الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَزَاد على لَام لقد لاماً أُخْرَى للتَّأْكِيد. وَنَحْوه قَول الآخر: فَأَصْبَحْنَ لَا يسألنه عَن بِمَا بِهِ
…
...
…
. . الْبَيْت فَأدْخل عَن على الْبَاء تَأْكِيدًا لأَنهم يَقُولُونَ: سَأَلت عَنهُ وَسَأَلت بِهِ. وَالْمعْنَى وَاحِد. انْتهى.
وَصعد فِي الْجَبَل بالتثقيل إِذا علاهُ. وَصعد فِي الْجَبَل من بَاب تَعب لُغَة قَليلَة. وَصعد فِي الْوَادي تصعيداً إِذا انحدر. والهواء: مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض. والتصوب: النُّزُول. كَذَا فِي وَهَذَا الْبَيْت لم أَقف على قَائِله وَلَا تتمته. وَالله أعلم.
)
وَأنْشد بعده
(الشَّاهِد الثَّالِث وَالتِّسْعُونَ بعد السبعمائة)
الوافر لدوا للْمَوْت وَابْنُوا للخراب على أَن اللَّام فِي قَوْله للْمَوْت تسمى لَام الْعَاقِبَة وَهِي فرع لَام الِاخْتِصَاص.
أَقُول: تَسْمِيَتهَا بلام الْعَاقِبَة وبلام الصيرورة هُوَ قَول الْكُوفِيّين ومثلوه بقوله تَعَالَى: فالتقطه آل فِرْعَوْن ليَكُون لَهُم عدوا وحزنا وَبقول الشَّاعِر: الطَّوِيل
(فللموت تغذو الوالدات سخالها
…
كَمَا لخراب الدّور تبنى المساكن)
وَبقول الآخر: المتقارب
(فَإِن يكن الْمَوْت أفناهم
…
فللموت مَا تَلد الوالده)
وَقَالَ ابْن هِشَام فِي الْمُغنِي: وَأنكر البصريون وَمن تَبِعَهُمْ لَام الْعَاقِبَة. قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: وَالتَّحْقِيق أَنَّهَا لَام الْعلَّة وَأَن التَّعْلِيل فِيهَا وَارِد على طَرِيق الْمجَاز دون
الْحَقِيقَة. وَبَيَانه: أَنه لم يكن داعيهم إِلَى غير أَن ذَلِك لما كَانَ نتيجة التقاطهم لَهُ وثمرته شبهه بالداعي الَّذِي يفعل الْفِعْل لأَجله فَاللَّام مستعارة لما يشبه التَّعْلِيل كَمَا استعير الْأسد لمن يشبه الْأسد. انْتهى.
وَفهم مِنْهُ أَن اللَّام فِي هَذِه الأبيات للتَّعْلِيل. وَجعلهَا من فروع الِاخْتِصَاص أولى لِأَن التَّعْلِيل أَيْضا من فروع الِاخْتِصَاص.
وَهَذَا المصراع من أَبْيَات فِي الدِّيوَان الْمَنْسُوب إِلَى عَليّ بن أبي طَالب رضي الله عنه وَهِي: الوافر
(عجبت لجازع باك مصاب
…
بِأَهْل أَو حبيب ذِي اكتئاب)
(شَقِيق الجيب دَاعِي الويل جهلا
…
كَأَن الْمَوْت كالشيء العجاب)
(وَسوى الله فِيهِ الْخلق حَتَّى
…
نَبِي الله عَنهُ لم يحاب)
(لَهُ ملك يندي كل يَوْم
…
لدوا للْمَوْت وَابْنُوا للخراب
)
قَالَ شَارِح ديوانه حُسَيْن الميبذي: الْمُصَاب: من أَصَابَته مُصِيبَة. والاكتئاب: الْحزن. فَإِن قلت: الْكَاف مغنية عَن كَأَن قلت: قَالَ التَّفْتَازَانِيّ فِي المطول: إِن كَأَن تسْتَعْمل فِي مقَام يظنّ بِثُبُوت الْخَبَر دون التَّشْبِيه. وَلَام للْمَوْت لَام الْعَاقِبَة وَهِي فرع لَام الِاخْتِصَاص. انْتهى.)
