الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَأنْشد بعده
(الشَّاهِد الْحَادِي وَالْخَمْسُونَ بعد السبعمائة)
الطَّوِيل على أَن السِّين فِي قَوْله: ستطفئ قَائِمَة عِنْد الْمُتَأَخِّرين مقَام أَن لِكَوْنِهِمَا للاستقبال.
قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ فِي الْمفصل: وَلما انحرف الشَّاعِر فِي هَذَا الْبَيْت عَمَّا عَلَيْهِ الِاسْتِعْمَال جَاءَ بِالسِّين الَّتِي هِيَ نظيرة أَن يَعْنِي لما لم يَأْتِ الشَّاعِر بِمَا حَقه أَن يَجِيء بِهِ مَعَ عَسى فِي الْخَبَر وَهُوَ أَن أَتَى بِمَا يقوم مقَامه فِي الدّلَالَة على الِاسْتِقْبَال وَهُوَ السِّين. وعَلى أَن ذَلِك شَاذ.
وكما دخل أَن فِي خبر لَعَلَّ حملا على عَسى دخل السِّين فِي خبر عَسى حملا على لَعَلَّ.
وَالْبَيْت آخر أَبْيَات أَرْبَعَة أوردهَا أَبُو تَمام فِي بَاب المراثي من الحماسة وَعَزاهَا لقسام بن رَوَاحَة السنبسي. وَقَبله:
(لبئس نصيب الْقَوْم من أخويهم
…
طراد الْحَوَاشِي واستراق النَّوَاضِح)
(وَمَا زَالَ من قَتْلَى رزاح بعالج
…
دم ناقع أَو جاسد غير ماصح)
(دَعَا الطير حَتَّى أَقبلت من ضرية
…
دواعي دم مهراقة غير بارح)
عَسى طَيئ من طَيئ
…
...
…
... . . الْبَيْت)
يُرِيد بأخويهم: صاحبيهم يُقَال: يَا أَخا بكر يُرَاد: يَا وَاحِدًا
مِنْهُم. والحاشية: صغَار الْإِبِل ورذالها. والنواضح: جمع نَاضِح وَهِي الْإِبِل الَّتِي يستسقى عَلَيْهَا المَاء جعلت كَأَنَّهَا تنضح الزَّرْع وَالنَّخْل. وطراد وَمَا عطف عَلَيْهِ بدل من نصيب يَقُول: إِنَّهُم لَا يقدمُونَ على الْقَوْم يَعْنِي: بلغ من جبنهم أَن لَا يتَعَرَّضُوا للرعاة إِلَّا سَرقَة يسرقون النَّوَاضِح ويطردون الْحَوَاشِي فيرضون بذلك من طلب الثأر فبئس الْعِوَض ذَلِك من دم أخويهم يهزأ بهم.
وَهَذَا تَعْرِيض بِمن وَجب عَلَيْهِ طلب الدَّم فاقتصر على الْغَارة وسرقة الْإِبِل. وَفِيه بعث على طلب الدَّم. وأكد ذَلِك بقوله: وَمَا زَالَ من قَتْلَى رزاح
…
. إِلَخ وَهُوَ برَاء مَفْتُوحَة وزاي وحاء مُهْملَة: قَبيلَة من خولان. وقتلى: جمع قَتِيل.
وعالج بِالْجِيم: مَوضِع بالبادية فِيهِ رمل. وَالدَّم الناقع بالنُّون وَالْقَاف قيل: الثَّابِت وَقيل: الطري. وَالدَّم الجاسد بِالْجِيم قيل: الْقَدِيم وَقيل: الْيَابِس. والماصح بالصَّاد الْمُهْملَة من مصح كمنع مصوحاً: ذهب وَانْقطع.
