الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال في "اللآلىء": هذا السدي ليس هو محمد بن مروان الكذاب، بل هو إسماعيل ابن عبد الرحمن، أحد رجال مسلم، والحديث أخرجه البزار، وأبو يعلى في "مسنديهما"، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن المنذر، وأبو الشيخ، وابن مردويه في تفاسيرهم، وأبو نعيم، والبيهقي، كلاهما في "دلائل النبوة".
وللحكم متابع قوي، أخرجه الحاكم في "المستدرك"، وقال: صحيح على شرط مسلم، وهو أسباط بن نصر، عن السدي به.
فقال الشيخ المعلمي:
"وقف الذهبي في تلخيصه فلم يتعقبه، ولا كتب علامة الصحة كعادته فيما يقر الحاكم على تصحيحه (1)، والحاكم رواه عن محمد بن إسحاق الصفار، عن أحمد بن محمد ابن نصر، عن عمرو بن حماد (2) عن أسباط، وقد جزم الجوزجاني ثم العقيلي بأن الحكم بن ظهير تفرد به عن السدي، ومن طريق الحكم ذكره المفسرون، مع أن تفسير أسباط عن السدى عندهم جميعًا، فكيف فاتهم منه هذا الخبر، ووقع للحاكم بذاك السند؟
هذا يشعر بأن بعض الرواة وهم، وقع له الخبر من طريق الحكم، ثم التبس عليه، فظنه من طريق أسباط، كالجادة، والله أعلم". اهـ.
5 - الرواية بالمعنى:
عقد الشيخ المعلمي في "الأنوار الكاشفة"(ص 75 - 87) فصلا في الرواية بالمعنى، ناقش فيه القضايا التالية:
1 -
أصل الرواية بالمعنى.
2 -
جوازها.
(1) في جعل سكوت الذهبي إقرارًا للحاكم نظر، وليس هذا موطن تحرير ذلك.
(2)
بالحاء المهملة، وهو ابن طلحة، ووقع في حاشية "الفوائد" بالعين المهملة، وهو خطأ.
3 -
حال الصحابة حيالها.
4 -
هل تساهل الرواة فيها؟
5 -
هل رواية الراوي بالمعنى مما يقدح فيه؟
6 -
تقديم رواية من يتحرى اللفظ على من يروي بالمعنى.
7 -
البحث في بعض الأحاديث التي رويت بالمعنى، والنظر في دلالة ذلك.
فرأيتُ إيرادَ جُلِّ هذا الفصل هنا أولًا، ثم أعرج على بقية المواضع، ثم أدلى بدلوي في هذا الشأن؛ لإكمال الفائدة، والله الموفق.
• قال المعلمي رحمه الله:
الرواية بالمعنى:
قال أبو رية (ص 8): "ولما رأى بعض الصحابة أن يرووا للناس من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، ووجدوا أنهم لا يستطيعون أن يأتوا بالحديث عن أصل لفظه
…
استباحوا لأنفسهم أن يرووا على المعنى".
أقول: أنزل الله تبارك وتعالى هذه الشريعة في أُمَّةٍ أُمِّيَّةٍ، فاقتضت حكمته ورحمته أن يكفّلهم الشريعة، ويكلفهم حفظها وتبليغها، في حدود ما يتيسر لهم.
وتكفَّلَ سبحانه أن يرعاها بقدرته؛ ليتم ما أراده لها من الحفظ إلى قيام الساعة
…
ومن تدبر الأحاديث في إنزال القرآن على سبعة أحرف وما اتصل بذلك، بان له أن الله تعالى أنزل القرآن على حرفٍ هو الأصل، ثم تكرر تعليم جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم لتمام سبعة أحرف، وهذه الأحرف الستة الزائدة عبارة عن أنواع من المخالفة في بعض الألفاظ لِلَفْظ الحرف الأول، بدون اختلاف في المعنى [المراد بالاختلاف في المعنى هو الاختلاف المذكور في قول الله تعالى:{وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا} فأما أن يدل أحد الحرفين على معنى والآخر على معنى آخر، وكلا المعنيين
معًا حق، فليس باختلاف بهذا المعنى] (1) فكان النبي صلى الله عليه وسلم يُلَقِّنُ أصحابه، فيكون بين ما يُلقنه ذا وما لقنه ذاك شيء من ذاك الاختلاف في اللفظ، فحفظ أصحابه كُلٌّ بما لُقِّنَ، وضبطوا ذلك في صدورهم ولَقنوه الناس، ورفع الحرج مع ذلك عن المسلمين، فكان بعضهم ربما تلتبس عليه كلمة مما يحفظه، أو يشق عليه النطق بها، فيكون له أن يقرأ بمرادفها. فمن ذلك ما كان يوافق حرفًا آخر ومنه ما لا يوافق، ولكنه لا يخرج عن ذاك القبيل، وفي "فتح الباري":"ثبت عن غير واحد من الصحابة أنه كان يقرأ بالمرادف ولو لم يكن مسموعًا له".
