المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مقدمة الشيخ المعلمي في أهمية علم الرجال - النكت الجياد المنتخبة من كلام شيخ النقاد - جـ ٤

[إبراهيم بن سعيد الصبيحي]

فهرس الكتاب

- ‌المرتبة الثالثة: البحث والنظر في الأمور التي تدل عله خطإٍ إن كان

- ‌1 - دلائل العلة

- ‌أ- أما التفرد

- ‌1 - هل مجرد التفرد مانع من الأحتجاج

- ‌2 - علام يُحْمَلُ تفردُ الثقةِ بما لا يُقبل

- ‌3 - إطلاق التفرد لا ينفي وجود طرق أخري واهية أو غير محفوظة

- ‌4 - هل مجرد تفرد الراوي عن شيخ بأحاديث يُسَوِّغُ ردَّها والطعن فيه بسببها

- ‌5 - نماذج من التفرد المردود:

- ‌ب- أمَّا المخالفة:

- ‌2 - أسباب التعليل

- ‌النوع الأول: الأسباب المتعلقة بالراوي في نفسه

- ‌1 - دخول حديث في حديث:

- ‌2 - الوهم أثناء التحويل في الأسانيد عند التصنيف:

- ‌3 - النقل من كتب غير مسموعة، فيشتبه خَطٌّ بآخر:

- ‌4 - سُلوك الجادة في الأسانيد:

- ‌5 - الرواية بالمعنى:

- ‌6 - التباس أحاديث شيخين أو أكثر على الراوي، فيحدث بها على التوهم:

- ‌7 - خطأ الراوي في حداثته، وبقاء ذلك في أصله العتيق، فلا يُغتر بوجود ذلك فيه

- ‌8 - تأخر كتابة الراوي ما سمعه عن وقت السماع، فيكتب من حفظه، فربما وهم أو لم يأت باللفظ على وجهه:

- ‌النوع الثاني: الأسباب المتعلقة بكتاب الراوي

- ‌1 - قراءة الراوي من أصلٍ آخر غيرِ أصلِ نفسِه

- ‌2 - النقل من كتابِ شيخٍ دون التصريح أنه بخطِّ صاحبه:

- ‌3 - وجود الحديث في حاشية أصل الشيخ، أو على ظهر الكتاب:

- ‌النوع الثالث: الأسباب المتعلقة بتأثير آخرين في الراوي

- ‌1 - التلقين:

- ‌2 - الإدخال على الراوي في كتبه:

- ‌3 - سماع الراوي الصالح في نفسه مع مُخَلِّطٍ، فيملي عليه ما ليس من سماعه:

- ‌3 -‌‌ السبر والاعتبار

- ‌ السبر والاعتبار

- ‌النكارة:

- ‌1 - من أمارات نكارة الخبر:

- ‌2 - إلصاق النكارة بمن جُرب عليه مثلها:

- ‌فوائد في المتابعات والشواهد

- ‌1 - لا بد للمتابعة أن تكون ممن يُعتد به:

- ‌2 - لا بد أن يصح السند إلى المتابِع:

- ‌3 - رَدُّ ما صورته متابعة إذا كان المحفوظ تفرد غير المتابِع بتلك الرواية:

- ‌4 - نقد المتن أو النقد الداخلي

- ‌1 - تحقيق المقال في عناية الأئمة بنقد المتن:

- ‌2 - نماذج من نقد الشيخ المعلمي لمتون بعض الأحاديث:

- ‌المرتبة الرابعة: النظر في الأدلة الأخري مما يوافق الخبر أو يخالفه

- ‌الباب الثالث: فوائد وقواعد في الجرح والتعديل وفنون من علم الرجال

- ‌مقدمة الشيخ المعلمي في أهمية علم الرجال

- ‌الفصل الأول: قواعد النظر في كتب الفن لتعيين الرواة والبحث عن أحوالهم والحكم عليهم

- ‌المبحث الأول: منهج النظر في كتب تراجم الرجال

- ‌1 - قال الشيخ المعلمي في "القاعدة السادسة" من قسم القواعد من "التنكيل": "كيف البحث عن أحوال الرواة

- ‌2 - ولَخَّصَ الشيخ المعلمي عامّة الأمور التي يجب أن تتوفر في المقالة المسندة التي ظاهرها ذم أحد الرواة أو ما يقتضيه:

- ‌المبحث الثانيتتبع أحاديث الراوي الذي يُشكلُ أمرُهُ، وتتباينُ فيه أقوالُ الأئمة جرحا وتعديلاً

- ‌فائدة:اعتبار حديث الراوي في الأحوال والأوقات المختلفة، للاستدلال على حاله:

- ‌المبحث الثالثتتبع مواضع الإرسال ونحوه في أحاديث الثقات إذا اختلف الرأي فيهم

- ‌المبحث الرابعتتبع مرويات بعض الرواة للنظر في شيوخهم وأسانيدهم

- ‌المبحث الخامساستقراء كلام أئمة الجرح والتعديل والمتكلمين في الرجال للوقوف على طرائقهم أو مصطلحاتهم

- ‌المبحث السادسالنظر في مواليد الرواة، ووفياتهم، وطبقات شيوخهم؛ للتعيين، والجمع والتفريق، وغير ذلك

- ‌المطلب الأولالنظر في تأخر تدوين الوفيات، واختلاف الروايات فما وفاة بعض الصحابة، وكيف الترجيح في ذلك

- ‌المطلب الثانياستعمال النظر في وفيات الرواة وشيوخهم والآخذين عنهم، في التعيين

- ‌المطلب الثالثاستعمال النظر في وفيات الرواة وشيوخهم والآخذين عنهم، في نقد الحكايات، لا سيما المشتملة على جرح بعض الرواة

- ‌المطلب الرابعاستعمال مواليد ووفيات شيوخ الراوي والآخذين عنه، في معرفة طبقته، أو تقريب سنة مولده ووفاته، أو في نفي الإدراك أو استبعاد السماع، ونحو ذلك

- ‌الفصل الثانى: حدود ومعاني ألفاظ وأوصاف فى الجرح والتعديل

- ‌المبحث الأولحدود ومعاني ألفاظ وأوصاف عامة

- ‌1 - الفرق بين قول البخاري: "فيه نظر" و"في حديثه نظر

- ‌2 - الفرق بين قولهم: "ليس بالقوي" و"ليس بقوي"، وأشباه ذلك:

- ‌3 - قولهم: "ليس بحجة" أو "ليس بمحل للحجة

- ‌4 - قولهم "ليس بالمحمود

- ‌5 - قول ابن معين "ليس بشيء

- ‌6 - قول أبي حاتم: "يكتب حديثه ولا يحتج به

- ‌7 - الإلماح إلى الفرق بين "يكتب حديثه" و"هو في عداد من يكتب حديثه

- ‌8 - الفرق بين "يروي مناكير" و"يروي غرائب"، "في حديثه مناكير" أو "يقع في حديثه مناكير

- ‌فوائد تتعلق برواية الغرائب والمناكير:

- ‌9 - الفرق بين "مجهول" و"لا أعرفه

- ‌10 - الفرق بين "صالح" و"صالح الحديث

- ‌11 - الفرق بين قولهم "يضع" و"يروي الموضوعات عن الثقات

- ‌12 - قولهم: "متروك" أشدُّ جرحا من قولهم: "منكر الحديث

- ‌13 - هل قولهم: "متروك الحديث" أَخَفُّ جرحا من قولهم: "متروك

- ‌14 - قولهم: كان عسرًا في الرواية:

- ‌15 - من معانى قولهم: "فيه بعض الشيء

- ‌16 - قولهم: "لا أحب حديثه ولا ذِكْرَهُ

- ‌17 - قولهم: "لا يحدث عنه إلا من هو شرٌّ منه

- ‌18 - قولهم: "فلان الذي يحدث عن فلان لا شيء

- ‌19 - قولهم: "سيء الحفظ

- ‌20 - فوائد تتعلق بحد الصدوق:

- ‌21 - " صدوق" عند أبي حاتم:

- ‌22 - قولهم: "أرجو أن يكون صدوقا

- ‌23 - قولهم: "لا بأس به

- ‌24 - " أرجو أنه لا بأس به" عند ابن عدي:

