الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَهْمَلَ السيوطي هذا كله، وقال:"أخرج له الترمذي وابن ماجه، وقال ابن عديّ: يكتب حديثه"، وهو يعلم أن فيمن يخرج له الترمذي وابن ماجه ممن أجمع الناس على تكذيبه كالكلبي.
وابن عديّ إنما قال: "هو في عداد من يكتب حديثه"، وقد قال ابن المديني:"ضعيف لاأكتب عنه شيئا"، وقال النسائي:"ليس بثقة ولا يكتب حديثه"
…
". اهـ.
8 - الفرق بين "يروي مناكير" و"يروي غرائب"، "في حديثه مناكير" أو "يقع في حديثه مناكير
":
• في ترجمة محمد بن أحمد الحكيمي من "طليعة التنكيل"(ص 47):
"قال الكوثري ص 114: قال البرقاني: في حديثه مناكير.
أقول: لفظ البرقاني كما في "تاريخ بغداد"(ج 1 ص 269) و"لسان الميزان"(ج 5 ص 45): "ثقة، إلا أنه يروي مناكير"، وبين العبارتين فرق عظيم؛ فإن "يروي مناكير" يقال في الذي يروي ما سمعه مما فيه نكارة، ولا ذنب له في النكارة، بل الحمل فيها على من فوقه، فالمعنى أنه ليس من المبالغين في التنقي والتوقي الذين لا يحدثون مما سمعوا إلا بما لا نكارة فيه، ومعلوم أن هذا ليس بجرح.
وقولهم: "في حديثه مناكير" كثيرًا ما تقال فيمن تكون النكارة من جهته، جزمًا أو احتمالًا، فلا يكون ثقة.
وهذا المعنى هو الذي أراد الكوثري إفهامه، ولذلك حذف كلمة "ثقة"، وقد تعقب الخطيب كلمة البرقاني بقوله:"وقد اختبرت أنا حديثه، فقلما رأيتُ فيه منكرًا" فثبت أن هذا الرجل مع ثقته غير مقصر في التنقي والتوقي، وأن ما وقع في روايته مما يُنكر قليلٌ جدًّا.
وقال ابن حجر في "لسان الميزان": "ذكرته -يعني زيادة على "الميزان"- لأن المصنف ذكر عثمان بن أحمد الدقاق الصدوق الثقة بسبب كونه يروي المناكير".
أقول: لا عذر لابن حجر في هذا:
أولًا: لأنه أنكر على الذهبي ذكره لعثمان، كما يأتي في ترجمته من "التنكيل".
ثانيًا: لأن المناكير في مرويات عثمان كثيرة، والله المستعان". اهـ.
• وفي ترجمة: أحمد بن محمد بن عمر المنكدري من التنكيل (36):
"قال الأستاذ ص 166: أما المنكدري فكثير الانفراد والإغراب، قال الإدريسي: في حديثه المناكير، وأنكر عليه أيضا أبو جعفر الأرزناني، وقال الحاكم: كان له إفرادات وعجائب، وقال السمعاني: يقع في حديثه المناكير والعجائب والإفرادات.
أقول: الذي في "الميزان" و"اللسان" عن الإدريسي:
"يقع في حديثه المناكير، ومثله إن شاء الله لا يتعمد الكذب، سألت محمد بن أبي سعيد السمرقندي الحافظ، فرأيته حسن الرأي فيه، وسمعته يقول: سمعت المنكدري يقول: أناظر في ثلاثمائة ألف حديث، فقلت: هل رأيت بعد ابن عقدة أحفظ من المنكدري؟ قال: لا".
ومن يُضاهي ابنَ عقدة في الحفظ والإكثار، فلا بد أن يقع في حديثه الإفراد والغرائب، وإن كان أوثقَ الناس، فأما المناكير فقد يكون الحملُ فيها على مَنْ فوقه، وعلى كل حالٍ فلم يذكروا فيه جرحا صريحا، ولا توثيقا صريحا، لكنهم قد أنكروا عليه في الجملة، فالظاهر أنه ليس بعمدة، فلا يحتج بما ينفرد به، والله أعلم". اهـ.
• في ترجمة سالم (1) بن عصام من "طليعة التنكيل"(ص 35 - 36):
"قال الخطيب (ج 13 ص 410): "أخبرنا أبو نعيم الحافظ، حدثنا أبو محمد عبد الله ابن محمد بن جعفر بن حيان، حدثنا سالم بن عصام، حدثنا رستة، عن موسى بن
(1) كذا ذكره المعلمي، والصواب "سَلْم" كما بينته في التعليق على تلك الترجمة من القسم الأول من هذا الكتاب.
المساور، قال سمعت جبر، وهو (1) عصام بن يزيد، يقول: سمعت سفيان الثوري
…
".
.. قال أبو الشيخ عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان في سالم بن عصام من كتابه "طبقات الأصبهانيين": كان شيخًا صدوقًا، صاحب كتاب، وكتبنا عنه أحاديث غرائب، فمن حسان ما كتبنا عنه
…
وقال أبو نعيم الحافظ الأصبهاني في "تاريخ أصبهان": "صاحب كتاب، كثير الحديث والغرائب".
أقول: ومن كثر حديثه لا بد أن تكون عنده غرائب، وليس ذلك بموجب للضعف، وإنما الذي يضر أن تكون تلك الغرائب منكرة، وأبو الشيخ وأبو نعيم التزما في كتابيهما النص على الغرائب، حتى قال أبو الشيخ في ترجمة الحافظ الجليل أبي مسعود أحمد بن الفرات:"وغرائب حديثه وما ينفرد به كثير".