فهذا ضرب محدود من القراءة بالمعنى رُخِّصَ فيه لأولئك.
وكُتب القرآن بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم في قطع من الجريد وغيره، تكون في القطعة الآية والآيتان أو أكثر، وكان رسمُ الخط يومئذ يحتمل -والله أعلم- غالب الاختلافات التي في الأحرف السبعة؛ إذ لم يكن له شكل ولا نقط، وكانت تُحذفُ فيه كثيرٌ من الألفات ونحو ذلك، كما تراه في رسم المصحف، وبذاك الرسمِ عينِه نُقل ما في تلك القطع إلى صحفٍ في عهد أبي بكر، وبه كُتبت المصاحف في عهد عثمان، ثم صار على الناس أن يضبطوا قراءتهم، بأن يجتمع فيها الأمران: النقلُ الثابت بالسماع من النبي صلى الله عليه وسلم، واحتمالُ رسم المصاحف العثمانية.
وبذلك خرجت من القراءات الصحيحة تلك التغيرات التي كان يَترخص بها بعض الناس، وبقي من الأحرف الستة المخالفة للحرف الأصلي ما احتمله الرسم، ولعله غالبها - إن لم يكن جميعها، مع أنه وقع اختلافٌ يسيرٌ بين المصاحف العثمانية، وكأنه تبعًا للقطع التي كتب فيها القرآن بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم؛ كأن توجد الآية في قطعتين كتبت الكلمة في إحديهما بوجهٍ وفي الأخرى بالآخر، فبقي هذا الاختلاف في القراءات الصحيحة.
(1) ما بين الحاجزين تعليقٌ للشيخ للمعلمي في هذا الموضع من "الأنوار" فأوردته هنا في مكانه.
ونخرج مما تقدم بنتيجتين:
الأولى: أن حفظ الصدور لم يكن كما يصوره أبو رية، بل قد اعتمد عليه في القرآن، وبقي الاعتماد عليه وحده بعد حفظ الله عز وجل في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وعمر، وسنين من عهد عثمان؛ لأن تلك القطع التي كُتب فيها في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كانت مفرقةً عند بعض أصحابه، لا يعرفها إلا من هي عنده، وسائر الناس غيره يعتمدون على حفظهم، ثم لما جُمعت في عهد أبي بكر لم تنشر هي ولا الصحف التي كُتبت عنها، بل بقيت عند أبي بكر، ثم عند عمر، ثم عند ابنته حفصة أم المؤمنين، حتى طلبها عثمان، ثم اعتمد عليه في عامة المواضع التي يَحتمل فيها الرسم وجهين أو أكثر، واستمر الاعتماد عليه حتى استقر تدوين القراءات الصحيحة.
النتيجة الثانية: أن حال الأميين قد اقتضت الترخيص لهم في الجملة في القراءة بالمعنى، وإذا كان ذلك في القرآن -مع أن ألفاظه مقصودةٌ لذاتها؛ لأنه كلام رب العالمين بلفظه ومعناه معجزٌ بلفظه ومعناه متعبَّدٌ بتلاوته- فما بالك بالأحاديث التي مدار المقصود الديني فيها على معانيها فقط؟
وإذا علمنا ما تقدم
…
وعلمنا ما دلت عليه القواطع أن النبي صلى الله عليه وسلم مبين لكتاب الله ودينه بقوله وفعله، وأن كل ما كان منه مما فيه بيانٌ للدين فهو خالد بخلود الدين إلى يوم القيامة، وأن الصحابة مأمورون بتبليغ ذلك في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وبعد وفاته
…
وأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمرهم بكتابة الأحاديث، وأقرهم على عدم كتابتها، بل قيل: إنه نهاهم عن كتابتها كما بما فيه، ومع ذلك كان يأمرهم بالتبليغ لما علموه وفهموه، وعلمنا أن عادة الناس قاطبةً فيمن يُلقى إليه كلامٌ؛ المقصود منه معناه ويؤمر بتبليغه: أنه إذا لم يحفظ لفظه على وجهه، وقد ضبط معناه، لزمه أن يبلغه بمعناه، ولا يُعَدُّ كاذبًا ولا شِبهَ كاذب، علمنا يقينًا أن الصحابة إنما أُمروا بالتبليغ على ما جرت به العادة: من بقي منهم حافظًا لِلَّفْظ على وجهه فليؤدِّه
كذلك، ومن بقي ضابطًا للمعنى ولم يبق ضابطًا لِلِّفظ فليؤدِّه بالمعنى. هذا أمر يقيني لا ريب فيه، وعلى ذلك جرى عملهم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وبعد وفاته.