يَقُول: لَا يزَال من مقتولي هَذِه الْقَبِيلَة بِهَذَا الْمَكَان دم طري ويابس غير زائل. يَعْنِي: أَن دِمَاءَهُمْ بَاقِيَة بِحَالِهَا مَا لم يثاروا بهَا لِأَن غسل تِلْكَ الدِّمَاء إِنَّمَا يكون بِمَا يصب من دِمَاء أعداءهم. وَلم يكتف بِهَذَا الإغراء حَتَّى قَالَ: دَعَا الطير
…
. إِلَخ
يَقُول: دَعَا دواعي دِمَائِهِمْ طيور الْأَمَاكِن الْبَعِيدَة وَالْجِبَال المطلة حَتَّى أَتَت سباعهم وطيورها وَقعت عَلَيْهَا تَأْكُل مِنْهَا.
ومهراقة: الْهَاء ضمير الدَّم يَعْنِي: أَنه مصبوب فِي مَوْضِعه لم يزل وَلم يحل. قَالَ الطبرسي: وَيجوز أَن يُرِيد بالمهراق الْموضع المصبوب فِيهِ الدَّم. وَفِيه حث على طلب الثأر.
وضرية: اسْم بِلَاد تشْتَمل على بِلَاد سميت باسم ضرية بنت ربيعَة بن نزار كَمَا قيل للْمَاء الَّذِي بَين
الْبَصْرَة وَمَكَّة الحوءب كجعفر بِالْحَاء الْمُهْملَة سمي بالحوءب بنت كلب بن وبرة.
وَقَوله: عَسى طَيئ
…
إِلَخ قَالَ المرزوقي: عَسى لَفْظَة وضعت للترجي والتأميل إِلَّا أَنَّهَا تؤذن بِأَن الْفِعْل مُسْتَقْبل مطموع فِيهِ. وَوضع السِّين بدل أَن فِي خبر عَسى لاشْتِرَاكهمَا فِي الدّلَالَة على الِاسْتِقْبَال مَعَ أَن السِّين أشهر فِيهَا.
وَمعنى عَسى طَيئ: لَعَلَّ الْبَطن المغلوب من هَذِه الْقَبِيلَة فِي الْقِتَال ينتصف من الْبَطن الْغَالِب مِنْهَا فِيهِ.
وَقَوله: بعد هَذِه إِشَارَة إِلَى الْحَالة الْحَاضِرَة بالتذكير الجامعة لكل مَا ذكره.)
والغلات: جمع غلَّة بِالضَّمِّ: حرارة الْجوف. وَالْمعْنَى: المرجو من أَوْلِيَاء الدَّم أَن يطلبوا الثأر فِي الْمُسْتَقْبل وَإِن كَانُوا أخروه إِلَى هَذِه الْغَايَة فتسكن نفوس وتبرد قُلُوب.
وَكَانَت القبيلتان مَعًا من طَيئ لِأَن طيئاً قبائل يكون أبدا بَينهم قتال. وطيئ بِالْهَمْزَةِ على وزن السَّيِّد وَقد تحذف الْهمزَة فَيبقى كحي.
والكلى: جمع كُلية أَو كلوة. والجوانح: الضلوع جمع جانحة. قَالَ بَعضهم: الْغلَّة إِنَّمَا تكون فِي الْقلب وَلكنه أَرَادَ الْمُبَالغَة أَي: تجَاوز الْقلب والكبد إِلَى الْكُلية.
وَقَالَ الْخَوَارِزْمِيّ: إِن سُئِلَ أَي غلَّة للكلى حَتَّى أضيفت إِلَيْهَا أُجِيب بِأَن المزاج عِنْد وُرُود الهموم وَالْأَحْزَان عَلَيْهِ مِمَّا ينفعل ويسخن فَإِذا سخن المزاج حمي الْبَوْل واحتد وَالْبَوْل مَمَره على الكلى فَكَأَنَّهُ قَالَ: ستطفئ الغلل الَّتِي يظْهر أَثَرهَا فِي الْبَوْل. هَذَا كَلَامه.