المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مسألة(1): (إذا استطاع إليه سبيلا، وهو(2)أن يجد زادا وراحلة بآلتها(3)مما يصلح لمثله، فاضلا عما يحتاج إليه لقضاء ديونه(4)ومؤنة نفسه وعياله على الدوام) - شرح عمدة الفقه - ابن تيمية - ط عطاءات العلم - جـ ٤

[ابن تيمية]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الحج

- ‌جماعُ معنى الحج في أصل اللغة

- ‌مسألة(1): (يجب الحج والعمرة مرةً في العمر على المسلم العاقل البالغ الحرِّ)

- ‌الفصل الثانيأن العمرة أيضًا واجبة

- ‌ عنه رواية أخرى: أنها سنة

- ‌إن العمرة هي الحج الأصغر

- ‌الفصل الثالثأنهما إنما يجبان مرةً في العمر بإيجاب الشرع، فأما إيجاب المرء على نفسه فيجب في الذمة بالنذر

- ‌الفصل الرابعأنه لا يجب الوجوب المقتضي للفعل وصحتِه إلا على مسلم

- ‌الفصل الخامسأنه لا حج على مجنون(3)كسائر العبادات

- ‌الفصل السادسأنه لا حجَّ على الصبي قبل البلوغ

- ‌الفصل السابعأنه لا يجب إلا على حرٍّ كاملِ الحرية

- ‌مسألة(1): (إذا استطاع إليه سبيلًا، وهو(2)أن يجد زادًا وراحلةً بآلتها(3)مما يَصلُح لمثله، فاضلًا عما يحتاج إليه لقضاء ديونه(4)ومُؤْنةِ نفسه وعياله على الدوام)

- ‌الفصل الرابعأن يجد ذلك بعد ما يحتاج إليه من قضاء دينه ومُؤْنة نفسه وعياله على الدوام

- ‌إن كان له كتبُ علمٍ يحتاج(6)إليها لم يلزمه بيعها

- ‌إذا أَحجَّ(3)عن نفسه أجزأ عنه وإن عوفي

- ‌فصلإمكان المسير والأداء بسعة الوقت، وخلوِّ الطريق، والصحة(2): هل هو شرط للوجوب أو للزوم الأداء(3)فقط؟ على روايتين

- ‌مسألة(1): (ويُعتبر للمرأة وجودُ مَحْرمها، وهو زوجها، ومن تَحْرم عليه على التأبيد بنسبٍ أو سببٍ مباح)

- ‌لا يجوز لها(2)أن تسافر بغير محرم إلا في الهجرة

- ‌الفصل الثاني في المَحْرم

- ‌مسألة(6): (فمن فرَّط حتى مات أُخرِج عنه من ماله حجة وعمرة)

- ‌ من زعم أن العمل لا ينفع غير عامله في جميع المواضع فقد خرج عن دين الإسلام

- ‌فصليجب الحج عن الميت والعاجز من حيث وجب عليه

- ‌إذا لم يقدر له النفقة، فإنه ينفق بالمعروف، ويردُّ ما فضلَ

- ‌مسألة(4): (ولا يصحُّ الحجُّ من كافرٍ ولا مجنونٍ)

- ‌الثاني: أن يُجنَّ بعد إحرامه، فهذا إن كان صرعًا وخَنْقًا لم يبطل إحرامه

- ‌مسألة(4): (ويصحُّ من العبد والصبيِّ، ولا يُجزِئهما)

- ‌الفصل الثانيأن حج الصبي صحيح(2)، سواء كان مميِّزًا أو طفلًا

- ‌إن كان غير مميز عقد الإحرامَ له وليُّه

- ‌مسألة(1): (ويصحُّ من غير المستطيع والمرأةِ بغير مَحْرم، ويُجزئهما)

- ‌مسألة(4): (ومن حجَّ عن غيره ولم يكن حجَّ(5)عن نفسه، أو عن نذرِه ونَفْلِه(6)قبل حجة الإسلام، وقع عن فرض نفسه دون غيره)

- ‌ إذا خالف وأحرم عن غيره ففيه روايتان

- ‌الفصل الثانيإذا كان عليه فرضٌ ونفْلٌ لم يجز أن يُحرِم إلا بالفرض، وإن كان عليه فرضان لم يجز أن يبدأ إلا بأوكدِهما

