الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة الثانية
البحث في ثبوت كُلٍّ من الجرح والتعديل عن القائلين بهما
قال أبو أنس:
أقوال الجرح والتعديل لا يُعتد بها إلا بنقد إسنادها إلى قائلها، ولزوم ثبوتِ ذلك عنه، وأهمية النظر في الروايات المتفاوتة عن الإمام الواحد، وممارسة الفنّ المتعلق بقواعد الجمع والترجيح في ذلك.
ويشتمل ذلك على ثلاثة فروع:
الفرع الأول:
ما ذكره الشيخ المعلمي في النوع السادس من مغالطات الكوثري ومجازفاته في "طليعة التنكيل"(ص 54):
قال رحمه الله: "من عواقره أنه يعمد إلى جرحٍ لم يثبت، فيحكيه بصيغة الجزم محتجًا به، فمن أمثلة ذلك:
1 -
الحسن بن الربيع.
قال الكوثري ص 151: "يقول فيه ابن معين: لو كان يتقي الله لم يكن يحدث بالمغازي، ما كان يحسن يقرؤها".
فقال المعلمي:
"هذا الكلام إنما رواه بكر بن سهل الدمياطي عن عبد الخالق بن منصور عن ابن معين، وبكر بن سهل لم يوثقه أحد، بل ضعفه النسائي، ورماه الذهبي في "الميزان" بالوضع".
- وقال الشيخ المعلمي في ترجمة الحسن من "التنكيل"(75):
"لم تصح هذه الكلمة عن ابن معين، ولذلك لم تُذكر في "التهذيب"، ولا ذُكر الحسن في "الميزان"، ولا ذَكره ابنُ حجر في "مقدمة الفتح" فيمن فيه كلامٌ من رجال البخاري، ومع ذلك فقد أجاب عنها الخطيب (1).
وفي "التهذيب": قال ابن شاهين في "الثقات": قال عثمان بن أبي شيبة: "الحسن ابن الربيع صدوق وليس بحجة"، وهذه الحكاية منقطعة؛ لأن ابن شاهين إنما ولد بعد وفاة عثمان بنحو ستين سنة، ولا نعلمه التزم الصحة فيما يحكيه في "ثقاته" عمن لم يدركه
…
والحسن قد وثقه الناس، قال أبو حاتم مع تشدده:"كان من أوثق أصحاب ابن إدريس"، وقال العجلي:"كوفي ثقة صالح متعبد"، وقال ابن خراش:"كوفي ثقة"، وروى عنه البخاري ومسلم في "الصحيحين"
…
". اهـ.
2 -
ثعلبة بن سهيل القاضي.
قال الكوثري ص 110: "ضعيف".
فقال المعلمي:
" .. أظن الكوثري اعتمد على ما حكاه أبو الفتح محمد بن الحسن الأزدي عن ابن معين، أنه قال في ثعلبة: "ليس بشيء".
وهذه الحكاية منقطعة، كما قاله الذهبي في "الميزان"، لأن بين الأزدي وابن معين مفازة، ومع ذلك فالأزدي نفسه متهم! له ترجمة في "تاريخ بغداد" و"الميزان" و"اللسان"
…
فتدبر ما تقدم ثم انظر حال الكوثري، إذ يبني على حكاية الأزدي عن
(1) قال: "لم يعبه يحيى إلا بأنه كان لا يحسن قراءة المغازي وما فيها من الأشعار، وذلك لا يوجب ضعفه". اهـ.
ابن معين أنه قال في ثعلبة: "ليس بشيء" ويعلم حال الأزدي، وأنه كان بعد ابن معين بمدة،
…
". اهـ.
3 -
عبد الله بن جعفر بن درستويه.
قال الكوثري (ص 39): "كان يحدث عمن لم يدركه لأجل دريهمات يأخذها، فادفع إليه درهمًا يصطنع لك ما شئت من الأكاذيب".
فقال المعلمي:
ذكر الكوثري هذه التهمة في عدة مواضع كلها بالجزم، بل نبز هذا العالم الفاضل الذي لا ذنب له إلا أنه روى كتابًا مشهورًا وهو (تاريخ يعقوب بن سفيان)، وقد ثبت سماعه له، حتى إن الذي أنكر عليه رجع أخيرًا، فقصده فسمع منه، كما في ترجمته من (تاريخ بغداد).
نبزه الكوثري بلقب "الدراهمي"، مع أنه لا مستندَ للكوثري في ذلك، إلا ما حكاه الخطيب عن هبة الله الطبري أنه ذكر ابن درستويه وضعفه وقال:"بلغني أنه قيل له: حَدِّثْ عن ابن عباس الدوري حديثًا ونحن نعطيك درهمًا، ففعل، ولم يكن سمع من عباس".
ولا يخفى على عالمٍ أن هذه الحكاية لا يصح الاستناد إليها؛ لجهالة المبلِّغِ للطبري
…
ومع هذا فقد قال الخطيب: "هذه الحكاية باطلة ..... ".
وقال الشيخ المعلمي في ترجمته من "التنكيل"(119):
"أسطورة الدراهم والتحديث عمن لم يدركه، إنما أخذها الأستاذ من قول الخطيب: "سمعت هبة الدين الحسن الطبري (اللآلكائي) ذكر ابن درستويه وضعفه وقال: بلغني أنه قيل له حدث عن عباس الدوري حديثًا ونحن نعطيك درهمًا ففعل، ولم يكن سمع من عباس".
قال الخطيب: "وهذه الحكاية باطلة؛ لأن أبا محمد بن درستويه كان أرفعَ قدرًا من أن يكذب لأجل العرض (1) الكثير، فكيف لأجل التافه الحقير، وقد حدثنا عنه ابن رزقويه بآمالي أملاها في جامع المدينة، وفيها عن عباس الدوري أحاديث عدة".
أقول: واللالكائي توفي سنة (418) وقد قال الخطيب في ترجمته: "عاجلته المنية، فلم يُنشر عنه كبير شيء".
فهذا يدل أن مولد اللالكائي كان بعد وفاة ابن درستويه بمدة؛ فإن وفاته كانت سنة (347).
وَقَوْلُه: "بلغني
…
" لا يُدرى من الذي بَلَّغَهُ، ومثل هذا لا يثبت به حكم ما
…
هذا ولم ينكروا على ابن درستويه حديثًا واحدًا مما حدث به عن الدوري فدل ذلك على أن تلك الأحاديث ثابتة عن الدوري حتمًا، وإنما زعم من لا يُدرى من هو أن ابن درستويه لم يسمع من الدوري، وقد علمت إمكان سماعه منه، فإن ثبت أن ابن درستويه ثقة -وسنثبته إن شاء الله تعالى- ثبت السماع". اهـ.
4 -
الأصمعي عبد الملك بن قريب.
قال الكوثري ص 54: "كذبه أبو زيد الأنصاري".
فقال المعلمي:
"حاكي ذلك عن أبي زيد هو أحمد بن عبيد بن ناصح، وهو مطعون فيه، وفي (الميزان) في ترجمة الأصمعي "أحمد بن عبيد ليس بعمدة".
ونقل الكوثري نفسه هذا ص 42 حين احتاج إلى رد رواية لأحمد بن عبيد. قال الكوثري: "فلم يكن بعمدة كما ذكره الذهبي في ترجمة عبد الملك الأصمعي من
(1) كذا في "التنكيل" بالراء، وفي "تاريخ بغداد"(9/ 429) بالواو.