الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هَذَا: وَقَالَ ابْن الْحَاجِب فِي أَمَالِيهِ: يجوز أَن يكون الْمَعْنى اتركني أتصرف فَأذْهب إِلَى جِهَة فأكفيك جانباً تحْتَاج إِلَى كِفَايَته بتصرفي وذهابي.
وَيجوز أَن يُرِيد: دَعْنِي يَوْمًا وأكفك جانباً يَوْمًا أَي: إِذا تصرفت لنَفْسي يَوْمًا كفيتك جِهَة تخشاها يَوْمًا آخر. اه.
وَقَالَ بعض فضلاء الْعَجم: انتصب جانباً الأول على الظّرْف وَالثَّانِي على أَنه مفعول ثَان لأكفك كَأَنَّهُ خطاب لمن عذله على السّفر والبعد أَي: اتركني أذهب فِي جَانب من الأَرْض وأكفك جانباً من الجوانب الَّتِي تتَوَجَّه إِلَيْهَا.
وَهَذَا الْبَيْت لم أَجِدهُ فِي ديوَان عَمْرو بن معد يكرب فَإِنِّي تصفحت ديوانه مرَارًا فَلم أره فِيهِ كَمَا أَن غَيْرِي تصفح ديوانه فَلم يجده فِيهِ. وَالله أعلم.
-
وَأنْشد بعده
(الشَّاهِد الرَّابِع بعد السبعمائة)
وَهُوَ من شَوَاهِد س: الطَّوِيل.
(بدا لي أَنِّي لست مدرك مَا مضى
…
وَلَا سَابق شَيْئا إِذا كَانَ جائيا)
على أَن قَوْله: سَابق بِالْجَرِّ مَعْطُوف على مدرك على توهم الْبَاء فِيهِ فَإِنَّهُ يجوز زِيَادَة الْبَاء فِي خبر لَيْسَ كَقَوْلِه تَعَالَى: أَلَيْسَ الله بكاف عَبده.
قَالَ سِيبَوَيْهٍ فِي بَاب الْحُرُوف الَّتِي تنزل بِمَنْزِلَة الْأَمر وَالنَّهْي لِأَن فِيهَا معنى الْأَمر وَالنَّهْي: وَسَأَلت الْخَلِيل عَن قَول الله عز وجل: فَأَصدق وأكن فَقَالَ: هُوَ كَقَوْل زُهَيْر: فَإِنَّمَا جروا هَذَا لِأَن الأول تدخله الْبَاء فجاؤوا بِالثَّانِي وَكَأَنَّهُم قد أثبتوا فِي الأول الْبَاء.
وَكَذَلِكَ هَذَا لما كَانَ الْفِعْل الَّذِي قبله قد يكون جزما وَلَا فَاء فِيهِ تكلمُوا
بِالثَّانِي وَكَأَنَّهُم قد جزموا قبله. فعلى ذَلِك توهموا هَذَا. اه.
وَهَذَا كَمَا ترى لَيْسَ فِيهِ الْبَيْت السَّابِق. وَبَيَان الْآيَة وأولها: رب لَوْلَا أخرتني إِلَى أجل قريب فَأَصدق وأكن من الصَّالِحين. أَن لَوْلَا مَعْنَاهَا الطّلب والتحضيض فَإِذا قلت: لَوْلَا تُعْطِينِي مَعْنَاهُ أَعْطِنِي فَإِذا أُتِي لَهَا بِجَوَاب كَانَ حكمه حكم جَوَاب الْأَمر إِذْ كَانَ فِي مَعْنَاهُ وَكَانَ مَجْزُومًا بِتَقْدِير حرف الشَّرْط فَإِذا أجبْت بِالْفَاءِ كَانَ مَنْصُوبًا بِتَقْدِير أَن فَإِذا عطفت عَلَيْهِ فعلا آخر جَازَ فِيهِ وَجْهَان: النصب بالْعَطْف على مَا بعد الْفَاء والجزم على مَوضِع الْفَاء لَو لم تدخل وَتَقْدِير سُقُوطهَا.