والغرائب التي كانت عند سالم ليست بمنكرة، كما يعلم من قول أبي الشيخ:"كان شيخًا صدوقًا، صاحب كتاب". اهـ.
• وفي ترجمة عبد الرحمن بن عمر الزهري أبي الحسن الأصبهاني الأزرق المعروف برسته رقم (139):
قال الكوثري:
…
يكثر الغريب في حديثه، وقال أبو محمد بن حيان: غرائب حديثه تكثر.
قال المعلمي: وقال أبو موسى المديني: تكلم فيه أبو مسعود، وخرج إلى الري فكتب إليهم فيه، فلم يبالوا بكتابه، وحضر مجلسَه أبو حاتم وأبو زرعة وابن وارة. وقال ابن أبي حاتم: روى عن عبد الرحمن بن مهدي ويحيى بن سعيد القطان
…
(1) زاد في مطبوعة الكوثري من "التاريخ": " [محمد بن] " وهو خطأ، إنما المعروف بـ"جبر" هو عصام والد محمد، كما في "الجرح والتعديل"(8/ 53) وغيره.
روى عنه أبي وأبو زرعة
…
سئل أبي عنه، فقال: صدوق. ومن عادة أبي زرعة أن لا يروي إلا عن ثقة، كما في "لسان الميزان"(ج 2 ص 416). وكُلٌّ من أبي زرعة وأبي حاتم وابن وارة أجَلُّ من أبي مسعود وأثبت وأيقظ وأعرف، فما رووا عن هذا الرجل عن ابن مهدي والقطان إلا وقد عرفوا صحة سماعه منهما.
وأما الغرائب، فمن كثر حديثه كثرت غرائبه، وليس ذلك بقدح، ما لم تكن مناكير الحملُ فيها عليه، وليس الأمر هنا كذلك، وقد قال أبو الشيخ في أبي مسعود: وغرائب حديثه، وما ينفرد به كثير. ويقول نحو هذا في تراجم آخرين، وثقهم هو وغيره. وذكر ابن حبان عبد الرحمن هذا في "الثقات". اهـ.
• وترجم الشيخ المعلمي في "عمارة القبور" لـ: سليمان بن موسى الأموي الأشدق، فقال:
"قال البخاري: "عنده مناكير"،
…
وهو وإن قال: "كل مَنْ قُلْتُ فيه: منكر الحديث، لا يحتج به، وفي لفظ: لا تحل الرواية عنه، "فتح المغيث" (ص 162)، فَفَرْقٌ بين "منكر الحديث"، و"عنده مناكير".
قال ابن دقيق العيد في "شرح الإلمام": قولهم: روى مناكير، لا يقتضي بمجرده ترك روايته، حتى تكثر المناكير في روايته، وينتهي إلى أن يقال: منكر الحديث؛ لأن منكر الحديث وَصْفٌ في الرجل يستحق به الترك لحديثه، والعبارة الأخرى لا تقتضي الديمومة، كيف وقد قال أحمد بن حنبل في محمد بن إبراهيم التيمي: روى أحاديث منكرة، وهو ممن اتفق عليه الشيخان، وإليه المرجع في حديث: الأعمال بالنيات، "فتح المغيث"(ص 162).
أقول - المعلمي:
وقولهم: "عنده مناكير" ليس نصا في أن النكارة منه؛ فقد تكون من بعض الرواة عنه، أو بعض مشايخه.
قال في "فتح المغيث"(ص 162):
"قلت: وقد يطلق ذلك على الثقة إذا روى المناكير عن الضعفاء، قال الحاكم: قلت للدارقطني: فسليمان بن بنت شرحبيل؟ قال: ثقة. قلت: أليس عنده مناكير؟ قال: يحدث بها عن قوم ضعفاء، أما هو فثقة".
…
(1) وقد سرد في "الميزان" ما له من الغرائب، وهي يسيرة، وبَيَّن أنه توبع في بعضها، ثم قال: كان سليمان فقيه أهل الشام في وقته قبل الأوزاعي، وهذه الغرائب التي تُستنكر له يجوز أن يكون حفظها.
قلت: وبعض الغرائب من رواية ابن جريج عنه بالعنعنة، وابن جريج مدلس، فربما كانت النكارة من قبل شيخٍ لابن جريج دلس له (2) عن سليمان". اهـ.
• وقال الشيخ المعلم في حاشية "الفوائد المجموعة"(ص 110):
"عائذ بن نسير العجلي، قال يحيى بن معين مرّة: ضعيف، ومرّة: ليس به بأس، ولكنه روى أحاديث مناكير.
وهذا يحتمل وجهين.
الأول: أنه كان صالحًا في نفسه، ولكنه مغفل، يقع منه الكذب بدون تعمد.
الثاني: أنه كان يدلس ما سمعه من الهلكى
…
". اهـ. (3).
(1) في النسخة المطبوعة باسم "البناء على القبور" بدل هذا القول:
"وإنما يُجرح بالمناكير إذا كان الرواة عن الرجل ثقاتٍ أثباتًا، يبعد نسبة الغلط إليهم، وكذا مشايخه، ومن قبلهم، ثم كثر ذلك في روايته، ولم يكن له من الجلالة والإمامة ما يقوي تفرده.
وهم قد يطلقون هذه الكلمة إذا كانت تلك الأفراد مما رويت عنه، وإن لم يتحقق أن النكارة من قِبَلِهِ، ويطلقونها إذا كان عنده ثلاثة أحاديث فأكثر، انظر كتب المصطلح". اهـ.
(2)
كذا ولعل الصواب: دَلَّسه.
(3)
لكن قال الشيخ في "الفوائد"(ص 485): "منكر الحديث".