المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌عقبى الظالمين إن بناء يقوم على الظلم هباء، وإن ارتقاء على - دراسات وتوجيهات إسلامية

[أحمد سحنون]

فهرس الكتاب

- ‌الإهداء

- ‌هذا الكتاب

- ‌من آراء الإخوان

- ‌طر في هذه الأجواء يا سحنون

- ‌قسوة القلوب

- ‌إصلاح القلوب

- ‌إصلاح الألسنة

- ‌إصلاح البيئة

- ‌توجيه الشباب

- ‌إصلاح المال

- ‌إصلاح الخلق

- ‌نماذج من الخلق الحسن

- ‌إصلاح البيت

- ‌قيمة الوقت

- ‌الدعوة إلى الله

- ‌نماذج من محاسن الدعوة إلى الله

- ‌غرور الحياة

- ‌استقبال رمضان

- ‌شهر التوبة

- ‌روحانية الصوم

- ‌ على مائدة القرآن

- ‌النظر والتفكر

- ‌الرغبة والرهبة

- ‌إن خير الزاد التقوى

- ‌2 - على مائدة القرآن

- ‌مصارع الطغاة

- ‌حظ الكافر

- ‌القنوط واليأس

- ‌3 - على مائدة القرآن

- ‌إحسان العمل والثبات عليه

- ‌البعث والجزاء

- ‌4 - على مائدة القرآن

- ‌صوم رمضان

- ‌التوبة

- ‌5 - على مائدة القرآن

- ‌بدر في القرآن

- ‌6 - على مائدة القرآن

- ‌العبرة من غزوة بدر

- ‌فتح مكة في رمضان:

- ‌7 - على مائدة القرآن

- ‌خير موجه

- ‌إرادة الله:

- ‌8 - على مائدة القرآن

- ‌9 - على مائدة القرآن

- ‌10 - على مائدة القرآن

- ‌11 - على مائدة القرآن

- ‌عباد الرحمن

- ‌12 - على مائدة القرآن

- ‌{هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ}

- ‌13 - على مائدة القرآن

- ‌وداعا يا رمضان

- ‌هذا القرآن

- ‌من معاني العيد

- ‌هدايا العيد

- ‌حال المسلمين اليوم

- ‌حول سفر الحجاج

- ‌العيد

- ‌عودة الحجاج

- ‌الزكاة بمناسبة رأس السنة الهجرية

- ‌روحانية الزكاة

- ‌إصلاح ذات البين

- ‌الأمانة

- ‌أداة السيادة

- ‌نماذج من الحلم

- ‌عقبى الظالمين

- ‌الدين المعاملة

- ‌نماذج من حسن المعاملة

- ‌جهلنا بتاريخنا

- ‌صور إنسانية تعرضها الآيات القرآنية

- ‌الشورى

- ‌صدق الشعور

- ‌السعادة الحقة

- ‌إلى العلماء والمعلمين

- ‌المسؤول الأول

- ‌واجب الأمة نحو التعليم

- ‌هدي القرآن

- ‌تذكرة

- ‌عيادة

- ‌من أمجاد الإسلام

- ‌التخاذل

- ‌الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌القدوة الحسنة

- ‌الحب

- ‌المرأة المسلمة

- ‌المأساة الكبرى

- ‌من أمجاد المرأة المسلمة

- ‌بين الفن والخلق

- ‌ملامح المسلم

- ‌بريد الشيطان

- ‌عداوة الشيطان

- ‌تجارة

- ‌طبقات الناس

- ‌الهدية

- ‌كن صريحا

- ‌بين الجد واللعب

- ‌موت القلوب

- ‌درس

- ‌هكذا يجب أن نكون

- ‌من دعائم النجاح

- ‌يجب أن تكون لنا شخصية

- ‌لا حارس كالأجل

- ‌من لم يكن له شيخ

- ‌الطاعة

- ‌بيت الله

- ‌الله أكبر

- ‌عمر ضائع

- ‌المكافح الأول

- ‌المال والولد

- ‌حسن التوجيه

- ‌توجيهات قرآنية في التربية والسلوك

- ‌من معدن الإيمان

- ‌إذا زلزلت الأرض

- ‌من عبر الزلزال

- ‌طريق العظمةمهداة إلى الدعاة

- ‌العظمة التي لم يدركها الهرم

- ‌نماذج من الأخلاق النبوية

- ‌خيار عباد الله

- ‌سعة الأفق

- ‌الأخوة

- ‌هل نضب معين الرحمة

- ‌فروق

- ‌لنتطهر

- ‌التقوى هاهنا

- ‌من هنا نبدأ

- ‌الجهل بالدين

- ‌القديم والجديد

- ‌ليس لي وقت

- ‌مجد يجب أن يحتذى

- ‌القضاء على الداء

- ‌الحياة والموت

- ‌الغرور

- ‌الكفاءة

- ‌دواء القلب

- ‌الحسد

- ‌الحرص

- ‌كلمة إلى القارئ

الفصل: ‌ ‌عقبى الظالمين إن بناء يقوم على الظلم هباء، وإن ارتقاء على

‌عقبى الظالمين

إن بناء يقوم على الظلم هباء، وإن ارتقاء على جماجم القتلى لا يقال له

ارتقاء، وإن ملكا يجمع من السلب والنهب واللصوصية ليس له بقاء.