- ‌25 - " لا أخرج عنه في الصحيح حرفا واحدا

- ‌26 - الفرق بين قولهم: "كأنه ضعفه" و"ضعفه

- ‌27 - قولهم: "تكلموا فيه" في مقابل التوثيق:

- ‌28 - قولهم: "كُفَّ بصره فاضطرب حديثه

- ‌29 - قولهم: "ضعيف، ومع ضعفه يكتب حديثه

- ‌30 - قولهم: "في حديثه بعض المناكير

- ‌31 - قولهم: "كبر وافتقر

- ‌32 - قولهم: "لو لم يصنف كان خيرا له

- ‌33 - قولهم: "فيه ضعف" أَخَفُّ من: "ضعيف

- ‌34 - قولهم: "كان يتهم بداء سوء

- ‌المبحث الثانيألفاظ وأوصاف ظاهرها الجرح، لكنها ربما لا تقتضيه، إذا دلت القرائن على ذلك

- ‌1 - قولهم: "لم يكن من أصحاب الحديث

- ‌2 - قولهم: "لا أعرفه بطلب الحديث" أو "ما رأيته طلب حديثًا قط

- ‌3 - قولهم: "حدَّث بما ليس في كتابه" أو "حدث من حفظه بما ليس عنده في كتابه"، والفرق بينها وبين: "حدَّث بما ليس في حديثه" و"حدث من حفظه بما ليس عنده" و"يحدث من كتاب غيره بما لم يكن في أصوله" و"يروي عما ليس عليه سماعه

- ‌4 - قولهم: "لو قدر أن يسرق حديث فلان لسرقه

- ‌5 - قولهم: "كان يجبي الخراج

- ‌6 - قولهم: "في خلقه زعارة

- ‌7 - شُرْبُ النبيذ على مذهب العراقيين:

- ‌8 - عدم الحنكة السياسية:

- ‌9 - اللحن في الأسماء، وعدم رجوع الراوي عن الخطأ الذي يراه من غيره:

- ‌10 - الإغفاءة حال القراءة لِمَا سبق سماعُه، لاسيما من المكثرين:

- ‌11 - رمي الراوي بأنه أَلْحَق اسمَه أو تسميعه في بعض الأجزاء:

- ‌12 - قولهم: يروي كتابا لم يكن له به أصل عتيق:

- ‌13 - إلحاق أنساب المُهْمَلِين في الأسانيد بسؤالِ عارفٍ بالفن:

- ‌14 - استنساخ ما فقده الراوي: من كتابٍ ليس عليه سماعه:

- ‌15 - قولهم: "رأيت كتبه طرية" أو"كانت أصوله العتق غرقت فاستدرك نسخها" أو"يترب كتبه لِيُظَنَّ أنها عتق

- ‌16 - قراءة الشيخ من كتاب غيره، وليس عليه سماعه، إذا وثق به:

- ‌17 - عدم رواية أصحاب الكتب الستة عن الشيخ في كتبهم، مع إدراكهم له، إذا دلت القرائن على قيام العذر في ذلك:

- ‌18 - عدم التزام الشيخ بمذهب معين في الفقه:

- ‌المبحث الثالثألفاظ وأوصاف ظاهرها التعديل في الرواية وربما لا تقتضيه

- ‌1 - قولهم: "كانه عالما بالحديث" أو الوصف بالعلم عموما:

- ‌2 - الوصف بالاضطلاع بعلوم كثيرة كالنحو واللغة ومعرفة النسب وحفظ أيام العرب والإنس الشديد بعلم الحديث:

- ‌3 - الوصف بالإمامة في الفقه:

- ‌4 - الشهرة بحفظ القرآن، وفهم المعاني:

- ‌5 - الوصف بالصلاح والفضل لا يقتضي التوثيق المطلق، بل يُثبت الصدق، ويبقى النظر في ثبوت الضبط:

- ‌6 - شَرَفُ الأصل لا دخل له بالرواية:

- ‌7 - ذِكْر الرجل في الأكابر الذين رَوَوْا عن فلانٍ لا يستلزم الثقة في الرواية:

- ‌8 - عدالة الشهادة لا تستلزم عدالة الرواية:

- ‌الفصل الثالث: قواعد ومسائل وفوائد في الجرح والتعديل

- ‌المطلب الأولتقدمة الشيخ المعلمي لكتاب "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم

- ‌المطلب الثانيالقواعد التي أفردها الشيخ المعلمي في مقدمة "التنكيل" مع ذكر نماذج من تطبيقاته في ذلك

- ‌القاعدة الأولى: هل يشترط تفسير الجرح

- ‌القاعدة الثانيةإذا اجتمع جرح وتعديل فبأيهما يعمل

- ‌القاعدة الثالثةقولهم: من ثبتت عدالته لم يقبل فيه الجرح إلا

- ‌القاعدة الرابعةقدح الساخط ومدح المحب ونحو ذلك

- ‌المطلب الثالثتلخيص منهج المعلمي في نقد روايات الجرح والتعديل في مسائل على هذا الترتيب

- ‌المسألة الأولىممن يُقبل الجرح والتعديل

- ‌الفرع الأول: هل يُقبل الجرح والتعديل من غير أهله

- ‌الفرع الثاني: هل يُقبل من الثقة في نفسه المتكلم في روايته -من جهة الغفلة وعدم الإتقان- ما لا تَعَلُّقَ له بالرواية؛ كرأيه في بعض الناس ونحو ذلك

- ‌الفرع الثالث: هل نَقْلُ كلامِ الجرح والتعديل عن الرجل يقتضيم أنه عند الناقل ممن يُقبل منه ذلك

- ‌الفرع الرابع: هل يُقبل الجرح من مطعونٍ فيه إذا كان مشروحا مفسَّرًا

- ‌الفرع الخامس: عدم الركون لأقوال الجرح والتعديل من المتأخرين، والتي لا يُعلم لهم فيها سلف:

- ‌المسألة الثانيةالبحث في ثبوت كُلٍّ من الجرح والتعديل عن القائلين بهما

- ‌الفرع الأول:ما ذكره الشيخ المعلمي في النوع السادس من مغالطات الكوثري ومجازفاته في "طليعة التنكيل" (ص 54):

- ‌الفرع الثاني:نماذج أخري من كلام الشيخ المعلمي على معنى هذه المسألة:

- ‌الفرع الثالث:مواضع تعقبتُها على الشيخ للمعلمي، وبَيَّنْتُ فيها عدم ثبوت أقوال الجرح والتعديل التي عَوَّل عليها - لافتقاده للمصادر غالبا:

- ‌المسألة الثالثةالبحث في مقتضى كُلٍّ من الجرح والتعديل عند القائل بهما، خشيةَ أن تكون هناك مصطلحات خاصة بالقائل

- ‌المسألة الرابعةالبحث في مظنات دخول الخلل على الجرح أو التعديل

- ‌1 - اشتباه الأسماء ووقوع الخطأ فيمن قيل فيه ذاك القول:

- ‌2 - نقل أقوال الجرح والتعديل بتصرفٍ يُخِلُّ بالمعنى لا سيما عند النقل بواسطة:

- ‌المسألة الخامسةاختبار الواقع العملي لحال الراوي، كاستقامة مروياته، ومدي حظوته بقبول معاصريه من المحدثين وأهل العلم؛ لتوجيه بعض ما يَحتاج إلى توجيه مما قيل فيه من جرح

- ‌المطلب الرابعمسائل وفوائد مستخرجة ومستنبطة من سائر كلام المعلمي

- ‌1 - خطورة الكذب في روايات الجرح والتعديل:

- ‌2 - هل استوعب المصنفون في الرجال أسماء الرواة

- ‌3 - الراوي المختلف فيه:

- ‌4 - قضية اختلاف عبارات الإمام في الراوي:

- ‌5 - عرض قول الإمام المشتبِه على أقوال سائر الأئمة:

- ‌6 - اختلاف حكم الأئمة على الراوي نتيجة لاختلاف حاله من وقتٍ لآخر:

- ‌7 - طعن أهل البلد في بلديهم مع مدح الغرباء له

- ‌8 - تقديم رأي أهل عصر الراوي علي رأي من بعدهم:

- ‌9 - الاستفادة من معرفة ما نُسب إليه بعضُ أئمة الجرح والتعديل من الميل إلى بعض البدع، والاستعانة بذلك في توجيه انفراد أحدهم بالحمل على من نُسب لضد تلك البدعة، ولم يحمل عليه أحد غيره:

- ‌10 - هل قول المحدث: "رواه جماعة ثقات" أو "شيوخي كلهم ثقات" أو "شيوخ فلان كلهم ثقات" يقتضي أن يكون كل من ذكره بحيث لو سُئل عنه وحده، يقول: ثقة

- ‌11 - لا يضر العالم أو المحدث أن يكون في شيوخه مطعون فيه:

- ‌12 - هل مجرد رواية الراوي عن إمام من الأئمة تفيده في تقوية حاله؟ والفرق بينها وبين مرافقته:

- ‌13 - هل كون الرجل خادمًا أو وصيًا أو كاتبًا لأحد الأئمة المتثبتين يقتضي ثقته عنده

- ‌14 - هل كون الرجل صديقًا لإمامٍ -كأحمد- ينزلُ عليه: يقتضي ثقته

- ‌15 - أصحاب الإمام الأعراف به والألزمُ له .. قولُهم أوْلى مِمَّن ليس كذلك:

- ‌16 - الاستفادة من دراسة الأحوال التفصيلية للراوي في الحكم عليه، ومناقشة الشيخ المعلمي في بعض ذلك:

- ‌17 - هل يَطِّرِدُ تطبيقُ كُلِّ وجهٍ من أَوْجِهِ الطَّعْن في الراوي على كُلِّ روايةٍ له، أم ينبغي أن تكون تلك الروايةُ من مَظَانَ ذلك الطعن؟ "ضرورة اعتبار مظان الخطأ والوهم

- ‌18 - الأحاديث التي تورد في ترجمة الرجل من كتب الضعفاء كأنها أشد ما انتقد على الرجل، وما عداها فالأمر فيه قريب:

- ‌19 - مَنْ ضُعِّفَ في شيخٍ معيَّن:

- ‌20 - الساقط والكذاب لا تنفعه كثرة من ذكر من شيوخه؛ لأن من كان في مثل حاله فالناس كلهم شيوخه:

- ‌21 - هل وصف الرجل بكونه قاصًا أو من القُصَّاص يقدحُ فيه

- ‌22 - هل مجرد ذكر الرجل في كتب الضعفاء يكفي في الحكم عليه بالضعف

- ‌23 - الحمل على الراوي إنما يكون على الغالب ولا اعتداد بالقضية النادرة:

- ‌24 - رفع الحرج عن الجارح إذا جرح بما يستوجب حدًّا في غير التجريح كالوصف بالزنا ونحوه:

- ‌25 - رواية المحدث عن الشيخ على سبيل الاضطرار بعد أن امتنع من الرواية عنه:

- ‌26 - مجرد وجود رواية الشيخ عن رجلٍ في الكتب لا ينفي ما ثبت عنه أنه تركه بأخرة

- ‌27 - حرص المحدثين في القرن الثالث على التبكير بإسماع أبنائهم

- ‌28 - جرت عادة المحدثين من الحرص على الكتابة عن المعمّر ولو كان ضعيفًا رغبةً فى العلوّ:

- ‌29 - أهل الرأي: نشأتهم، وعلاقتهم بالرواية والرواة:

- ‌30 - المتكلمون، وأثرهم في علوم السنة:

- ‌31 - محنة خلق القرآن وعلاقتها بعلم الرواية:

- ‌32 - قضية الخروج على بعض الأمراء، واختلاف العلماء في ذلك، وترتب الذم والمدح للرواة بناء عليه:

- ‌ملحق (1)المنتقى من أخبار تناولها المعلمي بالنقد يظهر فيها تميزه عن كثير من المتأخرين

- ‌الحديث الأول:

- ‌الحديث الثاني:

- ‌الحديث الثالث:

- ‌الحديث الرابع:

- ‌الحديث الخامس:

- ‌الحديث السادس:

- ‌الحديث السابع:

- ‌الحديث الثامن:

- ‌الحديث التاسع:

- ‌الحديث العاشر:

- ‌الحديث الحادي عشر:

- ‌الحديث الثاني عشر:

- ‌الحديث الثالث عشر:

- ‌الحديث الرابع عشر:

- ‌الحديث الخامس عشر:

- ‌الحديث السادس عشر:

- ‌الحديث السابع عشر:

- ‌الحديث الثامن عشر:

- ‌الحديث التاسع عشر:

- ‌الحديث العشرون:

- ‌الحديث الواحد والعشرون:

- ‌الحديث الثاني والعشرون:

- ‌ملحق (2)الفن الخاص بالتعامل مع المخطوطات، والطريق الأمثل لتصحيح الكتب وضبطها

- ‌أولًا: رسالة المعلمي فيما على المتصدين لطبع الكتب القديمة فعله

- ‌المقدمة:

- ‌الباب الأول: في الأعمال التي قبل التصحيح العلمي

- ‌العمل الأول: انتخاب كتاب للطبع

- ‌العمل الثاني: انتخاب نسخة للنقل

- ‌العمل الثالث: انتخاب ناسخ للمسودة

- ‌العمل الرابع: نسخ المسودة

- ‌العمل الخامس: مقابلة المسودة على الأصل

- ‌العمل السادس: مقابلة المسودة أصل آخر فأكثر

- ‌الباب الثاني: تصحيح الكتاب

- ‌الرأي المختار

- ‌ تنبيه

- ‌فصل

- ‌ثانيًا: رسالة المعلمي في أصول التصحيح

- ‌الطريقة الأولى:

- ‌ الطريقة الثانية

- ‌الطريقة الرابعة

- ‌الطريقة الخامسة:

- ‌ثالثًا: رسالة في علامات الترقيم

- ‌1 - النقطة:

- ‌2 - الشولة:

- ‌3 - الشولة المنقوطة

- ‌4 - الشولة المثناة:

- ‌5 - النقطتان

- ‌6 - لفظ الحذف

- ‌7 - علامة الاستفهام

- ‌8 - علامة الانفعال

- ‌9 - الشرطة

- ‌10 - الشناتر

- ‌11 - القوسان

- ‌رابعًا: مقدمته لكتاب الإكمال لابن ماكولا

- ‌[الخاتمة]

الفصل: ‌مقدمة الشيخ المعلمي في أهمية علم الرجال

‌مقدمة الشيخ المعلمي في أهمية علم الرجال

قال العلامة المعلمي:

"الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى.

إنه قد استقر في الأذهان، واستغنى عن إقامة البرهان: ما للعلم من الشرف والفضيلة، وأنه هو الوسيلة لرفع الإنسان في المعنى عما ارتفع عنه في الصورة من البهائم.

* * *

ومما لا نزاع فيه أن العلوم تتفاوت في مقدار ذلك الشرف، منها الشريف والأشرف، والمهم والأهم.

ومهما يُتصور لعلوم الفلسفة، والطبيعيات، والرياضيات، والأدبيات، والصناعيات، وغيرها من العلوم الكونيات -مهما يُتصور لها من الشرف والفضيلة، والمرتبة الرفيعة- فإنها لا تداني في ذلك العلم -الذي مع مشاركته لها في ترقية المدارك، وتنوير العقول- ينفرد عنها بإصلاح الأخلاق، وتحصيل السعادة الأبدية، وهو علم الدين.

مهما ترقى الإنسان في الصنائع والمعارف الكونية، وتسهيل أسباب الراحة، فإن ذلك إن رَفَعَهُ عن البهيمية من جهةٍ، فإنه ينزل به عنها من جهةٍ أخرى، ما لم تتطهر أخلاقه، فيتخلق بالرأفة والرحمة والإيثار والعفة والتواضع والصدق والأمانة والعدل والإحسان، وغيرها من الأخلاق الكريمة.

* * *

ص: 105

كل من كان له وقوف على الأمم والأفراد في هذا العصر، علم أنه بحقٍّ يُسَمَّى عصر العلم، ولكنه يرى أنه مع ذلك يجب أن يُسَمَّى -بالنظر إلى تدهور الأخلاق- اسما آخر ..

