المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(الشاهد الرابع والسبعون بعد السبعمائة - خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب للبغدادي - جـ ٩

[عبد القادر البغدادي]

فهرس الكتاب

- ‌(الجوازم)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس وَالسَّبْعُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع وَالسَّبْعُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن وَالسَّبْعُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع وَالسَّبْعُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْحَادِي وَالثَّمَانُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي وَالثَّمَانُونَ بعد السستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث وَالثَّمَانُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع وَالثَّمَانُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس وَالثَّمَانُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس وَالثَّمَانُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع وَالثَّمَانُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن وَالثَّمَانُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع وَالثَّمَانُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد التِّسْعُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْحَادِي وَالتِّسْعُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي وَالتِّسْعُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث وَالتِّسْعُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع وَالتِّسْعُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس وَالتِّسْعُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس وَالتِّسْعُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع وَالتِّسْعُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن وَالتِّسْعُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع وَالتِّسْعُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الموفي السبعمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْحَادِي وَالثَّانِي بعد السبعمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث بعد السبعمائة)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع بعد السبعمائة)

- ‌(بَاب الْأَمر)

- ‌الْبَسِيط

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس بعد السبعمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع بعد السبعمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن بعد السبعمائة)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع بعد السبعمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْحَادِي عشر بعد السبعمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي عشر بعد السبعمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث عشر بعد السبعمائة)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع عشر بعد السبعمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس عشر بعد السبعمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع عشر بعد السبعمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن عشر بعد السبعمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْعشْرُونَ بعد السبعمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْحَادِي وَالْعشْرُونَ بعد السبعمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي وَالْعشْرُونَ بعد السبعمائة)

- ‌(الْأَفْعَال النَّاقِصَة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث وَالْعشْرُونَ بعد السبعمائة)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع وَالْعِشْرين بعد السبعمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس وَالْعشْرُونَ بعد السبعمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع وَالْعشْرُونَ بعد السبعمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن وَالْعشْرُونَ بعد السبعمائة)

- ‌(تَتِمَّة)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع وَالْعشْرُونَ بعد السبعمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّلَاثُونَ بعد السبعمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ بعد السبعمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ بعد السبعمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث وَالثَّلَاثُونَ بعد السبعمائة)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع وَالثَّلَاثُونَ بعد السبعمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس وَالثَّلَاثُونَ بعد السبعمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس وَالثَّلَاثُونَ بعد السبعمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع وَالثَّلَاثُونَ بعد السبعمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن وَالثَّلَاثُونَ بعد السبعمائة)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع وَالثَّلَاثُونَ بعد السبعمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْأَرْبَعُونَ بعد السبعمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْحَادِي وَالْأَرْبَعُونَ بعد السبعمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ بعد السبعمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث وَالْأَرْبَعُونَ بعد السبعمائة)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع وَالْأَرْبَعُونَ بعد السبعمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس وَالْأَرْبَعُونَ بعد السبعمائة)

- ‌(أَفعَال المقاربة)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس وَالْأَرْبَعُونَ بعد السبعمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع وَالْأَرْبَعُونَ بعد السبعمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن وَالْأَرْبَعُونَ بعد السبعمائة)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع وَالْأَرْبَعُونَ بعد السبعمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْخَمْسُونَ بعد السبعمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْحَادِي وَالْخَمْسُونَ بعد السبعمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي وَالْخَمْسُونَ بعد السبعمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث وَالْخَمْسُونَ بعد السبعمائة)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع وَالْخَمْسُونَ بعد السبعمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس وَالْخَمْسُونَ بعد السبعمائة)

- ‌(فعل التَّعَجُّب)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس وَالْخَمْسُونَ بعد السبعمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن وَالْخَمْسُونَ بعد السبعمائة)

- ‌(أَفعَال الْمَدْح والذم)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع وَالْخَمْسُونَ بعد السبعمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي وَالسِّتُّونَ بعد السبعمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث وَالسِّتُّونَ بعد السبعمائة)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع وَالسِّتُّونَ بعد السبعمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس وَالسِّتُّونَ بعد السبعمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس وَالسِّتُّونَ بعد السبعمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع وَالسِّتُّونَ بعد السبعمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن وَالسِّتُّونَ بعد السبعمائة)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع وَالسِّتُّونَ بعد السبعمائة)

- ‌(الشَّاهِد السبعون بعد السبعمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْحَادِي وَالسَّبْعُونَ بعد السبعمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي وَالسَّبْعُونَ بعد السبعمائة)

