الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
درس
كنت مارا في أحد ميادين العاصمة، فعطفي عن وجهتي صوت ناعم حزين وإذا به صوت امرأه تندب حظها وتلعن المصادفة السيئة التي لاقت بينها وبين فضولي مستهتر وهي تقول له: قبحا لوجهك الذي لا يعرف الحياء، وما الذي ذلك مني على أني إحدى الساقطات اللائي بعن كرامتهن بالثمن البخس؟ وما الذي جرأك على متابعتي وتأثر خطواتي وأنا على أتم حجاب وعلى خير هيئة يجب على المرأة الشريفة أن تكون عليها؟
فآمنت عند ذاك بما في خروج المرأة بدون أحد من محارمها من خطر ومغامرة، وذكرت قول سيدة النساء: فاطمة الزهراء وقد قال لها أبوها صلى الله عليه وسلم: أي شيء خير للمرأة؟ فقالت: أن لا ترى الرجل ولا يراها الرجل، وعلمت أن الحجاب لا يغني مع خروج المرآة شيئا: وعلمت كذلك بأن المسلمين الذين لم يتأثروا بتربية الإسلام ما زالوا كثيرين ولا سيما هؤلاء الشباب الذين نشأوا في بيئة غير إسلامية، وأعني: بهم من تثقف ثقافة أجنبية، وعلمت من ذلك بأن مجتمعنا ما زال بحاجة إلى تربية أخلاقية قوية.
إن الفائدة التي نجنيها من هذا الدرس هي أن المرأة المسلمة لا أحصن لكرامتها ولا أصون لشرفها من امتداد أيدي الجناة الآثمين إليها كبيتها، وإذا تعرضت المتحجبات المتنقبات لكل هذه الآفات، فكيف يسلتم أولئك السافرات اللائي أبدين من أجسامهن كل ما يحرك الفتنة وبثير كوامن الشهوة؟ ولا سيما أولئك الصبايا العواتق اللائي هن للعيون الشرهة كبواكير الفاكهة يتشهاها القلب وتتطلع إليها النفس، فكيف
نلوم شبابنا الذين تجاوزت فيهم حدة الشباب حدها، وطغت عليهم نزوة الصبا فلم يستطيعوا ردها؟
إن للشباب لفورة، وإن لجماحه لسوره،
وضعوا اللحم للبزا
…
ة على ذروتي عدن
ثم لاموا البزاة أن
…
خلعوا عنهم الرسن
وإن للصيف لمأثيرا آخر على الأعصاب، تصعب مقاومته على الشباب، فإن العري فيه ولا سيما في العواصم الكبيرة التي يحتضنها البحر ليمد مده، حتى يتجاوز حده، ولكنني لا أعجب لشيء كما أعجب لهؤلاء الآباء الذين يبيحون لبناتهم أن يخرجن عاريات مع عدم يقينهم برجعوعهن سالمات، وكيف بسلامة الحواسر، من مخالب الكواسر؟ وأعجب من هذا أن يعتقدوا أن هذا لا يتحرج منه الإسلام، أو يجب أن يتسع له صدر الإسلام، ومعنى هذا أنهم لا يهمهم أن يجمعوا بين عدم الغيرة وعدم الحياء فيريدوا من الدين أن يبيح ما أباحوا ويعينهم على ضلالهم ويمد لهم في طغيانهم.
كان النبي صلى الله عليه وسلم قد كسا أسامة بن زيد (قبطية) وهي نسيج شفاف لا يستر مما تحته وينسب إلى قبط مصر، فكساها زيد امرأته، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أخاف أن تصف حجم عظامها قال الشريف الرضى: (والمراد أن القبطية لرقتها تلصق بالجسم فيبين حجم الثديين والرادفتين وما يشذ من لحم العضدين والفخذين فيعرف الناظر إليها مقادير هذه الأعضاء حتى تكون كالظاهرة للحظه والممكنة للمسه، ولذا قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "إياكم ولبس القباطي، فإنها إلا تشف تصف.
هذا فيما يشف من اللباس، فكيف لو رآى النبي وعمر، العري الذي ابتدعه الناس؟ إن أصل البلاء كله هو موت خلقين أساسيين: الغيرة والحياء، الغيرة في الرجل والحياء في المرأة.
أيها المسلم الذي ما زال يدين بالإسلام ويعمل بما فيه من حلال وحرام، إن الحجاب اليوم لا يحترمه من لا يدين بالإسلام، بل ربما أغرى الناس بارتكاب الآثام،
ففي الناس صنف يغري بكل مصونة محجبة من النساء وبصيد كل ممنعة منهن، كأن للشيطان الذي يصيده قبل أن يصيد هو رميته غرضا في ذلك، إذ يرى في هؤلاء المحتشمات المتجبات ربحا جدبدا، أما أولئك المتبذلات اللائي خلعن عذارهن في سوق الرقيق، فهن صيد واقع في الشبكة لا يستدعي اهتماما ولا يتطلب عناء، كأن الشيطان يقول لصاحبه: إن خير الفواكه ما لم تلمسه الأيدي وخير المراعي ما لم تطأه الأرجل.
فحافظ على شرفك، إبائك- أيها المسلم- ولا تسمح لزوجك أو ابنتك بالخروج وحدها فإن ثلمة الشرف لا تسد، ولا يغرنك الحجاب فقد كان ينقع يوم كان الإيمان هو المسيطر على الناس، ولك في الأمثلة التي عرضناها في الفصول السابقة في هذا الموضوع عبرة وأي عبرة.