المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌القاعدة الرابعةقدح الساخط ومدح المحب ونحو ذلك - النكت الجياد المنتخبة من كلام شيخ النقاد - جـ ٤

[إبراهيم بن سعيد الصبيحي]

فهرس الكتاب

- ‌المرتبة الثالثة: البحث والنظر في الأمور التي تدل عله خطإٍ إن كان

- ‌1 - دلائل العلة

- ‌أ- أما التفرد

- ‌1 - هل مجرد التفرد مانع من الأحتجاج

- ‌2 - علام يُحْمَلُ تفردُ الثقةِ بما لا يُقبل

- ‌3 - إطلاق التفرد لا ينفي وجود طرق أخري واهية أو غير محفوظة

- ‌4 - هل مجرد تفرد الراوي عن شيخ بأحاديث يُسَوِّغُ ردَّها والطعن فيه بسببها

- ‌5 - نماذج من التفرد المردود:

- ‌ب- أمَّا المخالفة:

- ‌2 - أسباب التعليل

- ‌النوع الأول: الأسباب المتعلقة بالراوي في نفسه

- ‌1 - دخول حديث في حديث:

- ‌2 - الوهم أثناء التحويل في الأسانيد عند التصنيف:

- ‌3 - النقل من كتب غير مسموعة، فيشتبه خَطٌّ بآخر:

- ‌4 - سُلوك الجادة في الأسانيد:

- ‌5 - الرواية بالمعنى:

- ‌6 - التباس أحاديث شيخين أو أكثر على الراوي، فيحدث بها على التوهم:

- ‌7 - خطأ الراوي في حداثته، وبقاء ذلك في أصله العتيق، فلا يُغتر بوجود ذلك فيه

- ‌8 - تأخر كتابة الراوي ما سمعه عن وقت السماع، فيكتب من حفظه، فربما وهم أو لم يأت باللفظ على وجهه:

- ‌النوع الثاني: الأسباب المتعلقة بكتاب الراوي

- ‌1 - قراءة الراوي من أصلٍ آخر غيرِ أصلِ نفسِه

- ‌2 - النقل من كتابِ شيخٍ دون التصريح أنه بخطِّ صاحبه:

- ‌3 - وجود الحديث في حاشية أصل الشيخ، أو على ظهر الكتاب:

- ‌النوع الثالث: الأسباب المتعلقة بتأثير آخرين في الراوي

- ‌1 - التلقين:

- ‌2 - الإدخال على الراوي في كتبه:

- ‌3 - سماع الراوي الصالح في نفسه مع مُخَلِّطٍ، فيملي عليه ما ليس من سماعه:

- ‌3 -‌‌ السبر والاعتبار

- ‌ السبر والاعتبار

- ‌النكارة:

- ‌1 - من أمارات نكارة الخبر:

- ‌2 - إلصاق النكارة بمن جُرب عليه مثلها:

- ‌فوائد في المتابعات والشواهد

- ‌1 - لا بد للمتابعة أن تكون ممن يُعتد به:

- ‌2 - لا بد أن يصح السند إلى المتابِع:

- ‌3 - رَدُّ ما صورته متابعة إذا كان المحفوظ تفرد غير المتابِع بتلك الرواية:

- ‌4 - نقد المتن أو النقد الداخلي

- ‌1 - تحقيق المقال في عناية الأئمة بنقد المتن:

- ‌2 - نماذج من نقد الشيخ المعلمي لمتون بعض الأحاديث:

- ‌المرتبة الرابعة: النظر في الأدلة الأخري مما يوافق الخبر أو يخالفه

- ‌الباب الثالث: فوائد وقواعد في الجرح والتعديل وفنون من علم الرجال

- ‌مقدمة الشيخ المعلمي في أهمية علم الرجال

- ‌الفصل الأول: قواعد النظر في كتب الفن لتعيين الرواة والبحث عن أحوالهم والحكم عليهم

- ‌المبحث الأول: منهج النظر في كتب تراجم الرجال

- ‌1 - قال الشيخ المعلمي في "القاعدة السادسة" من قسم القواعد من "التنكيل": "كيف البحث عن أحوال الرواة

- ‌2 - ولَخَّصَ الشيخ المعلمي عامّة الأمور التي يجب أن تتوفر في المقالة المسندة التي ظاهرها ذم أحد الرواة أو ما يقتضيه:

- ‌المبحث الثانيتتبع أحاديث الراوي الذي يُشكلُ أمرُهُ، وتتباينُ فيه أقوالُ الأئمة جرحا وتعديلاً

- ‌فائدة:اعتبار حديث الراوي في الأحوال والأوقات المختلفة، للاستدلال على حاله:

- ‌المبحث الثالثتتبع مواضع الإرسال ونحوه في أحاديث الثقات إذا اختلف الرأي فيهم

- ‌المبحث الرابعتتبع مرويات بعض الرواة للنظر في شيوخهم وأسانيدهم

- ‌المبحث الخامساستقراء كلام أئمة الجرح والتعديل والمتكلمين في الرجال للوقوف على طرائقهم أو مصطلحاتهم

- ‌المبحث السادسالنظر في مواليد الرواة، ووفياتهم، وطبقات شيوخهم؛ للتعيين، والجمع والتفريق، وغير ذلك

- ‌المطلب الأولالنظر في تأخر تدوين الوفيات، واختلاف الروايات فما وفاة بعض الصحابة، وكيف الترجيح في ذلك

- ‌المطلب الثانياستعمال النظر في وفيات الرواة وشيوخهم والآخذين عنهم، في التعيين

- ‌المطلب الثالثاستعمال النظر في وفيات الرواة وشيوخهم والآخذين عنهم، في نقد الحكايات، لا سيما المشتملة على جرح بعض الرواة

- ‌المطلب الرابعاستعمال مواليد ووفيات شيوخ الراوي والآخذين عنه، في معرفة طبقته، أو تقريب سنة مولده ووفاته، أو في نفي الإدراك أو استبعاد السماع، ونحو ذلك

- ‌الفصل الثانى: حدود ومعاني ألفاظ وأوصاف فى الجرح والتعديل

- ‌المبحث الأولحدود ومعاني ألفاظ وأوصاف عامة

- ‌1 - الفرق بين قول البخاري: "فيه نظر" و"في حديثه نظر

- ‌2 - الفرق بين قولهم: "ليس بالقوي" و"ليس بقوي"، وأشباه ذلك:

- ‌3 - قولهم: "ليس بحجة" أو "ليس بمحل للحجة

- ‌4 - قولهم "ليس بالمحمود

- ‌5 - قول ابن معين "ليس بشيء

- ‌6 - قول أبي حاتم: "يكتب حديثه ولا يحتج به

- ‌7 - الإلماح إلى الفرق بين "يكتب حديثه" و"هو في عداد من يكتب حديثه

- ‌8 - الفرق بين "يروي مناكير" و"يروي غرائب"، "في حديثه مناكير" أو "يقع في حديثه مناكير

- ‌فوائد تتعلق برواية الغرائب والمناكير:

- ‌9 - الفرق بين "مجهول" و"لا أعرفه

- ‌10 - الفرق بين "صالح" و"صالح الحديث

- ‌11 - الفرق بين قولهم "يضع" و"يروي الموضوعات عن الثقات

- ‌12 - قولهم: "متروك" أشدُّ جرحا من قولهم: "منكر الحديث

- ‌13 - هل قولهم: "متروك الحديث" أَخَفُّ جرحا من قولهم: "متروك

- ‌14 - قولهم: كان عسرًا في الرواية:

- ‌15 - من معانى قولهم: "فيه بعض الشيء

- ‌16 - قولهم: "لا أحب حديثه ولا ذِكْرَهُ

- ‌17 - قولهم: "لا يحدث عنه إلا من هو شرٌّ منه

- ‌18 - قولهم: "فلان الذي يحدث عن فلان لا شيء

- ‌19 - قولهم: "سيء الحفظ

- ‌20 - فوائد تتعلق بحد الصدوق:

- ‌21 - " صدوق" عند أبي حاتم:

- ‌22 - قولهم: "أرجو أن يكون صدوقا

- ‌23 - قولهم: "لا بأس به

- ‌24 - " أرجو أنه لا بأس به" عند ابن عدي:

- ‌25 - " لا أخرج عنه في الصحيح حرفا واحدا

- ‌26 - الفرق بين قولهم: "كأنه ضعفه" و"ضعفه

- ‌27 - قولهم: "تكلموا فيه" في مقابل التوثيق:

- ‌28 - قولهم: "كُفَّ بصره فاضطرب حديثه

- ‌29 - قولهم: "ضعيف، ومع ضعفه يكتب حديثه

- ‌30 - قولهم: "في حديثه بعض المناكير

- ‌31 - قولهم: "كبر وافتقر

- ‌32 - قولهم: "لو لم يصنف كان خيرا له

- ‌33 - قولهم: "فيه ضعف" أَخَفُّ من: "ضعيف

- ‌34 - قولهم: "كان يتهم بداء سوء

- ‌المبحث الثانيألفاظ وأوصاف ظاهرها الجرح، لكنها ربما لا تقتضيه، إذا دلت القرائن على ذلك

- ‌1 - قولهم: "لم يكن من أصحاب الحديث

- ‌2 - قولهم: "لا أعرفه بطلب الحديث" أو "ما رأيته طلب حديثًا قط

- ‌3 - قولهم: "حدَّث بما ليس في كتابه" أو "حدث من حفظه بما ليس عنده في كتابه"، والفرق بينها وبين: "حدَّث بما ليس في حديثه" و"حدث من حفظه بما ليس عنده" و"يحدث من كتاب غيره بما لم يكن في أصوله" و"يروي عما ليس عليه سماعه

- ‌4 - قولهم: "لو قدر أن يسرق حديث فلان لسرقه

- ‌5 - قولهم: "كان يجبي الخراج

- ‌6 - قولهم: "في خلقه زعارة

- ‌7 - شُرْبُ النبيذ على مذهب العراقيين:

- ‌8 - عدم الحنكة السياسية:

- ‌9 - اللحن في الأسماء، وعدم رجوع الراوي عن الخطأ الذي يراه من غيره:

- ‌10 - الإغفاءة حال القراءة لِمَا سبق سماعُه، لاسيما من المكثرين:

- ‌11 - رمي الراوي بأنه أَلْحَق اسمَه أو تسميعه في بعض الأجزاء:

- ‌12 - قولهم: يروي كتابا لم يكن له به أصل عتيق:

- ‌13 - إلحاق أنساب المُهْمَلِين في الأسانيد بسؤالِ عارفٍ بالفن:

- ‌14 - استنساخ ما فقده الراوي: من كتابٍ ليس عليه سماعه:

- ‌15 - قولهم: "رأيت كتبه طرية" أو"كانت أصوله العتق غرقت فاستدرك نسخها" أو"يترب كتبه لِيُظَنَّ أنها عتق

- ‌16 - قراءة الشيخ من كتاب غيره، وليس عليه سماعه، إذا وثق به:

- ‌17 - عدم رواية أصحاب الكتب الستة عن الشيخ في كتبهم، مع إدراكهم له، إذا دلت القرائن على قيام العذر في ذلك:

- ‌18 - عدم التزام الشيخ بمذهب معين في الفقه:

- ‌المبحث الثالثألفاظ وأوصاف ظاهرها التعديل في الرواية وربما لا تقتضيه

- ‌1 - قولهم: "كانه عالما بالحديث" أو الوصف بالعلم عموما:

- ‌2 - الوصف بالاضطلاع بعلوم كثيرة كالنحو واللغة ومعرفة النسب وحفظ أيام العرب والإنس الشديد بعلم الحديث:

- ‌3 - الوصف بالإمامة في الفقه:

- ‌4 - الشهرة بحفظ القرآن، وفهم المعاني:

- ‌5 - الوصف بالصلاح والفضل لا يقتضي التوثيق المطلق، بل يُثبت الصدق، ويبقى النظر في ثبوت الضبط:

- ‌6 - شَرَفُ الأصل لا دخل له بالرواية:

- ‌7 - ذِكْر الرجل في الأكابر الذين رَوَوْا عن فلانٍ لا يستلزم الثقة في الرواية:

- ‌8 - عدالة الشهادة لا تستلزم عدالة الرواية:

- ‌الفصل الثالث: قواعد ومسائل وفوائد في الجرح والتعديل

- ‌المطلب الأولتقدمة الشيخ المعلمي لكتاب "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم

- ‌المطلب الثانيالقواعد التي أفردها الشيخ المعلمي في مقدمة "التنكيل" مع ذكر نماذج من تطبيقاته في ذلك

- ‌القاعدة الأولى: هل يشترط تفسير الجرح

- ‌القاعدة الثانيةإذا اجتمع جرح وتعديل فبأيهما يعمل

- ‌القاعدة الثالثةقولهم: من ثبتت عدالته لم يقبل فيه الجرح إلا

- ‌القاعدة الرابعةقدح الساخط ومدح المحب ونحو ذلك

- ‌المطلب الثالثتلخيص منهج المعلمي في نقد روايات الجرح والتعديل في مسائل على هذا الترتيب

- ‌المسألة الأولىممن يُقبل الجرح والتعديل

- ‌الفرع الأول: هل يُقبل الجرح والتعديل من غير أهله

- ‌الفرع الثاني: هل يُقبل من الثقة في نفسه المتكلم في روايته -من جهة الغفلة وعدم الإتقان- ما لا تَعَلُّقَ له بالرواية؛ كرأيه في بعض الناس ونحو ذلك

- ‌الفرع الثالث: هل نَقْلُ كلامِ الجرح والتعديل عن الرجل يقتضيم أنه عند الناقل ممن يُقبل منه ذلك

- ‌الفرع الرابع: هل يُقبل الجرح من مطعونٍ فيه إذا كان مشروحا مفسَّرًا

- ‌الفرع الخامس: عدم الركون لأقوال الجرح والتعديل من المتأخرين، والتي لا يُعلم لهم فيها سلف:

- ‌المسألة الثانيةالبحث في ثبوت كُلٍّ من الجرح والتعديل عن القائلين بهما

- ‌الفرع الأول:ما ذكره الشيخ المعلمي في النوع السادس من مغالطات الكوثري ومجازفاته في "طليعة التنكيل" (ص 54):

- ‌الفرع الثاني:نماذج أخري من كلام الشيخ المعلمي على معنى هذه المسألة:

- ‌الفرع الثالث:مواضع تعقبتُها على الشيخ للمعلمي، وبَيَّنْتُ فيها عدم ثبوت أقوال الجرح والتعديل التي عَوَّل عليها - لافتقاده للمصادر غالبا:

- ‌المسألة الثالثةالبحث في مقتضى كُلٍّ من الجرح والتعديل عند القائل بهما، خشيةَ أن تكون هناك مصطلحات خاصة بالقائل

- ‌المسألة الرابعةالبحث في مظنات دخول الخلل على الجرح أو التعديل

- ‌1 - اشتباه الأسماء ووقوع الخطأ فيمن قيل فيه ذاك القول:

- ‌2 - نقل أقوال الجرح والتعديل بتصرفٍ يُخِلُّ بالمعنى لا سيما عند النقل بواسطة:

- ‌المسألة الخامسةاختبار الواقع العملي لحال الراوي، كاستقامة مروياته، ومدي حظوته بقبول معاصريه من المحدثين وأهل العلم؛ لتوجيه بعض ما يَحتاج إلى توجيه مما قيل فيه من جرح

- ‌المطلب الرابعمسائل وفوائد مستخرجة ومستنبطة من سائر كلام المعلمي

- ‌1 - خطورة الكذب في روايات الجرح والتعديل:

- ‌2 - هل استوعب المصنفون في الرجال أسماء الرواة

- ‌3 - الراوي المختلف فيه:

- ‌4 - قضية اختلاف عبارات الإمام في الراوي:

- ‌5 - عرض قول الإمام المشتبِه على أقوال سائر الأئمة:

- ‌6 - اختلاف حكم الأئمة على الراوي نتيجة لاختلاف حاله من وقتٍ لآخر:

- ‌7 - طعن أهل البلد في بلديهم مع مدح الغرباء له

- ‌8 - تقديم رأي أهل عصر الراوي علي رأي من بعدهم:

- ‌9 - الاستفادة من معرفة ما نُسب إليه بعضُ أئمة الجرح والتعديل من الميل إلى بعض البدع، والاستعانة بذلك في توجيه انفراد أحدهم بالحمل على من نُسب لضد تلك البدعة، ولم يحمل عليه أحد غيره:

- ‌10 - هل قول المحدث: "رواه جماعة ثقات" أو "شيوخي كلهم ثقات" أو "شيوخ فلان كلهم ثقات" يقتضي أن يكون كل من ذكره بحيث لو سُئل عنه وحده، يقول: ثقة

- ‌11 - لا يضر العالم أو المحدث أن يكون في شيوخه مطعون فيه:

- ‌12 - هل مجرد رواية الراوي عن إمام من الأئمة تفيده في تقوية حاله؟ والفرق بينها وبين مرافقته:

- ‌13 - هل كون الرجل خادمًا أو وصيًا أو كاتبًا لأحد الأئمة المتثبتين يقتضي ثقته عنده

- ‌14 - هل كون الرجل صديقًا لإمامٍ -كأحمد- ينزلُ عليه: يقتضي ثقته

- ‌15 - أصحاب الإمام الأعراف به والألزمُ له .. قولُهم أوْلى مِمَّن ليس كذلك:

- ‌16 - الاستفادة من دراسة الأحوال التفصيلية للراوي في الحكم عليه، ومناقشة الشيخ المعلمي في بعض ذلك:

- ‌17 - هل يَطِّرِدُ تطبيقُ كُلِّ وجهٍ من أَوْجِهِ الطَّعْن في الراوي على كُلِّ روايةٍ له، أم ينبغي أن تكون تلك الروايةُ من مَظَانَ ذلك الطعن؟ "ضرورة اعتبار مظان الخطأ والوهم

- ‌18 - الأحاديث التي تورد في ترجمة الرجل من كتب الضعفاء كأنها أشد ما انتقد على الرجل، وما عداها فالأمر فيه قريب:

- ‌19 - مَنْ ضُعِّفَ في شيخٍ معيَّن:

- ‌20 - الساقط والكذاب لا تنفعه كثرة من ذكر من شيوخه؛ لأن من كان في مثل حاله فالناس كلهم شيوخه:

- ‌21 - هل وصف الرجل بكونه قاصًا أو من القُصَّاص يقدحُ فيه

- ‌22 - هل مجرد ذكر الرجل في كتب الضعفاء يكفي في الحكم عليه بالضعف

- ‌23 - الحمل على الراوي إنما يكون على الغالب ولا اعتداد بالقضية النادرة:

- ‌24 - رفع الحرج عن الجارح إذا جرح بما يستوجب حدًّا في غير التجريح كالوصف بالزنا ونحوه:

- ‌25 - رواية المحدث عن الشيخ على سبيل الاضطرار بعد أن امتنع من الرواية عنه:

- ‌26 - مجرد وجود رواية الشيخ عن رجلٍ في الكتب لا ينفي ما ثبت عنه أنه تركه بأخرة

- ‌27 - حرص المحدثين في القرن الثالث على التبكير بإسماع أبنائهم

- ‌28 - جرت عادة المحدثين من الحرص على الكتابة عن المعمّر ولو كان ضعيفًا رغبةً فى العلوّ:

- ‌29 - أهل الرأي: نشأتهم، وعلاقتهم بالرواية والرواة:

- ‌30 - المتكلمون، وأثرهم في علوم السنة:

- ‌31 - محنة خلق القرآن وعلاقتها بعلم الرواية:

- ‌32 - قضية الخروج على بعض الأمراء، واختلاف العلماء في ذلك، وترتب الذم والمدح للرواة بناء عليه:

- ‌ملحق (1)المنتقى من أخبار تناولها المعلمي بالنقد يظهر فيها تميزه عن كثير من المتأخرين

- ‌الحديث الأول:

- ‌الحديث الثاني:

- ‌الحديث الثالث:

- ‌الحديث الرابع:

- ‌الحديث الخامس:

- ‌الحديث السادس:

- ‌الحديث السابع:

- ‌الحديث الثامن:

- ‌الحديث التاسع:

- ‌الحديث العاشر:

- ‌الحديث الحادي عشر:

- ‌الحديث الثاني عشر:

- ‌الحديث الثالث عشر:

- ‌الحديث الرابع عشر:

- ‌الحديث الخامس عشر:

- ‌الحديث السادس عشر:

- ‌الحديث السابع عشر:

- ‌الحديث الثامن عشر:

- ‌الحديث التاسع عشر:

- ‌الحديث العشرون:

- ‌الحديث الواحد والعشرون:

- ‌الحديث الثاني والعشرون:

- ‌ملحق (2)الفن الخاص بالتعامل مع المخطوطات، والطريق الأمثل لتصحيح الكتب وضبطها

- ‌أولًا: رسالة المعلمي فيما على المتصدين لطبع الكتب القديمة فعله

- ‌المقدمة:

- ‌الباب الأول: في الأعمال التي قبل التصحيح العلمي

- ‌العمل الأول: انتخاب كتاب للطبع

- ‌العمل الثاني: انتخاب نسخة للنقل

- ‌العمل الثالث: انتخاب ناسخ للمسودة

- ‌العمل الرابع: نسخ المسودة

- ‌العمل الخامس: مقابلة المسودة على الأصل

- ‌العمل السادس: مقابلة المسودة أصل آخر فأكثر

- ‌الباب الثاني: تصحيح الكتاب

- ‌الرأي المختار

- ‌ تنبيه

- ‌فصل

- ‌ثانيًا: رسالة المعلمي في أصول التصحيح

- ‌الطريقة الأولى:

- ‌ الطريقة الثانية

- ‌الطريقة الرابعة

- ‌الطريقة الخامسة:

- ‌ثالثًا: رسالة في علامات الترقيم

- ‌1 - النقطة:

- ‌2 - الشولة:

- ‌3 - الشولة المنقوطة

- ‌4 - الشولة المثناة:

- ‌5 - النقطتان

- ‌6 - لفظ الحذف

- ‌7 - علامة الاستفهام

- ‌8 - علامة الانفعال

- ‌9 - الشرطة

- ‌10 - الشناتر

- ‌11 - القوسان

- ‌رابعًا: مقدمته لكتاب الإكمال لابن ماكولا

- ‌[الخاتمة]

الفصل: ‌القاعدة الرابعةقدح الساخط ومدح المحب ونحو ذلك

‌القاعدة الرابعة

قدح الساخط ومدح المحب ونحو ذلك

قال الشيخ المعلمي:

"كلامُ العالم في غيره على وجهين:

الأول: ما يخرجُ مَخْرَجَ الذم بدون قصد الحُكْم، وفي "صحيح مسلم" وغيره من حديث أبي هريرة: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "اللهم إنما محمد بشرٌ يغضب كما يغضب البشر، وإني قد اتخذت عندك عهدًا لم تُخْلِفْنِيه، فأيما مؤمن آذيتُه أو سببتُه أو جلدتُه، فاجعلها له كفارةً وقربةً تقربه بها إليك يوم القيامة". وفي رواية "فأي المسلمين آذيتُه، شتمتُه، لعنتُه، جلدتُه، فاجعلها له صلاة

".

وفيه نحوه من حديث عائشة، ومن حديث جابر، وجاء في هذا الباب عن غير هؤلاء، وحديثُ أبي هريرة في صحيح البخاري مختصرًا.

ولم يكن صلى الله عليه وسلم سبَّابا، ولا شتَّاما، ولا لعانا، ولا كان الغضب يُخرجه عن الحق، وإنما كان كما نعته ربه عز وجل بقوله {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} ، وقوله تعالى:{وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} ، وقوله عز وجل:{لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَاعَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} .

وإنما كان يرى من بعض الناس ما يضرهم في دينهم، أو يُخِلُّ بالمصلحة العامة، أو مصلحةِ صاحبِه نفسِه، فيكره صلى الله عليه وسلم ذلك، وينكره، فيقول:"ما له تَربت يمينُه"، ونحو ذلك مما يكون المقصود به إظهار كراهية ما وقع من المدعو عليه، وشدة الإنكار لذلك، وكأنه -والله أعلم- أطلق على ذلك سبًّا وشتما على سبيل التجوز، بجامع الإيذاء، فأما اللعن فلعله وقع الدعاء به نادرًا عند شدة الإنكار.

ص: 301

ومن الحكمة في ذلك إعلامُ الناس أن ما يقع منه صلى الله عليه وسلم عند الإنكار كثيرا ما يكون على وجه إظهار الإنكار والتأديب، لا على وجه الحُكم، وفي مجموع الأمرين حكمةٌ أخرى، وهي أن النبي صلى الله عليه وسلم قد عَلم من طباع أكثر الناس أن أحدَهم إذا غضب جرى على لسانه من السَّبِّ والشَّتْمِ واللعن والطعن ما لو سُئل عنه بعد سكون غضبه لقال: لم أقصد ذلك، ولكن سبقني لساني، أو لم أقصد حقيقته، ولكني غضبت، فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن ينبه أمته على هذا الأصل؛ ليستقر في أذهانهم، فلا يحملوا ما يصدر عن الناس من ذلك حالَ الغضب على ظاهره جزما.

وكان حذيفةُ ربَّما يذكرُ بعضَ ما اتَّفَقَ من كلماتِ النبي صلى الله عليه وسلم عند غضبِه، فأنكرَ سلمانُ الفارسي ذلك على حذيفة رضي الله عنهما، وذكر هذا الحديث.

وسُئل بعضُ الصحابة وهو أبو الطفيل عامر بن واثلة عن شيء من ذلك، فأراد أن يخبر، وكانت امرأته تسمع، فذكرته بهذا الحديث، فَكَفَّ.

فكذلك ينبغي لأهل العلم أن لا ينقلوا كلماتِ العلماء عند الغضب، وأن يراعوا فيما نُقل منها هذا الأصل.

بل قد يقال: لو فُرض أن العالم قَصد عند غضبه الحُكْمَ، لكان ينبغي أن لا يُعتدَّ بذلك حُكما؛ ففي "الصحيحين" وغيرهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"لا يَقضينَّ حَكَمٌ بين اثنين وهو غضبان" لفظ البخاري.

والحُكْمُ في العلماء والرواة يحتاجُ إلى نَظرٍ وتدبرٍ وتثبتٍ أشد مما يَحتاج إليه الحُكم في كثير من الخصومات، فقد تكون الخصومةُ في عشرة دراهم، فلا يُخشى من الحُكم فيها عند الغضب إلا تفويت عشرة دراهم، فأما الحُكم على العالم والراوي فيُخْشى منه تفويتُ علمٍ كثيرٍ وأحاديث كثيرة، ولو لم يكن إلا حديثا واحدا، لكان عظيمًا.

ص: 302

ومما يخرج مَخرجَ الذمِّ، لا مخَرج الحُكم: ما يُقصد به الموعظةُ والنصيحةُ، وذلك كأنْ يبلغَ العالمَ عن صاحبه ما يكرهُه له، فيذمُّه في وجهه أو بحضرة من يبلغه، رجاءَ أن يَكُفَّ عما كرهه له، وربما يأتي بعبارةٍ ليست بكذب، ولكنها خشنة موحشة، يقصد الإبلاغَ في النصيحة ككلمات الثوري في الحسن بن صالح بن حي.

وربما يكون الأمرُ الذي أنكره أمرا لا بأس به، بل قد يكون خيرا، ولكن يخشى أن يَجُرَّ إلى ما يكره؛ كالدخول على السلطان، وولاية أموال اليتامى، وولاية القضاء، والإكثار من الفتوى.

وقد يكون أمرا مذموما، وصاحبُه معذور، ولكنَّ الناصحَ يُحِبُّ لصاحبه أن يعاودَ النظرَ، أو يحتالَ، أو يُخفيَ ذاك الأمر.

وقد يكونُ المقصودُ نصيحةَ الناس؛ لئلا يَقعوا في ذلك الأمر؛ إذ قد يكون لمن وقع منه أو، عذرٌ، ولكن يُخشى أن يتبعه الناس فيه غير معذورين، ومن هذا كلماتُ التنفير التي تقدمت الإشارة إليها في الفصل الثاني.

وقد يَتسمَّحُ العالمُ فيما يحكيه على غير جهة الحُكم، فيستندُ إلى ما لو أراد الحُكم لم يستند إليه، كحكايةٍ منقطعةٍ، وخبرِ مَنْ لا يَعُدُّ خبرَه حُجَّةً، وقرينةٍ لا تكفي لبناء الحكم، ونحو ذلك.

