الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اسْم جمع صَاحب. وضارج والعذيب: مكانان أَي: قعدت لذَلِك الْبَرْق أنظر من أَيْن يَجِيء بالمطر.
وَمعنى قَوْله: بعد مَا متأملي: مَا أبعد مَا تَأَمَّلت. وَحَقِيقَته أَنه نِدَاء مُضَاف.
وَهِي تحْتَمل مَعْنيين: أَحدهمَا: أَن الْمَعْنى بَعُد ثمَّ حذف الضمة. وَيجوز أَن يكون الْمَعْنى بعد مَا تَأَمَّلت. هَذَا كَلَامه.
وَقَالَ الزوزني: يَقُول قعدت للنَّظَر إِلَى السَّحَاب وأصحابي بَين هذَيْن الْمَوْضِعَيْنِ وَكنت مَعَهم)
فَبعد متأملي وَهُوَ المنظور إِلَيْهِ أَي: بعد السَّحَاب الَّذِي كنت أنظر إِلَيْهِ وأرقب مطره وأشيم برقه. يُرِيد أَنه نظر إِلَى هَذَا السَّحَاب من مَكَان بعيد فتعجب من بعد نظره. انْتهى.
وَحَاصِله أَن بَعْدَ بِالْفَتْح فعل مَاض مسكن الْعين وَمَا زَائِدَة ومتأملي اسْم مفعول وَاقع على السَّحَاب مُضَاف إِلَى يَاء الْمُتَكَلّم كَمَا سبق من تَقْرِير كَلَام الشَّارِح الْمُحَقق من أَنه مصدر مُضَاف إِلَى الْيَاء.
ثمَّ قَالَ الزوزني: وَقَالَ بَعضهم: إِن مَا فِي الْبَيْت بِمَعْنى الَّذِي وَتَقْدِيره: بَعُدَ مَا هُوَ متأملي وترجمة امْرِئ الْقَيْس تقدّمت فِي الشَّاهِد التَّاسِع وَالْأَرْبَعِينَ.
وَأنْشد بعده
(الشَّاهِد الْحَادِي وَالسَّبْعُونَ بعد السبعمائة)
الطَّوِيل وَحب بهَا مقتولة حِين تقتل
على أَن حب فِيهِ للمدح وَالْعجب وَأَصلهَا حبب بِضَم الْعين للتحويل الْمَذْكُور. فَإِن نقلنا حَرَكَة الْعين إِلَى الْفَاء بعد حذف حركتها صَار حب بِضَم الأول. وَإِن حذفنا ضمة الْعين صَار حب بِفَتْح الأول والإدغام فِي الصُّورَتَيْنِ وَاجِب لِاجْتِمَاع المثلين وَالْأول مِنْهُمَا سَاكن. وفاعلها الضَّمِير الْمُؤَنَّث الْمَجْرُور بِالْبَاء لِأَن هَذِه الصِّيغَة تعجبية لكَونهَا بِمَعْنى أحبب بهَا.
قَالَ ابْن الْحَاجِب فِي أمالي الْمفصل: مقتولة نصب على الْحَال من الضَّمِير فِي بهَا وَبهَا فَاعل حب زيدت فِيهِ الْبَاء على غير قِيَاس كَقَوْلِه: كفى بِاللَّه شَهِيدا. وَقَالَ صَاحب التخمير: الْبَاء فِي بهَا هَاهُنَا للتعجب وَنَظِيره قَوْلهم: كَفاك بزيد رجلا.
وَقَالَ ابْن السراج: الْبَاء دخلت لِأَنَّهَا دَلِيل التَّعَجُّب كَمَا قَالُوا: إِنَّك من رجل عَالم لم تسْقط من قَالَ ابْن يعِيش: حب من المضاعف الَّذِي عينه ولامه من بَاب أحد وَفِيه لُغَتَانِ حب وَأحب وَأحب أَكثر فِي الِاسْتِعْمَال. وَأما حب فوزنه فعل بِفَتْح الْعين قَالَ الشَّاعِر:
الطَّوِيل
(فوَاللَّه لَوْلَا تمره مَا حببته
…
وَلَا كَانَ أدنى من عبيد ومشرق)
فَإِذا أُرِيد بِهِ الْمَدْح نقل إِلَى فعل فَتَقول: حب زيد أَي: صَار محبوباً وَمِنْه قَوْله: حب بهَا مقتولة حِين تقتل
وَكَذَلِكَ قَول الآخر: الْكَامِل)
هجرت غضوب وَحب من يتَجَنَّب وَذهب الْفراء إِلَى أَن حب أَصله حَبُب مضموم الْعين وَاسْتدلَّ بقَوْلهمْ: حبيب وفعيل بَابه فعل كظريف وكريم من ظرف وكرم. وَالصَّوَاب مَا ذَكرْنَاهُ لِأَنَّهُ قد جَاءَ مُتَعَدِّيا وَفعل لَا يكون مُتَعَدِّيا.
فَأَما قَوْلهم: حبيب فَلَا دَلِيل فِيهِ لِأَنَّهُ مفعول فحبيب ومحبوب وَاحِد فَهُوَ كجريح وقتيل.
وحبِيب من حب إِن أُرِيد بِهِ الْمَدْح فَاعل كظريف. وَحب فعل متصرف تَقول مِنْهُ: حبه يُحِبهُ بِالْكَسْرِ وَهُوَ من الشاذ لِأَن فعل إِذا كَانَ مضاعفاً مُتَعَدِّيا فمضارعه يفعل بِالضَّمِّ نَحْو: رده يردهُ وشده يشده. وَقَالُوا فِي الْمَفْعُول مَحْبُوب وَقل محب. وَجَاء محب فِي اسْم الْفَاعِل وَقل
هَذَا وَالرِّوَايَة فِي الْبَيْت: وَأطيب بهَا مقتولة حِين تقتل بِصِيغَة التَّعَجُّب من الطّيب. وَقَبله: فَقلت اقتلوها عَنْكُم بمزاجها وَقتل الْخمر: مزجها وَكسر قوتها بِالْمَاءِ. جعل مزجها بِالْمَاءِ قتلا لَهَا. وَرَوَاهُ أَبُو حنيفَة الدينَوَرِي فِي كتاب النَّبَات.
(فلذت لمرتاح وَطَابَتْ لشارب
…
وأحبب بهَا مقتولة حِين تقتل)
وَقَالَ: إِذا كَانَت الْخمر طيبَة فَهِيَ لَذَّة نعت لَهَا. وَقد لذت لشاربها تلذ لَذَّة ولذها شاربها يلذها لذاً ولذاذة. انْتهى.
وَهَذَا مركب من بَيْتَيْنِ كَمَا يَأْتِي.
وَالْبَيْت من قصيدة للأخطل النَّصْرَانِي مدح بهَا خَالِد بن عبد الله بن أسيد بن أبي الْعيص بن أُميَّة وَكَانَ أحد أجواد الْعَرَب فِي الْإِسْلَام.
وَهَذِه القصيدة أول ديوانه وَقَبله: الطَّوِيل
(وجاؤوا ببيسانية هِيَ بَعْدَمَا
…
يعل بهَا الساقي ألذ وأسهل)
(فلذت لمرتاح وَطَابَتْ لشارب
…
وراجعني مِنْهَا مراح وأخيل)
(فَمَا لبثتنا نشوة لحقت بِنَا
…
توابعها مِمَّا نعل وننهل)
…