الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(فعل التَّعَجُّب)
أنْشد فِيهِ: الْبَسِيط يَا مَا أميلح غزلاناً شدن لنا تَمَامه: من هؤليائكن الضال والسمر وَتقدم الْكَلَام عَلَيْهِ فِي خَواص الِاسْم من أول الْكتاب.
قيل إِن هَذَا الْبَيْت من أَبْيَات لعَلي بن مُحَمَّد المغربي. وَهُوَ مُتَأَخّر لَهُ قصيدة فِي مدح عَليّ بن عِيسَى وَزِير المقتدر. وَقتل المقتدر فِي شَوَّال سنة عشْرين وثلثمائة.
وَأنْشد بعده
(الشَّاهِد السَّادِس وَالْخَمْسُونَ بعد السبعمائة)
الوافر
(ونأخذ بعده بذناب عَيْش
…
أجب الظّهْر لَيْسَ لَهُ سَنَام)
على أَن نصب الظّهْر على التَّشْبِيه بالمفعول بِهِ.
أَقُول: روى ابْن النَّاظِم وَغَيره الظّهْر فِي هَذَا الْبَيْت على ثَلَاثَة أوجه:
الأول: بِالنّصب وَهُوَ ضَعِيف كَمَا قَالَ الشَّارِح الْمُحَقق.
وَقَالَ ابْن الجاجب فِي أَمَالِيهِ: وَنصب الظّهْر كنصب الْوَجْه فِي: مَرَرْت بِرَجُل حسن الْوَجْه وَهِي لُغَة فصيحة على التَّشْبِيه بالمفعول. وَمِنْهُم من جعله نصبا على التَّمْيِيز وَلَا حَاجَة إِلَيْهِ لكَونه معرفَة والتمييز الْمَنْصُوب إِنَّمَا يكون بالنكرة.
وَفِيه رد على من قَالَ إِنَّه تَمْيِيز كالبيضاوي فَإِنَّهُ اسْتشْهد بِهِ عِنْد قَوْله تَعَالَى: إِلَّا من سفه نَفسه قَالَ: نَفسه مَنْصُوب على التَّمْيِيز كالظهر فِي الْبَيْت.
الثَّانِي: رفع الظّهْر على الفاعلية.
وَأم أجب فَهُوَ مجرور لَا غير. قَالَ ابْن الجاجب: أوجب مخفوض عَلامَة خفضه الفتحة صفة لذنابٍ أَو عَيْش. وَالْفَتْح إِنَّمَا هُوَ على رفع الظّهْر ونصبه وَأما على جَرّه فأجب مجرور بالكسرة للإضافة.
وَأما قطعه إِلَى الرّفْع على أَنه خبر لمبتدأ مَحْذُوف أَو إِلَى النصب بِتَقْدِير: أَعنِي
فَلَا يجوز لِأَن)
قطع النكرَة غير الموصوفة نَادِر.
وَقد خلط الْعَيْنِيّ وَنسب إِلَى ابْن النَّاظِم مَا لم يقلهُ. قَالَ: الاستشهاد فِي قَوْله: أجب الظّهْر فَإِنَّهُ يجوز فِيهِ ثَلَاثَة أوجه: الأول: أجب الظّهْر بِرَفْع أجب وَنصب الظّهْر. وَهَذَا من أَقسَام الضَّعِيف وَهُوَ على تَقْدِير: هُوَ أجب.
الثَّانِي: نصب أجب على الحالية وَرفع الظّهْر.
وَالثَّالِث: جر أجب على الصّفة لعيش وجر الظّهْر على الْإِضَافَة.
هَذَا كَلَامه.
وَتَبعهُ على هَذَا خضر الْموصِلِي فِي شرح أَبْيَات التفسيرين.