فقول أبي رية: "لما رأى بعض الصحابة
…
استباحوا لأنفسهم" إن أراد أنهم لم يؤمروا بالتبليغ، ولم يُبح لهم أن يَرْوُوا بالمعنى إذا كانوا ضابطين له دون اللفظ، فهذا كذب عليهم وعلى الشرع والعقل كما يُعلم مما مَرَّ.
وتشديده صلى الله عليه وسلم في الكذب عليه إنما المراد به الكذب في المعاني، فإن الناس يَبعثون رسلَهم ونوابَهم، ويأمرونهم بالتبليغ عنهم. فإذا لم يشترط عليهم المحافظة على الألفاظ، فبلغوا المعنى، فقد صدقوا.
ولو قلت لابنك: اذهب فقل للكاتب: أبي يدعوك، فذهب وقال له: والدي -أو الوالد- يدعوك، أو يطلب مجيئك إليه، أو أمرني أن أدعوك له، لكان مطيعًا صادقًا، ولو اطلعت بعد ذلك على ما قال فزعمت أنه عصى أو كذب وأردت أن تعاقبه لأنكر العقلاء عليك ذلك.
وقد قَصَّ الله عز وجل في القرآن كثيرًا من أقوال خلقه بغير ألفاظهم؛ لأن مِن ذلك ما يطول فيبلغ الحَدَّ المعجز، ومنه ما يكون عن لسان أعجمي، ومنه ما يأتي في موضع بألفاظ، وفي آخر بغيرها، وقد تتعدد الصور كما في قصة موسى، ويطول في موضع ويختصر في آخر.
فبالنظر إلى أداء المعنى كرر النبي صلى الله عليه وسلم بيان شدة الكذب عليه وبالنظر إلى أداء اللفظ اقتصر على الترغيب فقال: "نضر الله امرًا سمع منا شيئًا فأداه كما سمعه، فرب مبلغ أوعى من سامع" جاء بهذا اللفظ أو معناه مطولا ومختصرا من حديث ابن مسعود، وزيد بن ثابت، وأنس، وجبير بن مطعم، وعائشة، وسعد، وابن عمر، وأبي هريرة، وعمير بن بن قتادة، ومعاذ بن جبل، والنعمان بن بشير، وزيد بن خالد، وعبادة بن الصامت، منها الصحيح وغيره. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يتحرى معونتهم على الحفظ والفهم كما مر (ص 43)
واعلم أن الأحاديث الصحيحة ليست كلها قولية، بل منها ما هو إخبار عن أفعال النبي صلى الله عليه وسلم، وهي كثيرة.
ومنها ما أصله قولي، ولكن الصحابي لا يذكر القول، بل يقول: أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بكذا، أو نهانا عن كذا، أو قضى بكذا، أو أذن في كذا
…
وأشباه هذا، وهذا كثير أيضًا.
وهذان الضربان ليسا محل نزاع، والكلام في ما يقول الصحابي فيه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كيت وكيت، أو نحو ذلك.
ومن تتبع هذا في الأحاديث التي يرويها صحابيان أو أكثر، ووقع اختلاف، فإنما هو في بعض الألفاظ، وهذا يبين أن الصحابة لم يكونوا إذا حكوا قوله صلى الله عليه وسلم يُهملون ألفاظه البتة، لكن منهم من يحاول أن يؤديها، فيقع له تقديم وتأخير، أو إبدال الكلمة بمرادفها ونحو ذلك.
ومع هذا فقد عُرف جماعة من الصحابة كانوا يتحرون ضبط الألفاظ، وتقدم (ص 42) قول أبو رية: إن الخلفاء الأربعة وكبار الصحابة وأهل الفتيا لم يكونوا ليرضوا أن يرووا بالمعنى، وكان ابن عمر ممن شدد في ذلك، وقد آتاهم الله من جودة الحفظ ما آتاهم، وقصة ابن عباس مع عمر بن أبي ربيعة مشهورة، ويأتي في ترجمة أبي هريرة ما ستراه.
فعلى هذا، ما كان من أحاديث المشهورين بالتحفظ فهو بلفظ النبي صلى الله عليه وسلم، وما كان من حديث غيرهم فالظاهر ذلك؛ لأنهم كلهم كانوا يتحرون ما أمكنهم، ويبقى النظر في تصرف من بعدهم
…
(1)
هذا، وكان الأئمةُ يعتبرون حديثَ كُلِّ راوٍ، فينظرون كيف حَدَّثَ به في الأوقات المتفاوتة، فإذا وجدوه يُحَدث مرة كذا ومرة كذا بخلافٍ لا يحتملُ: ضَعَّفُوه.
