الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَأنْشد بعده
(الشَّاهِد الْخَامِس عشر بعد السبعمائة)
الوافر
(ولستم فاعلين إخال حَتَّى
…
ينَال أقاصي الْحَطب الْوقُود)
على أَن إخال الملغاة وَقعت مُعْتَرضًا بهَا بَين اسْم الْفَاعِل وَهُوَ فاعلين وَبَين معموله وَهُوَ حَتَّى فَإِنَّهَا جَارة بِمَعْنى إِلَى مُتَعَلقَة بِهِ. وينال مَنْصُوب بِأَن مضمرة بعْدهَا.
وَالْبَيْت من أَبْيَات سِتَّة لعقيل بن علفة أوردهَا أَبُو تَمام فِي الحماسة وَهِي:
(تناهوا واسألوا ابْن أبي لبيد
…
أأعتبه الضبارمة النجيد)
(ولستم فاعلين إخال حَتَّى
…
ينَال أقاصي الْحَطب الْوقُود)
(وَأبْغض من وضعت إِلَيّ فِيهِ
…
لساني معشر عَنْهُم أذود)
(وَلست بسائل جارات بَيْتِي
…
أغياب رجالك أم شُهُود)
(وَلَا ملق لذِي الودعات سَوْطِي
…
ألاعبه وريبته أُرِيد
)
فِي شرح التبريزي: البيتان الأخيران لِابْنِ أبي نمير القتالي من بني مرّة جَاءَ بهما أَبُو تَمام ضلة فِي هَذِه الأبيات وليستا مِنْهَا. وَكَذَا قَالَ أَبُو عبيد الْبكْرِيّ فِي اللآلي شرح أمالي القالي نقلا عَن أبي الْفضل الرياش.
قَوْله: تناهوا واسألوا
…
إِلَخ كِلَاهُمَا فعل أَمر من النَّهْي وَالسُّؤَال. والضبارمة بِضَم الْمُعْجَمَة بعْدهَا مُوَحدَة هُوَ الجريء على الْأَعْدَاء. وَيُسمى الْأسد ضبارمة. وَيُقَال: هُوَ الْأسد الوثيق الْخلق الْكثير اللَّحْم.
والنجيد: ذُو النجدة وَهُوَ الْبَأْس والشدة. وأعتبه بِمَعْنى أرضاه. وَلَيْسَ يُرِيد الرِّضَا وَلَكِن يُرِيد: هَل جازيته بِمَا فعل لي لِأَنَّهُ لما جنى عَلَيْهِ فَكَأَنَّهُ استدعى شَره كَمَا يَسْتَدْعِي الرجل الْعُتْبِي من صَاحبه.
يَقُول: كفوا عَمَّا أَنْتُم عَلَيْهِ من تهييج الشَّرّ واسألوا هَذَا الرجل هَل أرضاه الْأسد الْقوي الشَّديد لما تحكك بِهِ وَهل وفاه مَا اسْتَحَقَّه عَلَيْهِ كَابْن أبي لبيد كَانَ أَجْدَر مِنْهُم بِأَن ينَال البغية مِنْهُ لشدَّة شَكِيمَته وقوته فأخفق. يَقُول: سلوه عَن وتره عِنْده هَل نقضه ثمَّ لينهكم ذَلِك عَن الجراءة على مثلي.
وَقَوله: ولستم فاعلين
…
إِلَخ حذف مفعول فاعلين وَهُوَ مَا دلّ عَلَيْهِ فِي الْبَيْت قبله تناهوا)
كَأَنَّهُ قَالَ: ولستم فاعلين التناهي. والوقود بِالضَّمِّ: إيقاد النَّار وبالفتح: الْحَطب. والأقصى: الْأَبْعَد. وَهَذَا مثل تمثل بِهِ فِي انْتِهَاء الشَّرّ.
يَقُول: لَسْتُم متناهين عَمَّا أكرهه مِنْكُم حَتَّى يعمكم الشَّرّ ويبلغ الْبلَاء أقْصَى الْمبلغ فيتعدى من الْأَقَارِب إِلَى الأباعد وَمن السقيم إِلَى البريء. وَذكر الْحَطب والوقود هُنَا مثلا لتفاقم الشَّرّ واتساع الْمَكْرُوه.
-
وَقَوله: وَأبْغض من وضعت
…
إِلَخ فِيهِ تَقْدِيم وَتَأْخِير وَأَصله: وَأبْغض من وضعت لساني فِيهِ إِلَى معشر أذود عَنْهُم أَي: أبْغض الْأَشْيَاء إِلَيّ أَن أهجو معشري الَّذين يلْزَمنِي الذب عَنْهُم فَمن هُنَا نكرَة مَوْصُوفَة وَصفته الْجُمْلَة الَّتِي هِيَ وضعت لساني فِيهِ وَقد فصل بَينهمَا بقوله: إِلَيّ وَهُوَ أَجْنَبِي مِنْهَا. وَهَذَا فِي الصّفة أقرب مِنْهُ فِي الصِّلَة.
