الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قلُوص. وَإِنَّمَا جعلت بِالْبِنَاءِ للمعلوم وقلوص اسْمهَا وَجُمْلَة: مرتعها قريب من الأكوار فِي مَحل نصب على أَنه خَبَرهَا.
والقلوص: النَّاقة الشَّابَّة.
ويروى: ابْني سُهَيْل بدل ابْني زِيَاد. والأكوار: جمع كور بِالضَّمِّ وَهُوَ الرحل بأداته.
والمرتع: مَوضِع الرتوع وَهُوَ أكل الْمَاشِيَة مَا شَاءَت. تَقول: رتعت الْمَاشِيَة رتوعاً.
وَهَذَا الْبَيْت أحد أَبْيَات ثَلَاثَة فِي الحماسة تقدّمت مشروحة فِي الشَّاهِد الثَّانِي وَالْخمسين بعد الثلثمائة.
وَأنْشد بعده
(الشَّاهِد الْخَامِس وَالْخَمْسُونَ بعد السبعمائة)
الْبَسِيط
(وَقد جعلت إِذا مَا قُمْت يشقلني
…
ثوبي فأنهض نَهَضَ الشَّارِب الثمل)
على أَنه قد يَجِيء خبر جعل جملَة شَرْطِيَّة مصدرة بإذا. فجملة: إِذا مَا قُمْت يثقلني ثوبي فِي مَحل نصب على أَنه خبر جعل.
(وَقد جعلت إِذا مَا حَاجَة عرضت
…
بِبَاب دَارك أدلوها بِأَقْوَام)
أَي: أوصلها إِلَيْك بِأَقْوَام. وكقول عبد الله بن عَبَّاس رضي الله عنهما:
فَجعل الرجل إِذا لم يسْتَطع أَن يخرج أرسل رَسُولا.
وعَلى هَذَا يكون ثوبي فَاعل يثقلني وَيكون وُقُوع الْجُمْلَة الشّرطِيَّة خَبرا لجعل موقع الْفِعْل الْمُضَارع نَادرا.
وَقد تبع الشَّارِح الْمُحَقق فِي هَذَا ابْن مَالك فِي التسهيل قَالَ فِيهِ: وَرُبمَا جَاءَ خبر جعل جملَة اسمية وفعلية مصدرة بإذا. وَلَا يخفى أَنه إِذا جَازَ تخريجها على مَا ثَبت لَهَا لَا يَنْبَغِي الْعُدُول عَنهُ إِلَى ادِّعَاء الندرة فَإِنَّهُ لَا مَانع من جعل يثقلني خَبرا لَهَا وَيكون ثوبي بدل اشْتِمَال من التَّاء فِي جعلت وَذَلِكَ بِتَقْدِير إِذا ظرفية لَا شَرْطِيَّة.
وَكَذَا الْحَال فِي الْبَيْت الثَّانِي وَفِي الْأَثر وَلَكِن فِيهِ شذوذ وَهُوَ مَجِيء الْمَاضِي خَبرا فَلَا يخرج هَذَا عَن قَوْله سَابِقًا: وَيتَعَيَّن فِي جَمِيع أَخْبَار أَفعَال المقاربة ن يكون فَاعل أَخْبَارهَا ضميراً عَائِدًا إِلَى اسْمهَا.
واليه ذهب ابْن هِشَام فِي الْمُغنِي قَالَ: اشترطوا الْإِضْمَار فِي بعض المعمولات. وَمن ذَلِك مَرْفُوع خبر كَاد وَأَخَوَاتهَا إِلَّا عَسى. وَمن الْوَهم قَول جمَاعَة فِي قَول هدبة
: إِن فرج قريب اسْم يكون. وَالصَّوَاب أَنه مُبْتَدأ خَبره الظّرْف وَالْجُمْلَة خبر يكون وَاسْمهَا ضمير الكرب وَأما قَوْله:
…
(وَقد جعلت إِذا مَا قُمْت يثقلني
…
ثوبي
…
...
…
... . الْبَيْت)
فثوبي بدل اشْتِمَال من تَاء جعلت لَا فَاعل يثقلني. اه.
إِلَّا أَن مَا اسْتَثْنَاهُ ابْن هِشَام فِي عَسى لم يذكرهُ الشَّارِح الْمُحَقق. قَالَ ابْن هشم: تَقول: كَاد زيد يَمُوت وَلَا تَقول: يَمُوت أَبوهُ. وَيجوز عَسى زيد أَن يقوم أَبوهُ فَترفع السَّبي. وَلَا يجوز رَفعهَا)
الْأَجْنَبِيّ نَحْو: عَسى زيد أَن يقوم عَمْرو عِنْده. اه.
