الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رواه الطيالسي عن أنس مرفوعًا.
قال ابن الجوزي: لا يصح، درست بن زياد، ليس بشيء.
قال في اللآلىء: لم يتهم بكذب، بل قال النسائي: ليس بالقوي، وقال الدارقطني: ضعيف، ووثقه ابن عدي فقال [أرجو] أنه لا بأس به". اهـ.
فقال الشيخ المعلمي:
"ليس هذا بتوثيق، وابن عدي يذكر منكرات الراوي ثم يقول: "أرجو أنه لا بأس به"، يعني بالبأس تعمدَ الكذب، ودرست واه جدًّا". اهـ.
25 - " لا أخرج عنه في الصحيح حرفا واحدا
":
• في ترجمة: الحسين بن أحمد الهروي الصفار من "التنكيل"(80):
"قال البرقاني:
…
عندي عنه رزمة، ولا أخرج عنه في الصحيح حرفًا واحدًا
…
".
قال الشيخ المعلمي: "عبارة البرقاني إنما فيها أن الرجل ليس بحجة، ولا يخرج عنه في الصحيح، وهذا يشعر بأنه يروي عنه في غير الصحيح للاعتبار". اهـ.
26 - الفرق بين قولهم: "كأنه ضعفه" و"ضعفه
":
• في ترجمة: مؤمل بن إهاب من "التنكيل"(254):
"قال الكوثري في "التأنيب" ص 65: "ضعفه ابن معين على ما حكاه الخطيب".
قال الشيخ المعلمي:
"فَبَيَّنْتُ -يعني في ترجمة إبراهيم بن بشار من "التنكيل"- أن الخطيب إنما حكى عن ابن الجنيد قال: "سُئل يحيى بن معين وأنا أسمع عن مؤمل بن إهاب، فكأنه ضعفه".
وقد وثقه جماعة.
فقال الأستاذ في "الترحيب" ص 45: "فقول القائل: كأنه ضعفه، لا يفرق كثيرًا من قوله: ضعفه؛ لكون الحُكم على الأحاديث بالصحة والضعف، وعلى الرجال بالثقة والضعف -في أخبار الآحاد- مبنيا على ما يبدو للناظر، لا على ما في نفس الأمر، فظهر أن ذلك عبارة عن غلبة الظن فيما لا يقين فيه، وسبق أن نقلنا عن أحمد في الرمادي: كأنه يغير الألفاظ - وقد بنى عليه الذم الشديد، باعتبار أن ظن الناظر ملزم".
أقول: ابن الجنيد هنا راوٍ، لا ناظر، وباب الرواية اليقين، فإن كان قد يكفي الظن، فذاك الظنُّ الجازمُ، وآيته أن يجزم الراوي الثقة.
فأما قوله: "أظن" مثلا، فإنه يصدق بظنٍّ ما، وقد قال الله تعالى:{إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ} ، فما بالك بقوله:"فكأنه ضعفه".
وأصل كلمة: "كأن" للتشبيه، والتشبيه يستلزم كون المشبَّه غير المشبَّه به.
فأما معناها الثاني، فعبر عنه في "مغنى اللبيب" بقوله:"الشك والظن"، فدل ذلك على أنها دون "أظنه".
وفي ترجمة الحسن بن موسى الأشيب من "مقدمة الفتح" مثل هذه الكلمة: "كأنه ضعيف"، فدفعها الحافظ ابن حجر بقوله:"هذا ظنٌّ، لا تقوم به حجة".
هذا، وتردد ابن الجنيد يحتمل وجهن، أظهرهما: أن يكون جرى من ابن معين عندما سُئل عن مؤمل ما يُشعر بأنه لم يعجبه مؤمل، ولا ندري ما الذي جرى منه، وما قدر دلالته؟
على أنهم مما يقولون: "ضعفه فلان" مع أن الواقعَ من فلانٍ تليينٌ يسيرٌ، كما تقدمت الإشارة إليه في القاعدة السادسة من قسم القواعد، فما بالك بقوله:"فكأنه ضعفه"؟.
وإنما ينقل أهلُ العلم أمثالَ هذه الكلمة؛ لاحتمال أن يوجد تضعيفٌ صريحٌ، فيكون مما يعتضد به، فأما هنا فلا يوجد إلا التوثيق.
نعم، الثقات يتفاوتون في درجات التثبت، ويظهر أن مؤملًا لم يكن في أعالي الدرجات، ففي الرواة من هو أثبت منه، وإنما يظهر أمر (1) ذلك عند التخالف والتعارض عند الأولين.
فأما كلمة الإمام أحمد في إبراهيم بن بشار الرمادي، فقد تقدم لفظها في ترجمة إبراهيم، فراجعها، يتبين لك أن أحمد كان جازمًا بأن إبراهيم كان يملي على الناس على خلاف ما سمعوا، وأنه إنما لامَهُ وذمَّه على ذلك".
