الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جهلنا بتاريخنا
على ما يدل لفظ عاشوراء؟
سؤال ألقاه علي بعض معارفي من شبابنا الذين تلقوا تعليمهم في المدارس الأجنبية، فقلت له (والحسرة ملء جوانحي): كيف يسعكم أن تجهلوا تاريخكم هكذا بينما تقبلون الإقبال كله على تاريخ غيركم تلتهمونه التهاما جاهلين أو متجاهلين أن في تاريخكم أمجادكم الغالية وبطولة أجدادكم النادرة ودروس الوطنية الحقة التي لو استظهرتموها وسرتم على ضوئها لكانت لكم نبراسا مضيئا يهديكم في مجاهل هذه الحياة وينجيكم من مهاوي الضلالات، وهل يرفع من شأنكم أن تستظهروا كل تواريخ الأمم وتستوعبوا كل معارف الشعوب وأنتم تجهلون أسماء شهوركم ومبادئ دينكم والحروف الهجائية للغتكم؟ فقال لي: وماذا نستطيع أن نعمل والحياة اليوم تسير على هذا المنوال والعمل يجرى بهذه الشهور الإفرنجية وعجلة الزمن تدور على هذا المحور؟ قلت له: بالله عليك، لا تكلمني بلغة الاستعمار فهو الذي يفهم هذا الفهم ويروجه ويعلمكم إياه ويستعمل جميع وسائله لبقائه ماثلا في أذهانكم، وماذا يريد الاستعمار منكم غير ذلك وهو لا يستطيع أن يستعمر أرضكم إلا إذا استعمر عقولكم وأفكاركم؟ لذلك يقول الإمام الشهيد حسن البناء:(أخرجوا الإستعمار من نفوسكم يخرج من بلادكم) فالاستعمار يرى (وأنتم تظاهرونه على ذلك) أن لا تاريخ غير تاريخه ولا لغة غير لغته ولا أخلاق غير أخلاقه ولا مدنية غير مدنيته، لكن لو لم توافقوه على ذلك بإقبالكم على تاريخه ولغته وأخلاقه ومدنيته وتنكركم لتاريخكم ولغتكم وأخلاقكم ومدنيتكم، أقول لو لم توافقوه على ذلك لما راجت هذه العقلية التي أصبحت جزءا من كيانكم وإتجاها لتفكيركم وصورة لوجودكم، وأصبحتم بذلك شعبا آخر غير العرب وأمة أخرى غير المسلمين.
وكيف تكونون عربا بغير لغة العرب أو تكونون مسلمين بغير إسلام وبدون
إلمام بتاريخ الإسلام؟ ويتفاقم أمركم إلى أن تجهلوا الشهور القمرية، وكيف يمكنكم أن تعرفو أحادث الهجرة العظيم إذا كنتم لا تعرفون محرم؟ أو كيف تعرفون ميلاد الرسول العظيم إذا كنتم تجهلون شهر ربيع الأول؟ أو كيف تعرفون يوم صعود نبيكم إلى السماء إذا كنتم تجهلون شهر رجب؟ أو كيف تعرفون شهر صومكم أو عيد الفطر أو عيد الأضحى أو يوم عرفة إذا كنتم تجهلون شهر رمضان وشهر شوال وشهر ذى الحجة؟ إنه لا يمكنك أن تعرف يوم عاشوراء إلا إذا عرفت الشهور القمرية كلها، وهي: محرم، صفر، ربيع الأول، ربيع الثاني، جمادى الأولى، جمادى الثانية، رجب، شعبان، رمضان، شوال، ذو القعدة، ذو الحجة.
ففي فاتح المحرم ذكرى الهجرة، وفي عاشره يوم عاشوراء، وفي ثاني عشر ربيع الأول موسم ميلاد محمد صلى عليه وسلم، وفي السابع والعشرين من رجب حادث الإسراء والمعراج، وفي رمضان الركن الرابع من أركان الإسلام وهو الصوم، وفي أول شوال عيد الفطر، وفي تاسع ذى الحجة يوم عرفة وفي عاشره عيد الأضحى.
فلنحاسب أنفسنا على الروابط التي تربطنا بالإسلام قبل أن ننتسب إلى الإسلام، فهل يستطيع أن يدعى الإنتساب إلى الإسلام من لا يعرف أركان الإسلام والثمانية والعشرين حرفا التي تتألف منها لغة الإسلام، والإثنى عشر شهرا التي يتكون منها تاريخ الإسلام؟
فليس الإسلام مجرد دعوى أو وليمة عرس شعبي يتطفل عليها كل من تحمله رجلاه إليها، وإنما الإسلام تكاليف وواجبات، فمن لم يضطلع بها فلا حظ له في الإسلام.