النفوس الأرضية تربةٌ، من شأنها أن تنبت الأخلاق الذميمة ما لم تُسْقَ بماء الإيمان الطاهر، وتشرق عليها شمس العلم الديني الصحيح، وتَهُبُّ عليها رياح التذكير الحكيم.

فأي أرضٍ أُمحلت من ذلك الماء، وحُجب عنها شعاع تلك الشمس، وسُدت عنها طرق تلك الرياح، كان نباتها كما قال الملائكة عليهم السلام:{أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ} [البقرة: 30].

* * *

للدين -وهو الإسلام- ينبوعان عظيمان: كتاب الله عز وجل، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ..

* * *

السنة عبارة عما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من الأقوال والأفعال وغيرها، مما هو تبيينٌ للقرآن، وتفصيلٌ للأحكام، وتعليمٌ للآداب، وغير ذلك من مصالح المعاش والمعاد.

* * *

أول من تلقى السنة هم الصحابة الكرام، فحفظوها وفهموها، وعلموا جملتها وتفصيلها، وبَلَّغُوها -كما أُمروا- إلى من بعدهم.

ثم تلقَّاها التابعون، وبلَّغُوها إلى مَنْ يليهم

وهكذا، فكان الصحابي يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول كيت وكيت، ويقول التابعي: سمعت فلانا الصحابي يقول: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم، ويقول الذي يليه: سمعت فلانا يقول: سمعت فلانا الصحابي يقول: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم، وهكذا.

ص: 106

كل من علم أن محمدا صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء، وأن شريعته خاتمة الشرائع، والحياة الأبدية في اتباعه: يعلم أن الناس أحوج إلى حفظ السنة منهم إلى الطعام والشراب.

قد وقعت الرواية ممن يجب قبولُ خبره وممن يجب ردُّه، وممن يجب التوقف فيه، وهيهات أن يُعرفَ ما هو من الحق الذي بلغه خاتم الأنبياء عن ربه عز وجل، وما هو الباطل الذي يبرأ عنه الله ورسوله، إلا بمعرفة أحوال الرواة.

وهكذا الوقائع التاريخية، بل حاجتها إلى معرفة أحوال رواتها أشدة لغلبة التساهل في نقلها.

على أن معرفة أحوال الرجال هي نفسها من أهم فروع التاريخ، وإذا كان لابُدَّ من معرفة أحوال الرواة، فلا بد من بيانها، بأن يُخبر كُلُّ من عَرف حالَ راوٍ بحاله؛ ليعلمه الناس، وقد قامت الأمة بهذا الفرض كما ينبغي.

* * *

أول من تكلم في أحوال الرجال: القرآن، ثم النبي صلى الله عليه وسلم، ثم أصحابه، والآيات كثيرة في الثناء على الصحابة إجمالا، وذم المنافقين إجمالا، ووردت آيات في الثناء على أفراد معينين من الصحابة -كما يُعلم من كتب الفضائل- وآيات في التنبيه على نفاق أفراد معينين، وعلى جرح أفراد آخرين.

وأشهر ما جاء في هذا قوله تعالى: {

إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ} [الحجرات: 6] نزلت في رجل بعينه، كما هو معروف في موضعه، وهي مع ذلك قاعدة عامة.

* * *

وثبتت عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديثُ كثيرةٌ في الثناء على أصحابه جملةً، وعلى أفراد منهم معينين، معروفةٌ في كتب الفضائل، وأخبار أخر في ذم بعض الفرق إجمالا، كالخوارج، وفي تعيين المنافقين وذم أفراد معينين، كعيينة بن حصن، والحكم بن أبي العاص.

ص: 107

وثبتت آثار كثيرة عن الصحابة في الثناء على بعض التابعين، وآثار في جرح أفراد منهم.

* * *

وأما التابعون، فكلامهم في التعديل كثير، ولا يُروى عنهم من الجرح إلا القليل، وذلك لقربِ العهد بالسراج المنير -عليه وعلى آله أفضل الصلاة والتسليم-، فلم يكن أحدٌ من المسلمن يجترىء على الكذب على الله ورسوله.

وعامة المُضَعَّفِين من التابعين إنما ضُعِّفُوا للمذهب؛ كالخوارج، أو لسوء الحفظ أو للجهالة.

ثم جاء عصر أتباع التابعين فما بعده، فكثر الضعفاء، والمغفلون، والكذابون، والزنادقة، فنهض الأئمة لتبيين أحوال الرواة وتزييف ما لا يثبت، فلم يكن مصر من أمصار المسلمين إلا وفيه جماعة من الأئمة يمتحنون الرواة، ويختبرون أحوالهم وأحوال رواياتهم، ويتتبعون حركاتهم وسكناتهم، ويُعلنون للناس حكمهم عليهم.

* * *

استمر ذلك إلى القرن العاشر، فلا تجد في كتب الحديث اسمَ راوٍ إلا وجدت في كتب الرجال تحقيقَ حالِه، وهذا مصداق الوعد الإلهي -قيل لابن المبارك: هذه الأحاديث المصنوعة؟ قال: تعيش لها الجهابذة، وتلا قول الله سبحانه وتعالى:{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9].

* * *

وكان نشاط الأئمة في ذلك آية من الآيات؛ فمن أمثلة ذلك: قال العراقي في شرح "مقدمة ابن الصلاح": روينا عن مؤمل أنه قال: حدثني شيخ بهذا الحديث -يعني حديث فضائل القرآن سورة سورة- فقلت للشيخ: من حدثك؟ فقال حدثني رجل بالمدائن وهو حي، فصرت إليه، فقلت: من حدثك؟ فقال: حدثني شيخ بواسط، وهو حي، فصرت إليه، فقال: حدثني شيخ بالبصرة، فصرت إليه، فقال:

ص: 108

حدثني شيخ بعبادان، فصرت إليه، فأخذ بيدي، فأدخلني بيتا، فإذا فيه قوم من المتصوفة، ومعهم شيخ، فقال: هذا الشيخ حدثني، فقلت يا شيخ من حدثك؟ فقال لم يحدثني أحد، ولكننا رأينا الناس قد رغبوا عن القرآن، فوضعنا لهم هذا الحديث ليصرفوا قلوبهم إلى القرآن.

لعل هذا الرجل قطع نحو ثلاثة أشهر مسافرا لتحقيق رواية هذا الحديث الواحد.

للأئمة في اختبار الرواة طرق:

منها: النظر في حال الراوي في المحافظة على الطاعات واجتناب المعاصي، وسؤال أهل المعرفة به.

قال الحسن بن صالح بن حيى: كنا إذا أردنا أن نكتب عن الرجل، سألنا عنه، حتى يقال: أتريدون أن تزوجوه؟.

ومنها: أن يحدث بأحاديث عن شيخٍ حي، فيسأل الشيخ عنها.

مثاله: قول شعبة: قال الحسن بن عمارة: حدثني الحكم، عن يحيى بن الجزار، عن علي سبعة أحاديث، فسألت الحكم عنها؟ فقال: ما سمعت منها شيئا.

ومنها: أن يحدث عن شيخٍ قد مات، فيقال للراوي: متى ولدت؟ ومتى لقيت هذا الشيخ؟ وأين لقيته؟ ثم يقابل بين ما يجيب به وبين ما حُفظ من وفاة الشيخ الذي روى عنه ومحل إقامته وتواريخ تنقله.

ومثاله: ما جاء عن عفير بن معدان أن عمر بن موسى بن وجيه حدث عن خالد بن معدان، قال عفير: فقلت له: في أي سنة لقيته؟ قال سنة ثمان [وخمسين](1) ومائة،

(1) هذه الزيادة خطأ، كأن المعلمي اعتمد على ما في اللسان (4/ 333). والقصة في أصله - وهو الميزان (3/ 225)، والجرح والتعديل (6/ 133) بدونها، وهو الصواب.

ص: 109

في غزاة أرمينية. قلت: اتق الله يا شيخ، لا تكذب، مات خالد سنة أربع [وخمسين] ومائة، أزيدك أنه لم يغز أرمينية.