وَمَا اسْتَثْنَاهُ الشَّارِح الْمُحَقق فِي كَاد نَحْو: كَاد زيد تخرج نَفسه لم يذكرهُ ابْن هِشَام. فَأفَاد كل مِنْهُمَا فَائِدَة لَيست عِنْد الآخر.
وَلَقَد صدق الْقَائِل فِي قَوْله:
(مَا حوى الْعلم جَمِيعًا أحد
…
لَا وَلَو مارسه ألف سنة)
لَكِن ابْن مَالك جوز بقلة فِي خبر جَمِيع هَذِه الْأَفْعَال أَن يرفع غير ضمير الِاسْم قَالَ فِي التسهيل: وَيتَعَيَّن عود الضَّمِير من الْخَبَر إِلَى الِاسْم. وَكَون الْفَاعِل غَيره قَلِيل. اه.
وَقع فِي بعض نسخ التسهيل: وَرُبمَا جَاءَ خبر جعل جملَة اسمية وفعلية مصدرة بإذا أَو كلما وندر إسنادها إِلَى ضمير الشَّأْن وَدخُول النَّفْي عَلَيْهَا. اه.
قَالَ شَارِحه الْمرَادِي: وَلم يتَعَرَّض المُصَنّف لهَذِهِ الزِّيَادَة فِي شَرحه. وَمِثَال تصدره بكلما: جعل زيد كلما جَاءَ عَمْرو ضربه. وَيحْتَاج إِلَى سَماع إِلَّا أَن فِي صَحِيح
البُخَارِيّ: فَجعل كلما جَاءَ ليخرج رمى فِي
فِيهِ بِحجر.
وَيُمكن تَمْثِيل الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة بِمَا حَكَاهُ الزَّاهِد غُلَام ثَعْلَب: أَنه يُقَال: عَسى زيد قَائِم بِرَفْع الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر بعد عَسى. فيتخرج على أَن فِي عَسى ضمير الشَّأْن. هَذَا إِن جعلنَا الضَّمِير فِي إسنادها إِلَى أَفعَال الْبَاب. وَإِن جَعَلْنَاهُ عَائِدًا إِلَى جعل احْتَاجَ إِلَى سَماع.
وَمِثَال الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة: مَا جعل زيد يتَكَلَّم وَقَول أنس: فَمَا جعل يُشِير بِيَدِهِ إِلَى نَاحيَة من السَّمَاء إِلَّا انفرجت. وَلَا يَنْبَغِي أَن يعود الضَّمِير إِلَى أَفعَال الْبَاب إِذْ لم ينْدر دُخُول النَّفْي عَلَيْهَا.
اه.
وَالْبَيْت من أَبْيَات خَمْسَة لعَمْرو بن أَحْمَر الْبَاهِلِيّ إِلَّا أَن قافيتها رائية لَا لامية كَمَا وَقع فِي إنشاد النَّحْوِيين.
والأبيات رَوَاهَا لعَمْرو الْمَذْكُور المرزباني فِي الموشح ورأيتها كَذَلِك بِخَط ابْن نباتة السَّعْدِيّ الْبَغْدَادِيّ صَاحب الْخطب النباتية كتبهَا فِي آخر ديوَان مُحَمَّد ابْن بشير الْخَارِجِي وَرَوَاهَا عَن أبي سعيد السكرِي عَن ابْن حبيب عَن ابْن الْأَعرَابِي وَقد أقوى فِي بَيْتَيْنِ مِنْهَا نَص عَلَيْهِمَا المرزباني وَهِي: الْبَسِيط
(مَا للكواعب يَا عيساء قد جعلت
…
تزور عني وتطوى دوني الْحجر))
(قد كنت فراج أَبْوَاب مغلقة
…
ذب الرياد إِذا مَا خولس النّظر)
(فقد جعلت أرى الشخصين أَرْبَعَة
…
وَالْوَاحد اثْنَيْنِ مِمَّا بورك النّظر)
(وَكنت أَمْشِي على رجلَيْنِ معتدلاً
…
فصرت أَمْشِي على رجل من الشّجر)
(وَقد جعلت إِذا مَا قُمْت يثقلني
…
ثوبي فأنهض نَهَضَ الشَّارِب السكر)
قَوْله: مَا للكواعب اسْتِفْهَام إنكاري أنكر إِعْرَاض الكواعب عَنهُ وَهِي جمع كاعب ويه الشَّابَّة الَّتِي نتأ ثديها وَظهر. وعيساء: اسْم امْرَأَة. وازور عَن الشَّيْء وتزاور عَنهُ: مَال عَنهُ.
وتطوى بِالْبِنَاءِ للْمَفْعُول. ودوني: أَمَامِي. وَالْحجر بِضَم فَفتح: جمع حجرَة. يُرِيد أَنَّهُنَّ لَا يقبلن عَليّ ويسددن أَبْوَاب الْحجر أَمَامِي.