وقد جاء عن إياس بن معاوية التابعي المشهور بالعقل والذكاء والفضل أنه قال: "لا تنظر إلى عملِ العالم، ولكنْ سَلْهُ يصدقْك".

وكلامُ العالم إذا لم يكن بقصد الرواية أو الفتوى أو الحكم: داخلٌ في جملة عملِه الذي ينبغي أن لا يُنظرَ إليه، وليس معنى ذلك أنه قد يَعملُ ما ينافي العدالة، ولكن قد يكونُ له عذرٌ خفي، وقد يترخَّص فيما لا ينافي العدالة، وقد لا يتحفظ ويتثبت كما يتحفظ ويتئبت في الرواية والفتوى والحكم.

ص: 303

هذا، والعارفُ المتثبتُ المتحري للحق لا يخفى عليه إن شاء الله تعالى ما حَقُّهُ أن يُعد من هذا الضرب، مما حَقُّهُ أن يُعد من الضرب الآتي، وأن ما كان من هذا الضرب فحقه أن لا يعتد به على المتكلَّم فيه ولا على المتكلِّم. والله الموفق.

الوجه الثاني: ما يَصْدُرُ على وجهِ الحكم، فهذا إنما يُخشى فيه الخطأُ، وأئمةُ الحديثِ عارفون، متبحرون، متيقظون، يَتَحَرَّزُون من الخطأ جهدَهم، لكنهم متفاوتون في ذلك.

ومهما بلغ الحاكمُ من التحري، فإنه لا يبلغُ أن تكون أحكامُه كلُّها مطابقةً لما في نفس الأمر؛ فقد تسمع رجلًا يخبر بخبر، ثم تمضي مدةً، فترى أن الذي سمعتَ منه هو فلان، وأنَّ الخبرَ الذي سمعتَه منه هو كيت وكيت، وأن معناه كذا، وأن ذاك المعنى باطلٌ، وأن المُخبر تعمَّد الإخبار بالباطل، وأنه لم يكن له عذرٌ، وأن مثل ذلك يوجب الجرح.

فمن المحتمل أن يشتبهَ عليك رجلٌ بآخرَ، فترى أن المُخبرَ فلان، وإنما هو غيره، وأن يشتبهَ عليك خبرٌ بآخرَ، إنما سمعتَ من فلانٍ خبرا آخر، فأما هذا الخبرُ فإنما سمعتَه من غيره، وأن تخطيء في فهم المعنى، أو في ظَنِّ أنه باطل، أو أن المُخبر تعمَّد، أو أنه لم يكن له عذرٌ، أو أن مثل ذلك يوجب الجرح، إلى غير ذلك.

وغالبُ الأحكام إنما تُبنى على غلبة الظن، والظن قد يُخطىء، والظنون تتفاوت، فمن الظنون المعتد بها ما له ضابط شرعي؛ كخبرِ الثقة، ومنها ما ضابطُه أن تطمئن إليه نفسُ العارف المتوقي المتثبت، بحيث يجزم بالإخبار بمقتضاه، طَيِّبَ النفسِ، مُنشرحَ الصدر.

فمن الناس من يغتر بالظن الضعيف، فيجزمُ، وهذا هو الذي يطعن أئمة الحديث في حفظه وضبطه، فيقولون:"يحدث على التوهم"، "كثير الوهم"، "كثير الخطأ"، "يهم"، "يخطىء".

ص: 304

ومنهم المعتدلُ، ومنهم البالغُ التثبتُ؛ كان في اليمن في قضاء الحجرية قاضٍ، كان يجتمعُ إليه أهلُ العلمِ، ويتذاكرون، وكنتُ أحضرُ مع أخي، فلاحظت أن ذلك القاضي مع أنه أعلم الجماعة فيما أرى لا يكاد يجزم في مسألة، وإنما يقول:"في حفظي كذا، في ذهني كذا"، ونحو ذلك، فعلمتُ أنه ألزمَ نفسَهُ تلك العادة، حتى فيما يجزم به، حتى إذا اتَّفَقَ أن أخطأ كان عذرُه بغاية الوضوح.

وفي ثقاتِ المحدثين مَنْ هو أبلغُ تحريًا من هذا، ولكنهم يعلمون أن الحجة إنما تقوم بالجزم، فكانوا يجزمون فيما لا يرون للشك فيه مدخلًا، ويقفون عن الجزم لأدنى احتمال.

رُوي أن شعبةَ سألَ أيوب السختياني عن حديثٍ، فقال: أَشَكُّ فيه، فقال شعبة: شَكُّكَ أحبُّ إليَّ من يقين غيرك.

وقال النضر بن شميل عن شعبة: لأن أسمع من ابن عون حديثًا يقول فيه: "أظن أني سمعتُه" أحبُّ إليَّ من أن أسمع من ثقةٍ غيره يقول: "قد سمعتُ".

وعن شعبة قال: "شَكُّ ابنِ عونٍ وسليمانِ التيمي يقينٌ".

وذَكر يعقوبُ بنُ سفيان حمادَ بن زيد، فقال:"معروفٌ بأنه يُقصر في الأسانيد، ويُوقف المرفوع، كثيرُ الشَّكِّ بتوقِّيه، وكان جليلًا، لم يكن له كتابٌ يُرجع إليه، فكان أحيانًا يذكر فيرفع الحديث، وأحيانًا يهاب الحديث ولا يرفعه".

وبالغَ أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب، فكان إذا سُئل عن شيء لا يجيب حتى يرجع إلى الكتاب.

قال أبو طاهر السلفي: سألت أبا الغنائم النرسي عن الخطيب، فقال:"جبل لا يُسألُ عن مثله، ما رأينا مثل وما سألتُه عن شيء فأجاب في الحال إلا يرجع كتابه".

ص: 305

وإذا سبقَ إلى نَفْسِ الإنسان أمرٌ -وإن كان ضعيفًا عنده- ثم اطَّلَعَ على ما يحتملُ موافقةَ ذلك السابقِ، ويحتملُ خلافَهُ، فإنه يترجحُ في نفسه ما يوافقَ السابقَ، وقد يَقْوَى ذلك في النفس جدًّا وإن كان ضعيفًا.

وهكذا إذا كانت نفسُ الإنسانِ تَهْوَى أمرًا، فاطَّلَعَ على ما يحتملُ ما يوافقه وما يخالفه، فإن نفسه تميل إلى ما يوافق هواها.

والعقلُ كثيرًا ما يحتاج عند النظر في المحتملات والمتعارضات إلى استفتاء النفس لمعرفة الراجح عندها، وربما يشتبه على الإنسان ما تقضي به نفسه بما يقضي به عقله، فالنفس بمنزلة المحامي عندما تميل إليه، ثم قد تكون هي الشاهد وهي الحاكم.

والعالِم إذا سخط على صاحبه، فإنما يكون سخطه لأمرٍ ينكره، فيسبق إلى النفس ذاك الإنكار، وتَهوى ما يناسبه، ثم تتبع ما يشاكله، وتميل عند الاحتمال والتعارض إلى ما يوافقه، فلا يُؤْمَنُ أن يَقوى عند العالم جرحُ مَنْ هو ساخطٌ عليه لأمرٍ -لولا السخط- لَعَلِمَ أنه لا يُوجبُ الجرحَ.