وَقَوله: وَلست بسائل
…
. إِلَخ كنى فِي الْبَيْت عَن عفته. يَقُول: لَا أكلم جارتي لِأَنِّي أصونها عَن الْكَلَام. وَيجوز أَن يكون تعرضاً للَّذي يهجوه أَي: لَا أغتنم الْخلْوَة لجارات بَيْتِي فأتطلب غيبَة رِجَالهنَّ عَنْهُن.
وَقَوله: وَلست بصادر
…
إِلَخ يَقُول: إِذا دَعَاني الْجَار إِلَى بَيته يكرمني ببره لَا أصدر عَن بَيته والطمع فِي مَاله بِحَالهِ كَمَا يصدر العير عَن المَاء وَقد غمره الْوُرُود. والتغمير كالتصريد وَهُوَ شرب دون الرّيّ وَمِنْه الْغمر للقدح الصَّغِير. وَقيل: فِي غمره إِنَّه بِمَعْنى أرواه من الْغمر وَهُوَ المَاء الْكثير.
فَيكون الْمَعْنى: لَا أتهالك على طَعَامه كالمنهوم الخسيس الهمة لكنني آكل آكلاً كَرِيمًا. وَالْمعْنَى الأول أوجه. وَقيل: مَعْنَاهُ إِنِّي لَا أصدر عَن بَيته وَنَفْسِي تَدعُونِي إِلَى صَاحِبَة الْبَيْت لِأَنِّي رجعت مسرعاً حِين علمت بمَكَان جاري عَنهُ كَمَا يفعل العير إِذا أحس بالقانص.
وَقَوله: وَلَا ملق لذِي الودعات
…
إِلَخ الودعة: الخرزة تعلق فِي عنق الصَّبِي أَي: لَا أشغل الصَّبِي ذَا الودعات بسوطي وَأَنا أُرِيد
ريبته أَي: رِيبَة أمه.
ويروى: وربته أُرِيد وعَلى هَذَا فَالْمُرَاد أمه لِأَنَّهَا تربه وتملك أمره. وَيجوز أَن يُرِيد بِذِي الودعات: ابْن أمة وَيُرِيد بربته مولاته. وَجُمْلَة: ألاعبه حَال.
-
وَعقيل بن علفة شَاعِر إسلامي فِي الدولة الإسلامية المروانية تقدّمت تَرْجَمته فِي الشَّاهِد التَّاسِع وَالْعِشْرين بعد الثلثمائة.)
وَأنْشد بعده وَهُوَ من شَوَاهِد سِيبَوَيْهٍ: الْكَامِل
(وَلَقَد علمت لتأتين منيتي
…
إِن المنايا لَا تطيش سهامها)
على أَن علم نزل منزلَة الْقسم فَيكون جملَة لتأتين جَوَاب الْقسم الَّذِي هُوَ علمت وَحِينَئِذٍ تخرج عَمَّا نَحن فِيهِ فَلَا تَقْتَضِي مَعْمُولا وَلَا تتصف بِعَمَل لوا تَعْلِيق وَلَا إِلْغَاء.
وَهَذَا مَأْخُوذ من كَلَام سِيبَوَيْهٍ فَإِنَّهُ أورد هَذَا الْبَيْت فِي بَاب أَفعَال الْقسم وَقَالَ: كَأَنَّهُ قَالَ: وَالله لتأتين منيتي كَمَا قَالَ: قد علمت لعبد الله خير مِنْك. اه.
وَيجوز أَن تبقى علم هُنَا على بَابهَا وَتَكون معلقَة بلام الْقسم فَيكون جملَة: لتأتين منيتي
جَوَابا لقسم مَحْذُوف تَقْدِيره: وَلَقَد علمت وَالله لتأتين منيتي.
وجملتا الْقسم وَالْجَوَاب فِي موقع نصب بعلمت الْمُعَلق.
وَإِلَى هَذَا ذهب ابْن النَّاظِم فِي شرح الألفية قَالَ: وَمِنْهَا أَي: من المعلقات لَام الِابْتِدَاء وَالْقسم كَقَوْلِه تَعَالَى: وَلَقَد علمُوا لمن اشْتَرَاهُ مَاله فِي الْآخِرَة من خلاق وكقول الشَّاعِر: وَلَقَد علمت لتأتين منيتي
…
...
