الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَهَذَا مَأْخُوذ من الجواليقي قَالَ فِي تَكْمِلَة إصْلَاح الْمنطق: مَا تغلط فِيهِ الْعَامَّة. وَيَقُولُونَ فِي الدُّعَاء للْمَرِيض: مسح الله مَا بك. وَكَانَ النَّضر بن شُمَيْل يَقُول: مصح الله مَا بك أَي: أذهبه وَقَالَ اللَّخْمِيّ فِي شرح أَبْيَات الْجمل: سُئِلَ أَبُو بكر الزبيدِيّ عَن قَول الْقَائِل: مصح الله عَنْك بِيَمِينِهِ الشافية أبالسين يكْتب أم بالصَّاد فَقَالَ: الَّذِي أقوله وأعتقده وأرويه أَنه بِالسِّين لَا بالصَّاد فَإِن من كتبه بالصَّاد فَإِنَّمَا ذهب إِلَى قَوْلهم: مصح الظل إِذا ذهب. وَهُوَ قَول النَّضر بن شُمَيْل. وَلَا يلْتَفت إِلَيْهِ لِأَن الصَّاد إِنَّمَا اسْتعْملت فِي الظل خَاصَّة.
وَأنْشد بعده
(الشَّاهِد الرَّابِع وَالْخَمْسُونَ بعد السبعمائة)
الوافر
(وَقد جعلت قلُوص ابْني زِيَاد
…
من الأكوار مرتعها قريب)
على أَنه قد جَاءَ نَادرا خبر جعل جملَة اسمية وَهُوَ قَوْله: مرتعها قريب.
قَالَ ابْن جني فِي إِعْرَاب الحماسة: أوقع الْجُمْلَة من الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر موقع الْجُمْلَة من الْفِعْل وَالْفَاعِل أَرَادَ: وَقد جعلت قلُوص ابْني سُهَيْل يقرب مرتعها من الأكوار كَمَا قَالَ:
الطَّوِيل
(فقد جعلت نَفسِي على النأي تنطوي
…
وعيني على فقد الحبيب تنام)
اه.
أَقُول: الصَّوَاب فِي التَّقْدِير: تقرب من المرتع بِإِسْنَاد الْفِعْل إِلَى ضمير القلوص فَإِن جَمِيع أَفعَال المقاربة لَا يكون فَاعل خَبَرهَا الْفعْلِيّ إِلَّا ضمير اسْمهَا كَمَا نَص عَلَيْهِ الشَّارِح الْمُحَقق.
وَقَالَ الْخَطِيب التبريزي فِي شرح الحماسة: وَقد جعلت قلُوص ابْني سُهَيْل يقرب مرتعها من الأكوار أَي: لم تتباعد فِي الرَّعْي لما حط رَحلهَا لما بهَا من الإعياء فبركت مَكَانهَا.
وَجعلت هَاهُنَا بِمَعْنى طفقت وَأَقْبَلت وَلذَلِك لَا يتَعَدَّى. ومرتعها قريب فِي مَوضِع الْحَال. أَي: أَقبلت قلُوص هذَيْن الرجلَيْن قريبَة المرتع من رحالهم.
وَهَذِه غَفلَة من الْخَطِيب فَإِنَّهُ بعد أَن قَالَ: إِن جعلت بِمَعْنى طفقت كَيفَ يسوغ لَهُ أَن يَجْعَل الجلمة حَالية.
وَسَبقه إِلَى جعل الْجُمْلَة حَالية الإِمَام المرزوقي وتبعهما خضر الْموصِلِي فِي شرح شَوَاهِد التفسيرين.
ثمَّ قَالَ الْخَطِيب: قَالَ أَبُو الْعَلَاء: ويروى: فقد جعلت قلُوص ابْني سُهَيْل بِنصب قلُوص وَكثير من النَّاس يرفع القلوص وَهُوَ وَجه رَدِيء لِأَن الْقَائِل
إِذا قَالَ: جعلت وَهُوَ يُرِيد المقاربة لم يكن بُد من إِتْيَانه بِالْفِعْلِ كَمَا قَالَ: الطَّوِيل
(جعلت وَمَا بِي من جفَاء وَلَا قلى
…
أزوركم يَوْمًا وأهجركم شهرا)
وعَلى ذَلِك جَمِيع مَا يرد فَإِذا قَالَ الْقَائِل: جعل زيد فعله جميل وَلم يَأْتِ بِلَفْظ الْفِعْل فَإِنَّمَا يحملهُ على الْمَعْنى كَأَنَّهُ قَالَ: جعل زيد يجمل.
وَأحسن من هَذِه الرِّوَايَة أَن تنصب قلوصاً وَيكون فِي جعلت ضمير يعود على الْمَرْأَة الْمَذْكُورَة)
وَلَيْسَت جعلت فِي هَذَا القَوْل فِي معنى المقاربة وَإِنَّمَا هِيَ بِمَعْنى صيرت فَلَا تفْتَقر إِلَى فعل وَيكون قَوْله: مرتعها قريب جملَة فِي مَوضِع الْمَفْعُول الثَّانِي كَمَا يُقَال: جعلت أَخَاك مَاله كثير. اه.
وَذكر الشلوبين فِيمَا كتب على الحماسة أَن بعض النَّاس أجَاز أَن يكون جعل بِمَعْنى صير وَحذف من جعلت ضمير الشَّأْن وَالتَّقْدِير: وَقد جعلته أَي: جعلت الْأَمر والشأن مرتعها قريب من الأكوار. وَأَن آخر أجَاز أَن يكون على إِلْغَاء جعلت مَعَ تقدمها على حد إجَازَة أبي الْحسن: ظَنَنْت عبد الله منطلق. اه.
فَإِن أَرَادَ بِبَعْض النَّاس أَبَا الْعَلَاء فَلَا يَصح نِسْبَة حذف ضمير الشَّأْن إِلَيْهِ فَإِنَّهُ روى بِنصب القلوص على أَنه مفعول أول لجعل بِمَعْنى صير وَالْفَاعِل ضمير الْمَرْأَة. وَيرد على القَوْل الآخر أَن الإلغاء لَا يكون فِي أَفعَال التصيير وَإِنَّمَا يجوز فِي أَفعَال الْقُلُوب.
وَقد أَخطَأ الْعَيْنِيّ فِي هَذِه الْكَلِمَة من وَجْهَيْن: الأول: أَنه قَالَ: جعل هُنَا من أَفعَال المقاربة وَإِنَّمَا هِيَ من أَفعَال الشُّرُوع.
وَالثَّانِي: أَنه قَالَ: وَجعلت هُنَا على صِيغَة الْمَجْهُول أسندت إِلَى