان عذر البيهقي في إخراج أحاديث البخاري وغيره بإسناد البيهقي إليهم، ونسبتها إليهم مع وجود خلاف في اللفظ

- ‌الأمر الثانيجواب الشيخ المعلمي عن قول البيهقي في حماد بن سلمة

- ‌الأمر الثالثمقارنة البيهقي بابن حبان والخطيب في معرفة دقائق هذا الفن

- ‌ابن قانع

- ‌وصفه الشيخ المعلمي

- ‌ نماذج مما تعقب فيه ابنُ حجر ابنَ قانع:

- ‌الدولابي

- ‌ نعيم بن حماد

- ‌ حماد بن سلمة

- ‌العقيلي

- ‌مسلمة بن القاسم الأندلسي

- ‌أبو الفتح الأزدي

- ‌السليماني

- ‌السيوطي

- ‌ابن التركماني

- ‌ابن سعد

- ‌ابن شاهين

- ‌ابن يونس

- ‌أبو الشيخ الأصبهاني

- ‌السُّلَمي

- ‌ابن طاهر

- ‌رزين بن معاوية العبدري

- ‌النووي

- ‌ابن تيمية

- ‌ابن السبكي

- ‌سبط ابن الجوزي

- ‌ابن فُورَك

- ‌ابن الثلجي

- ‌ابن قتيبة

- ‌ابن خراش

- ‌ابن نمير

- ‌عثمان بن أبي شيبة

- ‌دحيم

- ‌العجلي

- ‌ابن أبي خيثمة

- ‌ابن محرز

- ‌موسى بن عقبة

- ‌الحكيم الترمذي

- ‌بدر الدين العيني

- ‌ياقوت الحموي

- ‌الحسن بن صالح بن حي

- ‌الإمام أبو حنيفة

- ‌أبو بكر الرازي

- ‌عبد القادر القرشي

- ‌ابن خالويه

- ‌أبو الحسن الأشعري

- ‌الدميري

- ‌أبو جعفر الإسكافي

- ‌الثعالبي

- ‌الملك عيسى بن أبي بكر بن أيوب

- ‌ابن دحية

- ‌محمد بن مخلد أبو عبد الله العطار

- ‌ابن أبي الحديد

- ‌محمد رشيد رضا

- ‌الأمر الأولمناقشته في قضية خطيرة نسبها إلى أبي حامد الغزالي، وهو منها براء

- ‌الأمر الثانيالرَّدُّ عليه في قوله إن النهي عن كتابة الأحاديث متأخر عن الإذن بالكتابة

- ‌الأمر الثالثالجواب عما زعمه هو وأبو رية من تصديق النبي للمنافقين والكفار في أحاديثهم لعدم علمه بالغيب

- ‌الأمر الرابعهل السنة تنسخ القرآن أم لا

- ‌المدعو مسعود بن شيبة

الفصل: ‌الأمر الأولذكره الأحاديث في ترجمة الرجل مع أن الحمل فيها على غيره واعتذار المعلمي عنه في بعض المواضع

‌الأمر الأول

ذكره الأحاديث في ترجمة الرجل مع أن الحمل فيها على غيره واعتذار المعلمي عنه في بعض المواضع

تقدمة:

قال أبو أنس:

مِنْ عادةِ ابن عدي في كتابه "الكامل" أن يُخرجَ الأحاديثَ التي أُنكرت على الثقة أو على غير الثقة، فقد قال في مقدمته:

"

وذاكرٌ في كتابي هذا كُلَّ مَن ذُكِرَ بضرْبٍ من الضَّعف، ومن اختلف فيهم، فجرحه البعضُ وعدَّلَهُ البعضُ الآخر

وذاكرٌ لِكُلِّ رجلٍ منهم مِمَّا رواه ما يُضَعَّفُ مِن أجله

لحاجةِ الناسِ إليها؛ لِأُقَرَّبَهُ على الناظر فيه". اهـ.

فهذا هو الأصل في وضع الكتاب، ومقتضاه أن الأحاديث التي يوردها ابن عدي في تراجم كتابه تشتمل على أوهامٍ للرُّواةِ في الأسانيد والمتون، وأصنافٍ من العلل الخفية، وبالتالي فما يُورَدُ في مثل كتاب ابن عدي هو أشد ما يُنْكَر على الراوي، وما سواه فهو دون ذلك.

