الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْإِسْلَام. وَقيل: أَيَّام الفترة. وَقد تطلق على زمن الْكفْر مُطلقًا وعَلى مَا قبل الْفَتْح.)
وترجمة الفرزدق تقدّمت فِي الشَّاهِد الثَّلَاثِينَ من أَوَائِل الْكتاب.
(الشَّاهِد الثَّلَاثُونَ بعد السبعمائة)
الطَّوِيل بدا لَك فِي تِلْكَ القلوص بداء
على أَن بداء فَاعل بدا وَهُوَ مصدر بِمَعْنى اسْم الْفَاعِل وَالتَّقْدِير: بدا لَك رَأْي باد وَلما كَانَ ظَاهر هَذَا الشّعْر على طبق ثَبت الثُّبُوت بِجعْل الْمصدر فَاعِلا لفعله وَهُوَ مِمَّا لَا معنى لَهُ أجَاب عَنهُ بِمَا ذكره.
وَلَا يخفى أَنه تكلّف. والجيد مَا قَالَه أَبُو عَليّ فِي كتاب الشّعْر قَالَ: أضمر البداء فِي قَوْله تَعَالَى: ثمَّ بدا لَهُم من بعد مَا رَأَوْا الْآيَات ليسجننه لِأَن البداء الَّذِي هُوَ الْمصدر قد صَار بِمَنْزِلَة الْعلم والرأي. أَلا ترى أَن الشَّاعِر قد أظهره فِي قَوْله:
(لَعَلَّك والموعود حق لقاؤه
…
بدا لَك فِي تِلْكَ القلوص بداء)
وَكَذَلِكَ صنع ابْن الشجري فِي الْآيَة وَالْبَيْت وَقَالَ: ألسن الْعَرَب متداولة فِي قَوْلهم: بدا لي فِي هَذَا الْأَمر بداء أَي: تغير رَأْيِي عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ. وَيُقَال: فلَان ذُو بدوات ذَا بدا لَهُ الرَّأْي بعد الرَّأْي. انْتهى.
وَقد وَقع هَذَا التَّرْكِيب فِي سيرة ابْن هِشَام وَنَصه: قَالَ ابْن إِسْحَاق: ظن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ أَن قد بدا لِعَمِّهِ بداء.
قَالَ السُّهيْلي فِي الرَّوْض: أَي: ظهر لَهُ رَأْي فَسُمي بداء لِأَنَّهُ شَيْء يَبْدُو بَعْدَمَا خفى والمصدر البدو وَالِاسْم البداء. وَلَا يُقَال فِي الْمصدر: بدا لَهُ بَدو كَمَا لَا يُقَال: ظهر لَهُ ظُهُور بِالرَّفْع لِأَن الَّذِي يظْهر ويبدو هَاهُنَا هُوَ الِاسْم نَحْو البداء.
وَمن أجل أَن البدو هُوَ الظُّهُور كَانَ البداء فِي وصف الْبَارِي سُبْحَانَهُ محالاً لِأَنَّهُ لَا يَبْدُو لَهُ شَيْء كَانَ غَائِبا عَنهُ. والنسخ للْحكم لَيْسَ ببدو كَمَا توهمه جمَاعَة من الرافضة وَالْيَهُود وَإِنَّمَا هُوَ تَبْدِيل حكم بِحكم بِقدر قدره وَعلم قديم علمه.
وَقد يجوز أَن يُقَال: بدا لَهُ أَن يفعل كَذَا وَيكون مَعْنَاهُ أَرَادَ. وَهَذَا من الْمجَاز الَّذِي لَا سَبِيل إِلَى إِطْلَاقه إِلَّا بِإِذن من صَاحب الشَّرْع.
وَقد صَحَّ فِي ذَلِك مَا خرجه البُخَارِيّ فِي حَدِيث الثَّلَاثَة: الْأَعْمَى والأقرع والأبرص وَأَنه عَلَيْهِ)
السَّلَام قَالَ: بدا لله أَن يبتليهم. فَبَدَا هَاهُنَا بِمَعْنى: أَرَادَ.
وَابْن أعين وَمن اتبعهُ يجيزون البداء على الله ويجعلونه والنسخ
شَيْئا وَاحِدًا وَالْيَهُود لَا تجيز النّسخ يَحْسبُونَهُ بداء. وَمِنْهُم من أجَاز البداء.
وروى الْأَصْبَهَانِيّ فِي الأغاني أَن رجلا وعد مُحَمَّد بن بشير الْخَارِجِي بقلوص وَهِي النَّاقة الشَّابَّة ومطله فقاله فِيهِ يذمه ويمدح زيد بن الْحسن بن عَليّ ابْن أبي طَالب: الطَّوِيل.
(لَعَلَّك والموعود حق لقاؤه
…
بدا لَك فِي تِلْكَ القلوص بداء)
(فَإِن الَّذِي ألْقى إِذا قَالَ قَائِل
…
من النَّاس: هَل أحسستها لعناء)
(أول الَّذِي يُبْدِي الشمات وَإِنَّهَا
…
عَليّ وإشماتُ الْعَدو سَوَاء)
(دَعَوْت وَقد أخلفتني الْوَعْد دَعْوَة
…
بزيد فَلم يضلل هُنَاكَ دُعَاء)
(بأبيض مثل الْبَدْر عظم حَقه
…
رجال من آل الْمُصْطَفى وَنسَاء)
فبلغت هَذِه الأبيات زيد بن الْحسن فَبعث إِلَيْهِ بقلوص من جِيَاد إبِله فَقَالَ يمدحه: الطَّوِيل
(إِذا نزل ابْن الْمُصْطَفى بطن تلعة
…
نفى جدبها واخضر بالنبت عودهَا)
(وَزيد ربيع النَّاس فِي كل شتوة
…
إِذا أخلفت أنواؤها ورعودها)
…