الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فإن بني الأستاذ على الاحتمال الأول، وقال: لكني لم أر في "تاريخ الخطيب" شيئا رواه الخطيب من طريق الخزاز عن ابن الرزاز.
قلت: أما كونه شيخه، فقد صرح به الخطيب، وأما اجتناب الخطيب أن يروي من طريق الخزاز عن ابن الرزاز، فذلك من كمال احتياط الخطيب، وتثبته البارع؛ لم تَطِبْ نفسُه أن يروي مِنْ ذاك الوجه الذي قد قيل فيه، وإن كان ذاك القِيل لا يضر، والله أعلم". اهـ.
17 - عدم رواية أصحاب الكتب الستة عن الشيخ في كتبهم، مع إدراكهم له، إذا دلت القرائن على قيام العذر في ذلك:
• في ترجمة: إبراهيم بن شماس من "التنكيل"(6):
قال الكوثري ص 150: "ذلك المتعبد الغازي
…
على عُلُوِّ طبقته، لم يُخرج عنه أحدٌ من أصحاب الأصول الستة
…
". اهـ.
فقال الشيخ المعلمي:
"
…
فأما عدم إخراج البخاري عنه في "صحيحه"، فكأنه إنما لقيه مرة؛ فإن إبراهيم كان دائبا في الجهاد، فلم يسمع منه البخاري ما يحتاج إلى إخراجه في "الصحيح"، وقد أدرك البخاريُّ مَنْ هو أبو من إبراهيم وأعلى إسنادا.
وكَمْ مِنْ ثقة ثبت لم يتفق أن يخرج عنه البخاري في "صححيه" وأخرج عمن هو دونه بكثير.
فأما بقية الستة، فأبو داود ولد سنة 202، فقد أدرك إبراهيم؛ فإن إبراهيم استشهد سنة 220، ولكن لعله لم يلقه، وإنما روى في مسائل مالك عن رجل عنه، على ما يظهر من "التهذيب"، وقد سمع أبو داود جماعةً ممن هم أكبر وأعلى إسنادًا من إبراهيم.
ومسلم ولد سنة 204، والباقون بعد ذلك.
وجامعوا الكتب الستة يتحرون علوَّ الإسناد، والاختصار، ولا ينزلون إلا لحاجة، والراوية عن إبراهيم قليلة؛ لاشتغاله بالجهاد، ولأنه لم يُعمّر حتى يُحتاج إليه، وقد روى عنه من هو أجل من أصحاب الكتب الستة كما مرَّ". اهـ.
وقد قال المعلمي قبل ذلك:
"فأما الذين أدركوه، فإنما وصفوه بالسُّنَّة، قال الإمام أحمد: "كان صاحب سنة"، وقال أحمد بن سيار: "كان صاحب سنة وجماعة، كتب العلم، وجالس الناس، ورأيت إسحاق بن إبراهيم [ابن راهويه] يعظم من شأنه ويحرضنا على الكتابة عنه".
وممن روى عنه: الإمام أحمد، وأبو زرعة، والبخاري في غير "الصحيح"، وأحمد لا يروي إلا عن ثقة عنده، كما يأتي في ترجمة محمد بن أعين، وأبو زرعة من عادته أن لا يروي إلا عن ثقة، كما في "لسان الميزان"(ج 2 ص 416)، والبخاري نحو ذلك، كما يأتي في ترجمة أحمد بن عبد الله أبو عبد الرحمن.
ووثقه الدارقطني وابن حبان وغيرهما، وتحريض ابن راهويه على الكتابة عنه يدل على مكانته في الصدق والثبت، وقال ابن حبان في "الثقات": "كان متقنا
…
". اهـ.
• وفي ترجمة: رجاء بن السندي من "التنكيل"(92):
قال الكوثري ص 92: " .. أعرض عنه أصحاب الأصول الستة".
فقال الشيخ المعلمي:
"توفي رجاء سنة 221، فلم يدركه الترمذي والنسائي وابن ماجة، وأدركوا مِنْ أقرانه، ومَنْ هو أكبر منه، ومَن هو مثله، أو أعلى إسنادًا منه، فلم يحتاجوا إلى الرواية عن رجل عنه؛ لإيثارهم العُلُّو.
وأدركه أبو داود في (الجُمْلة)؛ لأنه مات وسِنُّ أبي داود نحو تسع عشرة سنة، ولكنه في بلد غير بلده، فالظاهر أنه لم يلقه.
فأما مسلم، فإنه كان له حين مات رجاء نحو ست عشرة سنة، وهو بلديه، ويمكن أن يكون سمع منه وهو صغير، فلم ير مسلم ذلك سماعا لائقًا بأن يعتمده في "الصحيح".
ويمكن أن يكون مسلم تشاغل أول عمره بالسماع مِمَّن هو أسنُّ من رجاء، وأعلى إسنادًا، ففاته رجاء.
وأما البخاري فقد ذكر "الكمال" أنه روى عنه، لكن قال المزي:"لم أجد له ذكرًا في الصحيح"، فقد لا يكون البخاري لقيه، وقد يكون لقيه مرة، فلم يسمع منه إلا شيئًا عن شيوخه الذين أدرك البخاري أقرانهم، فلم يحتج إلى النزول بالرواية عن رجاء.
فتحصل من هذا أنهم إنما لم يخرجوا عنه إيثارًا للعلو من غير طريقه، على النزول من طريقه.
هذا، وقد روى عنه الإمام أحمد، وروى عنه أيضًا إبراهيم بن موسى، وأبو حاتم، وقال:"صدوق"، وقال الحاكم:"ركن من أركان الحديث". اهـ.
• وفي ترجمة: محمد بن معاوية الزيادي منه (234):
قال الكوثري (ص 18): "والزيادي ممن أعرض عنهم الأئمة الستة في أصولهم .. ".
فقال الشيخ المعلمي:
"قد قدمنا مرارا أن كونهم لم يخرجوا للرجل ليس بدليلٍ على وهنه عندهم، ولا سيما من كان سنُّه قريبا من سِنِّهم وكان مقلا كهذا الرجل، فإنهم كغيرهم من أهل الحديث إنما يُعنُون بعلو الإسناد، ولا ينزلون إلا لضرورة.
وقد روى النسائي عن هذا الرجل في "عمل اليوم والليلة"، وقال في مشيخته:"أرجو أن يكون صدوقا، كتبت عنه شيئا يسيرا"، وإنما قال: "أرجو
…
" لأنه إنما سمع منه شيئا يسيرا، ولم يتفرغ لاختباره؛ لاشتغاله بالسعي وراء مَنْ هُم أعلى منه