ومنها: أن يسمع من الراوي أحاديثَ عن مشايخَ قد ماتوا، فتُعرض هذه الأحاديث على ما رواه الثقات عن أولئك المشايخ، فيُنظر: هل انفرد هذا الراوي بشيء، أو خالف، أو زاد ونقص؟

فتجدهم يقولون في الجرح: "ينفرد عن الثقات بما لا يتابع عليه"، "في حديثه مناكير""يخطىء ويخالف"

ونحو ذلك.

ومنها: أن يسمع الراوي عدة أحاديث، فتحفظ أو تكتب، ثم يُسأل عنها بعد مدة، وربما كرر السؤال مرارا؛ لينظر: أيغير أو يبدل أو ينقص؟

• دعا بعض الأمراء أبا هريرة، وسأله أن يحدث -وقد خبأ الأمير كاتبا حيث لا يراه أبو هريرة- فجعل أبو هريرة يحدث والكاتب يكتب، ثم بعد سنة دعا الأمير أبا هريرة، ودس رجلا ينظر في تلك الصحيفة، وسأل أبا هريرة عن تلك الأحاديث؟

فجعل يحدث والرجل ينظر في الصحيفة، فما زاد وما نقص ولا قدم ولا أخر.

• وسأل بعض الخلفاء ابنَ شهاب الزهري أن يملي على بعض ولده، فدعا بكاتب، فأملى عليه أربع مائة حديث، ثم إن الخليفة قال للزهري بعد مدة: إن ذلك الكتاب قد ضاع، فدعا الكاتب فأملاه عليه، ثم قابلوا الكتاب الثاني على الكتاب الأول، فما غادر حرفا.

• وكانوا كثيرا ما يبالغون في الاحتياط، حتى قيل لشعبة: لم تركت حديث فلان؟ قال: رأيته يركض على برذون.

• وقال جرير: رأيت سماك بن حرب يبول واقفا، فلم أكتب عنه.

ص: 110

• وقيل للحكم بن عتيبة: لَمِ لَمْ ترو عن زاذان؟ قال: كان كثير الكلام.

* * *

وكانوا يطعنون فيمن خالط الأمراء، أو قَبِلَ عطاياهم، أو عَظَّمَهُم، بل ربما بالغوا في ذلك، كما وقع لمحمد بن بشر الزنبري المصري مع سعة علمه، كان يملي الحديث على أهل بلده فاتفق أن خرج الملك غازيا، فخرج الزنبري يشيعه، فلما انصرف، وجلس يوم الجمعة في مجلسه، قام إليه أصحاب الحديث، فنزعوه من موضعه، وسبوه وهموا به، ومزقوا رواياتهم، ثم ذكره ابن يونس في "تاريخ مصر"، فقال:"لم يكن يشبه أهل العلم".

إنما كانوا يتسامحون فيمن بلغ من الجلالة بحيث يُعلم أنه إنما يخالط الأمراء ليأمرهم بالمعروف، وينهاهم عن المنكر، ويكفهم عن الباطل ما استطاع، كالزهري ورجاء بن حيوة.

وروى الشافعي، قال: دخل سليمان بن يسار على هشام بن عبد الملك، فقال له: يا سليمان، الذي تولى كبره من هو؟ يعني في قول الله تعالى {وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [النور: 11]- قال: عبد الله بن أُبي، قال كذبت، هو فلان، قال: أمير المؤمنين أعلم بما يقول، فدخل الزهري، فقال: يا ابن شهاب، من الذي تولى كبره؟ قال: ابن أُبي، قال: كذبت، هو فلان. فقال الزهري لهشام: أنا أكذب؟ لا أبا لك؟ والله لو نادى منادٍ من السماء: إن الله أحل الكذب ما كذبت، حدثني عروة، وسعيد، وعبيد الله، وعلقمة، عن عائشة: أن الذي تولى كبره عبد الله بن أُبي .. وذكر تمام القصة، وفيها خضوع هشام للزهري، واسترضاؤه له.

وقد وقعت للزهري قصةٌ تُشبه هذه مع الوليد بن عبد الملك، وفيها: أن الوليد قال له: يا أبا بكر، مَنْ تولى كبره؟ أليس فلانا؟ قال الزهري: قلت: لا. فضرب

ص: 111

الوليد بقضيبه على السرير: فمن؟ فمن؟ حتى ردد ذلك مرارا، قال الزهري: لكن عبد الله بن أُبي.

وفي جواب سليمان لهشام لطيفة، حيث لم يقل:"أمير المؤمنين أعلم" ويسكت، بل قال:"أعلم بما يقول"، أي: أعلم بقول نفسه، لا أعلم بحقيقة الحال، ولكن المقام لم يكن لتغني فيه مثل هذه الإشارة، فلذلك قيَّضَ الله تعالى الزهري ووفقه، فقال ما قال.

وقوله لهشام -وهو الملك- "لا أبا لك" جرأة عظيمة.

* * *

وكانوا من الورع وعدم المحاباة على جانب عظيم، حتى قال زيد بن أبي أنيسة: أخي يحيى يكذب.

وسئل جرير بن عبد الحميد عن أخيه أنس، فقال: قد سمع من هشام بن عروة، ولكنه يكذب في حديث الناس فلا يكتب عنه.

وروى علي بن المديني عن أبيه، ثم قال:"وفي حديث الشيخ ما فيه".

وقال أبو داود: ابني عبد الله كذاب.

وكان الإمام أبو بكر الصبغي ينهى عن السماع من أخيه محمد بن إسحاق.

حفظ علماء السلف لتراجم الرجال:

كان الرجل لا يُسَمَّى عالما حتى يكون عارفا بأحوال رجال الحديث.

ففي "تدريب الراوي": قال الرافعي وغيره: إذا أُوصي للعلماء، لم يدخل الذين يسمعون الحديث، ولا علم لهم بطرقه، ولا بأسماء الرواة

وقال الزركشي: أما الفقهاء، فاسم المحدث عندهم لا يطلق إلا على من حفظ متن الحديث، وعلم عدالة رواته وجرحها

ص: 112

وقال التاج السبكي: إنما المحدث من عَرف الأسانيد والعلل وأسماء الرجال

وذكر عن المزي أنه سئل عمن يستحق اسم الحافظ، فقال: أقل ما يكون أن يكون الرجال الذين يعرفهم ويعرف تراجمهم وأحوالهم وبلدانهم أكثر من الذين لا يعرفهم ليكون الحكم للغالب.

فكان العالم يعرف أحوال من أدركهم، إما باختباره لأحوالهم بنفسه، وإما بإخبار الثقات له، ويعلم أحوال من تقدمه بإخبار الثقات، أو بإخبار الثقات عن الثقات .... وهكذا، ويحفظ ذلك كله، كما يحفظ الحديث بأسانيده، حتى كان منهم من يحفظ الألوف، ومنهم من يحفظ عشرات الألوف، ومنهم من يحفظ مئات الألوف بأسانيدها.

فكذلك كانوا يحفظون تراجم الرواة بأسانيدها، فيقول أحدهم: أخبرني فلان، أنه سمع فلانا، قال: قال فلان: لا تكتبوا عن فلان، فإنه كذاب

وهكذا ..

تدوين العلم وحظ علم الرجال منه:

ذكروا أن تدوين العلم في الكتب في العهد الإسلامي شُرع فيه حوالي نصف القرن الثاني، فألف ابن جريج (80 - 150) وابن أبي عروبة (؟ - 156)، والربيع بن صبيح (؟ - 160).

ويَتوهم بعض الناس أنه قبل ذلك لم يكن عند أحد من المسلمين كتاب ما يتضمن علما غير كتاب الله عز وجل!، وهذا خطأ، فقد كان عند جماعة من الصحابة صحائف، في كل منها طائفة من الأحاديث النبوية، منها صحيفة كانت عند أمير المؤمنين علي عليه السلام ذكرها البخاري وغيره، وجمع ابن حجر في "فتح الباري" قطعا منها.

وكان عند عمرو بن حزم كتاب كتبه النبي صلى الله عليه وسلم إلى أهل اليمن، فيه أحكام كثيرة.

