الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد بَيَّنَ الشيخُ السببَ في وقوع ابن بطة في كثرة الوهم في الرواة فقال:
"سَبَبُهُ أنه سَاحَ في أول عمره، فكان يسمع ولا يكتب، ولم يكن يؤمّل أن يحتاج آخر عمره إلى أن يروي الحديث، ولهذا لم تكن له أصول". اهـ.
3 - الوصف بالإمامة في الفقه:
• في ترجمة: المفضل بن غسان الغلابي من "التنكيل"(249):
قال الشيخ المعلمي:
"الإمامة في الفقه لا تستلزم الثقةَ في الحديث، ولا يضرُّ الحنفيةَ أن يثبتَ أن أبا حنيفة ممن لا تقوم الحجة بما ينفرد بروايته، ولا تكادُ توجدُ لهم مسئلةٌ يمكنُ أن يستدلوا عليها بشيء تفرد أبو حنيفة بروايته إلا وهم يستدلون عليه بأشياء أخرى، وقد استدل بعضهم على الشافعي بحديث أبي حنيفة عن عاصم في المرتدة، فلما رَدَّ عليه ذلك، لم يكابر، بل قال: إني إنما ذهبت في ترك قتل النساء إلى القياس
…
، كما تقدم في ترجمة الشافعي.
وكما أن الإنصاف يَقضي أن لا يُتخذَ ما ثبت عن الأئمة، كسفيان الثوري وغيره، من قولهم في أبي حنيفة ما يقتضي أنها لا تقوم الحجة بما ينفرد بروايته: ذريعةً بلى الطعن في فقهه جملة وفي مذهبه، فكذلك يَقضي أن لا يُتخذ ما يُستدل به على فقهه جملةً: ذريعة إلى رَدٌ كلامِ أئمة الفن في روايته". اهـ.
4 - الشهرة بحفظ القرآن، وفهم المعاني:
• في ترجمة: ابن حبان البستي الحافظ من "التنكيل"(200):
قال ابن حبان في الإمام أبي حنيفة: "كان أجلَّ في نفسه من أن يكذب، ولكن لم يكن الحديث شأنَه، فكان يروي فيخطىء من حيث لا يعلم، ويقلب الإسناد من حيث لا يفهم، حدَّث بمقدار مائتي حديثٍ، أصاب منها في أربعة أحاديث، والباقية إما قَلَب إسنادها أو غَيَّر مَتْنَها".
فقال الشيخ المعلمي:
"أجاب الأستاذ بوجهين:
الأول: حاصله أن أبا حنيفة مشهورٌ بالحفظ والفهم، واشتهر عنه أنه لا يُبيح الرواية إلا لمن استمرَّ حفظُه من الأخذ إلى الأداء، ولا يُبيح الرواية مما يجده الراوي بخط يده، ما لم يذكر أخذه له، وتواتر (؟) عنه ختمه القرآن في ركعة - ونحو هذا.
الثاني: التنديد بابن حبان.
أقول: أما الوجه الأول، فلم ينفرد ابن حبان بنسبة الخطأ والغلط في الرواية إلى أبي حنيفة، بل وافقه على ذلك كثيرون، حتى من المائلين إلى أبي حنيفة.
نعم، انفرد بذاك التحديد؛ لأنه اعتنى بذلك، وأَلَّفَ كتابين: أحدهما كتاب "علل ما استند إليه أبو حنيفة"، والثاني كتاب "علل مناقب أبي حنيفة ومثالبه".
واشتهارُ أبي حنيفة بالحفظ غيرُ مُسَلَّمٍ، وحفظُ القرآن لا يستلزمُ حفظَ الأحاديث، والفهمُ لا يستلزمُ الحفظَ، وفهمُ المعاني والعلل غيرُ فهم وجوه الرواية، وقد اشتهر ابن أبي ليلى بالفقه، حتى كان الثوري إذا سئل قال: فقهاؤنا ابن أبي ليلى وابن شبرمة.
وكان ابن أبي ليلى رديء الحفظ للروايات، كثير الغلط.
وما اشتهر عن أبي حنيفة مسن اشتراط استمرار الحفظ -إنْ صحَّ- فمرادُهُ: التذكر في الجملة، وإلا لزم ما هو أشد.
والتذكر في الجملة لا يدفع احتمال التوهم والخطأ.
وكان على الأستاذ أن ينقل نصوصا صحيحة صريحة عن الأئمة المعتمد عليهم ترد قولَ ابن حبان، كما جاء في الشافعي قولُ أبي زرعة الرازي:"ما عند الشافعي حديث غلط فيه"، وقول أبي داود:"ليس للشافعي حديث أخطأ فيه"، أو يتجشم جمعَ الأحاديث التي يثبت أن أبا حنيفة رواها، وبيان ما يثبت من موافقة الثقات له ومخالفتهم". اهـ.