وَحَتَّى: ابتدائية وَنَبِي الله مفعول مقدم ليحاب بِمَعْنى يخص كَمَا تقدم مَجِيئه بِهَذَا الْمَعْنى فِي وَرَأَيْت فِي الْفُصُول الْقصار من نهج البلاغة لسيدنا عَليّ رضي الله عنه: إِن لله ملكا يُنَادي فِي كل يَوْم: لدوا للْمَوْت واجمعوا للفناء وابنو للخراب.
وَرَأَيْت أَيْضا فِي جمهرة أشعار الْعَرَب لمُحَمد بن أبي الْخطاب: قد رُوِيَ أَن بعض الْمَلَائِكَة قَالَ:
(لدوا للْمَوْت وَابْنُوا للخراب
…
فكلكم يصير إِلَى ذهَاب)
وَالْبَيْت الثَّانِي هُوَ من أَبْيَات مُغنِي اللبيب وَلم يعرفهُ شراحه وَهُوَ لسابق الْبَرْبَرِي.
قَالَ ابْن عبد ربه فِي العقد الفريد: وَفد عبد الْعَزِيز بن زُرَارَة سد أهل الْكُوفَة على مُعَاوِيَة فَخرج مَعَ يزِيد بن مُعَاوِيَة إِلَى الصائفة فَهَلَك هُنَاكَ فَكتب بِهِ يزِيد إِلَى مُعَاوِيَة فَقَالَ مُعَاوِيَة لِأَبِيهِ زُرَارَة: أَتَانِي
الْيَوْم نعي سيد شباب الْعَرَب فَقَالَ زُرَارَة: يَا سَيِّدي هُوَ ابْني أَو ابْنك قَالَ: بل ابْنك. قَالَ: للْمَوْت مَا تَلد الوالدة.
أَخذه سَابق الْبَرْبَرِي فَقَالَ: وللموت تغذو الوالدات سخالها الْبَيْت وتغذو بمعجمتين من الْغذَاء بِالْكَسْرِ وَالْمدّ: مَا بِهِ نَمَاء الْجِسْم وقوامه. وغذوت الصَّبِي بِالطَّعَامِ وَاللَّبن فاغتذى بِهِ. وَأما الْغَدَاء بِالْفَتْح وإهمال الدَّال فطعام الغدوة وَهُوَ خلاف الْعشَاء.
والسخال بِالْكَسْرِ: جمع سخلة وَهِي ولد الشَّاة من الضَّأْن والمعز ذكرا كَانَ أَو أُنْثَى. وَفِيه وَكَذَا نسبه إِلَى سَابق الْبَرْبَرِي صَاحب كتاب التفسح فِي اللُّغَة وَقَالَ بعد أَن أوردهَا: إِنَّمَا ابْتَنَوْا دُورهمْ للعمران وغذوا أَوْلَادهم للبقاء لَا للفناء فَلَمَّا علمُوا أَن الْمصير إِلَى الْمَوْت والخراب تركُوا الشَّيْء الَّذِي غذوا لَهُ أَوْلَادهم وابتنوا دُورهمْ
وأخبروا بمصيرهم لذَلِك اعْتِبَارا كَمَا قَالَ تَعَالَى: فالتقطه آل فِرْعَوْن ليَكُون لَهُم عدوا وحزنا وَإِنَّمَا التقطوه ليَكُون لَهُم قُرَّة عين وَلَكِن الله عز وجل وصف أمره بتصيره إِلَى ذَلِك. فَهَذَا على الْإِخْبَار بالصيرورة. انْتهى.