(1) ثم أشار الشيخ المعلمي بلى ما يتعلق بجودة حفظ الصحابة والتابعين ومن بعدهم، ومن كان منهم لا يحدث إلا من كتابه.
وربما سمعوا الحديثَ من الرجل، ثم يَدَعُونه مدة طويلة، ثم يسألونه عنه.
ثم يُعتبر حَرْفُ مروياتِه برواية مَن روى عن شيوخه وعن شيوخ شيوخه، فإذا رأوا في روايته ما يخالف روايةَ الثقات حكموا عليه بحسبها.
وليسوا يوثِّقُون الرجل لظهور صلاحه في دينه فقط، بل معظم اعتمادهم على حاله في حديثه كما مَرَّ.
وتجدُهم يجرحون الرجلَ بأنه يخطىء ويغلط، وباضطرابه في حديثه، وبمخالفته الثقات، وبتفرده، وهلم جرا.
ونظرهم عند تصحيح الحديث أدقُّ من هذا، نعم، إن هناك من المحدثين من يُسَهِّلُ ويُخَفِّفُ، لكنَّ العارفَ لا يخفى عليه هؤلاء من هؤلاء.
فإذا رأيتَ المحققين قد وثَّقُوا رجلًا مطلقًا، فمعنى ذلك أنه يروي الحديث بلفظه الذي سمعه، أو على الأقل إذا روى بالمعنى لم يغير المعنى.
وإذا رأيتَهُم قد صحَّحُوا حديثًا، فمعنى ذلك أنه صحيح بلفظه، أو على الأقل بنحو لفظه، مع تمام معناه، فإن بان لهم خلف ذلك نبهوا عليه كما تقدم (ص 18).
…
وذكر أبو رية (ص 55 فما بعدها) الخلاف في جواز الرواية بالمعنى.
أقول: الذين قالوا: لا تجوز، إنما غرضُهم ما ينبغي أن يُعمل به في عهدهم وبعدهم، فأما ما قد مضى فلا كلام فيه، لا يُطعن في متقدم بأنه كان يروي بالمعنى ولا في روايته.
لكن إن وقع تعارض بين مَرْوِيِّهِ ومرْوِيِّ من كان يبالغ في تحري الرواية باللفظ، فذلك مما يرجح الثاني، وهذا لا نزاع فيه.
ومدار البحث هو أن الرواية بالمعنى قد توقع في الخطأ، وهذا معقول، لكن لا وجه للتهويل، فقد ذكر أبو رية (ص 59):"قال ابن سيرين: كنت أسمع الحديث من عشرة، المعنى واحد والألفاظ مختلفة".
وكان ابن سيرين من المتشددين في أن لا يُروى إلا باللفظ، ومع هذا شهد للذين سمع منهم أنهم مع كثرة اختلافهم في اللفظ لم يخطىء أحد منهم المعنى -ولهذا لما ذُكر له أن الحسن والشعبي والنخعي يروون بالمعنى اقتصر على قوله:"إنهم لو حدثوا كما سمعوا كان أفضل" انظر "الكفاية" للخطيب (ص 206).
ومن تدبر ما تقدم من حال الصحابة، وأنهم كانوا كلهم يراعون الرواية باللفظ، ومنهم من كان يبالغ في تحري ذلك، وكذا في التابعين وأتباعهم، وأن الحديث الواحد قد يرويه صحابيان أو أكثر، ويرويه عن الصحابي تابعيان فأكثر وهلم جرا، وأن التابعين كتبوا، وأن أتباعهم كتبوا ودونوا، وأن الأئمة اعتبروا حال كل راو في روايته لأحاديثه في الأوقات المتفاوتة، فإذا وجدوه يروي الحديث مرة بما يحيل معناه في روايته له مرة أخرى جرحوه، ثم اعتبروا رواية كل راوٍ برواية الثقات، فإذا وجدوه يخالفهم بما يحيل المعنى جرحوه.
ثم بالغ محققوهم في العناية بالحديث عند التصحيح، فلا يصححون ما عرفوا له علة، نعم قد يذكرون في المتابعات والشواهد ما وقعت فيه مخالفة ما وينبهون عليه.
من تدبر هذا، ولم يُعْمِهِ الهوى، اطمأن قلبُه بوفاء الله تعالى بما تكفل به من حفظ دينه، وبتوفيقه علماء الأمة للقيام بذلك، ولله الحمد .. (1)
• وقال الشيخ المعلمي في "الأنوار" أيضا (ص 63 - 64):
قول أبي رية: "إن ما وعته الذاكرة لا يمكن أن يبقى فيها على أصله".