وأنشده سِيبَوَيْهٍ بِنصب الظّهْر ب أجب على أَن فِي أجب تنويناً مُقَدرا وَلم يظْهر لِأَنَّهُ لَا وَالْبَيْت من أَبْيَات للنابغة الذبياني وَهِي:
(ألم أقسم عَلَيْك لتخبرني
…
أمحمول على النعش الْهمام)
(فَإِنِّي لَا ألومك فِي دُخُول
…
وَلَكِن مَا وَرَاءَك يَا عِصَام)
(فَإِن يهْلك أَبُو قَابُوس يهْلك
…
ربيع النَّاس والشهر الْحَرَام)
(ونأخذ بعده بذناب عَيْش
…
أجب الظّهْر لَيْسَ لَهُ سَنَام)
وَمن حَدِيث هَذِه الأبيات أَن النَّابِغَة كَانَ عِنْد النُّعْمَان ملك الْعَرَب بالحية كَبِيرا عِنْده خَاصّا بِهِ وَكَانَ من ندمائه وَأهل أنسه فحسد على مَنْزِلَته مِنْهُ فاتهموه بِأَمْر ذَكرْنَاهُ فِي مَوَاضِع من هَذَا الْكتاب فَغَضب عَلَيْهِ النُّعْمَان وَأَرَادَ الْبَطْش بِهِ.
وَكَانَ للنعمان بواب يُقَال لَهُ: عِصَام بن شهير الْجرْمِي قَالَ للنابغة: إِن النُّعْمَان موقع بك فَانْطَلق فهرب النَّابِغَة إِلَى مُلُوك غَسَّان مُلُوك الشَّام فَكَانَ يمدحهم وَترك النُّعْمَان فَاشْتَدَّ ذَلِك عَلَيْهِ وَعرف أَن الَّذِي بلغه كذب. فَبعث إِلَيْهِ: إِنَّك لم تعتذر من سخطَة إِن كَانَت بلغتك وَلَكنَّا تغيرنا لَك عَن شَيْء مِمَّا كُنَّا عَلَيْهِ وَلَقَد كَانَ فِي قَوْمك مُمْتَنع وحصن فتركته ثمَّ انْطَلَقت إِلَى قوم قتلوا جدي وبيني وَبينهمْ مَا قد علمت.
وَكَانَ النُّعْمَان وَأَبوهُ وجده قد أكْرمُوا النَّابِغَة وشرفوه وَأَعْطوهُ مَالا عَظِيما. وَبلغ النَّابِغَة أَن النُّعْمَان ثقيل من مرض أَصَابَهُ حَتَّى أشْفق عَلَيْهِ مِنْهُ فَأَتَاهُ النَّابِغَة فَأَلْقَاهُ مَحْمُولا على رجلَيْنِ ينْقل)
مَا بَين الْغمر وقصوره الَّتِي بَين الْحيرَة
فَقَالَ لِبَوَّابِهِ عِصَام: ألم أقسم عَلَيْك لتخبرني
…
...
…
... . الأبيات الْمَذْكُورَة قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: كَانَت مُلُوك الْعَرَب إِذا مرض أحدهم حَملته الرِّجَال على أكتافها يتعاقبونه لِأَنَّهُ عِنْدهم أوطأ من الأَرْض. فعافاه الله وَعَفا عَن النَّابِغَة.
قَالَ حسان بن ثَابت: وفدت إِلَى النُّعْمَان فحسدت النَّابِغَة على ثَلَاث لَا أَدْرِي على أيتهن كنت أحسد: أَعلَى إدناء النُّعْمَان لَهُ بعد المباعدة ومسايرته لَهُ وإصغائه إِلَيْهِ أَو على جودة شعره أَو على مَائه بعير من عصافيره أَمر لَهُ بهَا قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: قيل لأبي عَمْرو: أَمن مخافته امتدحه وَأَتَاهُ بعد هربه مِنْهُ أم لغير ذَلِك قَالَ: لَا لعمر الله مَا لمخافته فعل إِن كَانَ إِلَّا آمنا من أَن يُوَجه إِلَيْهِ النُّعْمَان جَيْشًا. وَمَا كَانَ النَّابِغَة يَأْكُل وَيشْرب إِلَّا فِي آنِية الذَّهَب وَالْفِضَّة من عطايا النُّعْمَان وَأَبِيهِ وجده وَلَا يسْتَعْمل غير ذَلِك.
وَقَوله: ألم أقسم عَلَيْك
…
إِلَخ هُوَ اسْتِفْهَام تقريري وَقَوله: لتخبرني جَوَاب الْقسم.