وكان عند أنس كتاب في أحكام الزكاة، كتبه أبو بكر الصديق، قال في أوله: هذه فريضة الصدقة التي فرضها رسول الله صلى الله عليه وسلم على المسلمين.

ص: 113

وفي رواية عند الحاكم وغيره: كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم كتاب الصدقة، فلم يخرجها إلى عماله حتى قُبض، فقرنه بسيفه، فعمل به أبو بكر حتى قبض

، وذكر الكتاب.

وكان لسمرة بن جندب كتبٌ فيها ما سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم، يروي عنها الحسن البصري.

وكان لجابر بن عبد الله صحيفة كذلك، يروي عنها الحسن أيضا، وطلحة بن نافع.

وكان لعبد الله بن عمرو صحيفة كتبها بإذن النبي صلى الله عليه وسلم، يرويها عمرو بن شعيب ابن محمد بن عبد الله بن عمرو، عن أبيه، عن جده.

وفي "المستدرك" عن الحسن بن عمرو بن أمية الضمري قال: حَدثت عن أبي هريرة بحديث، فأنكره فقلت له: إني قد سمعته منك! قال: إن كنت سمعته مني فإنه مكتوب عندي، فأخذ بيدي إلى بيته فأراني كتابا من كتبه .... فذكرت القصة.

استنكره الذهبي، لما في "البخاري" عن أبي هريرة قال:"ما من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدٌ أكثر حديثا عنه مني، إلا ما كان من عبد الله بن عمرو، فإنه كان يكتب ولا أكتب".

لكن قال ابن عبد البر: يمكن أنه لم يكن يكتب في العهد النبوي، ثم كتب بعده.

وأما التابعون فقَلَّ عالمٌ منهم لم يكن عنده كتب، ولكن كانت الأحاديث تتجمع كيفما اتفق، بلا تأليف ولا ترتيب، كما في صحيفة همام بن منبه اليماني عن أبي هريرة، وهي نحو مائة وأربعون حديثا، تجدها في "مسند أحمد"(2/ 312 - 319) وهي في "الصحيحين"، وغيرهما مفرقة

فأما عن التدوين بالترتيب والتأليف: فقد رُويت عن زيد بن ثابت الصحابي المشهور رسالة، كتبها في أحكام المواريث حوالي سنة 40 للهجرة.

ص: 114

وفي "سنن البيهقي" قطع كثيرة منها.

وذكر غير واحد أن الحسن بن محمد بن الحنفية المتوفى سنة (95 هـ) وضع كتابا في بعض العقائد. ولكن في ترجمته من "تهذيب التهذيب" ما يؤخذ منه أنها رسالة صغيرة.

وفي ترجمة الحلاج من "تاريخ الخطيب" أن للحسن البصري (21 - 110) كتابا اسمه كتاب (الإخلاص) كان يُروى ويُسمع في القرن الثالث.

و"في فهرست ابن النديم": أن لمكحول الشامي المتوفى (سنة 112) أو بعدها كتابين: "كتاب السنن" و"كتاب المسائل" في الفقه.

فأما ما ذكروه أن أولَ من دَوَّنَ الحديثَ: ابنُ شهاب الزهري في سنة مائة - أو نحوها بأمر عمر بن عبد العزيز، وبعث به عمر إلى كل أرض له عليها سلطان، فلا أدري أمرتبا كان ذلك الكتاب أم لا؟.

* * *

فأما التأليف في أحوال الرجال فإنه تأخر قليلا، وقد ذكر ابن النديم: أن لليث بن سعد (94 - 175)"تاريخا"، وأن لابن المبارك (118 - 181)"تاريخا".

وقال الذهبي في ترجمة الوليد بن مسلم الدمشقي (119 - 195): "صنف التصانيف والتواريخ".

ثم أَلَّفَ ابنُ معين، وابن المديني وغيرهما، واتسع التأليف جدا.

ولكن في القرن العاشر، -وهلم جرا- تقاصرت الهمم وهُجر علم الرجال، فَقَلَّ من بقي يعتني بقراءة كتب الرجال أو نسخها أو نشرها.

أما التأليف، فأقلّ وأقلّ، اللهم إلا أن يجمع أحدهم تراجم لبعض المجاذيب والدراويش يملؤها بالخوارق، أو آخر لتراجم بعض الأدباء، ينتقي من شعرهم ما يستظرفه من الغزل ونحوه، مما إن لم يضر لم ينفع! إلا ما شاء الله تعالى.

ص: 115

حتى أيقظ الله الأمة لعلم الحديث وعلم الرجال والفضل في ذلك -بعد الله عز وجل للهند، وأعظمه لدائرة المعارف، كما سيأتي ..

* * *

أما ترتيب التراجم فمعروف، وأجوده طريقة "التهذيب" وفروعه، فإنه على ترتيب حروف الهجاء، باعتبار اسم الراوي بجميع حروفه، وكذا باعتبار اسم أبيه وجده فصاعدا ..

مثاله: إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن جحش، وبعده إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن عبيد الله ..

وكذلك يرتب باعتبار النسب، مثاله: إبراهيم بن ميمون الصنعاني، إبراهيم بن ميمون الكوفي، إبراهيم بن ميمون النحاس ..

وإفادة الترتيب سهولة الكشف واضحة، ولكن ثَمَّ فائدة أعظم، وهي التنبيه على ما قد يقع من سقط، أو زيادة، أو تصحيف، أو تحريف ..

مثال السقط:

ما وقع في "التقريب" المطبوع بدلهي سنة (1320)، ذكر في المحمدين تراجم من اسمه محمد بن إبراهيم، ثم ذكر بعدها محمد بن كعب الأنصاري، ثم محمد بن أحمد!، وكيف يكون كعب بين إبراهيم وأحمد؟ والصواب كما في "تهذيب التهذيب"، وغيره: محمد بن أبي بن كعب.

مثال الزيادة:

ما وقع في "الميزان" المطبوع بمصر، ذكر في آخر تراجم البكريين: بكر بن يونس، ثم بكر بن الأعنق!! والصواب: بكر الأعنق كما في "لسان الميزان"

ومن عادتهم أن من عُرف باسمه ولقبه فقط أن يذكروه آخر الأسماء الموافقة لاسمه.

ص: 116

وفي "الميزان" بعد بكر هذا: بكر بن بشر! والصواب بكير بن بشر، كما في "اللسان".

وأما التصحيف:

فأمثلته في "الميزان" كثيرة، فمنها: ذكر: إبراهيم بن حميد، ثم إبراهيم بن أبي حنيفة، ثم إبراهيم بن حبان! والصواب: ابن حيان كما في "اللسان" ..

وذكر: إبراهيم بن خيثم، وبعده إبراهيم بن الخضر! وخيثم تصحيف، والصواب: خثيم كما في "اللسان"، بل ليس في الأسماء خيثم، وإنما خثيم وخيثمة ..

وذكر: أصبغ بن محمد، وبعده أصبغ بن بناتة، تصحيف، والصواب: نباتة، كما في "اللسان" ..

وذكر الحارث بن شريح وبعده الحارث بن سعيد، وشريح تصحيف، والصواب: سريج كما في "اللسان" ..

والتحريف:

في الميزان كثير أيضا، فمنه أن فيه: أسامة بن يزيد، وبعده: أسامة بن يزيد الليثي، ثم: أسامة بن سعد، و (يزيد) في الأولين تحريف، والصواب: زيد فيهما، كما في "اللسان"، وغيره ..

وفيه: إسماعيل بن مسلم، وبعده إسماعيل بن سلمة، وسلمة تحريف، والصواب: مسلمة، كما في "اللسان" ..

فهذه الأغلاط الواقعة في "الميزان" المطبوع بمصر نبه عليها ترتيب الأسماء في التراجم كما هو ظاهر، على أنه ربما أخلَّ الذهبي في "الميزان" بالترتيب، ولكن "اللسان" يحول الترجمة المخالفة للترتيب إلى موضعها، وربما أبقاها حيث وقعت في "الميزان"

ص: 117

وضع التراجم:

طريقهم في ذلك أن يذكروا أولًا اسم الراوي، ونسبه، وكنيته، ولقبه، ونسبته إلى قبيلته وبلدته وحرفته، ونحو ذلك مما يميزه عن غيره، فإنه كثيرا ما يشترك الرجلان فأكثر في الاسم واسم الأب، ونحو ذلك، فيخشى الاشتباه ..