إن أراد بذلك ألفاظ الأحاديث القولية، فليس كما قال، بل يمكن أن يبقى بعض ذلك، بل قوله: إن "الخلفاء الراشدين وكبار الصحابة وأهل الفتيا
…
لم يكونوا ليرضوا بما رضي به بعضهم
…
من رواية الحديث بالمعنى" اعتراف منه بأن ما ثبت عن هؤلاء روايته من الأحاديث القولية قد رووه بلفظ النبي صلى الله عليه وسلم على وجهه الصحيح.
(1) ثم ذكر المعلمي ما حاول أبورية أن يقدم به شواهد على اختلافِ ضارٍّ وقع بسبب الرواية بالمعنى، فأجاب عن البعض، وبين في البعض الآخر أنه لا علاقة له بالرواية بالمعنى.
وإن أراد الأحاديث الفعلية ومعاني القولية فباطل، بل يبقى فيها الكثير من ذلك كما لا يخفى على أحد.
قوله: "إن تغيير اللفظ قد يغير المعنى".
قلنا: قد، ولكن الغالب فيمن ضبط المعنى ضبطًا يثق به أنه لا يغير.
قوله: "كل لفظة من كلامه صلى الله عليه وسلم يكمن وراءها معنى يقصده".
أقول: نعوذ بالله من غلو يُتذرع به إلى جحود، كان صلى الله عليه وسلم يكلم الناس ليفهموا عنه، فكان يتحرى إفهامهم، إن كان ليحدث الحديث لو شاء العادُّ أن يُحصيه أحصاه، كما في "سنن" أبي داود عن عائشة، وأصله في "الصحيحين".
وكان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثًا حتى تفهم، كما في "صحيح" البخاري عن أنس.
ويقال لأبي رية: أمفهومة كانت تلك المقاصد الكامنة وراء كل لفظة للصحابة، أم لا؟ إن كانت مفهومة لهم أمكنهم أن يؤدوها بغير تلك الألفاظ، وإلا فكيف يخاطبون بما لا يفهمونه؟
فأما حديث: "فرب مبلغ أوعى من سامع" فإنما يتفق في قليلٍ كما تفيد كلمة "رُب" وذلك كأن يكون الصحابي ممن قرب عهده بالإسلام، ولم يكن عنده علم، فيؤديه إلى عالم يفهمه على وجهه، والغالب أن الصحابة أفهم لكلام النبي صلى الله عليه وسلم ممن
بعدهم" اهـ.
• وقال في "طليعة التنكيل"(ص 69):
"أما الأميةُ فليست مما يوجب قلة الضبط، وإنما غايتها أن يكون في رواية صاحبها كثير من الرواية بالمعنى، وليس ذلك بقادح". اهـ.
• وقال في ترجمة: الحجاج بن أرطاة من "التنكيل"(70):
"حاصل كلامهم في حديثه أنه صدوق مدلس يروي بالمعنى، وقد لخص ذلك محمد ابن نصر المروزي قال: "والغالب على حديثه الإرسال والتدليس وتغيير الألفاظ".
فإذا صرح بالسماع فقد أَمِنَّا تدليسه، وهو فقيه عارف، لا يُخشى من روايته بالمعنى.
لكن إذا خالفه في اللفظ ثقةٌ، يتحرى الرواية باللفظ، وكان بين اللفظين اختلافٌ ما في المعنى، قُدِّم فيما اختلفا فيه لفظُ الثقةِ الآخر". اهـ.
• وفي ترجمة: إبراهيم بن بشار الرمادي منه (2):
"يتحصل من مجموع ما ذُكر أن إبراهيم كان قد سمع من سفيان بن عيينة قديمًا، ثم كان يحضر مجالسه، فربما حدث سفيان ببعض تلك الأحاديث، فربما أبدل كلمة بأخرى أو نحو ذلك على ما هو معروف من عادة سفيان في الرواية بالمعنى، وكان بعض الحاضرين لا يتمكنون من الحفظ أو الكتابة وقت السماع، فإذا فرغ المجلس رغبوا إلى إبراهيم، فيملي عليهم ذاك المجلس، فربما أملى عليهم كما حفظ سابقا، ويكون في ذلك ألفاظ مغايرة للألفاظ التي عبر بها سفيان في ذاك المجلس، فذاك الذي أنكره عليه أحمد ويحيى، وقد يقال: إن كان إبراهيم لم يشعر بالاختلاف فالخطب سهل، وإن شعر به فغايته أن يكون استساغ للجماعة أن يذهب أحدهم فيروي عن سفيان كما حدث سفيان قديمًا، وإن كان هو إنما سمعه بتغيير ما في الألفاظ، كما ساغ لسفيان أن يروي ما سمعه تارة كما سمعه، وتارة بتغيير ما في الألفاظ، بل هذا أسوغ، فإن اللفظين كلاهما صحيح عن سفيان.