وَقَوله: أمحمول
…
. إِلَخ خبر مقدم والهمام مُبْتَدأ مُؤخر وَالْجُمْلَة فِي مَوضِع الْمَفْعُول لتخبرني.
وَالتَّحْقِيق أَن الْوَاقِع مَفْعُولا مَحْذُوف مُضَاف إِلَى هَذَا
الِاسْتِفْهَام وَالتَّقْدِير: جَوَاب هَذَا الِاسْتِفْهَام.
وَقَالَ الْعَيْنِيّ: وَقيل معنى أمحمول على النعش أَي: هَل مَاتَ فَحمل على النعش أم لَا انْتهى.
أَقُول: هَذَا كَلَام من لم يصل إِلَى العنقود.
والهمام: الْملك الْعَظِيم الهمة.
وَقَوله: فَإِنِّي لَا ألومك
…
إِلَخ لَا ألومك فِي تَركك الْإِذْن لي فِي الِانْتِهَاء إِلَى الْملك وَلَكِن أَخْبرنِي بكنه أمره.
وَرَوَاهُ الْعَيْنِيّ: فَإِنِّي لَا ألام على دُخُول وَقَالَ: أَي لَا ألام على ترك الدُّخُول عَلَيْهِ لِأَنِّي مَحْجُوب لَا أصل إِلَيْهِ لغضبه عَليّ. وَهَذَا خلاف مَا رَوَاهُ النَّاس.
وَقَوله: مَا وَرَاءَك يَا عِصَام صَار مثلا عِنْد الْعَرَب وَأوردهُ الزَّمَخْشَرِيّ فِي أَمْثَاله قَالَ فِيهِ: هُوَ من قَول النَّابِغَة يضْرب فِي الاستخبار عَن الشَّيْء وَهُوَ عِصَام بن شهبر الْبَاهِلِيّ حَاجِب النُّعْمَان.)
وَمن شعر عِصَام هَذَا: الرجز
(نفس عِصَام سودت عصاما
…
وعلمته الْكر والإقداما)
وَالْبَيْت الأول من هَذَا مثل أَيْضا يضْرب لمن شرف بِنَفسِهِ لَا بآبائه.
وَفِي الْأَمْثَال أَيْضا: كن عصامياً وَلَا تكن عظامياً أَي: افتخر بِنَفْسِك لَا بعظام آبَائِك البالية.
قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: وَهُوَ عِصَام الْخَارِجِي وَإِنَّمَا سمته الْعَرَب خارجياً لِأَنَّهُ خرج عَن غير أولية كَانَت لَهُ.
ويحكى أَن الْحجَّاج ذكر عِنْده رجل بِالْجَهْلِ فَأَرَادَ اختباره فَقَالَ: أعظامي أم عصامي أَرَادَ: أشرفت بآبائك الَّذين صَارُوا عظاماً أم بِنَفْسِك فَقَالَ الرجل: أَنا عصامي عِظَامِي.
فَقَالَ الْحجَّاج: هَذَا أفضل النَّاس فَقضى حَوَائِجه وَمكث عِنْده ثمَّ فتشه فَوَجَدَهُ أَجْهَل النَّاس فَقَالَ لَهُ: تصدقني أَو لأَقْتُلَنك كَيفَ أجبتني بِمَا أجبتني حِين سَأَلتك عَمَّا سَأَلتك قَالَ: لم أعلم أعصامي خير أم عِظَامِي فَخَشِيت أَن أَقُول أَحدهمَا فَقلت: كليهمَا فَإِن ضرني أَحدهمَا نَفَعَنِي الآخر. فَقَالَ الْحجَّاج عِنْد ذَلِك: الْمَقَادِير تصير العيي خَطِيبًا.
وَقَوله: فَأن يهْلك أَبُو قَابُوس
…
إِلَخ هُوَ كنية النُّعْمَان وقابوس: مُعرب كاووس كطاووس اسْم أحد مُلُوك الْفرس.