ويَنْبَنِي على هذا عدمُ صلاحيةِ ما يورده ابنُ عدي فيه للاعتبار: متابعةً أو استشهادا، خلافا لصنيعِ مَنْ لم يَلتفتْ إلى ذلك مِنَ المُتَهافِتين على تقوية الأحاديثِ بالطرق المنكرةِ والمُعَلَّةِ، وهو ذهولٌ عن مناهج الأئمة في كتبهم، وسقوطٌ في بَراثنِ شهوة التصحيح والتحسين.

ص: 396

نَعَمْ، قد يُختلفُ مع ابنِ عديٍّ فيمن تُعْصَبُ به جنايةُ حديثٍ بعينه، أو مَنْ يُلصقُ به الوهمُ مِن رجال الإسناد، وقد اخْتَلف معه في بعض ذلك أئمةٌ بعده، كما سيأتي، لكنِ الذي لا يتجهُ بحالٍ هو: النظر إلى تلك الطرق نظرات مجردة وكأنَّها محفوظةُ المتنِ والإسناد، واستعمالُها في تقوية الواهي والضعيف من الروايات.

ولهذا المعنى نظائرُ في التعامل مع كتب أخرى، راجع مقدمة القسم الأول من هذا الكتاب.

ونعود إلى نُكَتِ المعلمي في ذلك، وبالله تعالى التوفيق:

فأقول:

ذكر الشيخ المعلمي في ترجمة: مطرف بن عبد الله الأصم من "التنكيل"(1/ 480) قول ابن عدي فيه: "يروي المناكير عن ابن أبي ذئب ومالك".

فقال المعلمي:

"أقول: فسَّر ابنُ عدي كلمتَه بأن ذكر أحاديث مناكير رواها ابن عدي عن أحمد ابن داود بن عبد الغفار، عن أبي مصعب، فَرَدَّ الذهبي وغيره على ابن عدي بأن الحمل في تلك الأحاديث على أحمد بن داود، وأحمد بن داود كذبه الدارقطني، ورماه العقيلي وابن طاهر بالوضع.

أقول: قد وقع لابن عدي شبيه بهذا في: غالب القطان؛ قال ابن حجر في "مقدمة الفتح": "وأما ابن عدي فذكره في "الضعفاء" وأورد له أحاديث الحمل فيها على الراوي عنه عمر بن مختار البصري، وهو من عجيب ما وقع لابن عدي، والكمال لله".

ويظهر لي أن لابن عدي هنا عذرًا ما؛ ففي ترجمة أحمد بن داود من "اللسان": "قال أبو سعيد بن يونس: حدَّث عن أبي مصعب بحديث منكر، فسألته عنه فأخرجه من كتابه كما حدث به"، وفيه بعد ذلك: ذكر حديثه عن أبي مصعب، عن عبد الله بن عمر،

ص: 397

عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعًا: "من رأى مبتلى فقال: الحمد لله

"، إلخ، قال: "قال ابن عدي: لما حدث أحمد بهذا الحديث عن مطرف: كانوا يتهمونه

فظلموه لأنه قد رواه عن مطرف: علي بن عمر وعباس الدوري والربيع

".

فقد يكون الحديث الذي ذكره ابن يونس هو هذا الحديث: من رأى مبتلى

إلخ؛ رآه ابن عدي في أصل أحمد بن داود، وعرف أن غيره قد رواه عن مطرف، ورأى أن الحمل فيه على مطرف البتة، فقاس بقية الأحاديث عليه، وقد يكون الحديث الذي ذكره ابن يونس غير هذا الحديث، ويكون ابن عدي رأى الأحاديث في أصل أحمد بن داود فاعتقد براءته منها للدليل الظاهر وهو ثبوتها في أصله فحملها كلها على مطرف، فإن كان الأمر على هذا الوجه الثاني فذاك الدليل -وهو ثبوت الأحاديث في أصله- يحتمل الخلل؛ ففي "لسان الميزان" (1/ 253):

"أحمد بن محمد بن الأزهر

قال ابن حبان: كان ممن يتعاطى حفظ الحديث ويجري مع أهل الصناعة فيه ولا يكاد يُذكر له باب إلا وأغرب فيه عن الثقات، ويأتي فيه عن الأثبات بما لا يتابع عليه، ذاكرتُه بأشياء كثيرة فأغرب عليَّ فيها، فطاولته على الانبساط، فأخرج إليَّ أصولَ أحاديث

فأخرج إليَّ كتابه بأصلٍ عتيقٍ

قال ابن حبان: فكأنه كان يعملها في صباه

".