- ‌(حُرُوف الْجَرّ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث وَالسَّبْعُونَ بعد السبعمائة)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع وَالسَّبْعُونَ بعد السبعمائة

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس وَالسبْعين بعد السبعمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس وَالسَّبْعُونَ بعد السبعمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع وَالسَّبْعُونَ بعد السبعمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن وَالسَّبْعُونَ بعد السبعمائة)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع وَالسَّبْعُونَ بعد السبعمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّمَانُونَ بعد السبعمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْحَادِي وَالثَّمَانُونَ بعد السبعمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي وَالثَّمَانُونَ بعد السبعمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث وَالثَّمَانُونَ بعد السبعمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس وَالثَّمَانُونَ بعد السبعمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس وَالثَّمَانُونَ بعد السبعمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع وَالثَّمَانُونَ بعد السبعمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن وَالثَّمَانُونَ بعد السبعمائة)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع وَالثَّمَانُونَ بعد السبعمائة)

- ‌(الشَّاهِد التِّسْعُونَ بعد السبعمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْوَاحِد وَالتِّسْعُونَ بعد السبعمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي وَالتِّسْعُونَ بعد السبعمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث وَالتِّسْعُونَ بعد السبعمائة)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع وَالتِّسْعُونَ بعد السبعمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس وَالتِّسْعُونَ بعد السبعمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع وَالتِّسْعُونَ بعد السبعمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن وَالتِّسْعُونَ بعد السبعمائة)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع وَالتِّسْعُونَ بعد السبعمائة)

الفصل: ‌(الشاهد الرابع والسبعون بعد السبعمائة

لَا أعلم هَذَا الرجز لمن هُوَ يصف

نَاقَة شربت المَاء من الْحَوْض. وَقد يُمكن أَن يصف أبلاً وَيُرِيد بقوله: بِهِ تقطع أجواز الفلا أَنهم كَانُوا إِذا حاولوا سفرا سقوا إبلهم المَاء على نَحْو مَا يقدرونه من بعد الْمسَافَة وقربها وَكَانُوا يجْعَلُونَ أظماء إبلهم ثلثا وربعاً وخمساً إِلَى الْعشْر وَالْعشر نِهَايَة الأظماء.

وَكَانُوا رُبمَا احتاجوا فِي الفلاة إِلَى المَاء وَلَا مَاء عِنْدهم فينحرون الْإِبِل ويستخرجون مَا فِي أجوافها من المَاء ويشربونه وَهُوَ معنى قَول زيد الْخَيل الطَّائِي: الوافر

(نصول بِكُل أَبيض مشرفي

على اللائي بقى فِيهِنَّ مَاء)

(عَشِيَّة نؤثر الغرباء فِينَا

فَلَا هم هالكون وَلَا رواء)

انْتهى.

وَهَذَا الْبَيْت من أَبْيَات سِيبَوَيْهٍ الْخمسين الَّتِي لَا يعلم قَائِلهَا وَالله أعلم.

وأنشده صَاحب الصِّحَاح فِي نوش وَفِي علا. وَقَالَ ابْن بري فِي حَاشِيَته عَلَيْهِ: هَذَا الرجز لغيلان بن حُرَيْث الربعِي. وَلم أَقف على خبر لغيلان. وَالله أعلم.

وَأنْشد بعده

‌(الشَّاهِد الرَّابِع وَالسَّبْعُونَ بعد السبعمائة

)

(لمن الديار بقنة الْحجر

أقوين من حجج وَمن دهر)

على أَن الْكُوفِيّين أَجَازُوا اسْتِعْمَال من الابتدائية فِي الزَّمَان أَيْضا

ص: 439

كَمَا فِي الْبَيْت. وَسلم الشَّارِح الْمُحَقق هَذِه الدَّعْوَى مِنْهُم وَطعن فِي الدَّلِيل قَالَ: الإقواء لم يبتدأ من الْحجَج بل الْمَعْنى من أجل مُرُور حجج وَشهر. فَمن فِيهِ تعليلية لَا ابتدائية.

اعْلَم أَن مَحل النزاع بَين أهل البلدين إِنَّمَا هُوَ فِي وُرُود من لابتداء الْغَايَة فِي الزَّمَان فَأهل الْكُوفَة يثبتونه وَأهل الْبَصْرَة يمنعونه.

وَأما وُرُودهَا لابتداء الْغَايَة فِي الْمَكَان والأحداث والأشخاص فَلَا خلاف فِيهَا عِنْدهمَا.