وَقَوله: ربيع النَّاس إِلَخ يُرِيد أَنه كَانَ كالربيع فِي الخصب لمجتديه وكالشهر الْحَرَام لجاره أَي: لَا يُوصل إِلَى من أجاره كَمَا لَا يُوصل فِي الشَّهْر الْحَرَام إِلَى أحد.
وَالْمعْنَى: إِن يمت النُّعْمَان يذهب خير الدُّنْيَا عَنْهَا كَانَت تعمر بِهِ وبجوده وعدله ونفعه للنَّاس. وَمن كَانَ فِي ذمَّته وسلطانه فَهُوَ آمن على نَفسه محقون الدَّم كَمَا يَأْمَن النَّاس فِي الشَّهْر الْحَرَام على دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالهمْ.
وروى بدله: وَالنعَم الركام بِالضَّمِّ أَي: المتراكمة.
وَقَوله: ونأخذ بعده
…
إِلَخ الذناب والذنابة بكسرهما والذنابى بِالضَّمِّ وَالْقصر: الذَّنب.
قَالَ الشنتمري: الْمُسْتَعْمل للبعير وَنَحْوه الذَّنب وللطائر الذنابي وللعين وَنَحْوهَا الذنابة ولمالا خير فِيهِ. والأجب بِالْجِيم: الْجمل الْمَقْطُوع السنام والسنام: حدبة الْبَعِير.
يَقُول: إِن مَاتَ بَقينَا
فِي طرف عَيْش قد مضى صَدره ومعظمه وَخَبره وَقد بَقِي مِنْهُ ذَنبه وَيكون الْعَيْش كبعير قد جب سنامه.)
يُرِيد: صَار النَّاس بعده فِي أسوإ حَال وأضيق عَيْش وَذَلِكَ وتمسكوا مِنْهُ بِمثل ذَنْب بعير أجب الظّهْر. والسنام يستعار كثيرا للعز حَتَّى كَأَنَّهُ غلب فِيهِ.
وَقد أورد أَبُو الْقَاسِم الزجاجي هَذِه الأبيات الثَّلَاثَة فِي أَمَالِيهِ الصُّغْرَى وَالْوُسْطَى وَقَالَ فيهمَا: أما عِصَام فحاجب النُّعْمَان.
يَقُول: لَا ألومك إِن منعتني من الْوُصُول إِلَيْهِ وَلَكِن عرفني خَبره. وَكَانَ الْملك إِذا مرض يَجْعَل فِي وَأما قَوْله: ونأخذ بعده فَيجوز فِيهِ الرّفْع وَالنّصب والجزم. وَأما الْجَزْم فعلى الْعَطف على قَوْله: يهْلك ربيع النَّاس. وَالرَّفْع على الْقطع والابتداء وَالنّصب بِالصرْفِ على إِضْمَار أَن. وَكَذَلِكَ كل مَعْطُوف بعد جَوَاب الْجَزَاء من الْأَفْعَال الْمُسْتَقْبلَة تجوز فِيهِ هَذِه الْأَوْجه الثَّلَاثَة.
وَقَوله: أجب الظّهْر يَعْنِي مَقْطُوع الظّهْر. وَهَذَا تَمْثِيل وتشبيه. ويروى: أجب الظّهْر بخفضهما جَمِيعًا على إِضَافَة أجب إِلَى الظّهْر ويروى: أجب الظّهْر بِفَتْح أجب وَنصب الظّهْر على أَن يكون مَوضِع أجب خفضاً وَلكنه لَا ينْصَرف وبنصب الظّهْر على التَّشْبِيه بالمفعول بِهِ ويضمر فِي أجب الْفَاعِل كَأَنَّهُ قَالَ: أجب الظّهْر بِالتَّنْوِينِ ثمَّ مَنعه من التَّنْوِين لِأَنَّهُ لَا ينْصَرف وَهُوَ فِي تَقْدِير
قَوْلك: مَرَرْت بِرَجُل حسن الْوَجْه وَكثير المَال وَطيب الْعَيْش.