فهذا رجلٌ رَوى أحاديث باطلة وأبرز أصله العتيق بها، فإما أن يكون كان دجالا من وقت طلبه، كان يسمع شيئًا ويكتب في أصله معه أشياء يعملها، وإما أن يكون كان معه وقتَ طلبِه بعضُ الدجالين، فكان يُدخل عليه ما لم يَسمع، كما وقع لبعض المصريين مع خالد بن نجيح، كما تراه في ترجمة عثمان بن صالح السهمي من "مقدمة الفتح".

وفي ترجمة محمد بن غالب تمتام من "الميزان" أنه أُنكر عليه حديث فجاء بأصله إلى إسماعيل القاضي، فقال له إسماعيل:"ربما وقع الخطأ للناس في الحداثة".

ص: 398

وفي "الكفاية"(ص 118 - 119) عن حسين بن حبان: "قلت ليحيى بن معين: ما تقول في رجلٍ حدث بأحاديث منكرة فردها عليه أصحاب الحديث، إن هو رجع وقال: ظننتها، فأما إذ أنكرتموها علي فقد رجعت عنها؟ فقال: لا يكون صدوقًا أبدًا

فقلت ليحيى: ما يبرئه؟ قال: يخرج كتابًا عتيقًا فيه هذه الأحاديث، فإذا أخرجها في كتاب عتيق فهو صدوق، فيكون شُبِّهَ له وأخطأ كما يخطىء الناس فيرجع عنها".

فأنت ترى ابن معين لم يجعل ثبوتها في الأصل العتيق دليلا على ثبوتها عمن رواها صاحب الأصل عنهم، بل حمله على أنه شُبه له وأخطأ في أيام طلبه.

إذا تقرر هذا فلعلَّ الأحاديث التي ذكرها ابن عدي عن أحمد بن داود عن أبي مصعب رآها ابنُ عديّ في أصلٍ عتيقٍ لأحمد بن داود، فبنى على أن ذلك دليل ثبوتها عن أبي مصعب، وهذا الدليل لا يوثَقُ به كما رأيت، لكن في البناء عليه عذر ما لابن عدي يخف به تعجب الذهبي إذ يقول: هذه أباطيل حاشا مطرفا من روايتها، وإنما البلاء من أحمد بن داود، فكيف خفي هذا على ابن عديّ؟! ". اهـ.

تنبيه:

مِنْ عجيب ما بَيَّنَ الذهبي خطأ ابن عدي فيه، ما قاله الذهبي في ترجمة: عبد الله ابن نافع الصائغ من "السير"(10/ 373) إذ قال:

"وقد أخطأ الإمام أبو أحمد بن عدي في ترجمته خطأ لا يحتمل منه، وذلك أنه لم يرو في ترجمته سوى حديث واحد، فساقه بإسناده إلى عبد الوهاب بن بُخت المكي، عن عبد الله بن نافع، عن هشام بن عروة، عن أبيه، فذكر حديثا، ثم إنه قال: وإذا روى عن عبد الله مثل عبد الوهاب بن بُخت، يكون ذلك دليلا على جلالته، وهو من رواية الكبار عن الصغار.

ص: 399

قلت: من أين يمكن أن يروي عبد الله بن نافع الصائغ عن هشام، ولم يأخذ عن أحد حتى مات هشام؟ ومن أين يمكن أن يحدث عبد الوهاب عن الصائغ وإنما ولد الصائغ بعد موت عبد الوهاب بأعوام عديدة، وإنما عبد الله بن نافع المذكور في الحديث مولى ابن عمر، مات قديما في دولة أبي جعفر المنصور". اهـ.

* * *

ص: 400