- ‌باب المواقيت

- ‌مسألة(2): (وميقات أهل المدينة ذو الحُلَيفة(3)، والشام ومصر والمغرب الجُحْفة، واليمن يَلَمْلَم، ولنجدٍ قَرْن، وللمشرق ذات عِرْق)

- ‌مسألة(1): (وهذه المواقيتُ لأهلها، ولكلِّ من مرَّ عليها)

- ‌ومن مرَّ على ميقاتين فعليه أن يحرم من أبعدهما من مكة

- ‌مسألة(4): (ومن كان منزلُه دون الميقات فميقاته من موضعه، حتى أهلُ مكة يُهِلُّون منها لحجّهم، ويُهِلُّون للعمرة من الحلّ)

- ‌فصلوأما المكي إذا أراد أن يعتمر فإنه يخرج إلى الحلّ

- ‌الإحرام بالعمرة من أقصى الحلّ أفضلُ من أدناه

- ‌فأما الاعتمار من الحديبية فلا فضلَ فيه على غيره

- ‌مسألة(3): (ومن لم يكن طريقُه على ميقاتٍ(4)فميقاتُه حذوَ أقربِها إليه)

- ‌مسألة(1): (ولا يجوز لمن أراد دخول مكة تجاوزُ الميقات غيرَ محرمٍ(2)إلا لقتال مباح، أو حاجةٍ تتكرَّر كالحطَّاب ونحوه. ثم إن أراد النسك أحرم من موضعه، وإن تجاوزه غيره(3)رجع فأحرم من الميقات، فإن أحرم مِن دونِه فعليه دم، سواء رجع إلى الميقات أو لم يرجع)

- ‌إن دخل مكة(4)غيرَ مُحرمٍ لزمه قضاء هذا الإحرام

- ‌الفصل الثانيأن من دخل مكة لقتال مباح فإنه لا إحرام عليه

- ‌وكذلك من دخلها خائفًا لفتنةٍ عرضتْ ونحو ذلك

- ‌مسألة(1): (والأفضل أن لا يُحرِم قبل الميقات، فإن فعلَ فهو مُحرِم)

- ‌ تفسير الحديث: «أن تُحرِم من دُوَيرة أهلك»

- ‌مسألة(5): (وأشهرُ الحج: شوال وذو القعدة وعشْرٌ من ذي الحجة)

- ‌فإن خالف وأحرم بالحج قبل أشهره فإنه ينعقد الإحرام بالحج في أشهر الروايتين

- ‌باب الإحرام

- ‌مسألة(1): (من أراد الإحرام استُحِبَّ له أن يغتسل، ويتنظَّف، ويتطيَّب، ويتجرَّد عن المَخِيْط في إزارٍ ورداء أبيضَينِ نظيفينِ)

- ‌ وليس هذا الغسل واجبًا، نصَّ عليه

- ‌ يُستحبُّ أن يتطيَّب في بدنه دون ثيابه

- ‌مسألة(2): (ثم يصلِّي ركعتين ويُحرم عقيبَهما؛ وهو أن ينوي الإحرام، ويُستحبُّ أن ينطق به ويشترط

- ‌الفصل الثانيفي الوقت الذي يُستحب فيه الإحرام

- ‌إذا أحرم دُبر الصلاة ففي أول أوقات التلبية ثلاثة أوجه:

- ‌ التلبية(6)والإهلال والإحرام وفرْضُ الحج بمعنى واحد

- ‌الفصل الثالثأن الإحرام ينعقد بمجرد النية عند أصحابنا

- ‌مسألة(1): (وهو مخيَّر بين التمتع والإفراد والقران، وأفضلُها التمتع، وهو أن يُحرم بالعمرة في أشهر الحج، ويفرغ منها، ثم يشرع في الحج في عامه، ثم الإفراد، وهو أن يُحرم بالحج مفردًا، ثم القِران

- ‌إن الرجل إذا أنشأ للعمرة سفرًا من مصره كان أفضل من عمرة التمتع

- ‌أما كون النبي صلى الله عليه وسلم أفرد الحج ولم يعتمر في أشهره، فعنه ثلاثة أجوبة:

- ‌المسألة الثانية(2): أنه يجوز أن يحرم بالعمرة، ثم يُدخل عليها الحج، ويصير قارنًا

- ‌مسألة(1): (وإذا استوى على راحلته لبَّى، فيقول: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك)