ذكر ابن أبي أصيبعة في "عيون الأنباء" أن النضر بن الحارث بن كلدة الثقفي -الذي كان يؤذي النبي صلى الله عليه وسلم هو ابن الحارث بن كلدة الثقفي، طبيب العرب!! وتبعه الآلوسي في "بلوغ الأرب" فقال: النضر بن الحارث الثقفي!! وهذا خطأ، فإن الطبيب هو الحارث بي كلدة بن عمرو بن علاج بن أبي سلمة بن عبد العزى بن غيرة بن عوف بن قسي، وقسي هو ثقيف .. والنضر هو بن الحارث بي كلدة بن علقمة بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بي النضر، وهو قريش، وقيل فهر هو قريش.

وذكر الفاضل محمد فريد وجدي في "كنز العلوم واللغة" في ترجمة أبي بن كعب الصحابي المشهور أنه ابن كعب الأحبار التابعي المشهور!! وكذا ذكر في ترجمة كعب!! وهذا خطأ، فإن أُبيا هو ابن كعب بن قيس بن عبيد بن زيد بن معاوية بن عمرو بن مالك بن النجار، وهو تيم الله بن ثعلبة بن عمرو بن الخزرج، والخزرج وإخوتهم الأوس. هم الأنصار، وكعب الأحبار هو ابن ماتع الحميري من آل ذي رعين، أو من ذي الكلاع ..

ووقع في بعض كتب الخطيب البغدادي: قرأت على القاضي أبي العلاء الواسطي عن يوسف بن إبراهيم الجرجاني، قال: ثنا أبو نعيم بن عدي، فعمد بعض أفاضل العصر، فكتب بدل "أبو نعيم":"أبو أحمد"!، وكتب على الحاشية ما لفظه:"أبو نعيم أصل، وليس بشيء"! وحاصله أن الصواب: أبو أحمد، لا: أبو نعيم!!

ص: 118

وهذا خطأ، أوقعه فيه أنه يعرف أبا أحمد عبد الله بن عدي الجرجاني الحافظ مؤلف كتاب "الكامل" توفي سنة (365)، ولا يعرف أبا نعيم عبد الملك بن محمد ابن عدي الجرجاني الاستراباذي الحافظ المتوفى سنة (323) ..

ولِكُلٍّ من الحافظين ترجمة في "تذكرة الحفاظ"، و"أنساب السمعاني"، و"طبقات الشافعية"، و"معجم البلدان"، -جرجان- .. ولأبي نعيم ترجمة في "تاريخ الخطيب".

وكذا ترجم الخطيب ليوسف بن إبراهيم المذكور، فقال: قدم بغداد، وحدث بها عن أبي نعيم عبد الملك بن محمد بن عدي الجرجاني

حدثنا عنه القاضي أبو العلاء الواسطي

ثم يذكرون مشايخه والرواة عنه، ولذلك فوائد كثيرة:

منها: معرفة مقدار طلبه للعلم ونشره له.

ومنها: أنه كثيرا ما يقع في أسانيد كتب الحديث ونحوها ذكر الاسم -مثلا- بدون ما يتميز به، كأن يقع: محمد بن الصباح الدولابي، عن خالد، [عن خالد](1) عن محمد، عن أنس.

وطريق الكشف أن تنظر ترجمة الدولابي: تجد في شيوخه خالد بن عبد الله الواسطي الطحان، ثم تنظر في ترجمة الطحان: تجد في شيوخه: خالد بن مهران الحذاء، ثم تنظر ترجمة الحذاء تجد في شيوخه: محمد بن سيرين، ثم تنظر ترجمة ابن سيرين، فتجد في شيوخه أنس بن مالك ..

وإن شئت فابدأ من فوق: فانظر ترجمة أنس بن مالك: تجد في الرواة عنه محمد بن سيرين .. وهكذا.

(1) سقط من المطبوع، ويدل عليه ما يأتي.

ص: 119

ومما وقع لنا في هذا: أننا وجدنا في بعض الكتب التي تُصحح وتُطبع في الدائرة سندا فيه: " .. يحيى بن روح الحراني، قال: سألت أبا عبد الرحمن بن بكار بن أبي ميمونة -حراني من الحفاظ- كان مخلد بن يزيد يسأله .. " فذكر القصة.

وقد كان بعض أفاضل العصر صحح الكتاب، فكتب على قوله:"سألت أبا عبد الرحمن بن بكار بن أبي ميمونة": (كذا)!!

كأنه خشي أن يكون الصواب: سألت أبا عبد الرحمن بكار بن أبي ميمونة -على ما هو الغالب من صنيعهم، أن يذكروا اسم الرجل بعد كنيته- فأردنا أن نحقق ذلك، فلم نجد فيما بين أيدينا من الكتب ترجمة لبكار بن أبي ميمونة! ولا ليحيى بن روح الحراني! ولا وجدنا في الكنى أبا عبد الرحمن بن بكار! فراجعنا بعض مظان القصة، فإذا فيها "أبا عبد الرحمن بكار بن أبي ميمونة"، لكن لم يقنعنا ذلك، ثم انتبهنا إلى ما في القصة أن مخلد بن يزيد كان يسأل هذا الرجل، فقلنا: عسى أن نجد له ذكرا في ترجمة مخلد، فلما نظرنا فيها وجدنا في الرواة عن مخلد: أحمد بن بكار، فأسرعنا إلى ترجمته، فإذا هو ضالتنا، وهو أبو عبد الرحمن أحمد بن بكار بن أبي ميمونة (1)

ومنها: دفع شبهة التكرار:

فقد يتوهم في المثال المذكور أن: "عن خالد" الثانية مزيدة تكرارا ..

ومنها: التنبيه على السقط:

كأن يقع في المثال الماضي: "عن خالد" مرة واحدة.

وعلى الزيادة:

كأن يقع فيه: (عن خالد) ثلاث مرات ..

(1) يعني أن ما وقع في ذلك الكتاب كان صوابا.

ص: 120

وعلى التصحيف والتحريف:

كأن يقع فيه (عن حاله) ..

وعلى التقديم والتأخير:

كأن يقع فيه (عن خالد الحذاء، عن خالد الطحان) والصواب عكسه ..

ومنها: أن يعرف تاريخ ولادة صاحب الترجمة وتاريخ وفاته تقريبا إذا لم يعرف تحقيقا.

مثاله: بكير بن عامر البجلي، لم يعلم تاريخ ولادته ولا وفاته، ولكن روى عن قيس بن أبي حازم، وروى عنه وكيع وأبو نعيم، ووفاة قيس سنة 98، ومولد وكيع سنة 128، ومولد أبي نعيم سنة 130، وهؤلاء كلهم كوفيون، وقد ذكر ابن الصلاح وغيره أن عادة أهل الكوفة أن لا يسمع أحدهم الحديث إلا بعد بلوغه عشرين سنة، فمقتضى هذا أن يكون عمر بكير يوم مات قيس فوق العشرين، فيكون مولد بكير سنة 78 أو قبلها، ويعلم أن سماع وكيع وأبي نعيم من بكير بعد أن بلغا عشرين سنة، فيكون بكير قد بقي حيا بلى سنة 150، فقد عاش فوق سبعين سنة. وهناك فوائد أخرى

وبذلك يُعلم حسنُ صنيع المزي في "تهذيب الكمال" فإنه يحاول أن يذكر في ترجمة الرجل جميعَ شيوخه، وجميعَ الرواة عنه، ولَنِعْمَ ما صنع، وإن خالفه الحافظ ابن حجر في "تهذيب التهذيب" .. ومن لم يهتد إلى الطريق السابق، وقع في الخطأ ..

ثم يذكرون في الترجمة ما يتعلق بتعديل الرجل أو جرحه مفصلا .. وفائدة ذلك واضحة، وتفصيله يطول. ولكن أذكر أمرا واحدا، وهو: أنهم قد يذكرون في ترجمة الرجل ما يُعلم منه أنه ثقة في شيء دون آخر، كأن يكون مدلسا، فيحتج بما صرح فيه بالسماع فقط، أو يكون اختلط بأخرة، فيحتج بما حدث به قبل الاختلاط فقط، أو يكون سيء الحفظ، فيحتج بما حدث به من كتابه فقط، أو نحو ذلك.