وَاسْتدلَّ أهل الْكُوفَة لوُرُود من فِي ابْتِدَاء الْغَايَة فِي الزَّمَان بقوله تَعَالَى: لمَسْجِد أسس على التَّقْوَى من أول يَوْم أَحَق أَن تقوم فِيهِ. وَأول يَوْم من الزَّمَان. وَقَوله تَعَالَى: إِذا نُودي للصَّلَاة من يَوْم الْجُمُعَة وبالبيت الْمَذْكُور.

وَأجَاب البصريون عَن الْآيَة الأولى بِأَن فِيهَا مُضَافا محذوفاً وَالتَّقْدِير: من تأسيس أول يَوْم.

فمجرور من حدث لَا زمَان.

وَضَعفه أَبُو الْبَقَاء بِأَن التأسيس لَيْسَ بمَكَان. ورد عَلَيْهِ السمين بِأَنَّهُم إِنَّمَا منعُوا من كَون من لابتداء الْغَايَة فِي الزَّمَان وَلَيْسَ فِي كَلَامهم أَنَّهَا لَا تكون إِلَّا فِي ابْتِدَاء الْغَايَة فِي الْمَكَان. وَهَذَا رد ورد الشَّارِح الْمُحَقق دَلِيل الْكُوفِيّين بِأَنَّهُ لَيْسَ التأسيس حَدثا ممتداً وَلَا أصلا للمعنى

الممتد وَإِنَّمَا هُوَ حدث وَاقع فِيمَا بعد من فَتكون ظرفية كَمَا فِي الْآيَة الثَّانِيَة.

فَهُوَ يوافقهم فِي مَجِيء من لابتداء الْغَايَة فِي الزَّمَان تبعا للمبرد وَابْن

ص: 440

درسْتوَيْه وَلِهَذَا لم يؤول كَمَا أول البصريون فِي الْآيَة. وَأَجَابُوا عَن الْآيَة الثَّانِيَة بِأَن من فِيهِ ظرفية وَإِلَيْهِ ذهب الشَّارِح أَيْضا.

وَأَجَابُوا عَن الْبَيْت بِمَا أجابوا بِهِ فِي الْآيَة الأولى بِأَن فِيهِ مصدرا محذوفاً أَي: من مر حججٍ فَيكون مجرورها حَدثا لَا زَمَانا.

وَأجَاب الشَّارِح الْمُحَقق بِأَن من فِيهِ تعليلية مَعَ تَقْدِير الْمُضَاف لَا ابتدائية. وَهُوَ الْحق فَإِن عِلّة إقواء الديار مُرُور الدهور عَلَيْهَا لابتداء مرورها.

وَأجَاب بَعضهم بِأَن من هُنَا على مَذْهَب الْأَخْفَش زَائِدَة وَالْأَصْل أقوين حجَجًا ودهراً. نَقله ابْن الْأَنْبَارِي فِي مسَائِل الْخلاف. فَيكون مَنْصُوبًا على الظَّرْفِيَّة. وأهون من هَذَا ادِّعَاء من ظرفية)

كَمَا فِي الْآيَتَيْنِ. وَلم أر من قَوْله.

وَأجَاب بَعضهم بِأَن الرِّوَايَة: مذ حجج ومذ دهر وَأنكر الأولى. وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْء. فَإِن الْبَيْت الْوَاحِد يَأْتِي على رِوَايَات شَتَّى وَكلهَا صَحِيحَة إِذا كَانَ رواتها ثِقَات.

قَالَ العسكري فِي كتاب التَّصْحِيف: قَوْله: قَالَ الْأَصْمَعِي: أقوين مذ حجج ومذ دهر. وَمن روى: من حجج. قَالَ: مَعْنَاهُ من مر حجج وَمن مر دهر.

قَالَ الزّجاج: قَوْله تَعَالَى: من أول يَوْم دخلت من فِي الزَّمَان وَالْأَصْل مذ ومنذ. هَذَا أَكثر الِاسْتِعْمَال فِي الزَّمَان. وَمن جَائِز دُخُولهَا لِأَنَّهَا أصل فِي ابْتِدَاء الْغَايَة وَفِي التَّبْعِيض. انْتهى.

ص: 441

-

وَقَوله: لمن الديار الظّرْف خبر مقدم والديار: مُبْتَدأ مُؤخر. وَهَذَا الِاسْتِفْهَام تعجب من شدَّة خرابها حَتَّى كَأَنَّهَا لَا تعرف وَلَا يعرف سكانها وأصحابها.

وَبَعض المصنفين حرفه فَفتح اللَّام وَكسر الْمِيم وَقَالَ إِن من فِي الْبَيْت شَاهد لدُخُول من الجارة على الْمَكَان. وَهَذَا مِمَّا يتعجب مِنْهُ.

