الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَأنْشد بعده
(الشَّاهِد الثَّامِن وَالْعشْرُونَ بعد السبعمائة)
الوافر
(سراة بني أبي بكر تسامى
…
على كَانَ المسومة العراب
)
على أَن كَانَ فِيهِ زَائِدَة بَين الْجَار وَالْمَجْرُور.
وزيادتها عِنْد الشَّارِح قِسْمَانِ: أَحدهمَا: زِيَادَة حَقِيقِيَّة تزاد غير مفيدة لشَيْء إِلَّا مَحْض التوكيد يكون وجودهَا فِي الْكَلَام وَعدمهَا سَوَاء لَا تعْمل وَلَا تدل على معنى.
ثَانِيهمَا: زِيَادَة مجازية تدل على معنى وَلَا تعْمل.
وَمثل للْأولِ بِهَذَا الْبَيْت وبالآية الشَّرِيفَة وبقولهم: لم يُوجد كَانَ مثلهم. وَمثل للثَّانِي بِمَا كَانَ أحسن زيدا وبقولهم: إِن من أفضلهم كَانَ زيدا وبالبيت أَيْضا فَجعله متردداً بَينهمَا.
وَمَا ذكره أحد مَذَاهِب ثَلَاثَة: الأول: مَذْهَب ابْن السراح وَاخْتَارَهُ ابْن يعِيش قَالَ: وَالَّذِي أرَاهُ أَن تكون زَائِدَة دُخُولهَا كخروجها لَا عمل لَهَا فِي اسْم وَلَا خبر وَلَا هِيَ لوُقُوع شَيْء. وَإِلَيْهِ ذهب ابْن السراج قَالَ فِي أُصُوله: وَحقّ الزَّائِد أَن لَا يكون عملا وَلَا مَعْمُولا وَلَا يحدث معنى سوى التَّأْكِيد.
وَيُؤَيّد ذَلِك قَوْله تَعَالَى: كَيفَ نُكَلِّم من كَانَ فِي المهد صَبيا أَن كَانَ فِي
الْآيَة زَائِدَة وَلَيْسَت النَّاقِصَة إِذْ لَو كَانَت النَّاقِصَة لأفادت الزَّمَان وَلَو أفادت الزَّمَان لم يكن لعيسى عليه السلام فِي ذَلِك معْجزَة لِأَن النَّاس كلهم فِي ذَلِك سَوَاء فَلَو كَانَت الزَّائِدَة تفِيد معنى الزَّمَان لكَانَتْ كالناقصة فَلم يكن للعدول إِلَى جعلهَا زَائِدَة فَائِدَة.
وَمن مَوَاضِع زيادتها قَوْلهم: إِن من أفضلهم كَانَ زيدا فَكَانَ مزيدة لضرب من التَّأْكِيد إِذْ الْمَعْنى أَنه فِي الْحَال أفضلهم وَلَيْسَ المُرَاد أَنه كَانَ فِيمَا مضى إِذْ لَا مدح فِي ذَلِك. ولأنك لَو جعلت لَهَا اسْما وخبراً لَكَانَ التَّقْدِير: إِن زيدا كَانَ من أفضلهَا وَكنت قد قدمت الْخَبَر على اسْم إِن وَلَيْسَ بظرف وَذَلِكَ لَا يجوز.
-
وَقَول الشَّاعِر: على كَانَ المسومة العراب الْبَيْت كَانَ فِيهِ زَائِدَة. وَعند هَذَا الْقَائِل دلالتها على الزَّمَان يَسْتَدْعِي كَونهَا نَاقِصَة.)
الثَّانِي: مَذْهَب السيرافي قَالَ: لسنا نعني أَن دُخُولهَا كخروجها فِي كل معنى وإننا نعني بذلك أَنَّهَا لَيْسَ لَهَا عمل وَلَا هِيَ لوُقُوع شَيْء مَذْكُور وَلكنهَا دَالَّة على الزَّمَان الْمَاضِي وفاعلها مصدرها وَذَلِكَ كَقَوْلِك: زيد كَانَ قَائِم تُرِيدُ كَانَ ذَلِك الْكَوْن وَقد دلّت على الزَّمَان الْمَاضِي وَلَو خلا مِنْهَا الْكَلَام لوَجَبَ أَن يكون ذَلِك فِي الْحَال.
وَقَول الشَّاعِر: على كَانَ المسومة العراب كَانَ ذَلِك الْكَوْن. وَإِذا قد هَذَا التَّقْدِير كَانَت كَانَ وَاقعَة لوُقُوع شَيْء مَذْكُور وَهُوَ ذَلِك الْكَوْن.
أَحدهمَا: أَن تلغى عَن الْعَمَل مَعَ بَقَاء مَعْنَاهَا وَالْآخر: أَن تلغى عَن الْعَمَل وَالْمعْنَى مَعًا. وَإِنَّمَا تدخل لضرب من التَّأْكِيد.
وَالْأول نَحْو قَوْلهم: مَا كَانَ أحسن زيدا المُرَاد أَن ذَلِك كَانَ فِيمَا مضى مَعَ إلغائها عَن الْعَمَل وَمَعْنَاهُ مَا أحسن زيدا أمس فَهِيَ فِي ذَلِك بِمَنْزِلَة ظَنَنْت إِذا ألغيت بَطل عَملهَا لَا غير نَحْو قَوْلك: زيد ظَنَنْت منطلق. أَلا ترى أَن المُرَاد: فِي ظَنِّي.
وَأما الثَّانِي فنحو قَوْله: على كَانَ المسومة العراب وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: كَيفَ نُكَلِّم من كَانَ فِي المهد صَبيا. وَلَو أُرِيد فِيهَا الْمُضِيّ
لم يكن لعيسى عليه السلام فِي ذَلِك معْجزَة لِأَنَّهُ لَا اخْتِصَاص لَهُ بذلك الحكم دون سَائِر النَّاس.
وَقَوله: سراة بني أبي بكر
…
إِلَخ قيل: هُوَ جمع سري وَقيل: اسْم جمع لَهُ وَهُوَ الشريف.
قيل: وَيحْتَمل أَن يكون بِالضَّمِّ جمع سَار كقضاة جمع قَاض. وتسامى أَصله تتسامى بتاءين من السمو وَهُوَ الْعُلُوّ.
والمسومة: الْخَيل الَّتِي جعلت عَلَيْهِ سومة بِالضَّمِّ وَهِي الْعَلامَة وَتركت فِي المرعى.
والعِراب: الْخَيل الْعَرَبيَّة وَهِي خلاف البراذين. وَالْمعْنَى أَن سَادَات بني أبي بكر يركبون الْخُيُول وروى: المطهمة بدل المسومة وَهُوَ التَّام الْخلقَة من كل حَيَوَان. وروى: جِيَاد بني أبي بكر
…
إِلَخ وَهُوَ جمع جواد وَهُوَ الْفرس السَّرِيع الْعَدو. وَالْمعْنَى على هَذِه الرِّوَايَة أَن خيل هَؤُلَاءِ تفضل على خُيُول غَيرهم.)