الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 - أسباب التعليل
هي متعددة جدًّا، يصعب حصرُها، لكني أذكر هنا أشهر ما جاء في تحقيقات الشيخ المعلمي، وأبدأ بما ذكره إجمالا في مقدمته لـ "الفوائد المجموعة"، فإنه نافع جدا، قال:
"هذه قواعد يحسن تقديمها: ....
4 -
إذا استنكر الأئمةُ المحققون المتنَ، وكان ظاهرُ السند الصحةَ، فإنهم يتطلبون له علة، فإذا لم يجدوا علة قادحة مطلقا، حيث وقعت، أعلوه بعلة ليست بقادحة مطلقا، ولكنهم يرونها كافيةً للقدح في ذاك المنكر.
• فمن ذلك: إعلاله بأن راويه لم يصرح بالسماع، هذا مع أن الراوي غير مدلس.
• أعلَّ البخاري بذلك خبرا رواه عمرو بن أبي عمرو مولى المطلب، عن عكرمة، تراه في ترجمة عمرو من "التهذيب"(1).
• ونحو ذلك: كلامه في حديث عمرو بن دينار، في القضاء بالشاهد واليمين (2).
• ونحوه أيضا: كلام شيخه علي ابن المديني في حديث: "خلق الله التربة يوم السبت - إلخ" كما تراه في "الأسماء والصفات" للبيهقي (3).
(1) روى عن عكرمة عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم "من أتى بهيمة فاقتلوه واقتلوا البهيمة".
قال البخارى: عن عكرمة فى قصة البهيمة: فلا أدرى سمع أم لا "تهذيب الكمال"(22/ 170).
(2)
راجع المسألة الخامسة عشرة من الجزء الثاني من "التنكيل".
(3)
هو من طريق: حجاج بن محمد، قال: قال ابن جريج: أخبرني إسماعيل بن أمية عن أيوب بن خالد، عن عبد الله بن رافع، مولى أم سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي، فقال: "خلق الله التربة يوم السبت
…
". رقم (781). =
• وكذلك أعلَّ أبو حاتم خبرا رواه الليث بن سعد عن سعيد المقبري، كما تراه في علل ابن أبي حاتم (2/ 353)(1).
• ومن ذلك: إشارة البخاري إلى إعلال حديث الجمع بين الصلاتين: بأن قتيبة لما كتبه عن الليث كان معه خالد المدائني، وكان خالد يُدخل على الشيوخ، يراجع "معرفة علوم الحديث" للحاكم، ص (120).
• ومن ذلك: الإعلال بالحمل على الخطأ، وإن لم يتبين وجهه؛ كإعلالهم حديث عبد الملك بن أبي سليمان في الشفعة.
• ومن ذلك: إعلالهم بظن أن الحديث أُدخل على الشيخ، كما ترى في "لسان الميزان" في ترجمة: الفضل بن الحباب، وغيرها.
= قال البيهقي: هذا حديث قد أخرجه مسلم في كتابه عن سريج بن يونس وغيره، عن حجاج بن محمد. وزعم بعض أهل العلم بالحديث أنه غير محفوظ لمخالفته ما عليه أهل التفسير وأهل التواريخ. وزعم بعضهم أن إسماعيل بن أمية إنما أخذه عن إبراهيم بن أبي يحيى عن أيوب بن خالد، وإبراهيم غير محتج به.
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرني أبو يحيى أحمد بن محمد السمرقندي ببخارى، ثنا أبو عبد الله محمد ابن نصر، حدثني محمد بن يحيى، قال: سألت علي بن المديني عن حديث أبي هريرة، رضي الله عنه:"خلق الله التربة يوم السبت". فقال علي: هذا حديث مدني؛ رواه هشام بن يوسف عن ابن جريج، عن إسماعيل بن أمية، عن أيوب بن خالد، عن أبي رافع مولى أم سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه
…
قال علي بن المديني: وما أرى إسماعيل ابن أمية أخذ هذا إلا من إبراهيم بن أبي يحيي.
(1)
قال ابن أبي حاتم: "سألت أبي عن حديثٍ رواه أبو بكر بن أبي عتاب الأعين، عن أبي صالح، عن الليث، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة، عن النَّبي صلى الله عليه وسلم قال: "يدخل الجنة بشفاعة رجل من أمتي أكثر من مضر وبني تميم" فقيل: من هو يا رسول الله قال: "أويس القرني".
قال أبي: هذا الحديث ليس هو في كتاب أبي صالح، عن الليث، نظرت في أصل الليث وليس فيه هذا الحديث، ولم يذكر أيضا الليث في هذا الحديث خبر (يعني لم يصرح بما يدل على السماع)، ويحتمل أن يكون سمعه من غير ثقة ودلَّسه، ولم يروه غير أبي صالح".
وحجتهم في هذا: أن عدم القدح بتلك العلة مطلقا، إنما بُني على أن دخول الخلل من جهتها نادر، فإذا اتفق أن يكون المتن منكرا، يغلب على ظن الناقد بطلانه، فقد يحقق وجود الخلل، وإذا يوجد سبب له إلا تلك العلة، فالظاهر أنها هي السبب، وأن هذا من ذاك النادر الذي يجيء الخلل فيه من جهتها.
وبهذا يتبين: أن ما يقع ممن دونهم من التعقب بأن تلك العلة غير قادحة، وأنهم قد صححوا ما لا يحصى من الأحاديث، مع وجودها فيها، إنما هو غفلة عما تقدم من الفرق، اللهم إلا أن يُثبت المتعقب أن الخبر غير منكر". اهـ.
* * *
قال أبو أنس:
الآن يمكن تقسيم أسباب التعليل هاهنا إلى ثلاثة أنواع:
النوع الأول: الأسباب المتعلقة بالراوي في نفسه، وهي:
1 -
دخول حديث في حديث.
2 -
الوهم أثناء التحويل في الأسانيد عند التصنيف.
3 -
النقل من كتب غير مسموعة، فيشتبه خَطٌّ بآخر.
4 -
سُلوك الجادة في الأسانيد.
5 -
الرواية بالمعنى.
6 -
التباس أحاديث شيخين أو أكثر على الراوي، فيحدث بها على التوهم.
7 -
خطأ الراوي في حداثته، وبقاء ذلك في أصله العتيق، فلا يُغتر بوجود ذلك فيه.
8 -
تأخر كتابة الراوي ما سمعه عن وقت السماع، فيكتب من حفظه، فربما وهم أو لم يأت باللفظ على وجهه.
النوع الثانى: الأسباب المتعلقة بكتاب الراوي، وهي:
1 -
القراءة من أصلٍ آخر غيرِ أصلِ نفسِه.
2 -
النقل من كتابِ شيخٍ دون التصريح أنه بخطِّ صاحبه.
3 -
وجود الحديث في حاشية أصل الشيخ، أو على ظهر الكتاب.
النوع الثالث: الأسباب المتعلقة بتأثير آخرين في الراوي، وهي:
1 -
التلقين.
2 -
الإدخال على الراوي في كتبه.
3 -
سماع الراوي الصالح في نفسه مع مخلط فيملي عليه ما ليس من سماعه.