قال أبو أنس:
يناسب هنا نَقْلُ ما أشار إليه المعلمي في ترجمة إبراهيم من "التنكيل" رقم (2)، ثم نعود إلى بقية كلامه هنا، ففي ترجمته:
"يقول ابن أبي حاتم: أنبأنا عبد الله بن أحمد بن حنبل فيما كتب إلي، قال: سمعت أبي، وذكر إبراهيم بن بشار الرمادي، فقال: كان يحضر معنا عند سفيان، ثم يملي على الناس ما سمعوه من سفيان، وربما أملى عليهم ما لم يسمعوا -كأنه يغير الألفاظ، فتكون زيادة ليس في الحديث، فقلت له: ألا تتقي الله، تملي عليهم ما لم يسمعوا- وذَمَّه في ذلك ذمًا شديدًا".
وقال ابن معين: ليس بشيء، ولم يكتب عند سفيان، وكان يملي على الناس ما لم يَقُلْهُ سفيان.
وقال النسائي: ليس بالقوي.
وقال أبو حاتم: صدوق.
وقال أبو عوانة في "صحيحه": .. ثقة، من كبار أصحاب ابن عيينة، وممن سمع منه قديما.
(1) كذا، ولعل الصواب:"أثر".
وقال الحاكم: ثقة مأمون، من الطبقة الأولى من أصحاب ابن عيينة.
وقال يحيى بن الفضل: كان والله ثقة.
وقال ابن حبان في "الثقات": كان متقنًا ضابطًا، صحب ابن عيينة سنين كثيرة، وسمع أحاديثه مرارًا
…
، ولقد حدثنا أبو خليفة، ثنا إبراهيم بن بشار الرمادي، قال: حدثنا سفيان بمكة وعبادان، وبين السماعين أربعون سنة. سمعت أحمد بن زنجويه يقول: سمعت جعفر بن أبي عثمان الطيالسي، يقول: سمعت يحيى بن معين يقول: كان الحميدي لا يكتب عند سفيان بن عيينة، وإبراهيم بن بشار أحفظهما.
أقول: يتحصل من مجموع ما ذُكر أن إبراهيم كان قد سمع من سفيان بن عيينة قديمًا، ثم كان يحضر مجالسه، فربما حدث سفيان ببعض تلك الأحاديث، فربما أبدل كلمة بأخرى، أو نحو ذلك، على ما هو معروف من عادة سفيان في الرواية بالمعنى، وكان بعض الحاضرين لا يتمكنون من الحفظ أو الكتابة وقت السماع، فإذا فرغ المجلس، رغبوا إلى إبراهيم، فيملي عليهم ذاك المجلس، فربما أملى عليهم كما حفظ سابقا، ويكون في ذلك ألفاظ مغايرة للألفاظ التي عَبَّرَ عنها سفيان في ذاك المجلس، فذاك الذي أنكره عليه أحمد ويحيى.
وقد يقال: إن كان إبراهيم لم يشعر بالاختلاف، فالخطبُ سهلٌ، وإن شعر به فغايته أن يكون استساغ للجماعة أن يذهب أحدهم فيروي عن سفيان كما حدث سفيان قديمًا، وإن كان هو إنما سمعه بتغيير ما في الألفاظ، كما ساغ لسفيان أن يروي ما سمعه تارة كما سمعه، وتارة بتغيير ما في الألفاظ، بل هذا أسوغ؛ فإن اللفظين كلاهما صحيح عن سفيان.
وبالجملة، فهذا توسُّعٌ في الرواية بالمعنى لا يوجب جرحا، وظاهر قول أحمد:"كأنه يغير الألفاظ" أنه جَوَّزَ أن إبراهيم يغير الألفاظ من عنده، وذلك أشَدُّ.
وهكذا ما يُروى عن ابن معين، قال في إبراهيم:"رأيته ينظر في كتاب، وابن عيينة يقرأ، ولا يغير شيئًا، ليس معه ألواح ولا دواة"، فالكتاب الذي كان ينظر فيه سماعُه القديم من ابن عيينة، فكان يعيدُ سماعَه؛ ليتثبت، وقد عرف عادة ابن عيينة في الرواية بالمعنى، فلم يكن يلتفت إلى اختلاف بعض الألفاظ، ولعله لو رأى اختلافا معنويا لراجع ابن عيينة، إما في المجلس وإما بعده.
وقد جاء عن يحيى القطان أنه ذكر لابن عيينة ما قد يقع في حديثه من اختلافٍ، فقال ابن عيينة:"عليك بالسماع الأول، فإني قد سئمت" كما في "فتح المغيث" ص 429.
وفي "التهذيب": "وقال أحمد: كأن سفيان الذي يروي عنه إبراهيم بن بشار ليس هو سفيان بن عيينة. يعني مما يغرب عنه، وكان مكثرا عنه".
أقول: وحُقَّ لمن لازم مثل ابنِ عيينة في كثرة حديثه عشراتِ السنين أن يكون عنده عنه ما ليس عند غيره ممن صحبه مدة قليلة.
نعم، قال البخاري في إبراهيم: يهم في الشيء بعد الشيء، وهو صدوق. وأورد له حديثا رواه ابن عيينة مرفوعا (1)، وغيره يرويه عن ابن عيينة مرسلا، قال ابن عدي: لا أعلم أُنكر عليه إلا هذا الحديث الذي ذكره البخاري، وباقي حديثه مستقيم، وهو عندنا من أهل الصدق.
أقول: فإن كان وهم في هذا، فهو وهم يسير في جانب ما روى، فالرجل ثقة ربما وهم، والسلام". اهـ.
(1) يعني موصولا.