والقنة بِضَم الْقَاف وَتَشْديد النُّون: أَعلَى الْجَبَل. والقلة بِاللَّامِ مَوضِع النُّون مثله. وَالْحجر بِكَسْر الْحَاء الْمُهْملَة: منَازِل ثَمُود بِنَاحِيَة الشَّام عِنْد وَادي الْقرى.

قَالَ صعوداء فِي شرح ديوَان زُهَيْر: قَالَ أَبُو عَمْرو: لَا أعرف إِلَّا حجر ثَمُود وَلَا أَدْرِي أَرَادَهُ بِعَيْنِه أم لَا وَأما حجر بِفَتْح الْمُهْملَة فَهِيَ الْيَمَامَة وَلَكِن لَا يدخلهَا الْألف وَاللَّام فَلذَلِك أنكرها أَبُو عَمْرو. انْتهى.

وَكَذَا قَالَ غَيره. قَالَ ابْن السَّيِّد: هَذَا هُوَ الْمَرْوِيّ هُنَا وَقد أَوله جمَاعَة على زِيَادَة آل.

يَا لَيْت أم الْعُمر كَانَت صَاحِبي أَرَادَ: أم عَمْرو.

وَقَالَ الآخر: الطَّوِيل

وجدت الْوَلِيد بن اليزيد مُبَارَكًا

ص: 442

أَرَادَ: الْوَلِيد بن يزِيد. هَذَا مَا قَالُوا. وَالصَّوَاب دُخُول الْألف وَاللَّام عَلَيْهِ. قَالَ عَاصِم: الْحجر بِالْفَتْح: مَدِينَة الْيَمَامَة وَالْحجر بِالْكَسْرِ: حجر ثَمُود. وَقَالَ الْجَوْهَرِي: الْحجر بِالْفَتْح: قَصَبَة الْيَمَامَة يذكر وَيُؤَنث ويؤيدهما الْبَيْت الْمُتَقَدّم وَبَيت النَّابِغَة: الطَّوِيل)

(وهم قتلوا الطَّائِي بِالْحجرِ عنْوَة

أَخا جَابر واستنكحوا أم جَابر)

وَالْبَاء فِي قَوْله: بقنة ظرفية مُتَعَلقَة بِمَحْذُوف على أَنه حَال من الضَّمِير الْمُسْتَتر فِي الْجَار وَالْمَجْرُور وَالْعَامِل فِيهِ الِاسْتِقْرَار الْمَحْذُوف وَالتَّقْدِير: لمن الديار كائنة بقنة الْحجر.

وأقوين: أقفرن يُقَال: أقوت الدَّار إِذا خلت من سكانها وأقفرت. وَالنُّون ضمير الديار وَجُمْلَة: أقوين حَال من ذَلِك الضَّمِير أَيْضا.

والحجج بِكَسْر الْحَاء الْمُهْملَة وَفتح الْجِيم: جمع حجَّة بِكَسْرِهَا أَيْضا وَهِي السّنة. والدهر: الْأَبَد الْمَمْدُود. وروى بدله: وَمن شهر وَأَرَادَ من شهور فَوضع الْوَاحِد مَوضِع الْجمع اكْتِفَاء بِهِ.

قَالَ اللَّخْمِيّ: وَمن رَوَاهُ مذ حجج كَانَت مذ: حرف جر وَالْعَامِل فِيهَا أقوين وَهِي بِمَنْزِلَة فِي لِأَن الْمَعْنى أقوين فِي حجج.

وَالْبَيْت مطلع قصيدة لزهير بن أبي سلمى مدح بهَا هرم بن سِنَان بن أبي حَارِثَة

المري عدتهَا تِسْعَة عشر بَيْتا وَبعده: الْكَامِل

(لعب الرِّيَاح بهَا وَغَيرهَا

بعدِي سوافي المور والقطر)

(قفر بمندفع النحائت من

ضفوي أولات الضال والسدر)

(دع ذَا وعد القَوْل فِي هرم

خير الكهول وسد الْحَضَر)

ص: 443

. والسوافي: جمع ساف اسْم فَاعل من سفت الرّيح التُّرَاب تسفيه سفياً إِذا ذرته. والمور بِالضَّمِّ: الْغُبَار بِالرِّيحِ. والقطر: الْمَطَر.

قَالَ صعوداء فِي شَرحه: قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: لَيْسَ للقطر سواف وَلكنه أشركه فِي الْجَرّ. انْتهى.

وَلَيْسَ هَذَا من الْجَرّ على الْجوَار لِأَنَّهُ لَا يكون فِي النسق. وَوَجهه أَن الرِّيَاح السوافي تذري التُّرَاب من الأَرْض وتنزل الْمَطَر من السَّحَاب.

وَقَوله: قفر أَي: تِلْكَ الديار قفر. والمندفع بِفَتْح الْفَاء. النحائت بِفَتْح النُّون بعْدهَا حاء مُهْملَة وَآخره مثناة فوقية قَالَ صعوداء: هِيَ آبار.

