الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رابعًا: مقدمته لكتاب الإكمال لابن ماكولا
.
قال:
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله على خاتم أنبيائه محمد وآله وصحبه وسلم.
أما بعد فإن أشد نقص في الكتاب العربي المطبوع كثرة الخطأ والغلط والتصحيف والتحريف، ولذلك أسباب، منها خلو أكثر المخطوطات عن الشكل وخلو كثير منها عن النقط وتقارب صور بعض الحروف، ولا سيما في الخطوط التي لم يعتن بتحقيقها.
هذه الأسباب مع جهل النساخ تفسد أكثر المخطوطات، وإذا لم يعتن بالتصحيح قبل الطبع وعنده، جاء المطبوع أكثر وأفحش غلطا من النسخ المخطوطة.
والعناية الناجحة بالتصحيح لا يكفي فيها عالمية المصحح، بل لا بد من أمور أخر أهمها توفر المراجع.
وأكثر الألفاظ تعرضا للغلط أسماء المتقدمين وألقابهم وكناهم ونسبهم؛ لأنها كما قال بعض القدماء: "شيء لا يدخله القياس ولا قبله شيء ولا بعده شيء يدل عليه".
ليست التبعة على الخط العربي فقد أُعِد فيه من النقط والشكل وعلامات توضح أن الحرف مهمل أي غير منقوط ما هو كفيل مع تحقيق الخط بداء كل لبس.
وقد كان السلف يعنون بذلك حق العناية حتى إن بعضهم سمع خبرا فيه ذكر أبي الحوراء -بالحاء والراء- فكتبه وخاف أن يلتبس فيما بعد بأبي الجوزاء -بالجيم والزاى- فلم يكتف بعدم النقط ولا بوضع العلامات حتى كتب تحت الكلمة (حور عين).
ثم لما شاع التساهل في الضبط وكثر في الشيوخ من يقل تحقيقه واضطر أهل العلم إلى الأخذ من الكتب بدون سماع، فزع المحققون إلى ما يدافعون به الخطأ والتصحيف، فمن ذلك تأليفهم كتب التراجم مرتبة على الحروف، ثم على أبواب لكل اسم كما تراه في تاريخ البخاري وكتاب ابن أبي حاتم فمن بعدهما.
ولا ريب أن هذا يدفع كثيرًا من التصحيف والتحريف.
ومن ذلك الضبط بالألفاظ؛ كأن يقال "بحاء غير منقوطة" ويقع للقدماء قليل من هذا، ويكثر في مؤلفات بعض المتأخرين كابن خلكان في وفياته، والمنذري في تكملته، وابن الأثير في كامله، كما نبه عليه الدكتور مصطفى جواد في مقدمته لتكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني.
ومن ذلك -وهو أجلُّها وأنفعها- تأليف كتب في هذا الموضوع خاصة، وهو ضبط ما يُخشى الخطأ فيه.
وإذ كان أكثر الخطأ وقوعا وأشده خطرا الخطأ في الأسماء التي توجد أسماء أخرى تشتبه بها: وجَّهوا معظم عنايتهم إلى هذا، فوضعوا له فنًّا خاصًّا وهو (المؤتلف والمختلف) أي المؤتلف خطًّا المختلف لفظًا، وهو كل ما لا يفرق بينه إلا الشكل أو النقط، مثل:(عباد) بعين مهملة مضمومة فموحدة مفتوحة (1) فألف فدال مهملة، مع (عباد) مثله لكن بكسر أوله، (وعباد) بتلك الحروف لكن بفتح فتشديد، و (عياذ) بعين مهملة مكسورة فتحتية مخففة فألف فذال معجمة.
وكثيرا ما يذكرون الاسمين اللذين يفرق بينهما الخط المجود فقط مثل (بشر وشبر) وربما ذكروا ما هو أقل التباسا من هذا كما يأتي في باب (أحمد وأجمد وأحمر)
(1) الحرف الذي يليه ألف لا يكون إلا مفتوحا، فإذا نص على فتحه فالمراد أنه غير مشدد، هكذا يدل عليه استقراء كلامهم، والأولى أن يقال "مختلفة". المعلمي.
فصورة الراء مخالفة لصورة الدال مخالفة بينة، ولكن لما كانت صورتاهما قد تتقاربان في بعض الخطوط وكان اسم (أحمر) قليلًا من سُمِّي به لم يؤمن فيمن يرى في كتاب "أحمر بن فلان" مقاربة فيه صورة الراء لصورة الدال أن يتبادر إلى ذهنه أنه "أحمد". فأما ما يزيد أحد الاسمين فيه على الآخر بحرف كحسن وحسين، وسعد وسعيد، وعبد الله وعبيد الله، وأشباه ذلك فقلما يتعرضون له لأنه يكثر جدًّا
…
".
* * *