وبالجملة فهذا توسع في الرواية بالمعنى لا يوجب جرحا
…
". اهـ.
قال أبو أنس:
الراوي إذا لم يكن متقنًا يقظًا متحريًا، فلربما لم تُسْعِفْهُ ذاكرتُه أن يذكر الحديث بلفظه، أو هكذا ظنَّ أنه لفظُه، أو أراد أن يختصر الحديثَ لسببِ الاستعجال أو الاستدلال أو غير ذلك، فربما وقع في حديثه حينئذٍ خللٌ يؤثر في معناه دون أن ينتبه.
وأداءُ الحديث بلفظِه وسياقِه وتمامِه، مع التنصيص على مواضع التردد والشك في الإسناد أو المتن - هو من علامات ضبط الراوي وأمانته وتحريه وأيُّ غيابٍ لأحدِ هذه الأمور ربما جرَّ إلى حدوثِ خللٍ في الرواية أو كان سببًا في وقوع علة.
فإذا لم يستحضر الراوي لفظ الحديث، أو لم ينشطْ لسَوْقِه كما سمعه، أو سُئل عن مسألةٍ أو قضيةٍ، فأراد أن يستشهد بمعنًى فيه فساق ذلك الحديث بالمعنى أو اختصره، تابعَ الأئمةُ ذلك، وراقبوا الفَرق بين روايته وروايه غيره ممن ساقه بتمامه؛ لينظروا في مظاهر الخلل الحادثة - إن وجدت.
لكن لاحظ أنه ليس كُلُّ اختصارٍ علةً أو سببًا في ضعف الحديث المختصَر، بل إن كبار الحفاظ ربما اختصروا إذا احتاجوا إلى ذلك، لكن بحيث لا يؤثر ذلك في معنى الأصل. هذا البخاري: يكثر من ذلك في"صحيحه"، وربما دلّ ذلك أحيانًا على براعته وحنكته.
ولبيان: كيف تكون الروايةُ بالمعنى أو الاختصارُ سببا في التعليل، أُوردُ هنا بعض المواضع التي قد شرحتُها في كتابي"مُلَحُ الحديث على كتاب علل الحديث" لابن أبي حاتم الرازي، فأقول:
1 -
قال ابن أبي حاتم (242)(401):
"سألت أبي عن حديثٍ رواه مروان الفزاري، عن يزيد بن كيسان، عن أبي حازم، عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلَّى ركعتي الفجر حين طلعتِ الشمسُ. [لفظه في (401): نام رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ركعتي الفجر، فقضاهما بعدما طلعت الشمس].
قال أبي: غلط مروان في اختصاره، إنما كان النبي صلى الله عليه وسلم في سفر، فقال لبلال:"مَن يكلؤنا الليلة؟ فقال: أنا، فغلبه النومُ حتى طلعتِ الشمسُ، فقام النبي صلى الله عليه وسلم وقد طلعتِ الشمسُ، فأمر بلالًا أن يؤذن، وأمر الناسَ أن يصلوا ركعتي الفجر، ثم صلى بهم الفجر، فقد صلى السنة والفريضة بعد طلوع الشمس". اهـ.
قلت:
أصل الحديث رواه عن يزيد بن كيسان: يحيى بن سعيد القطان، رواه مسلم (680/ 310) وبُوِّبَ عليه:"باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضاءها". ولفظه: "عرسنا مع نبي الله صلى الله عليه وسلم فلم نستيقظ حتى طلعت الشمس، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ليأخذ كل رجلٍ برأس راحلته
…
ثم دعا بالماء فتوضأ ثم سجد سجدتين ثم أقيمت الصلاة فصلى الغداة".
وقد رواه مسلم قبله (680/ 309) من حديث الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قَفَل من غزوة خيبر سار ليلة حتى إذا أدركه الكرى عرّس، وقال لبلال: اكلأ لنا الليل
…
فغلبت بلالًا عيناه
…
فلم يستيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا بلال ولا أحد من أصحابه حتى ضربتهم الشمس
…
ثم توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر بلالًا فأقام الصلاة فصلى بهم الصبح
…
وحديث مروان بن معاوية الفزاري عن يزيد بن كيسان، أخرجه ابن ماجه (1/ 365) وابن حبان (2652) وأبو يعلى (11/ 45) وغيرهم بلفظ:"أن النبي صلى الله عليه وسلم نام عن ركعتي الفجر فصلاهما بعدما طلعت الشمس".
