الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
-
وَقد تقدم الْكَلَام على هَذَا الْبَيْت فِي الشَّاهِد الْحَادِي وَالسِّتِّينَ بعد الْمِائَة.
أَيْنَمَا الرّيح تميلها تمل لما تقدم قبله.)
فَتكون الرّيح فاعلة لفعل مَحْذُوف يفسره الْمَذْكُور أَي: أَيْنَمَا تميلها الرّيح تميلها.
وَقد تقدم الْكَلَام على هَذَا الْبَيْت أَيْضا فِي الشَّاهِد الثَّانِي وَالسِّتِّينَ بعد الْمِائَة.
وَهُوَ عجز وصدره: صعدة نابتة فِي حائر وَأنْشد بعده
(الشَّاهِد الثَّامِن وَالثَّمَانُونَ بعد الستمائة)
وَهُوَ من شَوَاهِد سِيبَوَيْهٍ: الطَّوِيل
وَمن نَحن نؤمنه يبت وَهُوَ آمن لما تقدم قبله. ف نَحن: فَاعل لفعل مَحْذُوف يفسره الْمَذْكُور فَلَمَّا حذف الْفِعْل برز الضَّمِير وانفصل وَالتَّقْدِير: فَمن نؤمنه نؤمنه.
قَالَ سِيبَوَيْهٍ فِي بَاب الْحُرُوف الَّتِي لَا تقدم فِيهَا الْأَسْمَاء الْفِعْل: اعْلَم أَن حُرُوف الْجَزَاء يقبح أَن تتقدم الْأَسْمَاء فِيهَا قبل الْأَفْعَال وَذَلِكَ أَنهم شبهوها بِمَا يجْزم مِمَّا ذكرنَا إِلَّا حُرُوف الْجَزَاء قد جَازَ ذَلِك فِيهَا
فِي الشّعْر لِأَن حُرُوف الْجَزَاء يدخلهَا فعل وَيفْعل وَيكون فِيهَا الِاسْتِفْهَام فيرفع فِيهَا الْأَسْمَاء وَتَكون بِمَنْزِلَة الَّذِي.
فَلَمَّا كَانَت تصرف هَذَا التَّصَرُّف وتفارق الْجَزْم ضارعت مَا يجر من الْأَسْمَاء الَّتِي إِن شِئْت استعملتها غير مُضَافَة نَحْو: ضَارب عبد الله فَلذَلِك لم تكن مثل لم وَلَا فِي النَّهْي وَاللَّام فِي الْأَمر لِأَنَّهُنَّ لَا يفارقن الْجَزْم.
وَيجوز الْفرق فِي الْكَلَام فِي إِن إِذا لم تجزم فِي اللَّفْظ نَحْو قَوْله:
عاود هراة وَإِن معمورها خربا فَإِن جزمت فَفِي الشّعْر لِأَنَّهُ يشبه بلم. وَإِنَّمَا جَازَ فِي الْفَصْل وَلم يشبه لِأَن لم لَا يَقع بعْدهَا فعل. وَإِنَّمَا جَازَ هَذَا فِي إِن لِأَنَّهَا أصل الْجَزَاء وَلَا تُفَارِقهُ فَجَاز هَذَا كَمَا جَازَ إِضْمَار الْفِعْل فِيهَا حِين قَالُوا: إِن خيرا فَخير وَإِن شرا فشر.
وَأما سَائِر حُرُوف الْجَزَاء فَهَذَا فِيهِ ضعف فِي الْكَلَام لِأَنَّهَا لَيست كَإِن فَلَو جَاءَ فِي إِن وَقد جزمت كَانَ أقوى إِذْ جَازَ فِيهِ فعل. وَمِمَّا جَاءَ فِي الشّعْر مَجْزُومًا فِي غير إِن قَول عدي بن زيد:)
وَقَالَ: أَيْنَمَا الرّيح تميلها تمل وَلَو كَانَت فعل كَانَ أقوى إِذْ كَانَ ذَلِك جَائِزا فِي إِن فِي الْكَلَام. وَاعْلَم أَن قَوْلهم فِي الشّعْر: إِن زيد يأتك يكن كَذَا إِنَّمَا ارْتَفع على فعل
هَذَا تَفْسِيره كَمَا كَانَ ذَلِك فِي قَوْلك: إِن زيدا رَأَيْته يكن ذَلِك لِأَنَّهَا لَا يبتدأ بعْدهَا الْأَسْمَاء ثمَّ يبْنى عَلَيْهَا. فَإِن قلت: إِن تأتني زيد يقل ذَلِك جَازَ على قَول من قَالَ: زيدا ضَربته. وَهَذَا مَوضِع ابْتِدَاء.
أَلا ترى أَنَّك لَو جِئْت بِالْفَاءِ فَقلت: إِن تأتني فَأَنا خير لَك كَانَ حسنا. وَإِن لم تَجْعَلهُ على ذَلِك رفع وَجَاز فِي الشّعْر كَقَوْلِه: الله يشكرها
وَمثل الأول قَول هِشَام المري: الطَّوِيل
(فَمن نَحن نؤمنه يبت وَهُوَ آمن
…
وَمن لَا نجره يمس منا مفزعا)
انْتهى كَلَام سِيبَوَيْهٍ ولنفاسته سقناه بِتَمَامِهِ.
وَقد أورد ابْن هِشَام هَذَا الْبَيْت فِي الْمُغنِي قَالَ: قَوْلنَا الْجُمْلَة المفسرة لَا مَحل لَهَا خَالف فِيهِ الشلوبين فَزعم أَنَّهَا بِحَسب مَا تفسره فَهِيَ فِي نَحْو: زيدا ضَربته لَا مَحل لَهَا وَفِي نَحْو: إِنَّا كل شَيْء خلقناه بِقدر وَنَحْو زيد الْخبز يأكه ينصب الْخبز فِي مَحل رفع. وَلِهَذَا يظْهر الرّفْع إِذا قلت آكله.
قَالَ: فَمن نَحن نؤمنه يبت وَهُوَ آمن فَظهر الْجَزْم. وَكَانَت الْجُمْلَة المفسرة عِنْده عطف بَيَان أَو بَدَلا.