- ‌سبب التلبية ومعناها

- ‌مسألة(5): (ويُستحبُّ الإكثارُ منها ورفعُ الصوت بها لغير النساء)

- ‌أما المرأة فيستحبُّ لها أن تُسمِع رفيقتها

- ‌يُكره إظهار التلبية في الأمصار والحِلَل

- ‌باب(1)محظورات الإحرام

- ‌مسألة(2): (وهي تسع(3): حَلْق الشعر، وقَلْم الظُّفر)

- ‌مسألة(1): (ففي ثلاثٍ منها دمٌ، وفي كل واحد مما دونها مُدُّ طعامٍ، وهو ربعُ الصاعِ)

- ‌مسألة(5): (الثالث: لُبس المَخيط إلا أن لا يجد إزارًا فيلبس سراويلَ، أو لا يجد نعلين فيلبسْ خفينِ، ولا فدية عليه)

- ‌مسألة(6): (الرابع: تغطية الرأس، والأذنان منه)

- ‌وحيث كُرِه له التظليل فهل تجب الفدية؟ على روايتين منصوصتين

- ‌مسألة(3): (الخامس: الطِّيب في بدنه وثيابه)

- ‌فصليحرم عليه أن يتطيَّب في بدنه وثيابه، سواء مسَّ الطيبُ بدنه أو لم يمسَّه

- ‌وليس له أن يستصحب ما يجد ريحه لتجارة ولا غيرها وإن لم يقصد شمَّه

- ‌فصلفأما الثياب المصبوغة بغير طيب؛ فلا يُكره منها في الإحرام إلا ما يُكره في الحلّ

- ‌أما الكحل إذا كان فيه طيب فإنه لا يجوز إلا لضرورة

- ‌مسألة(3): (السادس: قتل صيد البرِّ، وهو ما كان وحشيًّا مباحًا، فأما صيد البحر والأهليّ وما حرم أكلُه فلا شيء فيه، إلا ما كان متولِّدًا من مأكولٍ وغيره)

- ‌إذا وجد المضطرُّ ميتة وصيدًا فإنه يأكل الميتة ويدع الصيد

- ‌إذا أكل الصيد مَن صِيْد لأجله من المحرمين وجب عليه الجزاء

- ‌مسألة(2): (السابع: عقْدُ النكاح لا يصحُّ منه، ولا فديةَ فيه)

- ‌مسألة(2): (الثامن: المباشرة لشهوة فيما دون الفرج، فإن أنزلَ بها ففيها بدنةٌ، وإلا ففيها شاةٌ)

- ‌إن كانت المباشرة وطأً دون الفرج ففيها بدنة، وإن كانت قبلةً أو غمزًا ففيها شاة

- ‌مسألة(2): (التاسع: الوطء في الفرج، فإن كان قبل التحلُّل الأول أفسد الحج، ووجب المضيُّ في فاسده والحجُّ من قابلٍ، وعليه بدنة، وإن كان بعد التحلل الأول ففيه شاة، ويُحرِم من التنعيم ليطوف محرمًا)

- ‌الفصل الرابعإذا وطئ بعد التحلل الأول لم يبطل حجه

- ‌فصلوهل عليه بدنة أو شاة؟ على روايتين:

- ‌مسألة(3): (وإن وطئ في العمرة أفسدها، وعليه شاة)

- ‌مسألة(1): (ولا يفسد النسك بغيره)

- ‌مسألة(5): (والمرأة كالرجل، إلا أن إحرامها في وجهها، ولها لُبْسُ المخيط)

- ‌الفصل الثالث: أن إحرامها في وجهها، فلا يجوز لها أن تلبس النقاب والبرقع

الفصل: ‌مسألة(1): (إذا استطاع إليه سبيلا، وهو(2)أن يجد زادا وراحلة بآلتها(3)مما يصلح لمثله، فاضلا عما يحتاج إليه لقضاء ديونه(4)ومؤنة نفسه وعياله على الدوام)

‌مسألة

(1)

: (إذا استطاع إليه سبيلًا، وهو

(2)

أن يجد زادًا وراحلةً بآلتها

(3)

مما يَصلُح لمثله، فاضلًا عما يحتاج إليه لقضاء ديونه

(4)

ومُؤْنةِ نفسه وعياله على الدوام)

.

في هذا الكلام فصول:

أحدها

أن الحج إنما يجب على من استطاع إليه سبيلًا بنص القرآن والسنة المستفيضة وإجماع المسلمين. ومعنى قوله: {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران: 97]

(5)

.