والعلة في اختصار هذا الحديث أن المحفوظ عن يزيد بن كيسان إنما هو في قضية عين، نام فيها النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه عن صلاة الفجر، فلما استيقظوا، صلوا ركعتي الفجر -وهي سنة الصبح- ثم أقيمت الصلاة، فصلوا الفريضة.
أما الحديث المختصر فليس فيه وقت أداء الفريضة، وهذا جعل مثل ابن حزم في "المحلى" يفهم منه صراحةً أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الفرض في وقته وأجَّل ركعتي الفجر بعد طلوع الشمس، فقال في "المحلى" (3/ 112): "
…
وأما قضاء الركعتين فلقوله صلى الله عليه وسلم: من نام عن صلاةٍ أو نسيها فليصلها إذا ذكرها" وهذا عموم.
حدثنا البغوي ثنا عباس بن أصبغ ثنا محمد بن عبد الملك بن أيمن ثنا ابن وضاح ثنا يحيى بن معين ثنا مروان بن معاوية الفزاري
…
وساق الحديث، ثم قال:
فهذا عليه السلام لم يبدأ بها قبل الفرض.
ثم ساق آثارًا في هذا المعنى، وهذا المعنى ليس واردًا في أصل حديث يزيد بن كيسان، كما سبق بيانه، ولكن مروان حكاه بالمعنى، فأوهم خلاف مقتضاه وهذا هو سبب تعليل أبي حاتم له، والله تعالى الموفق.
2 -
قال ابن أبي حاتم (896):
"سألت أبي عن حديثٍ رواه مروان الفزاري، عن أبي حيان التيمي، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: سمَّى الأنثى من الخيل: الفرس.
فقال: هذا حديث مشهور، رواه جماعة عن أبي حيان، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة، عن النّبي صلى الله عليه وسلم أنه ذكر الغلول، فقال: لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على عنقه فرس.
فاختصر مروان هذا الحديث لمَّا قال: "يحملها على رقبته" أي: جعل الفرس أُنثى حين قال: "يحملها" ولم يقل: "يحمله". اهـ.
قلت:
أصل الحديث عند البخاري (3073) ومسلم (1831) من طريق جماعة عن أبي حيان التيمي به، ولفظه عند البخاري، وكذا في الموضع الذي ساق مسلم لفظه:"على رقبته فرس له حمحمة".
ولم أقف فيه على لفظ: "يحمله" أو "يحملها".
وحديث مروان الفزاري أخرجه أبو داود في "سننه"(2546) والحاكم في "مستدركه"(2/ 157) وقال: صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه وابن حبان كما في "صحيحه"(4680).
ولما كان مروان الفزاري ليس بالمحل الذي يحتمل أو يقبل منه التفرد عن أبي حيان التيمي بمثل هذا، فَحَمَلَ أبو حاتم هذا اللفظ - الشاذ:"أن النبي صلى الله عليه وسلم سمَّى الأنثى من الخيل الفرس" على أن مروان أخطأ في الحديث المشهور عن أبي حيان التيمي عن أبي زرعة عن أبي هريرة، فصحَّف:"فرس يحمله على رقبته" إلى: "يحملها على رقبته"، ثم لما صحَّف وجعل ضمير التذكير: مؤنثًا، ذكره بَعْدُ مختصرًا بحسب مقتضى التصحيف الذي وقع فيه، وهذا أمرٌ دقيقٌ، وعلّةٌ خفيةٌ، يجرُّ إليها مقدماتٌ وقرائن يعرفها إمام من أئمة النقد كأبي حاتم.
فانظر إلى مثل هذا النقد، وهذه النظرة الثاقبة، وقارن ذلك بمثل تصحيح ابن حبان والحاكم لحديث مروان، وزَعْم الأخير أنه على شرط الشيخين، وجعل السيوطي في "الجامع الصغير"(1/ 315) والمناوي في "فيض القدير"(5/ 220) الحديث دليلًا على فصاحة النبي صلى الله عليه وسلم إذ سمَّى الأنثى فرسًا بغير هاء، ولم يقل فرسة؛ لأنه لم يُسمع من كلامهم، والحديث إذا كان خطأ، لم يصلح للاستدلال، والله تعالى الموفق.
3 -
قال ابن أبي حاتم (107):
"سمعت أبي وذكر حديث شعبة، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا وضوء إلا من صوت أو ريح".
قال أبي: هذا وهم، اختصر شعبة متن هذا الحديث فقال:"لا وضوء إلا من صوت أو ريح".
