الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَإِن ألفى من نواسخ الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر.
والغاية فِي هَذَا الْبَيْت ظَاهِرَة: الوافر
(أَتَت حتاك تقصد كل فج
…
ترجي مِنْك أَنَّهَا لَا تخيب)
وَهُوَ من أَبْيَات مُغنِي اللبيب.
ثمَّ رَأَيْت فِي شرح التسهيل لأبي حَيَّان وَقد أنْشد بَيت: فَتى حتاك يَا ابْن أبي يزِيد أَنه قَالَ: وانتهاء الْغَايَة فِي حتاك لَا أفهمهُ وَلَا أَدْرِي مَا عَنى بحتاك فَلَعَلَّ هَذَا الْبَيْت مَصْنُوع.
اه.
-
وَأنْشد بعده
(الشَّاهِد الثَّانِي وَالثَّمَانُونَ بعد السبعمائة)
وَهُوَ من شَوَاهِد س: الطَّوِيل
(فوا عجبا حَتَّى كُلَيْب تسبني
…
كَأَن أَبَاهَا نهشل أَو مجاشع)
على أَن حَتَّى فِيهِ ابتدائية وفائدتها هُنَا التحقير.
أنْشدهُ سِيبَوَيْهٍ وَقَالَ: فحتى هُنَا بِمَنْزِلَة إِذا وَإِنَّمَا هِيَ هَاهُنَا كحرف من حُرُوف الِابْتِدَاء.
وَقَالَ الأندلسي فِي شرح الْمفصل: يَقع بعْدهَا الْجُمْلَة الفعلية
والاسمية. وَتسَمى حرف ابْتِدَاء وتفيد مَعْنَاهَا الَّذِي هُوَ الْغَايَة إِمَّا فِي التحقير أَو فِي التَّعْظِيم كَمَا فِي بَيت الفرزدق: فوا عجبا حَتَّى كُلَيْب تسبني أَي: تعجبوا لسب النَّاس إيَّايَ حَتَّى كُلَيْب كَأَنَّهُ يَقُول: كل النَّاس تسبني حَتَّى كُلَيْب على حقارتها. وَلَو خفض هُنَا كُلَيْب لجَاز وَيكون تسبني إِمَّا حَال من كُلَيْب أَو مُسْتَأْنف وَحَتَّى كُلَيْب مُتَعَلق بِهِ.
قَالَ ابْن المستوفي بعد أَن نَقله: قَوْله أَي تعجبوا فِي تَفْسِير وَاعجَبا غير صَحِيح لِأَنَّهُ يُنَادي الْعجب على مَا ذكره الْعلمَاء تأدباً لَا يَأْمر أحدا بِهِ.
-
وَقَوله: وَلَو خفض كُلَيْب هُنَا لجَاز محَال لَان الْخَفْض بعد حَتَّى إِمَّا أَن يكون بالْعَطْف على الْمَجْرُور قبلهَا أَو يكون بِمَعْنى إِلَى وَلَا مجرور قبلهَا فتعطف عَلَيْهِ. وَلَيْسَت بِمَعْنى الْغَايَة إِذْ لَيْسَ مَا قبلهَا مُفردا من جنس مَا بعْدهَا. فَبَقيَ الرّفْع لَا غير. وَذكر قسميها فِي التَّعْظِيم والتحقير. وَلم يَأْتِ إِلَّا بالتحقير.
وَقَوله: ويكن تسبني إِمَّا حَال من كُلَيْب أَو مُسْتَأْنف بِالرَّفْع فيهمَا وَصَوَابه: النصب فيهمَا. وَلَا أعلم مَا أَرَادَ بقوله: وَحَتَّى كُلَيْب مُتَعَلق بِهِ. اه.
أما الأول فَيحْتَمل أَن يكون عجبا منادى مُنْكرا وَيحْتَمل أَن يكون
يَا حرف تَنْبِيه وعجباً مصدر مَنْصُوب بِفعل مَحْذُوف ي: تعجبوا عجبا. وَيحْتَمل أَن تكون يَا حرف نِدَاء والمنادى مَحْذُوف أَي: يَا قوم وعجباً كَذَلِك.
