الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَأنْشد بعده
(الشَّاهِد الرَّابِع وَالثَّلَاثُونَ بعد السبعمائة)
مجزوء الْكَامِل
(تنفك تسمع مَا حييّ
…
ت بهَا لَك حَتَّى تكونه)
على أَن حرف النَّفْي مَحْذُوف وَالتَّقْدِير: لَا تنفك.
وَظَاهره أَن حذف النَّافِي أَي حرف نفي كَانَ يجوز حذفه من هَذِه الْأَفْعَال سَوَاء وَقعت جَوَاب قسم كالآية وَالْبَيْت الَّذِي بعده أم لَا كَهَذا الْبَيْت فَإِنَّهُ لم يتقدمه شَيْء. وَهُوَ الظَّاهِر أَيْضا من كَلَام الزَّمَخْشَرِيّ فِي الْمفصل وَمن كَلَام ابْن هِشَام فِي شرح الشواهد.
لَكِن ابْن يعِيش قيد حرف النَّفْي بِكَوْنِهِ لَا وَأَنه لَا يحذف من هَذِه الْأَفْعَال إِلَّا إِذا وَقعت جَوَاب قسم. قَالَ: إِن حرف النَّفْي قد يحذف فِي بعض الْمَوَاضِع وَإِنَّمَا يسوغ حذفه إِذا وَقع فِي جَوَاب الْقسم وَذَلِكَ لأمن اللّبْس كَقَوْلِه: تزَال حبال مبرمات أعدهَا
…
...
…
...
…
الْبَيْت وَلَا يجوز أَن يحذف من هَذِه الْحُرُوف غير لَا لِأَنَّهُ لَا يجوز حذف لم وَمَا لِأَن لم عاملة فِيمَا بعْدهَا وَلَا يجوز أَن تحذف وتعمل وَكَذَلِكَ مَا قد تكون عاملة فِي لُغَة أهل الْحجاز. انْتهى.
وَيُؤْخَذ مِنْهُ أَنه لَا يجوز حذف إِن أَيْضا لِأَنَّهَا قد تعْمل عمل لَيْسَ.
وَفِي كَلَامه نظر: أما أَولا: فَلِأَنَّهُ قد مثل بِهَذَا الْبَيْت تبعا لصَاحب الْمفصل وتنفك فِيهِ لَيْسَ جَوَاب قسم.
وَأما ثَانِيًا: فَلِأَن الْكَلَام فِي حُرُوف النَّفْي الدَّاخِلَة على الْأَفْعَال وَمَا الحجازية دَاخِلَة على الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر فَأَيْنَ هَذَا من ذَاك وَهل هُوَ إِلَّا اشْتِبَاه.
وَقد تبعه الْمرَادِي فِي شرح التسهيل فِي الثَّانِي قَالَ: وينقاس الْحَذف فِي الْمُضَارع جَوَاب قسم وشذ فِي الْمَاضِي جَوَاب قسم كَقَوْلِه: لعمر أبي دهماء زَالَت عزيزة
أَي: لَا زَالَت. وَشد فِي الْمُضَارع غير جَوَاب كَقَوْلِه: الوافر
(وأبرح مَا أدام الله قومِي
…
بِحَمْد الله منتطقاً مجيداً)
أَي: لَا أَبْرَح وَقيل: لَا حذف.
وَالْمعْنَى: أزول عَن أَن أكون منتطقاً مجيداً أَي: صَاحب نطاق وجواد مَا أدام الله قومِي)
فَإِنَّهُم يكفونني ذَلِك. انْتهى.
وَدَعوى عدم الْحَذف تعسف وَقع فِي أَشد مِمَّا فر مِنْهُ.
وَأغْرب من قَول الْمرَادِي مَا ذهب إِلَيْهِ ابْن عُصْفُور من أَنه ضَرُورَة قَالَ: وَمِنْه إِضْمَار لَا النافية فِي غير جَوَاب الْقسم كَقَوْلِه: تنفك تسمع مَا حييت
…
...
…
... الْبَيْت انْتهى.
فَللَّه در الشَّارِح الْمُحَقق مَا أَجود اخْتِيَاره وَمَا أرصن سبكه.
وَقَوله: تنفك تسمع
…
إِلَخ جملَة: تسمع مَعَ فَاعله الضَّمِير خبر لَا تنفك وَمَا: مَصْدَرِيَّة ظرفية.
وحييت بِالْخِطَابِ أَي: مُدَّة حياتك.
وَلَا وَجه لقَوْل بعض أفاضيل الْعَجم فِي شرح أَبْيَات الْمفصل: وَقَوله: مَا حييت بَيَان لقَوْله: تنفك تسمع وتأكيد لَهُ. انْتهى.
وبهالك مُتَعَلق بتسمع على تَقْدِير مُضَاف أَي: بِخَبَر هَالك. وَسمع هُنَا لَيست مِمَّا يتَعَدَّى لمفعولين وتعديها بِالْبَاء أحد استعمالاتها كَمَا تقدم كَقَوْلِهِم: تسمع بالمعيدي.
وَيجوز أَن تكون الْبَاء زَائِدَة فَتكون متعدية إِلَى مفعول وَاحِد كَقَوْلِك: سَمِعت
الْخَبَر. وَهَذَا أَيْضا أحد استعمالاتها.
وَحَتَّى حرف جر بِمَعْنى إِلَى وَالْهَاء فِي تكونه ضمير الْهَالِك. وَالْأَكْثَر فِي خبر كَانَ إِذا كَانَ ضميراً أَن يكون مُنْفَصِلا. وَهَذَا من الْقَلِيل.
وَقد اسْتشْهد صَاحب اللّبَاب لقلته بِهَذَا الْبَيْت.
قَالَ ابْن هِشَام: أَي لَا تزَال تسمع: مَاتَ فلَان حَتَّى تكون الْهَالِك. وَالْخطاب لغير معِين مثله فِي: بشر مَال الْبَخِيل بحادث أَو وَارِث. وَتسمع خبر وَالْبَاء وَحَتَّى متعلقان بِهِ وَمَا ظرف لَهُ وَالْهَاء من تكونه رَاجِعَة للهالك بِاعْتِبَار لَفظه دون مَعْنَاهُ لِأَن السَّامع غير المسموع.
وَمثله مَسْأَلَة التَّنَازُع: ظنني وظننت زيدا قَائِما إِيَّاه. وَقد غمض هَذَا الْمَعْنى على ابْن الطراوة فَمنع الْمَسْأَلَة وَخَالف الْأَئِمَّة.
وَبعده:
(والمرء قد يَرْجُو الرجا
…
ء مؤملاً وَالْمَوْت دونه))
وَكَانَ أَبُو بكر الصّديق رضي الله عنه كثيرا مَا يتَمَثَّل بهما. انْتهى.
وَكَذَا رَوَاهُ الْعَيْنِيّ.
وَالَّذِي رَوَاهُ ابْن المستوفي وَغَيره: والمرء قد يَرْجُو الْحَيَاة