ومندفعها: مندفع مياهها ولعلها أَوديَة. والآبار تَفْسِير أبي عَمْرو. قَالَ: وَيُقَال: مَوضِع فِيهِ آبار.

والضفوان بالضاد الْمُعْجَمَة بعْدهَا فَاء: الجانبان الْوَاحِد ضفاً كقفا.

وَأولَات الضال والسدر: مَوَاضِع فِيهَا سدر. والضال هُوَ السدر الْبري. وَقَوله: دع ذَا وعد

إِلَخ قَالَ صعوداء:)

عد القَوْل: اصرفه إِلَيْهِ. والحضر جمع واحده حَاضر مثل صحب وَصَاحب. انْتهى.

والحاضر: الْحَيّ الْعَظِيم. والحاضر: خلاف البادي.

والأبيات الثَّلَاثَة الأول قد نَسَبهَا نقاد الشّعْر إِلَى حَمَّاد الراوية وَقَالُوا: أول القصيدة إِنَّمَا هُوَ: دع ذَا وعد القَوْل

...

... . الْبَيْت روى الْأَصْبَهَانِيّ بِسَنَدِهِ فِي الأغاني عَن جمَاعَة أَنهم كَانُوا فِي دَار أَمِير الْمُؤمنِينَ الْمهْدي بعيساباد وَقد اجْتمع فِيهَا الْعلمَاء بأيام الْعَرَب

ص: 444

وآدابها وَأَشْعَارهَا ولغاتها إِذْ خرج بعض أَصْحَاب الْحَاجِب فَدَعَا بالمفضل الضَّبِّيّ الراوية فَدخل فَمَكثَ مَلِيًّا.

ثمَّ خرج ذَلِك الرجل بِعَيْنِه فَدَعَا بحماد الراوية فَمَكثَ مَلِيًّا ثمَّ خرج وَمَعَهُ حَمَّاد والمفضل جَمِيعًا وَقد بَان فِي وَجه حَمَّاد الانكسار وَالْغَم وَفِي وَجه الْمفضل السرُور والنشاط ثمَّ خرج الْخَادِم مَعَهُمَا فَقَالَ: يَا معشر من حضر من أهل الْعلم إِن أَمِير الْمُؤمنِينَ يعلمكم أَنه قد وصل حماداً الشَّاعِر بِعشْرين ألف دِرْهَم لجودة شعره وأبطل رِوَايَته لزيادته فِي أشعار النَّاس مَا لَيْسَ مِنْهَا وَوصل الْمفضل بِخَمْسِينَ ألف دِرْهَم لصدقه وَصِحَّة رِوَايَته.

فَمن أَرَادَ أَن يسمع شعرًا جيدا مُحدثا فليسمع من حَمَّاد وَمن أَرَادَ رِوَايَة صَحِيحَة فليأخذها عَن الْمفضل.

فسألنا عَن السَّبَب فَأخْبرنَا أَن الْمهْدي قَالَ للمضل لما دَعَا بِهِ وَحده: إِنِّي رَأَيْت زُهَيْر بن أبي سلمى افْتتح قصيدته بِأَن قَالَ: دع ذَا وعد القَوْل فِي هرم

وَلم يتَقَدَّم قبل ذَلِك قَول فَمَا الَّذِي أَمر نَفسه بِتَرْكِهِ فَقَالَ لَهُ الْمفضل: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ مَا سَمِعت فِي هَذَا شَيْئا إِلَّا أَنِّي توهمته كَانَ يفكر فِي قَول يَقُوله أَو يروي فِي أَن يَقُول شعرًا قَالَ: عد إِلَى مدح هرم وَقَالَ: دع ذَا أَو كَانَ مفكراً فِي شَيْء من شَأْنه فَتَركه وَقَالَ: دع ذَا أَي: دع مَا أَنْت فِيهِ من الْفِكر وعد القَوْل فِي هرم.

ثمَّ دَعَا بحماد فَسَأَلَهُ عَن مثل مَا سَأَلَ عَنهُ الْمفضل فَقَالَ: لَيْسَ هَكَذَا قَالَ زُهَيْر يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ. قَالَ: فَكيف قَالَ فأنشده:

ص: 445

الأبيات الثَّلَاثَة.)

دع ذَا وعد القَوْل فِي هرم

...