وَقد ذكر سِيبَوَيْهٍ هَذَا الْبَيْت فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع أخر من كِتَابه.
أَحدهَا: فِي بَاب الْفَاء عِنْد ذكر نواصب الْفِعْل قَالَ فِيهِ بعد أَن أنْشدهُ: لما كَانَ الأول يسْتَعْمل فِيهِ الْبَاء وَلَا تغري الْمَعْنى وَكَانَت
مِمَّا يلْزم الأول نووها فِي الْحَرْف الآخر حَتَّى كَأَنَّهُمْ قد تكلمُوا بهَا فِي الأول.
ثَانِيهَا: قبيل بَاب يضمرون فِيهِ الْفِعْل لقبح الْكَلَام أنْشدهُ فِيهِ كَذَلِك.
ثَالِثهَا: وَهُوَ أول مَوضِع وَقع فِي كِتَابه أنْشدهُ فِي بَاب اسْم الْفَاعِل يعْمل عمل فعله بِنصب سَابق قَالَ: إِذا كَانَ اسْم الْفَاعِل منوناً ينصب الْمَفْعُول بِهِ.
وَأنكر الْمبرد رِوَايَة الْجَرّ وَقَالَ: حُرُوف الْخَفْض لَا تضمر وتعمل. وَالرِّوَايَة عِنْده: وَلَا سَابِقًا)
بِالنّصب وَلَا سابقي شَيْء بِالْإِضَافَة إِلَى الْيَاء وَرفع شَيْء على أَنه فَاعل سَابق.
وروى أَيْضا: وَلَا سَابق شَيْئا بِالرَّفْع على أَنه خبر لمبتدأ مَحْذُوف وَالتَّقْدِير: وَلَا أَنا سَابق شَيْئا.
قَالَ اللَّخْمِيّ فِي شرح أَبْيَات الْجمل: وَفِي هَذَا الْبَيْت شَاهد آخر وَهُوَ إِضَافَة اسْم الْفَاعِل المعمل وَذَلِكَ قَوْله: مدرك مَا مضى. وَالدَّلِيل على أَنه معمل أَنه خبر لَيْسَ وَلَيْسَ لَا تَنْفِي مَاضِيا وَإِنَّمَا تَنْفِي الْمُضَارع وَعطف سَابق عَلَيْهِ.
-
وَفِيه تَقْدِير الْمصدر على الْمَعْنى إِذْ لم يكن للْفِعْل الْوَاقِع بعْدهَا مصدر فَيكون التَّقْدِير: بدا لي امْتنَاع إِدْرَاك مَا مضى. وَإِنَّمَا قدر الْمصدر من غير اللَّفْظ لِأَن لَيْسَ لَا مصدر لَهَا. بدا: ظهر.
وَأَنِّي بِالْفَتْح. وَجُمْلَة: لست
…
إِلَخ فِي مَحل خبر أَن وَأَن ومعمولاها فِي تَأْوِيل مصدر مَرْفُوع فَاعل بدا. وَمَا: مَوْصُولَة وَمضى صلتها أَو مَا نكرَة وَمضى فِي مَحل الصّفة.
وَإِذا: شَرْطِيَّة حذف جوابها وَيدل عَلَيْهِ مَا قبلهَا. وَلَا يَصح أَن تكون ظرفية لِأَن الشَّيْء لَا يسْبق وَقت مَجِيئه وَإِنَّمَا
يسْبق قبل مَجِيئه وَالْعَامِل فِي إِذا الشّرطِيَّة هُنَا خبر كَانَ أَو نفس كَانَ إِن قُلْنَا بدلالتها على الْحَدث.
وَالْبَيْت نسبه سِيبَوَيْهٍ تَارَة إِلَى زُهَيْر بن أبي سلمى وَتارَة إِلَى صرمة الْأنْصَارِيّ. وَقَالَ ابْن خلف: وَهُوَ الصَّحِيح. ويروى لِابْنِ رَوَاحَة الْأنْصَارِيّ وَقد تقدم إنشاده فِي قصيدة زُهَيْر فِي الشَّاهِد الْخَامِس وَالْخمسين بعد الستمائة.