ويروى: أجب الظّهْر على أَنه فِي مَوضِع خفض وَرفع الظّهْر بِهِ كَأَنَّهُ قَالَ: أجب ظَهره فَأهل الْكُوفَة
يجْعَلُونَ الْألف وَاللَّام عقيب الْإِضَافَة وَأهل الْبَصْرَة يضمرون مَا يعلق الذّكر بِالْأولِ وَتَقْدِيره عِنْدهم: أجب الظّهْر مِنْهُ. انْتهى.
وَتَقَدَّمت تَرْجَمَة النَّابِغَة الذبياني فِي الشَّاهِد الرَّابِع بعد الْمِائَة.
وَأنْشد بعده وَهُوَ من شَوَاهِد س: الطَّوِيل وَللَّه عينا حبتر أَيّمَا فَتى على أَنه قد يُسْتَفَاد من الِاسْتِفْهَام معنى التَّعَجُّب كَمَا هُنَا فَإِن فِيهِ معنى التَّعَجُّب من الفتوة كَمَا تَقول: أَي رجل زيد وَقد تَضَمَّنت أَي معنى الْمَدْح والتعجب الَّذِي تضمنته نعم وحبذا.
وَأي: إِذا أضيفت إِلَى مُشْتَقّ من صفة يُمكن الْمَدْح بهَا كَانَت للمدح بِالْوَصْفِ الَّذِي اشتق مِنْهُ الِاسْم الَّذِي أضيفت إِلَيْهِ. فَإِذا قلت: مَرَرْت بِفَارِس أَي فَارس فقد أثنيت عَلَيْهِ بالفروسية خَاصَّة.)
وَإِن أضيفت إِلَى غير مُشْتَقّ فَهِيَ للثناء عَلَيْهِ بِكُل صفة يُمكن أَن يثنى عَلَيْهِ بهَا
فَإِذا قلت: مَرَرْت بِرَجُل، أَي رجل، فقد أتيت عَلَيْهِ ثَنَاء عَاما فِي كل مَا يمدح بِهِ الرجل. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَسَأَلته - يَعْنِي الْخَلِيل - عَن قَوْله:
…
(فأومأت إِيمَاء خفِيا لحبتر
…
وَللَّه عينا حبتر أَيّمَا فَتى)
فَقَالَ: أَيّمَا تكون صفة للنكرة، وَحَالا للمعرفة، وَتَكون استفهاماً مَبْنِيا عَلَيْهَا، ومبنية على غَيرهَا، وَلَا تكون لتبيين الْعدَد، وَلَا فِي الِاسْتِثْنَاء نَحْو قَوْلك: أَتَوْنِي إِلَّا زيدا. أَلا ترى أَنَّك لَا تَقول لَهُ: عشرُون أَيّمَا رجل وَلَا أَتَوْنِي إِلَّا أَيّمَا رجل. وَالنّصب فِي مثله رجلا كالنصب فِي عشْرين رجلا. فأيما لَا تكون فِي الِاسْتِثْنَاء، وَلَا يخْتَص بهَا نوع من الْأَنْوَاع، وَلَا يُفَسر بهَا عدد. وَأَيّمَا فَتى اسْتِفْهَام. أَلا ترى أَنَّك تَقول سُبْحَانَ الله من هُوَ وَمَا هُوَ؟ فَهَذَا اسْتِفْهَام فِيهِ معنى التَّعَجُّب. وَلَو كَانَ خَبرا لم يجز ذَلِك، لِأَنَّهُ لَا يجوز فِي الْخَبَر أَن تَقول: من هُوَ، وتسكت. انْتهى. قَالَ النّحاس: قد فسر الْخَلِيل أَيّمَا بقوله تكون صفة للنكرة، كَقَوْلِك: مَرَرْت بِرَجُل أَيّمَا رجل، وَحَالا للمعرفة، أَي: إِن شِئْت، رويت:
(فَللَّه عينا حبتر أَيّمَا فَتى)
بِالنّصب، أَي: كَامِلا ن ومبنياً عَلَيْهَا، كَقَوْلِك: أَيّمَا رجل، مَبْنِيَّة على غَيرهَا، نَحْو: زيد أَيّمَا رجل، وَلَا تكون لتبيين الْعدَد، وَلَا فِي الِاسْتِثْنَاء، لِأَنَّهَا لم تقو فِي الصِّفَات. على أَن الْأَخْفَش قد أجَاز ذَلِك. انْتهى. وَقَالَ الأعلم: رفع: " أَيّمَا " بِالِابْتِدَاءِ وَالْخَبَر مَحْذُوف، وَالتَّقْدِير: أَي فَتى هُوَ، وَمَا زَائِدَة مُؤَكدَة. وَفِي أَي معنى الْمَدْح والتعجب. وصف أَنه أَمر ابْن أُخْت لَهُ يُقَال لَهُ: حبتر، بنحر نَاقَة من أَصْحَابه، لِأَنَّهُ كَانَ فِي غير مَحَله، ليخلفها عَلَيْهِ إِذا لحق بأَهْله. وَأَوْمَأَ إِلَيْهِ بذلك حَتَّى لَا يشْعر بِهِ أحد، ففهم عَنهُ وَعرف إِشَارَته لذكائه، وحدة بَصَره. والإيماء: الْإِشَارَة بِعَين أَو يَد. انْتهى.