وأئمةُ الحديثِ متثبتون، ولكنهم غير معصومين عن الخطأ، وأهلُ العلم يُمَثِّلُوَن لجرحِ الساخط بكلام النسائي في أحمد بن صالح، ولما ذكر ابن الصلاح ذلك في المقدمة عقبه بقوله:"قلت: النسائي إمام حجة في الجرح والتعديل، وإذا نسب مثله إلى مثل هذا، كان وجهه أن عينَ السخط تبدي مساوىءَ، لها في الباطن مخارجُ صحيحةٌ تعمى عنها بحجاب السخط، لا أن ذلك يقع من مثله تعمدًا لقدحٍ يعلمُ بُطلانه".

وهذا حَقٌّ واضحٌ، إِذْ لَو حُمل على التَّعَمُّدِ سَقطتْ عدالةُ الجارح، والفرضُ أنه ثابتُ العدالة.

هذا، وكُلُّ ما يُخشى في الذم والجرح يُخشى مثلُه في الثناء والتعديل؛ فقد يكون الرجلُ ضعيفًا في الرواية، لكنه صالحٌ في دينه، كأبان بن أبي عياش، أو غيورٌ على

ص: 306

السُّنَّة، كمؤمل بن إسماعيل، أو فقيهٌ كمحمد بن أبي ليلى، فتجدُ أهلَ العلم ربما يُثنون على الرجل من هؤلاء غيرَ قاصدين الحُكمَ له بالثقة في روايته.

وقد يرى العالِمُ أن الناسَ بالغوا في الطعن، فيبالغُ هو في المدح، كما يُروى عن حماد بن سلمة أنه ذُكر له طعنُ شعبة في أبان بن أبي عياش، فقال: أبان خير من شعبة.

وقد يكونُ العالِمُ وادًّا لصاحبه، فيأتي فيه نحوُ ما تقدم، فيأتي بكلماتِ الثناء التي لا يقصد بها الحكم، ولا سيما عند الغضب، كأن تسمع رجلًا يذم صديقك أو شيخك أو إمامك، فإن الغضب قد يدعوك إلى المبالغة في إطراء من ذَمَّهُ، وكذلك يقابلُ كلماتِ التنفير بكلمات الترغيب.

وكذلك تجدُ الإنسانُ إلى تعديل مَنْ يميل إليه ويحسن به الظن أسرعَ منه إلى تعديل غيره، واحتمالُ التسمُّحِ في الثناء أقربُ من احتماله في الذم؛ فإن العالم يمنعه من التسمُّحِ في الذم الخوفُ على دينه لئلا يكون غيبة، والخوف على عِرضه؛ فإن من ذم الناس فقد دعاهم إلى ذمه.

ومن دعا الناسَ إلى ذمِّه ذموه بالحق وبالباطل

ومع هذا كُلِّهِ، فالصوابُ في الجرح والتعديل هو الغالبُ، وإنَّما يُحتاج إلى التثبت والتأمل فيمن جاء فيه تعديل وجرحٌ، ولا يسوغُ ترجيحُ التعديلِ مطلقًا بأنَّ الجارحَ كان ساخطًا على المجروح، ولا ترجيحُ الجرحِ مطلقًا بأنَّ المعدِّلَ كان صديقًا له، وإنَّما يُستدل بالسخط والصداقة على قوة احتمال الخطأ إذا كان محتملًا، فأما إذا لزم من اطراح الجرح أو التعديل نسبةُ من صَدَر منه ذلك إلى افتراء الكذب أو تعمد الباطل أو الغلط الفاحش الذي يندر وقوع مثله من مثله، فهذا يحتاج إلى بينة أخرى، لا يكفي فيه إثبات أنه كان ساخطًا أو محبًا.

ص: 307

وفي "لسان الميزان"(1/ 16):

"وممن ينبغي أن يُتوقفَ في قبول قولِه في الجرح، مَنْ كان بينه وبين من جَرَحَهُ عداوةٌ سببُها الاختلاف في الاعتقاد، فإن الحاذق إذا تأمل ثَلْبَ أبي إسحاق الجوزجاني لأهل الكوفة رأى العجب؛ وذلك لشدةِ انحرافه في النصب، وشهرةِ أهلها بالتشيع، فتراه لا يتوقف في جرح من ذكره منهم بلسانٍ ذلقة وعبارة طلقة، حتى إنه أخذ يُلَيِّنُ مثل الأعمش، وأبي نعيم، وعبيد الله بن موسى، وأساطين الحديث، وأركان الرواية، فهذا إذا عارضه مثلُه أو أكبر منه، فوثَّقَ رجلًا ضَعَّفَهُ، قُبِلَ التوثيقُ، ويُلتحق به عبد الرحمن بن يوسف بن خراش المحدث الحافظ، فإنه من غلاة الشيعة، بل نُسب إلى الرفض، فيُتأنى في جرحه لأهل الشام؛ للعداوة البينة في الاعتقاد، ويلتحق بذلك ما يكون سببه المنافسة في المراتب، فكثيرا ما يقع بين العصرين الاختلاف والتباين وغيره، فكل هذا ينبغي أن يُتأنى فيه ويتأمل".

أقول: قول ابن حجر: "ينبغي أن يتوقف" مقصوده كما لا يَخفى: التوقفُ على وجه التأني والتروي والتأمل، وقوله: "فهذا إذا عارضه مثله

قُبل التوثيقُ" محلُّه ما هو الغالب من أن لا يلزم من اطراح الجرح نسبة الجارح إلى افتراء الكذب، أو تعمد الحكم بالباطل، أو الغلط الفاحش الذي يندر وقوعه، فأما إذا لزم شيء من هذا فلا محيصَ عن قبول الجرح، إلا أن تقوم بينة واضحة تثبت تلك النسبة.

وقد تتبعتُ كثيرًا من كلام الجوزجاني في المتشيعين، فلم أجدْهُ متجاوزا الحدَّ، وإنما الرَّجلُ لما فيه من النَّصْبِ يَرى التشيع مذهبًا سيئًا وبدعة ضلالة وزيغًا عن الحق وخذلانا، فيُطلقُ على المتشيعين ما يقتضيه اعتقادُه، كقوله:"زائغ عن القصد"، "سيء المذهب" ونحو ذلك.

ص: 308

وكلامُه في الأعمش ليس فيه جرحٌ، بل هو توثيقٌ، وإنما فيه ذَمٌّ بالتشيع والتدليس، وهذا أمرٌ متفقٌ عليه: أن الأعمش كان يتشيع ويدلس، وربما دلس عن الضعفاء، وربما كان في ذلك ما يُنكر.

وهكذا كلامه في أبي نعيم، فأما عبيد الله بن موسى فقد تكلم فيه الإمام أحمد وغيره بأشد من كلام الجوزجاني.

وتكلم الجوزجاني في عاصم بن ضمرة، وقد تكلم فيه ابن المبارك وغيره، واستنكروا من حديثه ما استنكره الجوزجاني، راجع "سنن البيهقي"(3/ 51).

غاية الأمر أن الجوزجاني هَوَّلَ.