ذلك لأن "الظلم مرتعة وخيم" فإذا نبتت النفوس في تربة الظلم وعاشت

في جو الظلم وتغذت من دماء المظلومين فإن هذه النفوس تخرج إلى الدنيا حاملة معها جراثيم الفناء التي تستأصلها، فلا عجب- إذن- أن تكون عاقبة الظالمين شر العواقب، ولا عجب أن نرى القرآن مفعما بذكر مصارع الظالمين وعواقب الطغاة السيئة، فيذكر مساوئهم ومظالمهم وما كسبت أيديهم، ثم يعقب بذكر عواقبهم ومصائرهم، وهي انقراضهم وذهاب ريحهم، وخراب بيوتهم،:{فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ} {فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا} . ولذا لما طلب أبو جعفر المنصور من عمرو بن عبيد أن يعظه لم يجد في ذلك مادة أخصب ولا أوثق من القرآن فقال: نعم أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، {وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ * وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ * وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ * هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ * أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ * الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ * وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ * وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ * الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ * فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ * فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ * إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ} .

وفي المثل: الظلم آخر مدة القوم:

وفي الحديث: "ثلاث دعوات مستجابات، دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد على ولده، ولذا يقول الشاعر:

ص: 137

لا تظلمن إذا ما كنت مقتدرا

فالظلم آخره يأتيك بالندم

تنام عيناك والمظلوم منتبه

يدعو عليك وعين الله لم تنم

وإذا كانت هذه عقبى الظالمين {وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى} فإن الغالب

في الشر مغلوب كما في المثل، "ولا يجني جان إلا على نفسه" كما في الحديث، {وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ} كما في كتاب الله. فماذا جنى الظالم إذن؟ إذا كان ظلمه يسبب هلاكه فهو لم يظلم إلا نفسه، لذلك يعقب الله على إهلاكه للظالمين غالبا بمثل قوله:{وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} .

فلا يفرح الظالون ولا تطمئن بهم المضاجع ولا تقرأ عينهم بما استولوا عليه بالسلب والنهب وسفك الدماء، فإنهم إلى تباب، وإن ملكهم إلى زوال و {إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ} . وإن النعمة تدوم مع الكفر ولا تدوم مع الظلم كما يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه. فكيف إذا أجتمع كفر وظلم.

ولا يستبد الأسى والجزع بالمظلومين، ولا تذهب نفوسهم حسرات فإن الله

لابد- إن ثبتوا وصبروا - ناصرهم ومؤيدهم ومستجيب دعائهم.

وإن الله في قضائه حكمة هو مجريها، وإن الحياة ابتلاء، وأشد أنواع الابتلاء ينزل بالمؤمنين {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ} . لأن في هذا الابتلاء تربية لنفوسهم وشحذا لعزائمهم، وإعدادا لملمات الحياة التي تنزل بهم، فالابتلاء الذي ينزل بالمؤمنين مضاعفا ليس شرا محضا كما يتبادر إلى ذوي العقول البسيطة وإنما يتضمن الدرس العملي والإعداد الصالح المباشر لخوض معمعة الحياة، وليس في الحياة خير محض، ولا شر محض، كما يقول الفلاسفة، وإنما من طبائع النفوس الأبية أنها تأنف الضيم وتكره الظلم، ولا تكاد تسيغه، ولكن الله يمهل الظالم ولا يهمله كما ورد في بعض الآثار وهو معنى ما ورد في بعض الكتب المنزلة: "لا يغتر الظالمون بتأخير العقوبة فإنما يعجل العقوبة من يخشى الفوت، وإن في تأخير عقوبة الظالمين إبلاغا في الحجة وقطعا للمعاذير وهو معنى قوله تعالى:{وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ} .

ص: 138

وإننا بهذه المناسبة لنذكر إخواننا المغاربة الذين يبتلون في سبيل حريتهم واستقلالهم، ويبدون من الصبر والثبات والشجاعة ما هو جدير بأمثالهم، ولا يسعنما إلا أن نعلن تضامننا معهم ونضم أصواتنا إلى أصواتهم ونرفع احتجاجنا ضد أعدائهم، ونسأل الله أن ينصرهم ويثبت أقدامهم ويكلل بالنجاح أعمالهم، {وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ} {وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} و {لَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ} .

ص: 139