... الْبَيْت قَالَ: فَأَطْرَقَ امهدي سَاعَة ثمَّ أقبل على حَمَّاد فَقَالَ: قد بلغ أَمِير الْمُؤمنِينَ عَنْك خبر لَا بُد من استحلافك عَلَيْهِ. ثمَّ استحلفه بأيمان الْبيعَة ليصدقنه عَمَّا يسْأَل عَنهُ. فَحلف حَمَّاد لَهُ فَلَمَّا توثق مِنْهُ قَالَ لَهُ: اصدقني عَن حَال هَذِه الأبيات وَمن أضافها إِلَى زُهَيْر.

فَأقر لَهُ حِينَئِذٍ أَنه قَالَهَا. فَأمر فِيهِ وَفِي الْمفضل بِمَا أَمر بِهِ من شهر أَمرهمَا وكشفه. انْتهى.

وَحَمَّاد قد تَرْجمهُ صَاحب الأغاني فَلَا بَأْس بإيراد شَيْء من أخباره فَإِنَّهُ كَانَ من أَعَاجِيب الدُّنْيَا ولكونه صَاحب الْبَيْت الشَّاهِد اسْتحق أَن نترجمه. وَهُوَ مِمَّن يَصح الاستشهاد بِكَلَامِهِ.

قَالَ: هُوَ حَمَّاد بن ميسرَة فِيمَا ذكره الْهَيْثَم بن عدي. وَكَانَ صَاحبه وراويته وَأعلم النَّاس بِهِ.

وَزعم أَنه مولى بني شَيبَان. وَكَانَ من أعلم النَّاس بأيام

الْعَرَب وأخبارها وَأَشْعَارهَا وأنسابها ولغاتها وَكَانَت مُلُوك بني أُميَّة تقدمه وتؤثره وتسني بره.

وَقَالَ لَهُ الْوَلِيد بن يزِيد: بِمَا استحققت هَذَا اللقب فَقيل لَك: حَمَّاد الراوية قَالَ: لِأَنِّي أروي لكل شَاعِر يعرفهُ أَمِير الْمُؤمنِينَ أَو سمع بِهِ ثمَّ أروي لأكْثر مِنْهُم مِمَّن لَا تعرف بأنك لَا تعرفهم وَلَا سَمِعت بهم ثمَّ لَا أنْشد شعرًا لقديم

ص: 446

أَو مُحدث إِلَّا ميزت الْقَدِيم مِنْهُ من الْمُحدث.

قَالَ: إِن هَذَا لعلم وَأَبِيك كثير فكم مِقْدَار مَا تحفظ من الشّعْر قَالَ: كثير وَلَكِنِّي أنْشدك على أَي حرف شِئْت من حُرُوف المعجم مائَة قصيدة كَبِيرَة سوى المقطعات من شعر الْجَاهِلِيَّة.

قَالَ: سأمتحنك. وَأمره الْوَلِيد بالإنشاد.

فأنشده حَتَّى ضجر الْوَلِيد ثمَّ وكل بِهِ من استحلفه أَن يصدقهُ عَنهُ ويستوفي عَلَيْهِ. فأنشده ألفي قصيدة وَتِسْعمِائَة قصيدة للجاهليين وَأخْبر الْوَلِيد بذلك فَأمر لَهُ بِمِائَة ألف دِرْهَم.

وروى أَحْمد بن عبيد عَن حَمَّاد أَنه قَالَ: كَانَ انْقِطَاع إِلَى يزِيد بن عبد الْملك فَكَانَ هِشَام يجفوني لذَلِك فَلَمَّا مَاتَ يزِيد وأفضت الْخلَافَة إِلَى هِشَام جفاني وَمَكَثت فِي بَيْتِي سنة لَا أخرج إِلَّا لمن أَثِق بِهِ من إخْوَانِي سرا فَلَمَّا لم أسمع أحدا يذكرنِي أمنت وَخرجت فَصليت الْجُمُعَة ثمَّ جَلَست عِنْد بَاب الْفِيل فَإِذا شرطيان قد وَقفا عَليّ فَقَالَا لي: يَا حَمَّاد أجب الْأَمِير يُوسُف بن عمر.

فَقلت فِي نَفسِي: هَذَا مَا كنت أحذر: فصرت إِلَيْهِ فَرمى كتابا إِلَيّ فِيهِ: من

عبد الله هِشَام أَمِير الْمُؤمنِينَ إِلَى يُوسُف بن عمر أما بعد فَإِذا قَرَأت كتابي هَذَا فَابْعَثْ إِلَى حَمَّاد الراوية من)

يَأْتِيك بِهِ غير مروع وادفع إِلَيْهِ خَمْسمِائَة دِينَار وجملاً مهرياً يسير عَلَيْهِ اثْنَتَيْ عشرَة لَيْلَة إِلَى دمشق.

