الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَأنْشد بعده
(الشَّاهِد الثَّالِث عشر بعد السبعمائة)
الْبَسِيط
(
كَذَاك أدبت حَتَّى صَار من خلقي
…
إِنِّي وجدت ملاك الشيمة الْأَدَب)
على أَن وجدت قد ألغي عَن الْعَمَل مَعَ تقدمه وَهُوَ ضَعِيف وقبيح.
وخرجه الشَّارِح الْمُحَقق تبعا لسيبويه على تَقْدِير لَام الِابْتِدَاء أَو على تَقْدِير ضمير الشَّأْن تبعا أما على الأول فَتكون معلقَة عَن الْعَمَل فِي اللَّفْظ بلام الِابْتِدَاء الْمقدرَة وَيكون مَا بعْدهَا من الْمُبْتَدَأ وَالْخَيْر فِي مَحل نصب على أَنَّهُمَا سادان مسد مفعولي وجد.
وَأما على الثَّانِي فَيكون ضمير الشَّأْن الْمَحْذُوف هُوَ الْمَفْعُول الأول وَالْجُمْلَة بعده فِي مَحل الْمَفْعُول الثَّانِي.
قَالَ ابْن جني فِي إِعْرَاب الحماسة: أَرَادَ: وجدته ملاك الشيمة الْأَدَب كَقَوْلِك: ظننته زيد منطلق أَي: ظَنَنْت الْأَمر والشأن زيد منطلق إِلَّا أَنه حذف الضَّمِير فِي وجدت للضَّرُورَة كَمَا حذف أَيْضا فِي بَيت الْكتاب: الْخَفِيف
(إِن من لَام فِي بني بنت حسا
…
ن
…
...
…
. . الْبَيْت)
أَرَادَ: إِنَّه من لَام. أَلا ترى أَن من هُنَا شَرط فَلَا ينصبها مَا قبلهَا كالاستفهام. وعَلى هَذَا)
تَقول: ظَنَنْت أَبوك أَخُوك أَي: ظننته. فاعرفه. اه.
وَالْفرق بَين الإلغاء وَالتَّعْلِيق أَن الأول: إبِْطَال الْعَمَل لفظا ومحلاً وَالثَّانِي: إِبْطَاله لفظا لَا محلا لمجيء مَا لَهُ صدر الْكَلَام. وَكَأن الْعَيْنِيّ لم يفرق بَينهمَا لقَوْله:
ألغي عمل وجدت لكَون لَام الِابْتِدَاء مقدرَة وَالصَّوَاب علق وجدت عَن الْعَمَل لفظا لكَون لَام الِابْتِدَاء مقدرَة.
وَلَا يخفى أَن هَذَا التَّخْرِيج على كَلَام ابْن جني يكون من بَاب غسل الدَّم بِالدَّمِ. وَالصَّحِيح أَن حذف ضمير الشَّأْن لَا يخْتَص بالشعر. وَمِنْه الحَدِيث: إِن من أَشد النَّاس عذَابا يَوْم الْقِيَامَة المصورون وحكاية الْخَيل: إِن بك زيد مَأْخُوذ.
وَلم يُورد ابْن عُصْفُور هَذَا فِي كتاب الضرائر.
وَالْبَيْت أوردهُ أَبُو تَمام فِي الحماسة مَعَ بَيت قبله وَنسبه إِلَى بعض الفزاريين وَهُوَ:
(أكنيه حِين أناديه لأكرمه
…
وَلَا ألقبه والسوءة اللقب)
لَكِن رِوَايَته بِنصب القافيتين وَلَا تحْتَاج إِلَى مَا ذكر من التَّوْجِيه وَيكون اللقب على رِوَايَته مفعول ألقبه. والسوءة مَنْصُوبَة أَيْضا.
قَالَ ابْن جني: نصب السوءة لِأَنَّهُ جعلهَا مَفْعُولا مَعَه أَي: لَا ألقبه مَعَ السوءة اللقبا مقترناً بالسوءة.
أَلا ترى أَنَّك تَجِد هَذَا الْمَعْنى فِي الْمَفْعُول مَعَه تَقول: قُمْت وزيداً فتجد مَعْنَاهُ قُمْت مقترناً بزيد. اه.