ورواه أصحاب سهيل، عن أبيه عن أبي هُرَيرَة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إذا كان أحدكم في الصلاة فوجد ريحًا من نفسه فلا يخرجن حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا". اهـ.
قلت:
من أصحاب سهيل هؤلاء: جرير بن عبد الحميد عند مسلم (362)، وحماد بن سلمة عند أبي داود (177) وعبد العزيز بن المختار عند الترمذي (75).
وحديث شعبة أخرجه الترمذي أيضًا (74) وابن ماجه (515).
وقضية الاختصار في هذا الحديث أن في حديث الجماعة عن سهيل ما ينقض الوضوء لمن هو فى داخل الصلاة، فلا يجب عليه الانصراف من الصلاة إذا أَحَسَّ بحركةٍ في بطنه إلا إذا تيقن الحَدَث؛ كسماع صوتِ ما يخرج منه أو يجد ريح ذلك. هذا هو مقتضى الاستثناء الوارد في حديث الجماعة.
لكنَّ شعبةَ لما اختصر الحديث جعله استثناء عامًّا في كل حال، فصار مقتضى ذلك الاختصار أن الوضوء لا ينتقض إلا من صوت أو ريح، سواء كان ذلك داخل الصلاة أو خارجها، وهذا اقتضاء فاسد.
وممن فطن لهذه العلة، وشرحها شرحًا وافيًا، مبينًا فسادَ ما يقتضيه ذلك الاختصار المشار إليه: ابن خزيمة في "صحيحه".
قال ابن خزيمة (1/ 18):
باب: ذكر خبر روي مختصرًا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أَوْهَمَ عالمًا ممن لم يُميِّز بين الخبر المختصر والخبر المتقصى أن الوضوء لا يجب إلا من الحدث الذي له صوت أو رائحة.
ثم ساق حديث شعبة هذا.
ثم قال: باب ذكر الخبر المتقصي للّفظة المختصرة التي ذكرتها، والدليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أعلَم أن لا وضوء إلا من صوت أو ريح عن مسألةٍ سُئل عنها في الرجل يُخيل إليه أنه قد خرج منه ريح، فيشك في خروج الريح.
وكانت هذه المقالة عنه صلى الله عليه وسلم: "لا وضوء إلا من صوت أو ريح" جوابًا عما عنه سُئل فقط، لا ابتداء كلام، مسقطا بهذه المسالة إيجاب الوضوء من غير الريح التي لها صوت أو رائحة؛ إذ لو كان هذا القول منه صلى الله عليه وسلم ابتداء من غير أن تتقدمه مسألة، كانت هذه المقالة تنفي إيجاب الوضوء من البول والنوم والمذي؛ إذ قد يكون البول لا صوت له ولا ريح، وكذلك النوم والمذي لا صوت لهما ولا ريح، وكذلك الودي.
ثم ذكر حديث سهيل من طريق خالد بن عبد الله الواسطي عنه بلفظ الجماعة.
لكن علَّق البخاري حديث أبي هريرة فقال: "وقال أبو هريرة: لا وضوء إلا من حدث". ذكره في جملة آثار، تحت باب:"من لم ير الوضوء إلا من المخرجين من القبل والدبر".
4 -
قال ابن أبي حاتم (167)، (173):
"سألت أبي عن حديث رواه علي بن عياش، عن شعيب بن أبي حمزة عن محمد ابن المنكدر، عن جابر قال: كان آخر الأمر من رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما مسَّتِ النار.
فسمعت أبي يقول: هذا حديث مضطرب المتن، إنما هو: أن النبي صلى الله عليه وسلم أكل كتفًا ولم يتوضأ.
كذا رواه الثقات، عن ابن المنكدر، عن جابر، ويحتمل أن يكون شعيب حدَّث به من حفظه فوهم فيه". اهـ.
قلت:
أصل الحديث عن ابن المنكدر عن جابر لفظه: "قربت للنبي صلى الله عليه وسلم خبزا ولحما، فأكل ثم دعا بوَضوء، فتوضأ به، ثم صلى الظهر، ثم دعا بفضل طعامه، فأكل ثم قام إلى الصلاة ولم يتوضأ".
هكذا رواه أبو داود (192) وغيره عن ابن جريج، ومثله عن معمر، رواه ابن حبان (1136)، وأيوب عنده أيضًا (1137)، وأبو علقمة الفروي (1135)، وجرير (1138)، وروح بن القاسم (1139).
وعَقَّب أبو داود حديث ابن جريج بحديث شعيب بن أبي حمزة: "كان آخر الأمرين
…
"، ثم قال أبو داود: هذا اختصار من الحديث الأول.