الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فوائد تتعلق برواية الغرائب والمناكير:
أ- قال الشيخ المعلمي في: "التنكيل" ترجمة: عبد الله بن سليمان بن الأشعث أبي بكر بن أبي داود السجستاني (ص 312):
"كان من عادة المحدئين التباهي بالإغراب، يحرص كُلٌّ منهم على أن يكون عنده من الروايات ما ليس عند الآخرين؛ لتظهر مزيته عليهم، وكانوا يتعنون شديدًا لتحصيل الغرائب، ويحرصون على التفرد بها، كما ترى في ترجمة الحسن بن علي المعمري من "لسان الميزان" وغيره، وكانوا إذا اجتمعوا تذاكروا، فيحرص كل واحد منهم على أن يذكر شيئًا يغرب به على أصحابه، بأن يكون عنده دونهم، فإذا ظفر بذلك افتخر به عليهم واشتد سروره وإعجابه وانكسارهم. وقد حكى ابن فارس عن الوزير أبي الفضل ابن العميد قال: ما كنت أظن في الدنيا كحلاوة الوزارة والرياسة التي أنا فيها، حتى شاهدت مذاكرة الطبراني وأبي بكر الجعابي
…
" فذكر القصة، وفيها غلبة الطبراني، قال ابن العميد: "فخجل الجعابي، فوددت أن الوزارة لم تكن، وكنت أنا الطبراني، وفرحت كفرحه" راجع "تذكرة الحفاظ" (ج 3 ص 121).
ولم يكونوا يبالغون في سبيل إظهار المزية والغلبة: أكان الخبر عن ثقة أو غيره، صحيحًا أو غير صحيح؟
وقد كان عند زكريا الساجي حديثٌ عن رجلٍ واهٍ، ومع ذلك لمَّا لم يوجد ذاك الحديث إلا عند الساجي، صار له به شأن.
وفي "لسان الميزان": "قال الساجي: كتب عني هذا الحديث: البزار، وعبدان، وأبو داود، وغيرهم من المحدثين.
قال القراب: هذا حديث الساجي الذي كان يُسأل عنه".
وكانت طريقتهم في المذاكرة أن يشير أحدهم إلى الخبر الذي يرجو أنه ليس عند صاحبه، ثم يطالبه بما يدل على أنه قد عرفه، كأن يقول الأول: مالك عن نافع قال
…
، فإن عرفه الآخر قال: حدثناه فلان عن فلان عن مالك.
وقد يذكر ما يعلم أنه لا يصح أو أنه باطل، كأن يقول: المقبري عن أبي هريرة مرفوعًا: "أبغض الكلام إلى الله الفارسية". أو يقول: أبو هريرة مرفوعًا: "خلق الله الفرس" الخ، وقد تقدم في ترجمة حماد بن سلمة". اهـ.
ب- من أسباب وقوع كثرة الغرائب والمناكير ونحوها في بعض المصنفات:
• قال الشيخ المعلمي في: "التنكيل" ترجمة: أبي عبد الله الحاكم (215):
"الذي يظهر لي في ما وقع في "المستدرك" من الخلل أن له عدة أسباب:
الأول: حرص الحاكم على الإكثار، وقد قال في خطبة "المستدرك":"قد نبغ في عصرنا هذا جماعة من المبتدعة، يشمتون برواة الآثار بأن جميع ما يصح عندكم من الحديث لا يبلغ عشرة آلاف حديث، وهذه الأسانيد المجموعة المشتملة على الألف جزء أو أقل أو أكثر، كلها سقيمة غير صحيحة"، فكان له هوى في الإكثار للرد على هؤلاء.
والثاني: أنه قد يقع حديثٌ بسندٍ عالٍ أو يكون غريبا، مما يتنافس فيه المحدثون، فيحرص على إثباته، وفي "تذكرة الحفاظ" (ج 2 ص 270):"قال الحافظ أبو عبد الله الأخرم: استعان بي السراج في تخريجه على "صحيح مسلم"، فكنت أتحير من كثرة حديثه وحسن أصوله، وكان إذا وجد الخبر عاليا، يقول: لا بد أن نكتبه (يعني في المستخرج) فأقول: ليس من شرط صاحبنا (يعني مسلما) فشفعني فيه". فعرض للحاكم نحو هذا، كلما وجد عنده حديثا يفرح بعلوه أو غرابته، اشتهى أن يثبته في "المستدرك"
…
". اهـ.