قَالَ ابْن النَّاظِم تَقْدِيم الْمَفْعُول مَعَه على مصحوبه اتّفق الْجُمْهُور على مَنعه وَأَجَازَهُ أَبُو الْفَتْح فِي الخصائص وَاسْتدلَّ بقوله:
الطَّوِيل
جمعت وفحشاً غيبَة ونميمة وَلَا ألقبه والسوءة اللقبا على رِوَايَة نصب السوءة واللقب أَرَادَ: وَلَا ألقبه اللقب والسوءة أَي: مَعَ السوءة لِأَن من اللقب مَا يكون لغير سوءة كتلقيب الصّديق عتيقاً لعتاقة وَجهه فَلهَذَا قَالَ الشَّاعِر: وَلَا ألقبه اللقب مَعَ السوءة أَي: إِن لقبته لقبته بِغَيْر سوءة.
قَالَ الشَّيْخ يَعْنِي وَالِده وَلَا حجَّة لِابْنِ جني فِي الْبَيْتَيْنِ لِإِمْكَان جعل الْوَاو فيهمَا عاطفة قدمت هِيَ ومعطوفها وَذَلِكَ فِي الْبَيْت الأول ظَاهر وَأما فِي الْبَيْت الثَّانِي فعلى أَن يكون أَصله وَلَا ألقبه)
اللقب وأسوؤه السوءة ثمَّ حذف ناصب السوءة كَمَا حذف ناصب الْعُيُون من قَوْله: الوافر فزججن الحواجب والعيونا ثمَّ قدم العاطف ومعمول الْفِعْل الْمَحْذُوف. اه.
وَأما على رِوَايَة رفع القافية فالسوءة مَرْفُوعَة على الِابْتِدَاء واللقب الْخَبَر وَالْجُمْلَة حَال من الْهَاء. والسوءة بِالْفَتْح: اللَّفْظَة القبيحة.
-
وَقَالَ الْعَيْنِيّ على رِوَايَة نصب القافيتين: وَيجوز أَن يكون انتصاب السوءة على الْمَعْنى يعْمل فِيهِ معنى لَا ألقبه فَيكون على هَذَا من بَاب:
مجزوء الْكَامِل
(يَا لَيْت بعلك قد غَدا
…
مُتَقَلِّدًا سَيْفا ورمحا)
وَإِن رفع فارتفاعه يجوز أَن يكون بِالِابْتِدَاءِ وَيكون الْخَبَر مضمراً كَأَنَّهُ قَالَ: والسوءة ذَاك. يَعْنِي إِن لقبته وَالْفُحْش فِيهِ.
وَيجوز أَن يكون مُبْتَدأ وَخَبره اللقبا يكون مصدرا كالجمزى. وَيجوز أَن يكون خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف كَأَنَّهُ قَالَ: لَا ألقبه اللقبا وَهُوَ السوءة. اه.
وَهَذِه الِاحْتِمَالَات لَا فَائِدَة فِيهَا سوى تسويد الْوَرق. على أَن اللقبا بِالْألف مَقْصُورا غير مَوْجُود.
وَقَوله: أكنيه حِين أناديه الْعَرَب إِذا أَرَادَت تَعْظِيم الْمُخَاطب خاطبته بالكنية وَعدلت عَن التَّصْرِيح باسمه. وصف الشَّاعِر نَفسه بِحسن الْعشْرَة مَعَ صَاحبه.
وَقَوله: كَذَاك أدبت هُوَ بِالْبِنَاءِ للْمَفْعُول وَالْكَاف هُنَا اسْم مفعول مُطلق أَي: أدبت تأديباً مثل ذَلِك وَالْإِشَارَة إِلَى الْبَيْت الأول. وَحَتَّى ابتدائية كَقَوْلِه تَعَالَى: حَتَّى عفوا وَاسم صَار الضَّمِير الْمُسْتَتر فِيهَا الْعَائِد إِلَى الْأَدَب الْمَفْهُوم من أدبت. وَمن خلقي خبر صَار.
وَقَوله: إِنِّي وجدت بِكَسْر الْهمزَة اسْتِئْنَاف أرْسلهُ مثلا. وَقَالَ الْعَيْنِيّ: الْكَاف للتشبيه أَي: كَمثل الْأَدَب الْمَذْكُور. وَحَتَّى للغاية بِمَعْنى إِلَى. وَمن مُتَعَلق بصار.
وَقَوله: أَنِّي وجدت بِفَتْح الْهمزَة فَاعل صَار. هَذَا كَلَامه وَفِيه خلل من وُجُوه.