وعلى كل حالٍ، فلم يَخرج من كلام أهل العلم، وكأن ابن حجر توهم أن الجوزجاني في كلامه في عاصم يُسِرُّ حَسْوا في ارتغاء (1)، وهذا تخيل لا يُلتفتُ إليه.

وقال الجوزجاني في يونس بن خباب: "كذاب مفتر"، ويونس وإن وثقه ابن معين، فقد قال البخاري:"منكر الحديث"، وقال النسائي مع ما عرف عنه:"ليس بثقة"، واتفقوا على غُلُوِّ يونس، ونقلوا عنه أنه قال: إن عثمان بن عفان قَتل ابنتي النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه رَوى حديث سؤال القبر، ثم قال: هاهنا كلمة أخفاها الناصبة، قيل له: ما هي؟ قال: إنه ليُسألُ في قبره: من وليك؟ فإن قال: عليٌّ، نجا! فكيف لا يُعذر الجوزجاني مع نصبه أن يعتقد في مثل هذا أنه كذاب مفتر؟

(1) يضرب هذا المثل لمن يُظهر أمرا ويريد غيره، قال الأصمعي: أصلُهُ: الرجل يُؤْتَى باللبن، فيُظهر أنه يريد الرغوة خاصة ولا يريد غيرها، فيشربها، وهو في ذلك ينال من اللبن، والإرتغاء هو شرب الرغوة يقال منه: ارتغيت ارتغاء. انظر كتاب "فصل المقال في شرح كتاب الأمثال" لأبي عبيد البكري (ص 76).

ص: 309

وأشد ما رأيتُه للجوزجاني ما تقدم عنه في القاعدة الثالثة من قوله: "ومنهم زائغ عن الحق" وقد تقبل ابن حجر ذلك على ما فهمه من معناه وعظَّمه كما مَرَّ، وذكر نحو ذلك في "لسان الميزان" نفسه (1/ 11).

وإني لأعجب من الحافظ ابن حجر رحمه الله، يوافق الجوزجاني على ما فهمه من ذلك ويعظمه مع ما فيه من الشدة والشذوذ كما تقدم، ويشنع عليه هاهنا ويهول فيما هو أخف من ذلك بكثير عندما يُتدبر، والله المستعان". اهـ.

تطبيقات على هذه القاعدة:

• في ترجمة: المفضل بن غسان الغلابي من "التنكيل"(249):

"والمخالفة -يعني في المذهب- لا تقتضي اطراحَ جرحِ المخالفِ البتة، وقد قَبِلَ الناسُ من يحيى بن معين وغيرِه من الأئمة جرحَهم لكثيرٍ من الرواة المخالفين لهم في المذهب". اهـ.

• وفي ترجمة: محمد بن عبد الله بن عمار الموصلي منه (214):

قال الكوثري ص 133: قال ابن عدي: رأيت أبا يعلي سيء القول فيه، ويقول: شهد على خالي بالزور، وله عن أهل الموصل أفراد وغرائب.

فقال الشيخ المعلمي:

"آخر ما حكاه ابن عدي عن أبي يعلي قوله: بالزور، ثم قال ابن عدي: وابن عمار ثقة، حسن الحديث عن أهل الموصل؛ معافى بن عمران وغيره، وعنده عنهم أفراد وغرائب، وقد شهد أحمد بن حنبل أنه رآه عند يحيى القطان، ولم أر أحدا من مشايخنا يذكره بغير الجميل، وهو عندهم ثقة.

ووثقه وأثنى عليه جماعة كثيرة، فأما أبو يعلي فكانت بينه وبين ابن عمار مباعدة ما في المذهب، كما يدل عليه عكوف أبي يعلي على سماع كتب أهل الرأي من بشر بن الوليد، ورَدَفْتَها كُدُورُةٌ عائليةٌ، كما يدل عليه قولُ أبي يعلي: شهد على خالي بالزور،

ص: 310

وهذه كلمة مرسلة، لم يُبَيِّنْ ما هو الزور؟ ومن أين عرف أبو يعلي أنه زور؟ وعلى فرض تحققه ذلك، فهل تعمَّدَ ابنُ عمار الشهادة بالباطل أو أخطأ؟ وإعراض الناس -ومنهم ابن عدي حاكي الكلمة عن أبي يعلى- عن كلمته، يُبين أنها كلمة طائشة، لا تستحق أن يُلتفت إليها.

وابنُ عمار أكبر من أبي يعلي بنحو خمسين سنة، فلعل أبا يعلي سمع خاله -ومَنْ خالُه؟ - يقول: شهد عليَّ ابنُ عمار بالزور، فأخذها أبو يعلي ولم يحققها.

وقدمنا في القواعد أنه إذا ظهر أن بين الرجلين نُفْرَةً لم يُقبل ما يقولُه أحدهما في الآخر إلا مفسرا محققا مثبتا.

ويتأكد ذلك بإعراض الناس عن كلمة أبي يعلي، وإجماعهم على توثيق ابن عمار.

فأما الغرائب فقد دلت كلمة ابن عدي على أنها غرائب صحاح، ولهذا ذكرها في صدد المدح، فحوله الكوثري إلى القدح. والله المستعان". اهـ.

• وفي ترجمة: عبد الله بن الزبير أبي بكر الحميدي منه (121):

قال ابن السبكي: "قال ابن خزيمة فيما رواه الحاكم عن الحافظ حسينك التميمي عنه: كان ابن عبد الحكم من أصحاب الشافعي، فوقعت بينه وبين البويطي وحشةٌ في مرض الشافعي، فحدثني أبو جعفر السكري صديق الربيع، قال: لما مرض الشافعي، جاء ابن عبد الحكم ينازع البويطي في مجلس الشافعي، فقال البويطي: أنا أحق به منك، فجاء الحميدي وكان بمصر، فقال: قال الشافعي: ليس أحدٌ أحقَّ بمجلسي من البويطي، وليس أحدٌ من أصحابي أعلمَ منه.

فقال له ابن عبد الحكم: كذبتَ. فقال له الحميدي: كذبتَ أنت وأبوك وأمك. وغضب ابن عبد الحكم، فترك مذهب الشافعي. فحدثني ابن عبد الحكم قال: كان الحميدي معي في الدار نحوًا من سنة، وأعطاني كتاب ابن عيينة، ثم أبوا إلا أن يوقعوا بيننا ما وقع".

ص: 311

قال الشيخ المعلمي:

"أول ما يجب البحث عنه هنا هو النظر في أبي جعفر السكري حاكي القصة، أثقة هو أم لا؟ .. وقد فتشت عنه فلم أعرفه، ورأيت القصة في "تاريخ بغداد" (ج 14 ص 301) وفيها: "صديق للربيع"، وهذا يُشعر أنه ليس بالمعروف (1).

فعلى هذا لا تثبت القصة، وإن دلت الشواهد على أن لها أصلًا في الجملة، فإن ذلك لا يُثبت من تفاصيلها ما لا شاهد له.

وفي "توالي التأسيس"(ص 84) عن الربيع صاحب الشافعي قال: "وجَّه الشافعي الحميدي إلى الحلقة، فقال: الحلقة لأبي يعقوب البويطي، فمن شاء فليجلس، ومن شاء فليذهب".