فأخذتها وركبته وسرت حَتَّى وافيت بَاب هِشَام فاستأذنت فَأذن لي فَدخلت عَلَيْهِ فِي دَار مفروشة بالرخام وَبَين كل رخامتين قضيب ذهب وحيطانها كَذَلِك وَهِشَام جَالس على طنفسة حَمْرَاء وَعَلِيهِ ثِيَاب خَز حمر وَقد تضمخ بالمسك والعنبر وَبَين يَدَيْهِ مسك مبثوث فِي أواني الذَّهَب

ص: 447

يقلبه بِيَدِهِ فتفوح روائحه. فَسلمت عَلَيْهِ فَرد عَليّ السَّلَام واستدناني فدنوت حَتَّى قبلت رجله فَإِذا جاريتان لم أر مثلهمَا فِي أذن كل وَاحِدَة مِنْهَا حلقتان فيهمَا لؤلؤتان توقدان فَقَالَ لي: كَيفَ أَنْت يَا حَمَّاد وَكَيف حالك قلت: بِخَير يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ.

قَالَ: أَدْرِي فِيمَا بعثت إِلَيْك قلت: لَا. قَالَ: بعثت إِلَيْك لبيت خطر ببالي لم أدر من قَالَه قلت: وَمَا هُوَ قَالَ: الْخَفِيف

(فدعَتْ بالصبوح يَوْمًا فَجَاءَت

قينة فِي يَمِينهَا إبريق

قلت: هَذَا يَقُوله عدي بن زيد فِي قصيدة لَهُ. قَالَ: أنشدنيها. فأنشدتها:

(بكر العاذلون فِي فلق الصب

ح يَقُولُونَ لي: أَلا تستفيق)

(ويلومون فِيك يَا ابْنة عبد الل

هـ وَالْقلب عنْدكُمْ موهوق)

(لست أَدْرِي إِذْ أَكْثرُوا العذل عِنْدِي

أعدو يلومني أم صديق)

(زانها حسنها وَفرع عميم

وأثيث صلت الجبين أنيق)

(فدعَتْ بالصبوح يَوْمًا فَجَاءَت

قينة فِي يمنها إبريق)

ص: 448

)

(قَدمته على عقار كعين ال

ديك صفى سلافها الراووق)

(ثمَّ كَانَ المزاج مَاء غمام

غير مَا آجن وَلَا مطروق)

قَالَ: فطرب وَقَالَ: أَحْسَنت وَالله يَا حَمَّاد سلني حوائجك. فَقلت: كائنة مَا كَانَت قَالَ: نعم. قلت: إِحْدَى الجاريتين. قَالَ: هما جَمِيعًا بِمَا عَلَيْهِمَا وَمَا لَهما لَك.

فوهبهما لَهُ وأنزله فِي دَاره ثمَّ نَقله من غَد إِلَى منزل أعده لَهُ فانتقل إِلَيْهِ فَوجدَ فِيهِ الجاريتين وَمَا لَهما وكل مَا يحْتَاج إِلَيْهِ. فَأَقَامَ عِنْده مُدَّة فوصل إِلَيْهِ مِنْهُ مائَة ألف دِرْهَم.

وَرُوِيَ أَيْضا بِسَنَدِهِ أَن جَعْفَر بن أبي جَعْفَر الْمَنْصُور وَالْمَعْرُوف بِابْن الكردية كَانَ يستخف مُطِيع بن أياس وَيُحِبهُ وَكَانَ مُنْقَطِعًا إِلَيْهِ وَله مِنْهُ منزلَة حَسَنَة. فَذكر مُطِيع حماداً وَكَانَ)

صديقه وَكَانَ مطرحاً مجفواً فِي أيامهم فَقَالَ لَهُ: ائتنا بِهِ لنراه.

فَأتى مُطِيع حماداً فَأعلمهُ بذلك وَأمره بِالْمَسِيرِ إِلَيْهِ وَمَعَهُ فَقَالَ لَهُ حَمَّاد: دَعْنِي فَإِن دَوْلَتِي كَانَت مَعَ بني أُميَّة وَمَا لي مَعَ هَؤُلَاءِ خير. فَأبى مُطِيع إِلَّا الذّهاب بِهِ فاستعار حَمَّاد سواداً وسيفاً ثمَّ أَتَاهُ فَمضى بِهِ إِلَى جَعْفَر فَلَمَّا دخل سلم عَلَيْهِ وَأثْنى عَلَيْهِ فَرد عليه السلام وَأمره بِالْجُلُوسِ ثمَّ قَالَ لَهُ جَعْفَر: أَنْشدني لجرير. قَالَ حَمَّاد: فوَاللَّه لقد سلخ شعر جرير كُله من قلبِي إِلَّا قَوْله:

(بَان الخليط برامتين فودعوا

أَو كلما اعتزموا لبين تجزع

ص: 449

)

