الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال عبد الرزاق: "ما كان أعجب محمد بن مسلم إلى الثوري، وقال البخاري عن ابن مهدي: "كُتبه صحاح" (1). وقال ابن عدي: "لم أر له حديثا منكرًا".
وضَعَّفَهُ أحمد (2)، ولم يبين وجه ذلك، فهو محمول على أنه يخطىء فيما يحدث به من حفظه.
فأما قول الميموني: "ضعفه أحمد على كل حال، من كتابٍ وغير كتاب فهذا ظن الميموني، سمع أحمد يطلق التضعيف، فحمل ذلك على ظاهره (3)، وقد دل كلام غيره من الأئمة على التفصيل". اهـ.
6 - اختلاف حكم الأئمة على الراوي نتيجة لاختلاف حاله من وقتٍ لآخر:
• في "الفوائد المجموعة"(ص 61) روايةٌ للصقر بن عبد الرحمن -وهو ابن مالك بن مغول أبو بهز البجلي الكوفي نزيل واسط- عن ابن إدريس، عن المختار ابن فلفل، عن أنس، فقال الشيخ المعلمي:
"الصقر ذكره ابن أبي حاتم في بابي (صقر) و (سقر) وذكر في أحدهما قولَ أبيه أنه "صدوق"، وفي الآخر أنه سألَ أباه: هل تكلموا فيه؟ فقال: لا، وعقَّبَهُ بقولِ الحافظ
(1) هذا إشارة إلى ضعفٍ في حفظه، والله تعالى أعلم.
(2)
من رواية ابنه عبد الله عنه (العلل ومعرفة الرجال: 1/ 32، 270).
(3)
هكذا نقله للمعلمي من "تهذيب التهذيب"(9/ 445) ولفظه كما رواه العقيلي في "الضعفاء"(4/ 134) قال الميموني: سمعت أحمد بن محمد بن حنبل يقول: "إذا حدَّث محمد بن مسلم من غير كتاب - يعني أخطأ، قلت: الطائفي؟ قال: نعم، ثم ضعفه على كل حال من كتاب وغير كتاب فرأيته عنده ضعيفًا". اهـ.
وهذا واضح في أن الميموني قد اطَّلع من أحمد على حَالَيْن بشأن محمد بن مسلم، وأن الأمر ليس ظنًا ولا تخمينًا، ويؤيده ما في رواية عبد الله عن أبيه من إطلاق الضعف على محمد، ولا يُلزمُ أحمدُ برأي غيره من الأئمة، ولهذا نظائر مستفيضة في تباين أنظار الأئمة في رواة الحديث، والله تعالى أعلم.
مطين: "إن الصقر أكذب من أبيه"، وذكر رواية الصقر، عن ابن إدريس، عن المختار ابن فلفل، عن أنس مرفوعًا في التبشير بالخلافة لأبي بكر ثم عمر ثم عثمان.
وهذا الحديثُ قال فيه ابن المديني: "كذب موضوع".
ومن الغريب أن حديث الخلافة هذا رواه عبد الأعلى بن أبي المساور، عن المختار ابن فلفل، ورواه الصقر عن ابن إدريس، عن المختار، وحديثنا:"باكروا بالصدقة" رواه عبد الأعلى أيضًا عن المختار، ورواه الصقر عن ابن إدريس، عن المختار، وعبد الأعلى كذاب.
فالظاهر أن الصقر كان مغفلًا، فأُدخلت في كتابه عن ابن إدريس بعضُ بلايا عبد الأعلى، فرواها، وكان ذلك بعد أن اجتمع به أبو حاتم وسمع منه، وبسبب ذلك كذبه مطين وأبو بكر بن أبي شيبة وصالح بن محمد جزرة، وكُلُّ ذلك بعد اجتماع أبي حاتم به؛ بدليل أنه ذكر أنهم لم يتكلموا فيه كما مَرَّ" اهـ.
• وفي "الفوائد المجموعة"(ص 265):
حديث: "لا تظهر الشماتة لأخيك، فيرحمه الله ويبتليك" له طرق واهية، ورواه الترمذي (2506) من طريق أمية بن القاسم عن حفص بن غياث وقال: حسن غريب.
فقال الشيخ المعلمي في أمية -وذكر أن الصواب "القاسم بن أمية"-:
"ذكر الرازيان أنه صدوق، وقال ابن حبان: يروي عن حفص بن غياث المناكير الكثيرة، ثم ساق له هذا الحديث، وقال: لا أصل له من كلام النبي صلى الله عليه وسلم.
قال ابن حجر: شهادةُ أبي زرعة وأبي حاتم أنه صدوقٌ أَوْلَى.
أقول: بل الصوابُ تتبعُ أحاديثه، فإن وُجد الأمرُ كما قال ابنُ حبان ترجَّحَ قولُه، وبان أن هذا الرجل تغيَّرَتْ حالُه بعد أن لقيه الرازيان، وإلا فكونُه صدوقًا لا يدفعُ عنه الوهمَ، وقد تفرد بهذا". اهـ.
• وفي "الفوائد"(ص 456 - 457):
خبرٌ رواه أحمد بن علي بن الأفطح قال: ثنا يحيى بن زهدم بن الحارث الغفاري، عن أبيه، عن العرس بن عميرة.
فقال المعلمي:
"الأفطح يروي بهذا السند نسخةً موضوعةً.
فأما أبو حاتم فلم يقف على هذه النسخة ولا شيء منها، بدليل أن ابنه ذكر زهدمًا (1) فلم يذكر له رواية عن العرس، وإنما قال:"روى عن أهبان بن صيفي، روى عنه ابنه يحيى بن زهدم .. سمعت أبي يقول ذلك".
وذكر ابنه يحيى (2) فقال: "كتب عنه أبي في سنة (216)، سألت أبي عنه، فقال: شيخ أرجو أن يكون صدوقا".
وأما ابن عديّ فتردد بين الأفطح ويحيى، فقال في الأفطح (3) بعد أن ذكر البلايا التي رواها عن يحيى:"لا أدري البلاء منه أو من شيخه"، وقال في يحيى:"أرجو أنه لا بأس به" يعني: وأن البلاء من الأفطح.
وأما ابن حبان فحمل على يحيى (4)، وقال في النسخة المذكورة:"البلية فيها من يحيى بن زهدم"(5) وزاد الياسوفى وابن حجر، فأرادا أن يُشركا زهدمًا في التهمة (6).
(1)"الجرح"(3/ 67).
(2)
"الجرح"(9/ 146).
(3)
عن "الميزان"(1/ 123) و"اللسان"(1/ 233) ولم أره في المطبوع من "الكامل".
(4)
"المجروحين"(3/ 114).
(5)
وقال في ترجمة أحمد من "الثقات"(8/ 50): "يروي عن يحيى بن زهدم عن أبيه عن العرس بن عميرة بنسخة مقلوبة، البلية فيها من يحيى بن زهدم، وأما هو في نفسه إذا حدث عن الثقات فصدوق
…
".
(6)
"اللسان"(2/ 491).