الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 - الراوي المختلف فيه:
قال الشيخ المعلمي في الجزء الثاني من "التنكيل"(ص 32 - 33):
"إذا اختلفوا في راوٍ، فوثقه بعضهم، ولَيَّنَهُ بعضهم، ولم يأتِ في حقِّه تفصيلٌ، فالظاهرُ أنه وَسَطٌ، فيه لينٌ مطلقًا، وإذا فَصَّلُوا أو أكثرُهم الكلامَ في راوٍ، فثبَّتُوه في حالٍ وضعَّفُوه في أخرى، فالواجبُ أن لا يُؤخذ حكمُ ذاك الراوي إجمالًا إلا في حديثٍ لم يتبينْ من أي الضرْبَيْن هو، فأما إذا تبيَّن فالواجبُ معاملتُه بحسب حاله، فمن كان ثقةً ثبتا ثم اختلط، إذا نظرنا في حديثٍ من روايته، فإن تبيَّن أنه رواه قيل الاختلاط فهو غايةٌ في الصحة، أو بعده فضعيف". اهـ.
4 - قضية اختلاف عبارات الإمام في الراوي:
• قال الشيخ المعلمي في "التنكيل"(1/ 363):
"ينبغي أن تعلم أن كلام المحدث في الراوي يكون على وجهين:
الأول: أن يُسألَ عنه، فَيُجِيلُ فِكْرَهُ في: حالِهِ في نفسه، وروايته، ثم يستخلص من مجموع ذلك معنًى يحكمُ به.
الثاني: أن يستقر في نفسه هذا المعنى، ثم يتكلم في ذاك الراوي في صَدَدِ النظر في حديثٍ خاصٍّ من روايته.
فالأولُ، هو الحُكمُ المُطلقُ الذي لا يُخالفُه حُكمٌ آخر مثلُه إلا لتغير الاجتهاد.
وأما الثاني، فإنه كثيرًا ما يَنْحَى به نحو حالِ الراوي في ذاك الحديث؛ فإذا كان المحدِّثُ يرى أن الحُكمَ المُطلقَ في الراوي أنه صدوقٌ كثيرُ الوهم، ثم تكلم فيه في صَدَدِ حديثٍ من روايته، ثم في صَدَدِ حديثٍ آخر، وهكذا، فإنه كثيرًا ما يتراءَى اختلافٌ ما بين كلماتِه.
فَمِنْ هذا: أن الحجاج بن أرطاة عند الدارقطني "صدوق يخطيء"، فلا يُحتج بما ينفرد به، واختلفت كلماتُه فيه في (السنن):
فذكره (ص 35) في صَدَدِ حديثٍ وافقَ فيه جماعةً من الثقات، فعَدَّهُ الدارقطني في جملة "الحفاظ الثقات".
وذكره (ص 531) في صَدَدِ حديثٍ أخطأَ فيه، وخالفَ مسعرًا وشريكًا، فقال الدارقطني:"حجاج ضعيف".
وذكره في مواضع أخرى فأكثر ما يقول: "لا يحتج به".
وعلى هذا ينزل كلامُه في ابن أبي ليلى؛ فإنه عنده "صدوق سيء الحفظ"، ففي ص 46 ذكر حديثًا رواه إسحاق الأزرق، عن شريك، عن ابن أبي ليلى، عن عطاء، عن ابن عباس مرفوعًا، في طهارة المني، وذكر أن وكيعًا رواه عن ابن أبي ليلى عن عطاء عن ابن عباس من قوله.
وقد رواه الشافعي، عن ابن عيينة، عن عمرو بن دينار وابن جريج، كلاهما عن عطاء، عن ابن عباس من قوله.
فالحديثُ صحيحٌ عن ابن عباس من قوله، وقد رواه وكيع، وهو من الثقات الأثبات، عن ابن أبي ليلى كذلك، ورواه شريك عن ابن أبي ليلى فرفعه، فحالُ ابن أبي ليلى في هذا الحديث جيدةٌ؛ لأنه في أثبت الروايتين عنه وافقَ الأثبات، وفي رواية الأزرق عن شريك عنه رفعه، وقد يحتمل أن يكون الخطأ من الأزرق أو من شريك فإن الأزرق ربما غلط، وشريكًا كثير الخطأ أيضًا، وقد رواه وكيع عن ابن أبي ليلى على الصواب؛ فلهذا اقتصر الدارقطني على قوله:"لم يرفعه غير إسحاق الأزرق عن شريك، محمد بن عبد الرحمن هو ابن أبي ليلى ثقة في حفظه شيء". وفي ص 89 ذكر حديثًا رواه الجَبَلان: سفيان وشعبة، عن عمرو بن مرة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى
مرسلًا، وخالفهما محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى فرواه موصولًا، فحالُه في هذا الحديث رديئةٌ، فظهر أثر ذلك في كلمة الدارقطني، فقال:"ضعيف سيء الحفظ".
وفي ص 273 ذكر أحاديثَ في القارن يطوف طوافًا واحدًا ويسعى سعيًا واحدًا، وهناك روايات عن علي وابن مسعود أنهما قالا: طوافين وسعيين.
ثم ذكر من طريق ابن أبي ليلى، عن الحكم، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن علي أنه:"جمع بين الحج والعمرة ، فطاف لهم طواف واحد (كذا)، وسعى لهما سعيين، ثم قال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل".
ولا يخفى ما في هذا من التخليط، فهذا هو الذي أغضب الدارقطني؛ فلذلك قال:"رديء الحفظ كثير الوهم". اهـ.
• وقال الشيخ المعلمي في ترجمة: محمد بن فليح بن سليمان من "التنكيل"(229):
"روى أبو حاتم عن معاوية بن صالح عن ابن معين: "فليح بن سليمان ليس بثقة ولا ابنه". فسئل أبو حاتم فقال: "ما به بأس، ليس بذاك القوى".
وقد اختلفت كلمات ابن معين في فليح، قال مرة:"ليس بالقوي ولا يحتج بحديثه، هو دون الدراوردي" وقال مرة: "ضعيف، ما أقربه من أبي أويس" وقال مرة "أبو أويس مثل فليح، فيه ضعف" وقال في أبي أويس: "صالح، ولكن حديثه ليس بذاك الجائز"، وقال مرة:"صدوق وليس بحجة".
فهذا كله يدل أن قوله في الرواية الأولى: "ليس بثقة"، إنما أراد أنه ليس بحيث يقال له "ثقة" .. اهـ.
• وقال في ترجمة: نعيم بن حماد منه (258):
"قال الحافظ أبو علي النيسابوري: سمعت النسائي يذكر فضلَ نعيم بن حماد وتقدمَه في العلم والمعرفة والسنن، ثم قيل له في قبول حديثه؟ فقال: قد كثر تفردهُ عن الأئمة المعروفين بأحاديث كثيرة، فصار في حَدِّ من لا يحتج به".