وسابق الْبَرْبَرِي هُوَ أَبُو سعيد سَابق بن عبد الله. لَهُ أشعار حَسَنَة فِي الزّهْد. وَهُوَ من موَالِي بني أُميَّة سكن الرقة ووفد على عمر بن
عبد الْعَزِيز وَله مَعَه حكايات لَطِيفَة روى عَنهُ مَكْحُول ومُوسَى بن أعين والمعافي بن عمرَان وَغَيرهم.
والبربري: نِسْبَة إِلَى البربر وَهِي بِلَاد كَثِيرَة فِي الْمغرب. قَالَ ابْن الْأَثِير فِي الْأَنْسَاب: لَيْسَ سَابق مَنْسُوبا إِلَى البربر وَإِنَّمَا هُوَ لقب لَهُ.)
وَالْبَيْت الثَّالِث هُوَ من أَبْيَات مُغنِي اللبيب أَيْضا. وَلم يعرفهُ شراحه أَيْضا.
وَهُوَ من أَبْيَات أوردهُ ابْن الْأَعرَابِي فِي نوادره لنهيكة بن الْحَارِث الْمَازِني من مَازِن فَزَارَة وَهِي:
(لَا يبعد الله رب العبا
…
د وَالْملح مَا ولدت خالده)
(هم يكسرون صُدُور الرما
…
ح فِي الْخَيل تطرد أَو طارده)
(يذكرنِي حسن آلائهم
…
تفجع ثكلانة فاقده)
(فَإِن يكن الْقَتْل أفناهم
…
فللموت مَا تَلد الوالده
)
انْتهى.
وَنسبه الْمفضل بن سَلمَة فِي كتاب الفاخر لشتيم بن خويلد الْفَزارِيّ. قَالَ: وَالْملح هُنَا: الْبركَة.
يُقَال: اللَّهُمَّ لَا تبَارك فِيهِ وَلَا تملحه.
وَكِلَاهُمَا جاهليان.
وَقَالَ أَبُو الْوَلِيد الوقشي فِيمَا كتبه على كَامِل الْمبرد على هَذَا الْبَيْت: خالدة: هِيَ بنت أَرقم أم كردم وكريدم ابْني شُعْبَة الفزاريين وكردم هُوَ الَّذِي طعن دُرَيْد بن الصمَّة يَوْم قتل أَخُوهُ عبد الله.
وَهَذَا المصراع وَقع فِي شعر عبيد بن الأبرص الجاهلي أَيْضا لما قَتله الْمُنْذر بن مَاء السَّمَاء قَالَ لَهُ بعض الْحَاضِرين: مَا أَشد جزعك للْمَوْت.
فَقَالَ: المتقارب
(لَا غرو من عيشة نافده
…
وَهل ير مَا ميتَة واحده)
(لَهَا مُدَّة فنفوس الْعباد
…
إِلَيْهَا وَإِن كرهت قاصده)
(فَلَا تجزعوا لحمام دنا
…
فللموت مَا تَلد الوالده)
وَوَقع فِي شعر سماك بن عَمْرو الْبَاهِلِيّ أَيْضا وَهُوَ أول من قَالَ: لَا أطلب أثرا بعد عين وَهُوَ جاهلي أَيْضا. قَالَ لما خير بَين أَن يقتل هُوَ أَو أَخُوهُ مَالك فَقَتَلُوهُ دون أَخِيه من أَبْيَات:
(فأقسم لَو قتلوا مَالِكًا
…
لَكُنْت لَهُم حَيَّة راصده)
(بِرَأْس سَبِيل على مرقب
…
وَيَوْما على طرق وارده
)
فَأم سماك فَلَا تجزعي فللموت مَا تَلد الوالده)
وَأنْشد بعده:
(فَلَا وَالله لَا يلفى لما بِي
…
وَلَا للما بهم أبدا دَوَاء)
وَتقدم شَرحه فِي الشَّاهِد الرَّابِع وَالثَّلَاثِينَ بعد الْمِائَة فِي بَاب المنادى.