وروى الْمبرد فِي الْكَامِل الرّفْع وَالنّصب فِي أَيّمَا فَتى فِي الْبَيْت قَالَ عِنْد الْكَلَام على قَول ليلى الأخيلية: الطَّوِيل قَوْلهَا: أَي نظرة نَاظر يصلح فِيهِ الرّفْع وَالنّصب على قَوْله: نظرت أَي نظرة وأية نظرة وأيتما نظرة وَأَيّمَا نظرة كَمَا تَقول: مَرَرْت بِرَجُل أَيّمَا رجل. وتأويله: بِرَجُل كَامِل. فأيما فِي مَوضِع: كَامِل.
وَتقول: مَرَرْت بزيد أَيّمَا رجل على الْحَال. وَمن قَالَ أَي نظرة هِيَ فعلى الْقطع والابتداء)
والمخرج مخرج اسْتِفْهَام وَتَقْدِيره أَي نظرة هِيَ كَمَا تَقول: سُبْحَانَ الله أَي رجل زيد.
وَهَذَا الْبَيْت ينشد على وَجْهَيْن: فأومأت إِيمَاء خفِيا لحبتر وَللَّه عينا حبترٍ أَيّمَا فَتى وَأَيّمَا إِن شِئْت على مَا فسرنا. انْتهى كَلَامه.
وَقد أنْشدهُ ابْن مَالك فِي بَاب الْمَوْصُول من شرح التسهيل بِنصب أَيّمَا على أَنه حَال من حبتر.
وَأنْكرهُ أَبُو حَيَّان فِي شَرحه وَقَالَ: أَصْحَابنَا أنشدوه بِالرَّفْع على أَنه مُبْتَدأ أَو خبر مُبْتَدأ وقدروه: أَي فَتى. وَلم يذكر أَصْحَابنَا كَون أَي تقع حَالا وَإِنَّمَا ذكرُوا لَهَا خَمْسَة أَقسَام: مَوْصُولَة وشرطية واستفهامية وَصفَة لنكرة ومنادى.
هَذَا كَلَامه على مَا ذكره الْعَيْنِيّ وَمَا نَقَلْنَاهُ من كَلَام الْأَئِمَّة يرد عَلَيْهِ.
وَقَول الْمرَادِي فِي شَرحه تبعا لأوّل كَلَام أبي حَيَّان: أنْشدهُ المُصَنّف بِنصب أَي على الْحَال وَلَا أكاد أَقْْضِي الْعجب من قَول الْعَيْنِيّ: الاستشهاد فِيهِ أَن أياً فِيهِ صفة وَقد علم
وروى الْمبرد فِي الْكَامِل الرّفْع وَالنّصب فِي أَيّمَا فَتى فِي الْبَيْت قَالَ عِنْد الْكَلَام على قَول ليلى الأخيلية: الطَّوِيل قَوْلهَا: أَي نظرة نَاظر يصلح فِيهِ الرّفْع وَالنّصب على قَوْله: نظرت أَي نظرة وأية نظرة وأيتما نظرة وَأَيّمَا نظرة كَمَا تَقول: مَرَرْت بِرَجُل أَيّمَا رجل. وتأويله: بِرَجُل كَامِل. فأيما فِي مَوضِع: كَامِل.