ص: 121

فربما أخرج البخاري ومسلم أو أحدهما - لبعض هؤلاء من صحيح حديثه، فيقع الوهم لبعض العلماء أن ذلك الرجل ثقة مطلقا بحجة أنه أخرج له صاحب "الصحيح" ..

ثم يذكرون في آخر الترجمة تاريخ ولادة الراوي وتاريخ وفاته ..

ولذلك فوائد كثيرة ذكرها في فتح المغيث (490).

ومما وقع لنا مما يتعلق بهذا، أنه وقع في بعض الكتب التي تُصحح وتُطبع في الدائرة سند فيه:" .... أحمد بن محمد بن أبي الموت أبو بكر المكي، قال: قال لنا أحمد بن زيد بن هارون .. "، وقد كتب عليه بعض الأفاضل ما معناه:"الصواب: أحمد عن يزيد بن هارون، وأحمد هو الإمام ابن حنبل، ويزيد بن هارون الواسطي الحافظ المشهور"!!

وإنما حمله على هذا أنه لم يجد ترجمة لأحمد بن زيد بن هارون، وهكذا نحن، فقد جهدنا أن نظفر له بترجمة في الكتب التي بين أيدينا فلم نجد، ولكننا مع ذلك نعلم أن ما كتبه ذلك الفاضل خطأ؛ لأن أحمد توفي سنة 241، وابن أبي الموت له ترجمة في "لسان الميزان"، وفيها ما لفظه:"وأرخ ابن الطحان في "ذيل الغرباء" وفاته في ربيع الآخر سنة 351 بمصر، وعاش تسعين سنة"، فعلى هذا يكون مولده سنة 260، أي: بعد وفاة الإمام أحمد بن حنبل بنحو عشرين سنة، فكيف يحمل قوله:"قال لنا أحمد"، على الإمام أحمد بن حنبل؟؟ ..

هذا، ومن المؤلفات في علم الرجال ما هو خاص بالأنساب، كـ"أنساب السمعاني"، وهو حقيقٌ بأن يُطبع (1)؛ فإن النسخة التي طُبعت بالتصوير في أوربا كثيرة التصحيف والتحريف، مع تعليق الخط وغير ذلك .. وفائدته عظيمة، ولا سيما في أنساب الرجال الذين لا توجد تراجمهم في الكتب المطبوعة ..

(1) قد طبع بعناية المعلمي، لكنه لم يتمه.

ص: 122

وكثيرا ما يستفاد منه في غير الأنساب ..

ومن غريب ذلك أنه تكرر في "المستدرك" و"سنن البيهقي" ذكر الحسن بن محمد ابن حليم المروزي! فتارة تأتي هكذا وتارة يقع: ابن حكيم!، وبعد أن كدنا نيأس من تصحيحه، قلنا: قد يجوز أن يكون ربما نُسب إلى الجد المشتبه فيقال: الحليمي، أو: الحكيمي، فراجعنا "الأنساب"، فإذا به ذكره في "الحليمي" باللام، وذكر أنه منسوب إلى جده "حليم" ..

ومن الكتب ما يكون خاصا بالمشتبه، والمطبوع منها كـ"المؤتلف والمختلف" لعبد الغني، و"المشتبه" للذهبي غير واف بالمقصود.

وقد قررت الدائرة طبع كتاب "الإكمال" لابن ماكولا (1)، وهو أهم الكتب في هذا الشأن.

ولابن حجر كتاب "تبصير المنتبه"، هذب فيه كتاب "المشتبه" للذهبي، وسد ما فيه من الخلل، وزاد زيادات مهمة، وفيه أشياء ليست في "الإكمال"، وفي المكتبة الآصفية نسخة منه جيدة، وهو حري بأن يطبع (2)، وقد استفدنا منه كثيرا ..

ومن الغريب في ذلك: أنه تكرر في "سنن البيهقي" ذكر أبي محمد أبي الشيخ عبد الله ابن محمد بن حيان الأصبهاني، فيقع تارة (حيان)، وتارة (حبان)! فنظرنا في "التبصير" فوجدناه عدد (حَبان) و (حِبان) وغيرهما مما يقع على هذه الصورة، إلا (حيان)، فإنه تركه اعتمادا على أن كل ما وقع على هذه الصورة مما لم يذكره فهو (حيان)، كعادته في أمثال ذلك!! وهذا وإن كان كافيا لحصول الظن، ولكن لم نقنع به، ثم قلنا فيه: يجوز أن يكون ربما نسب إلى جده هذا؟ فنظرنا في (مشتبه النسبة) من "التبصير" فإذا هو فيه (الحياني)، ذكره في حرف الجيم مع الجبائي ..

(1) كسابقه.

(2)

قد طبع، وطبع كثير غيره من كتب هذا الفن.

ص: 123

ومن الكتب ما يختص بالكنى، وهو مهم لمعرفة ضبط الكنية، فإنها تقع في الكتب مصحفة ومحرفة: أبو سعد وأبو سعيد، أبو الحسن وأبو الحسين، أبو عبد الله وأبو عبيد الله.

والعالم محتاج إلى جميع كتب الرجال، لأنه يجد في كل منها ما لا يجده في غيره، وإن لم يكن عنده إلا بعضها فكثيرا ما يبقى بحسرته، وكثيرا ما يقع في الخطأ ..

زعم بعض علماء العصر أن الحديث الذي في "صحيح مسلم" عن أبي وائل، عن أمير المؤمنين علي -كرم الله وجهه- في تسوية القبور ضعيف، لأن أبا وائل هو عبد الله بن بحير بن ريسان القاص، قد جرحه العلماء!! كأن هذا العالم نظر في فصل الكنى من "الميزان"، وليس فيه أبو وائل إلا واحد، هو عبد الله بن بحير، فرجع إلى ترجمته من "الميزان" ونقل كلام الأئمة فيه، ولم ينظر أنه ليس عليه علامة مسلم!! والحديث في صحيح مسلم كما علم، وإنما عليه علامة أبي داود والترمذي وابن ماجه، ولا نظر أنه لم يذكر لعبد الله بن بحير رواية إلا عن أوساط التابعين، وأبو وائل الذي في الحديث يرويه عن أمير المؤمنين علي -كرم الله وجهه-! ولو ظفر هذا العالم بـ "التقريب" أو"الخلاصة" أو"تهذيب التهذيب" لوجد في فصل الكنى: أبا وائل آخر، هو شقيق بن سلمة، تابعي كبير مخضرم، روى عن الخلفاء الأربعة وغيرهم، وأخرج له البخاري ومسلم وغيرهما، واتفق الأئمة على توثيقه، ولذلك لم يذكر في "الميزان"؛ لأن الميزان خاص بمن تكلم فيه ..

وأغرب من هذا ما وقع في (مجلة المنار)، رأيت في بعض أجزائها القديمة ذكر كلام ابن حزم في ترتيب كتب الحديث -أظنه نقله من"تدريب الراوي"- ووقع في العبارة:"وكتاب ابن المنذر" فكتب في حاشية المجلة: "ابن المنذر: إبراهيم وعلي" كأنه نظر فصل الأبناء من "الخلاصة" فوجد فيه ذلك!!

ص: 124

وإبراهيم بن المنذر وعلي بن المنذر لم يذكر لأحدهما كتاب، وإنما "ابن المنذر" في عبارة ابن حزم هو الإمام محمد بن إبراهيم بن المنذر النيسابوري، صاحب التصانيف وتوفي سنة 318، ولم يذكر في "الخلاصة" لأنه لم يرو عنه أحد الأئمة الستة لتأخره، وهو مترجم في "تذكرة الحفاظ" و"الميزان" و"لسانه" و"طبقات الشافعية"، وغيرها

". اهـ. ما أردت إيراده هنا من كلام العلامة المعلمي في هذه المحاضرة، وتبقى بعض القوائم الخاصة بكتب الرجال.

* * *

ص: 125