…
... . الْبَيْت وَقَررهُ ابْن هِشَام فِي شرح شواهده وَجوز الْوَجْه الأول أَيْضا فِيهِ ثمَّ قَالَ: وَيَأْتِي الْوَجْهَانِ فِي الْآيَة الْكَرِيمَة أَيْضا.
وَالسَّابِق إِلَى تَجْوِيز الْوَجْهَيْنِ فِي الْآيَة وَالْبَيْت ابْن جني فِي سر الصِّنَاعَة قَالَ فِيهِ: وَأما قَوْله تَعَالَى: وَلَقَد علمُوا لمن اشْتَرَاهُ الْآيَة. فَاللَّام فِي لقد لَام الْقسم وَهُوَ مَحْذُوف وَالتَّقْدِير: وَالله لقد علمُوا.
وَاللَّام فِي لمن اشْتَرَاهُ لَام الِابْتِدَاء وَمن بِمَنْزِلَة الَّذِي مُبْتَدأ وصلته اشْتَرَاهُ وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَة خَبره وَالْجُمْلَة فِي مَوضِع نصب بعلموا كَمَا تَقول: قد علمت لزيد أفضل مِنْك فلام الِابْتِدَاء وهمزة الِاسْتِفْهَام فِي التَّعْلِيق سَوَاء. وَهَذَا مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ.
وَذهب غَيره إِلَى جعل من شرطا وَجعل اللَّام فِيهِ كَالَّتِي تعترض زَائِدَة بَين الْقسم والمقسم عَلَيْهِ فالتقدير: وَالله لقد علمُوا لَئِن أحد اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَة من خلاق. وَفِي جعل من للشّرط بعض الضعْف وَذَلِكَ أَن علمُوا تَقْتَضِي مفعولها فَإِذا أوقعت الْقسم بعْدهَا صَار التَّقْدِير: وَلَقَد علمُوا أَحْلف بِاللَّه لَئِن اشْتَرَاهُ أحد.)
وَإِذا تأدى الْأَمر إِلَى هَذَا قبح أَن تلِي علمت فعل الْقسم لِأَنَّهَا وَأَخَوَاتهَا إِنَّمَا يدخلن على الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر.
فَإِن قلت: فعلام تجيز كَون من شرطا وَقد قدمت قبح ذَلِك
فَالْجَوَاب أَن جَوَاز ذَلِك على أَن تجْعَل علمُوا نَفسهَا قسما. وَقد استعملتها الْعَرَب بِمَعْنى الْقسم. وَمن أَبْيَات الْكتاب:
فَكَأَنَّهُ قَالَ: وَالله لتأتين منيتي.
فَإِن قلت: فَإِذا جعلت علمُوا جَارِيا مجْرى الْقسم وعندك أَن اللَّام فِي لقد دَالَّة على الْقسم الْمَحْذُوف فَكَأَنَّهُ عنْدك: وَالله لقد علمُوا وقولك: لقد علمُوا جَار مجْرى الْقسم فَكيف يجوز على هَذَا دُخُول الْقسم على الْقسم أَولا ترى أَن الْخَلِيل وسيبويه ذَهَبا فِي قَوْله تَعَالَى: وَالشَّمْس وَضُحَاهَا وَالْقَمَر إِذا تَلَاهَا أَن جَمِيع مَا بعد الْوَاو الأولى من الواوات إِنَّمَا هُوَ حرف عطف لِئَلَّا يدْخل قسم على قسم فَيبقى الأول مِنْهُمَا غير مجاب.
فَالْجَوَاب: أَن ذَلِك إِنَّمَا جَازَ فِي علمُوا من حَيْثُ كَانَ إِنَّمَا هُوَ فِي معنى الْقسم وَلَيْسَ قسما صَرِيحًا وَإِنَّمَا هُوَ بِمَنْزِلَة اشْهَدْ لقد كَانَ كَذَا. فلأجل هَذَا جَازَ أَن تكون من فِي لمن اشْتَرَاهُ شرطا وَاللَّام فِي أَولهَا مُؤَكدَة للشّرط. فاعرف ذَلِك. اه.
وَالْبَيْت نسبه سِيبَوَيْهٍ فِي كِتَابه للبيد وَالْمَوْجُود فِي معلقته إِنَّمَا هُوَ المصرع الثَّانِي وصدره: صادفن مِنْهَا غرَّة فأصبنه وَالنُّون من صادفن ضمير الذئاب وَضمير مِنْهَا ضمير الْبَقَرَة الوحشية وَالْهَاء فِي أصبنه ضمير ولد الْبَقر.
وَلم