وكان البويطي أسنَّ أصحابِ الشافعي وأفقههم، حتى كان الشافعي يعتمده في الفتيا، ويحيل عليه إذا جاءته مسألة، كما في "الطبقات الشافعية"، وكان ابن عبد الحكم حينيذ فتى ابن إحدى وعشرين سنة، فلم يكن قد استحكم علمه ولا عقله، فمنازعته للبويطي طيشة من طيشات الشباب.

وكان الحميدي أعلمهم بالحديث وأقدمهم صحبة للشافعي؛ لأنه قدم معه من الحجاز إلى مصر، والباقون إنما صحبوه بمصر، والحميدي قرشي مكي كما أن الشافعي كذلك، فهو أقربهم إلى الشافعي وألصقهم به.

(1) في ذيل العراقي على الميزان (435): أحمد بن إسحاق البغدادي: قال الخطيب: روى عنه أبو عوانة حديثا معللا: "من عفا عن دم لم يكن له ثواب إلا الجنة". وفي الثقات لابن حبان (8/ 52): أحمد بن إسحاق السكري أبو جعفر من أهل سامرا روى عن أبي الوليد الطيالسي ثنا عنه أصحابنا. فيجوز أن يكون هو. اهـ. وفي "تاريخ بغداد"(4/ 29): "أحمد بن إسحاق البغدادي أخبرنا البرقاني حدثنا على بن الحسن الجويني حدثنا أبو عوانة يعقوب بن إسحاق حدثنا أحمد بن إسحاق البغدادي أخبرنا أحمد بن أبى الطيب ثقة حدثنا أبو إسحاق الفزاري عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من عفا عن دم لم يكن له ثواب إلا الجنة". قال أبو عوانة هذا غريب لا آمن أن يكون له علة". اهـ.

ص: 312

ولذلك والله أعلم لما ذهب أصحاب الشافعي في مرضه إلى الجامع تخلف الحميدي عنه، ثم خشي الشافعي أن يتنازعوا الحلقة، فأرسل الحميدي إليهم ليبلغهم عنه، فلو شك ابن الحكم في خبر الحميدي لكان حقُّهُ أن يذهب ليراجع الشافعيَّ، لكنه عرف صدقه، فاضطرم في نفسه اليأس والحزن والغضب، فإن بدرت منه تلك الكلمة فهي من فلتات الغضب كما لا يخفى، فلا يتشبث بمثلها في الطعن في مثل الحميدي إلا مثل الأستاذ! وقد قال هو نفسه في حاشية (ص 99):"وأهل العلم قد تبدر منهم بادرة فيتكلمون في أقرانهم بما لا يقبل فلا يتخذ ذلك حجة".

وقد أسلفت تحقيق هذا المعنى في القاعدة الرابعة من قسم القواعد، والأستاذ يقصر عن الحق تارة، ويتعداه أخرى! ". اهـ.

• وفي ترجمة: زكريا بن يحيى الساجي (94):

قال الكوثري (ص 18): "شيخ المتعصبين

".

فقال الشيخ المعلمي:

"أما التعصب، فقد مَرَّ حكمُهُ في القواعد، وبَيَّنَا أنه إذا ثبتتْ ثقةُ الرجل وأمانتُه، لم يقدح ما يسميه الأستاذ تعصبًا في روايته، ولكن ينبغي التروي فيما يقوله برأيه، لا اتهامًا له بتعمد الكذب والحكم بالباطل، بل لاحتمال أن الحنق حال بينه وبين التثبت

". اهـ.

• وفي ترجمة: عبد المؤمن بن خلف أبي يعلي التميمي النسفي الحافظ (148):

روى الخطيب من طريقه عن صالح بن محمد بن جزرة الحافظ كلامًا في الحسن ابن زياد اللؤلؤي، فقال الكوثري:"عبد المؤمن ليس ممن يصدق فيه؛ لأنه كان ظاهريًا طويل اللسان على أهل القياس".

ص: 313

فقال الشيخ المعلمي:

"قد سلف في القواعد أن المخالفة في المذهب لا تُرد بها الرواية، كالشهادة، وهذا ما لا أرى عالمًا يشك فيه.

ومن حَكَمَ له أهلُ العلم بالصدق والأمانة والثقة فقد اندفع عنه أن يقال: "لا يصدق في كذا"، اللهم إلا أن تقام الحجة الواضحة على أنه تعمد كذبًا صريحًا، فيزول عنه اسم الصدق والأمانة البتة.

والأستاذ يَمُرُّ بالجبال الرواسي، فينفخ، ويُخَيَّلُ لنفسه وللجهالِ أنه أزالها أو جعلها هباء.

والذي جَرَّأَهُ على ذلك كثرةُ الأتباع، وغربةُ العلم، وما لا أُحبُّ ذِكْرَهُ. والله المستعان". اهـ.

• وفي ترجمة: أبي الطيب محمد بن الحسين بن حميد بن الربيع (202):

قال الشيخ المعلمي:

"زعم ابن عقدة أنه كان عند مُطَيَّن، فمَرَّ أبو الطيب، فقال مطين: هذا كذاب ابن كذاب. وفي بعض المواضع زيادة (ابن كذاب) أخرى، فحكى ابنُ عدي عن ابن عقدة هذا، وقواه بالنسبة إلى حسين بن حميد والد أبي الطيب، كما تقدم في ترجمته مع النظر فيه، فأما أبو أحمد الحاكم، فإنما قال في أبي الطيب: "كان ابن عقدة سيء الرأي فيه"، وهذا يُشعر بأنه لم يعتمد على رواية ابن عقدة عن مطين، وإلا لقال: "كان مطين سيء الرأي فيه".

وابنُ عقدة ليس بعمدة، كما تقدم في ترجمته.

وقد تَعَقَبَ الخطيبُ حكايتَهُ هذه في "التاريخ"(ج 2 ص 237) فقال: "في الجرح بما يحكيه أبو العباس بن سعيد [ابن عقدة] نظر، حدثني علي بن محمد بن نصر، قال:

ص: 314

سمعت حمزة السهمي يقول: سألت أبا بكر ابن عبدان عن ابن عقدة إذا حكى حكايةً عن غيره من الشيوخ في جرحٍ، فهل يُقبل قولُه أم لا؟ قال: لا يقبل.

.. ثم روى الخطيبُ عن أبي يعلى الطوسي توثيقَ أبي الطيب، قال:"كان ثقةً، صاحبَ مذهبٍ حسنٍ، وأمرٍ بالمعروف ونهيٍ عن المنكر، وكان مِمن يُطلب للشهادة فيأبى". وقال ابن الجوزى في "المنتظم"(ج 6 ص 235): "كان ثقة يفهم، وقد روى ابنُ عقدة عن الحضرمي "مطين" أنه قال: هو كذاب - وهذا ليس صحيح".

وقال ابن حجر في "اللسان": "الظاهر أن جَرْحَ ابنِ عقدة لا يؤثر فيه لما بينهما من المباينة في الاعتقاد".

أقول: أما جرحُه من قِبِلِ نفسِه بلا حجة فَنَعَم، وأما روايته عن غيره، فلو كان ثقة لم تُرد بالمباينة في الاعتقاد، ولكنه في نفسه على يدي عدل، فالمباينة في الاعتقاد تزيده وَهنا على وَهَنٍ، والله الموفق". اهـ.

* * *

ص: 315