وفراج: مُبَالغَة فارج من فرجت الْبَاب من بَاب ضرب إِذا فَتحته. وذب الرياد بِالنّصب: خبر آخر لَكَانَ وَهُوَ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة أَي: كثير الْحَرَكَة وَالدُّخُول وَالْخُرُوج. يُقَال: فلَان ذب الرياد: وخولس: مَجْهُول خالس الشَّيْء: فَاعل من خلست الشَّيْء إِذا اختطفته بِسُرْعَة على غَفلَة.
يُرِيد أَن النِّسَاء كن يتسارقن النّظر إِلَيّ لحسني وشبابي عِنْدَمَا كنت خَفِيف الْحَرَكَة. وَجعلت من أَفعَال الشُّرُوع. وَإِنَّمَا رأى الشخصين أَرْبَعَة لضعف بَصَره من شيخوخته وسنه.
وَقَوله: مِمَّا بورك النّظر تهكم واستهزاء ببصره جعل ضعف بَصَره بركَة لِأَنَّهُ يرِيه الشَّيْء مضاعفاً.
وَقَوله: على رجل من الشّجر أَرَادَ الْعَصَا فَإِن الشُّيُوخ يعتمدون عَلَيْهَا فِي الْمَشْي.
ويروى: على أُخْرَى من الشّجر أَي: على رجل أُخْرَى من الشّجر.
وَقَوله: إِذا مَا قُمْت مَا: زَائِدَة وزيادتها بعد أَدَاة الشَّرْط جَازِمًا أَو غير جازم مطردَة حَتَّى نظمها بَعضهم بقوله:
(خُذ لَك ذِي الفائده
…
مَا بعد إِذا زائده)
وَزعم الْعَيْنِيّ أَن مَا مَصْدَرِيَّة وَأَن التَّقْدِير حِين قيامي. وَقَوله: يثقلني من أثقله الشَّيْء: إِذا أجهده وَأتبعهُ بجعله ثقيلاً.
وَقَوله: فأنهض مَعْطُوف على يثقلني فَهُوَ خبر بعد خبر لَا على جعلت كَمَا زعم الْعَيْنِيّ لوَجْهَيْنِ: وَثَانِيهمَا: تناسب المتعاطفين فِي المضارعية وَفِي السَّبَبِيَّة: فَإِن كلا مِنْهُمَا سَبَب للْآخر.)
وَزعم الْعَيْنِيّ أَن التَّحْقِيق فِيهِ أَنه أَقَامَ السَّبَب وَهُوَ الإثقال مقَام الْمُسَبّب وَهُوَ النهوض نَهَضَ الشَّارِب. هَذَا كَلَامه.
وأنهض: أقوم وَله مصدران أَحدهمَا مَا فِي الْبَيْت. وَالثَّانِي النهوض. ونهض الشَّارِب: صفة مفعول مُطلق نَائِب عَنهُ أَي: فأنهض نهضاً كنهض الشَّارِب.
وَقَالَ الْعَيْنِيّ: نَهَضَ الشَّارِب مَنْصُوب على الْإِطْلَاق وَهَذَا لَا معنى لَهُ وَكَأَنَّهُ يُرِيد على الْمَفْعُول الْمُطلق. وَالسكر بِكَسْر الْكَاف: صفة مشبهة من السكر. وَكَذَلِكَ الثمل بِكَسْر الْمِيم صفة مشبهة وَهُوَ الَّذِي أَخذ مِنْهُ الشَّرَاب قواه.
وقافية هَذَا الْبَيْت وَالَّذِي قبله فيهمَا إقواء بِخِلَاف مَا قبلهمَا فَإِن قافيته مَرْفُوعَة.
وَعَمْرو بن أَحْمَر الْبَاهِلِيّ شَاعِر إسلامي تقدّمت تَرْجَمته فِي الشَّاهِد السِّتين بعد الأربعمائة.
وَقَالَ الْعَيْنِيّ: قَائِل الْبَيْت الشَّاهِد أَبُو حَيَّة النميري. وَقد نسب للْحكم بن عبدل الْأَعْرَج الْأَسدي. وَلَيْسَ بِصَحِيح لِأَنَّهُ لَا يُوجد فِي ديوانه.
ويروى الشّطْر الثَّانِي: فَقُمْت قيام الشَّارِب السكر وَمِمَّنْ رَوَاهُ هَكَذَا الجاحظ فِي بَاب العرجان من كتاب الْحَيَوَان لَهُ وَنسبه لأبي حَيَّة النميري هَكَذَا:
(وَقد جعلت إِذا مَا قُمْت يوجعني
…
ظَهْري فَقُمْت قيام الشَّارِب)
السكر
(وَكنت أَمْشِي على رجْلي معتدلاً
…
فصرت أَمْشِي على أُخْرَى من الشّجر)