الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(نحابي بهَا أكفاءنا ونهينها
…
وَنَشْرَب فِي أثمانها ونقامر)
(وتكسبها فِي غير غدر أكفنا
…
إِذا عقدت يَوْم الْحفاظ الدوابر)
(وَإِنَّا لنقري الضَّيْف فِي لَيْلَة الشتا
…
عَظِيم الجفان فوقهن الحوائر)
جمع الحوير وَهُوَ الشَّحْم الْأَبْيَض. وَبعد هَذَا ثَلَاثَة أَبْيَات أخر.
ثمَّ أورد لسبرة الفقعسي أشعاراً كَثِيرَة يُخَاطب بهَا ضَمرَة ويهجوه بهَا.
-
وَفِي سِيَاقه هَذَا نقص فَإِنَّهُ لم يذكر فِيهِ وَجه تعييره بِالْإِبِلِ وَلَا إِلَى أَي شَيْء تمّ حَالهمَا. وَالله وسبرة: شَاعِر جاهلي. وَذكر نسبه فِيمَا سقناه.
وترجمة ضَمرَة تقدّمت فِي الشَّاهِد الثَّامِن والثمانين.
وَأنْشد بعده
(الشَّاهِد السَّابِع وَالثَّمَانُونَ بعد السبعمائة)
الْخَفِيف مَا بكاء الْكَبِير بالأطلال على أَن الْبَاء فِيهِ للظرفية أَي: فِي الأطلال.
وَهَذَا صدر وعجزه: وسؤالي وَمَا يرد سُؤَالِي وَهَذَا مطلع قصيدة للأعشى مَيْمُون مدح بهَا الْأسود بن الْمُنْذر اللَّخْمِيّ أَخا النُّعْمَان بن الْمُنْذر وَسَيَأْتِي بعض مِنْهَا فِي رب.
وَبعده: الْخَفِيف
(دمنة قفرة تعاورها الصي
…
يَفِ بريحين من صبا وشمال
)
أَرَادَ بالكبير نَفسه وعذلها بِالْوُقُوفِ على الأطلال وسؤاله إِيَّاهَا ثمَّ رَجَعَ وَقَالَ: وَمَا ترد سُؤَالِي يَقُول: مَا بكاء شيخ كَبِير مثلي فِي طلل. والطلل: مَا شخص من بقايا الْمنزل.
والدمنة: مَا اجْتمع من التُّرَاب والأبعار وَغير ذَلِك. فتعاوره الصَّيف بريحين مُخْتَلفين وهما الصِّبَا ومهبها من نَاحيَة الْمشرق وَالشمَال ومهبها من القطب الشمالي إِلَى الْجنُوب. والجنوب من ريَاح الْيمن.
قَالَ أَبُو عَليّ فِي كتاب الشّعْر: اعْلَم أَن قَوْله: سُؤَالِي بعد قَوْله: مَا بكاء الْكَبِير حمل للْكَلَام على الْمَعْنى وَذَلِكَ أَن الْكَبِير لما كَانَ الْمُتَكَلّم فِي الْمَعْنى حمل سُؤَالِي عَلَيْهِ.
أَلا ترى أَن مَا بكاء الْكَبِير إِنَّمَا هُوَ مَا بُكَائِي وَأَنا كَبِير وبكاء الْكَبِير بالأطلال مِمَّا لَا يَلِيق بِهِ لِأَنَّهُ اهتياج لصباً أَو تصاب وَذَلِكَ مِمَّا لَا يَلِيق بالكبير. وَمن ثمَّ قَالَ الآخر: الطَّوِيل
(أتجزع إِن دَار تحمل أَهلهَا
…
وَأَنت امْرُؤ قد حَملتك العشائر)
فَحمل سُؤَالِي على الْمَعْنى. فَأَما قَوْله: وَمَا يُرِيد سُؤَالِي دمنة قفرة فَإِن مَا تحْتَمل ضَرْبَيْنِ: أَحدهمَا: أَن تكون استفهاماً فِي مَوضِع نصب كَأَنَّهُ قَالَ: أَي شَيْء يرجع عَلَيْك سؤالك من النَّفْع وَقد يَقُول: عَاد عَليّ نفع من كَذَا ورد عَليّ كَذَا نفعا وَرجع عَليّ مِنْهُ نفع.
وَيكون دمنة منتصباً بِالْمَصْدَرِ الَّذِي هُوَ سُؤَالِي. وَالْبَيْت على هَذَا مضمن.
وَالْآخر: أَن يكون نفيا كَأَنَّهُ قَالَ: مَا يرد سُؤَالِي أَي: جَوَاب سُؤَالِي دمنة فالدمنة فَاعل قَوْله:)
ترد.