فَانْدفع ينشده إِيَّاهَا حَتَّى قَالَ: الْكَامِل

(وَتقول بوزع قد دببت على الْعَصَا

هلا هزئت بغيرنا يَا بوزع)

قَالَ حَمَّاد: فَقَالَ: لي جَعْفَر: أعد هَذَا الْبَيْت. فأعدته. فَقَالَ: بوزع أيش هُوَ قلت: اسْم امْرَأَة. فَقَالَ: هُوَ بَرِيء من الله وَرَسُوله وَنفي من الْعَبَّاس إِن كَانَت بوزع إِلَّا غولاً من الغيلان تَرَكتنِي وَالله يَا هَذَا لَا أَنَام اللَّيْل من فزع بوزع يَا غلْمَان قَفاهُ قَالَ: فصغت حَتَّى لم أدر أَيْن أَنا.

ثمَّ قَالَ: جروا بِرجلِهِ. فجروا برجلي حَتَّى أخرجت من بَين يَدَيْهِ مسحوباً فنخرق السوَاد وانكسر جفن السَّيْف وَلَقِيت شرا عَظِيما. وَكَانَ أشر من ذَلِك غرامتي ثمن السوَاد وجفن السَّيْف.

وَكتب حَمَّاد إِلَى بعض الرؤساء الْأَشْرَاف: الْخَفِيف

(إِن لي حَاجَة فرأيك فِيهَا

لَك نَفسِي فدى من الأوصاب)

(وَهِي لَيست مِمَّا يبلغهَا غي

ري وَلَا يستطيعها فِي كتاب)

(غير إِنِّي أقولها حِين ألقا

ك رويداً أسرها فِي حجاب)

(إِنَّنِي عاشق لجبتك الدكن

اء عشقاً قد حَال دون الشَّرَاب)

(فاكسنيها فدتك نَفسِي وَأَهلي

أتباهى بهَا على الْأَصْحَاب)

(وَلَك الله وَالْأَمَانَة أَن أج

علها عمرها أَمِير ثِيَابِي)

ص: 450

فَبعث بهَا إِلَيْهِ.

قَالَ ابْن النطاح: كَانَ حَمَّاد فِي أول أمره يتشطر ويصحب الصعاليك واللصوص

فَنقبَ لَيْلَة على رجل وَأخذ مَاله فَكَانَ فِيهِ جُزْء من أشعار الْأَنْصَار فقرأه حَمَّاد فاستحلاه وَحفظه ثمَّ)

طلب الْأَدَب وَالشعر وَأَيَّام الْعَرَب ولغاتها بعد ذَلِك وَترك مَا كَانَ عَلَيْهِ فَبلغ فِي الْعلم مَا بلغ.

وروى بِسَنَدِهِ أَيْضا عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: سَمِعت الْمفضل الضَّبِّيّ يَقُول: قد سلط على الشّعْر حَمَّاد الراوية فأفسده. فَقلت لَهُ: وَكَيف أيخطئ فِي رِوَايَته أم يلحن فَقَالَ: ليته كَانَ ذَلِك فَإِن أهل الْعلم يردون من أَخطَأ إِلَى الصَّوَاب وَلكنه رجل عَالم بلغات الْعَرَب وَأَشْعَارهَا ومذاهب الشُّعَرَاء ومعانيها فَلَا يزَال يَقُول الشّعْر يشبه بِهِ مَذْهَب رجل ويدخله فِي شعره وَيحمل ذَلِك عَنهُ فِي الْآفَاق فيختلط بأشعار القدماء وَلَا يتَمَيَّز الصَّحِيح مِنْهَا إِلَّا عِنْد عَالم ناقد وَأَيْنَ ذَاك.

وروى أَيْضا بِسَنَدِهِ أَن الطرماح قَالَ: أنشدت حماداً الراوية فِي مَسْجِد الْكُوفَة وَكَانَ أذكى بَان الخليط بسحرة فتبددوا وَهِي سِتُّونَ بَيْتا فَسكت سَاعَة وَلَا أَدْرِي مَا يُرِيد ثمَّ أقبل عَليّ فَقَالَ: هَذِه لَك قلت: نعم. قَالَ: لَيْسَ الْأَمر كَذَلِك. ثمَّ ردهَا عَليّ كلهَا وَزِيَادَة عشْرين بَيْتا زَاد فِيهَا فِي وقته فَقلت لَهُ: وَيحك إِن هَذَا شعر قلته مُنْذُ أَيَّام مَا اطلع عَلَيْهِ أحد.

فَقَالَ: قد وَالله قلت هَذَا الشّعْر مُنْذُ عشْرين سنة وَإِلَّا فعلي وَعلي. فَقلت: لله عَليّ حجَّة أحجها حافياً رَاجِلا إِن

ص: 451