وَتقول: مَرَرْت بزيد أَيّمَا رجل على الْحَال. وَمن قَالَ أَي نظرة هِيَ فعلى الْقطع والابتداء)
والمخرج مخرج اسْتِفْهَام وَتَقْدِيره أَي نظرة هِيَ كَمَا تَقول: سُبْحَانَ الله أَي رجل زيد.
وَهَذَا الْبَيْت ينشد على وَجْهَيْن: فأومأت إِيمَاء خفِيا لحبتر وَللَّه عينا حبترٍ أَيّمَا فَتى وَأَيّمَا إِن شِئْت على مَا فسرنا. انْتهى كَلَامه.
وَقد أنْشدهُ ابْن مَالك فِي بَاب الْمَوْصُول من شرح التسهيل بِنصب أَيّمَا على أَنه حَال من حبتر.
وَأنْكرهُ أَبُو حَيَّان فِي شَرحه وَقَالَ: أَصْحَابنَا أنشدوه بِالرَّفْع على أَنه مُبْتَدأ أَو خبر مُبْتَدأ وقدروه: أَي فَتى. وَلم يذكر أَصْحَابنَا كَون أَي تقع حَالا وَإِنَّمَا ذكرُوا لَهَا خَمْسَة أَقسَام: مَوْصُولَة وشرطية واستفهامية وَصفَة لنكرة ومنادى.
هَذَا كَلَامه على مَا ذكره الْعَيْنِيّ وَمَا نَقَلْنَاهُ من كَلَام الْأَئِمَّة يرد عَلَيْهِ.
وَقَول الْمرَادِي فِي شَرحه تبعا لأوّل كَلَام أبي حَيَّان: أنْشدهُ المُصَنّف بِنصب أَي على الْحَال
وَلَا أكاد أَقْْضِي الْعجب من قَول الْعَيْنِيّ: الاستشهاد فِيهِ أَن أياً فِيهِ صفة وَقد علم
أَنه صفة لمعْرِفَة وَحَال من نكرَة وَلَا يُضَاف إِلَّا إِلَى نكرَة. انْتهى.
وَهَذَا من نمط اختراع الخراع الَّذِي صنعه الصَّفَدِي وَقصد بِهِ التحميض.
وَالْبَيْت من قصيدة لِلرَّاعِي النميري وَأورد مِنْهَا أَبُو تَمام فِي الحماسة ثَلَاثَة عشر بَيْتا وَكَانَ نزل بالراعي رجل من بني كلاب فِي ركب مَعَه لَيْلًا فِي سنة مُجْدِبَة وَقد عزبت عَن الرَّاعِي إبِله فَأَشَارَ إِلَى حبتر بخفية فَنحر لَهُم نَاقَة وأحلهم وصبحت الرَّاعِي إبِله فَأعْطى رب النَّاقة نَاقَة مثلهَا وزاده نَاقَة ثنية فَقَالَ هَذِه القصيدة فِي هَذِه الْقَضِيَّة.
وهجاه بَعضهم فِي نحر نَاقَة ضَيفه بِأَبْيَات وَأجَاب عَنْهَا الرَّاعِي بقصيدة وَالْجمع مَذْكُور فِي بَاب الهجاء من الحماسة.
قَالَ الطبرسي فِي شرح الحماسة: حبتر بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون الْمُوَحدَة وَفتح الْمُثَنَّاة من فَوق هُوَ ابْن أخي الرَّاعِي وَمَعْنَاهُ فِي اللُّغَة الْقصير من النَّاس وَإِنَّمَا رسم لَهُ عرقبتها فِي السِّرّ بعد أَن اخْتَارَهَا مَخَافَة أَن يمْتَنع صَاحبهَا بِمَا هم بِهِ فِيهَا.
وَقَوله: وَللَّه عينا حبتر اعْتِرَاض. وَإِذا عظموا الشَّيْء نسبوا ملكه إِلَى الله تَعَالَى.
وَأَيّمَا فَتى