-
وَمثل هَذَا قَوْله: وقمنا فسلمنا فَردَّتْ تَحِيَّة
إِنَّمَا هُوَ جَوَاب تَحِيَّة. وَكَذَلِكَ قَوْله سُبْحَانَهُ: فَحَيوا بِأَحْسَن مِنْهَا أَو ردوهَا أَي: ردوا جوابها.
وَقد قيل فِي قَوْله: فَردَّتْ تَحِيَّة قَولَانِ: أَحدهمَا: ردَّتْ التَّحِيَّة أَي: لم تقبلهَا. وَالْآخر: ردَّتْ تَحِيَّة أَي: جوابها كَمَا تقدم. وَذَلِكَ لما رَأينَا فِي وَجههَا من البشاشة وَإِن لم تَتَكَلَّم. فالتقدير: وَمَا يرد جَوَاب سُؤَالِي دمنة.
وَالْبَيْت على هَذَا مضمن أَيْضا لِأَن الْفَاعِل الَّذِي هُوَ دمنة فعله فِي الْبَيْت الَّذِي هُوَ قبل الْبَيْت الثَّانِي. فَيجوز أَن يَقُول: وَمَا ترد فيؤنث على لفظ الدمنة وَيذكر على الْمَعْنى. انْتهى.
وَقَالَ ابْن السَّيِّد البطليوسي فِي شرح أدب الْكَاتِب: وسؤالي فَهَل ترد سُؤَالِي ويروى: فَمَا ترد وَلَا ترد.
ويروى: بِالتَّاءِ وَالْيَاء. فَمن روى فَهَل ترد على لفظ التَّأْنِيث رفع الدمنة وَجعلهَا فَاعِلا وَجعل وَمن روى: فَهَل يرد بِلَفْظ التَّذْكِير نصب دمنة مَفْعُولا وَجعل سُؤَالِي فَاعِلا وَمَعْنَاهُ: إِن سُؤَالِي لَا يرد الدمنة إِلَى مَا كَانَت عَلَيْهِ. وَمن روى: وَمَا واعتقد أَنَّهَا نفي جَازَ أَن يَقُول ترد بِلَفْظ التَّأْنِيث وَيرْفَع الدمنة لَا غير وَجَاز أَن يَقُول: يرد بِلَفْظ التَّذْكِير وَينصب الدمنة إِن شَاءَ ويرفعها إِن شَاءَ. ون اعْتقد أَن مَا اسْتِفْهَام قَالَ: يرد على لفظ التَّذْكِير وَجعل مَا فِي مَوضِع نصب بيرد وسؤالي فِي مَوضِع رفع وَنصب دمنة بسؤالي لَا غير.
-
وَمن روى: وَلَا يرد سُؤَالِي على لفظ التَّذْكِير نصب
الدمنة وَإِن شَاءَ رَفعهَا. وَمن روى: وَلَا ترد على لفظ التَّأْنِيث رفع الدمنة لَا غير.
ثمَّ قَالَ ابْن السَّيِّد: وَرويت فِي هَذَا الْبَيْت حِكَايَة مستظرفة رَأَيْت إِثْبَاتهَا فِي هَذَا الْموضع.
روى نَقله الْأَخْبَار أَن طليحة الْأَسدي كَانَ شريفاً وَكَانَ يفد على كسْرَى فيكرمه ويدني مَجْلِسه.
قَالَ طليحة: فوفدت عَلَيْهِ مرّة فَوَافَقت عيداً من أعياد الْفرس فَحَضَرت عِنْد كسْرَى فِي جملَة من حضر من أَصْحَابه فَلَمَّا طعمنا وضع الشَّرَاب فطفقنا نشرب فغنى الْمُغنِي: الْبَسِيط)
لَا يتأرى لما فِي الْقدر يَطْلُبهُ فَقَالَ كسْرَى لِترْجُمَانِهِ: مَا يَقُول ففسره لَهُ فَقَالَ كسْرَى: هَذَا قَبِيح. ثمَّ غناهُ الْمُغنِي: الوافر
فَقَالَ كسْرَى لِترْجُمَانِهِ: مَا يَقُول فَقَالَ: لَا أَدْرِي. فَقَالَ بعض جُلَسَائِهِ: شاهانشاه أشتراف أُفٍّ مَعْنَاهُ: يَا ملك الْمُلُوك هَذَا جمل ينْفخ. واشتر بلغتهم: الْجمل وأف: حِكَايَة النفخ.
قَالَ طليحة: فأضحكني تَفْسِيره الْعَرَبيَّة بِالْفَارِسِيَّةِ. قَالَ: ثمَّ غناهُ الْمُغنِي بِشعر فَارسي لم أفهمهُ فطرب كسْرَى وملئت لَهُ كأس وَقَامَ فَشربهَا قَائِما ودارت