فَكَلَام الأندلسي جَار على كل من هذَيْن الْوَجْهَيْنِ. وَأما الثَّانِي فَإِنَّهُ أَرَادَ: فيا عجبي فَقلب يَاء الْمُتَكَلّم ألفا وَهِي لُغَة.
وَأما قَوْله: خفض كُلَيْب محَال
…
. إِلَخ فَنَقُول: هِيَ جَارة والمغيا غير مَذْكُور وَالتَّقْدِير: فوا)
عجبا النَّاس تسبني حَتَّى كُلَيْب. وَهَذَا الْمَذْكُور لَا بُد مِنْهُ فِي الابتدائية أَيْضا.
وَقَوله: وَلم يَأْتِ إِلَّا بالتحقير نقُول: لَا يضر ذَلِك. وَمِثَال التَّعْظِيم:
حَتَّى مَاء دجلة أشكل الْبَيْت الْآتِي وَقَوله: صَوَابه النصب فيهمَا يَعْنِي أَنه يجب أَن يَقُول: وَيكون يسبني إِمَّا حَالا من كُلَيْب أَو مستأنفاً بنصبهما لِأَنَّهُ خبر كَانَ وَكَأَنَّهُ رفع على تَقْدِير يكون إِمَّا تَامَّة أَو زَائِدَة.
وَقَوله: لَا أعلم مَا أَرَادَ بقوله: وَحَتَّى كُلَيْب مُتَعَلق بِهِ أَقُول: إِنَّه يُرِيد أَن حَتَّى الجارة تكون مُتَعَلقَة بيسبني إِذْ كل جَار لَا بُد لَهُ من مُتَعَلق. وَهَذَا ظَاهر.
قَالَ ابْن هِشَام فِي الْمُغنِي: وَلَا بُد من تَقْدِير مَحْذُوف قبل حَتَّى من هَذَا الْبَيْت بِكَوْن مَا بعد وَالْبَيْت من قصيدة للفرزدق هجا بهَا جَرِيرًا تقدم بعض مِنْهَا فِي الشَّاهِد السَّادِس بعد السبعمائة.
وَقَوله: فوا عجبا هُوَ من قبيل الندية للتوجع كَأَنَّهُ يَقُول: أَنا أتوجع لعدم حضورك يَا عجبي فَاحْضُرْ لهَذَا الْأَمر الَّذِي يتعجب مِنْهُ.
وكليب: جد رَهْط جرير وَهُوَ جرير بن عَطِيَّة بن الخطفى بن بدر بن سَلمَة بن كُلَيْب بن يَرْبُوع بن حَنْظَلَة بن مَالك بن زيد مَنَاة بن تَمِيم. ويجتمع مَعَ الفرزدق فِي حَنْظَلَة بن مَالك.
ونهشل ومجاشع أَخَوان ابْنا دارم بن مَالك بن حَنْظَلَة. ومجاشع قَبيلَة الفرزدق وَهِي أشرف من كُلَيْب. وَأما نهشل فهم أعمام الفرزدق لَا آباؤه وَإِن كَانَت الْعَرَب تسمي الْعم أَبَا. جعلهم فِي الصّفة بِحَيْثُ لَا يسبون مثله لشرفه.
يَقُول: يَا عجبا لسب النَّاس إيَّايَ حَتَّى كُلَيْب على ضعفها فِي الْقَبَائِل وَبعدهَا من الْفَضَائِل كَأَنَّهُ لَهَا أَبَا كَرِيمًا وحسباً صميماً كَمَا لنهشل ومجاشع. والسَّبُّ: الشتم. والسِّبُّ بِالْكَسْرِ: الَّذِي يسابك وتسابه.
-
قَالَ حسان بن ثَابت: الْخَفِيف
(لَا تسبني فلست بسبي
…
إِن سبي من الرِّجَال الْكَرِيم)
قَالَ ابْن طَلْحَة الإشبيلي فِي شرح جمل الزجاجي: كَأَن للتشبيه وَقد يَجِيء فِي ضمنهَا الظَّن والتوهم كَمَا قَالَ الشَّاعِر: كَأَن أَبَاهَا نهشل أَو مجاشع)
الْمَعْنى: توهمت أَبَاهَا نَهْشَلَا أَو مجاشعاً. وَلَو بقيت على معنى التَّشْبِيه