واستطاعة السبيل عند أبي عبد الله وأصحابه: مِلْك الزاد والراحلة، فمناط الوجوب: وجود المال؛ فمن وجد المال وجب عليه الحج بنفسه أو بنائبه، ومن لم يجد المال لم يجب عليه الحج، وإن كان قادرًا ببدنه.

قال في رواية صالح

(6)

: إذا وجد الرجل الزاد والراحلة وجب الحج.

وسئل أيضا في رواية أبي داود

(7)

: على من يجب الحج؟ فقال: إذا

(1)

انظر: «المستوعب» (1/ 440، 441) و «المغني» (5/ 8) و «الشرح الكبير» (8/ 41) و «الفروع» (5/ 231).

(2)

في «العمدة» : «والاستطاعة» .

(3)

في «العمدة» : «بآلتهما» .

(4)

في «العمدة» : «دينه» .

(5)

بياض في النسختين.

(6)

لم أجدها في المطبوع من «مسائله» . وذكرها أبو يعلى في «التعليقة» (1/ 62).

(7)

في «مسائله» (ص 139) ذكره من قول الحسن في تفسيره للآية.

ص: 38

وجد زادًا وراحلة.

وقال في رواية حنبل

(1)

: وليس على الرجل الحج إلا أن يجد الزاد والراحلة.

فإن حجَّ راجلًا تُجزِئه من حجة الإسلام، ويكون قد تطوَّع بنفسه، وذلك لما روى إبراهيم بن يزيد الخُوزي

(2)

المكي عن محمد بن عبَّاد بن جعفر عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، ما يوجب الحج؟ قال:«الزاد والراحلة» . قال: يا رسول الله، فما الحاجُّ؟ قال:«الشَّعِث التَّفِل» . وقام آخر فقال: يا رسول الله، ما الحج؟ قال:«العجُّ والثجُّ» . قال وكيع: يعني بالعجّ العجيجَ بالتلبية، والثجّ نحر البدن. رواه ابن ماجه والترمذي

(3)

، وقال: حديث حسن، وإبراهيم بن يزيد قد تكلم فيه بعض أهل الحديث من قبل حفظه.

وعن ابن جريج قال

(4)

: وأخبرنيه ابن

(5)

عطاء عن عكرمة عن ابن

(1)

كما في «التعليقة» (1/ 53).

(2)

س: «الحرزي» ، تحريف.

(3)

ابن ماجه (2896) والترمذي (2998) والدارقطني (2/ 217) وغيرهم. وهو ضعيف جدًّا، لأن إبراهيم بن يزيد متروك الحديث. وقد تابعه اثنان: محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير الليثي عند ابن أبي حاتم في «تفسيره» (3/ 713) والدارقطني (2/ 217) وابن عدي في «الكامل» (6/ 221)، والثاني: محمد بن الحجاج المصَفِّر عند الدارقطني (2/ 218)، ولكنها متروكان أيضًا، فلا اعتبار بمتابعتهما. وانظر:«السنن الكبرى» للبيهقي (4/ 330).

(4)

«قال» ساقطة من س.

(5)

في النسختين: «أن» ، والتصويب من سنن ابن ماجه.

ص: 39

عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الزاد والراحلة» ، يعني قوله:{مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} . رواه ابن ماجه

(1)

.

وعن أنس قال: سئل النبي صلى الله عليه وسلم ما السبيل إليه؟ قال: «الزاد والراحلة» . رواه ابن مردويه والدارقطني من طرق متعددة لا بأس ببعضها

(2)

.

ورُوي هذا المعنى من حديث ابن مسعود، وعائشة، وجابر وغيرهم

(3)

.

وعن الحسن قال: لما نزلت {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} قال: قيل: يا رسول الله، ما السبيل؟ قال:«الزاد والراحلة» . رواه أحمد وأبو داود في «مراسيله» وغيرهما

(4)

، وهو صحيح عن الحسن، وقد

(1)

برقم (2897) والطبراني في «الكبير» (11596). وإسناده ضعيف، فيه عمر بن عطاء بن وراز ضعيف الحديث. وأيضًا ففي رفعه نظر، فقد أخرجه الدارقطني (2/ 218) والبيهقي (4/ 331) من الطريق نفسها موقوفًا على ابن عباس. ويرجّح الموقوف روايةُ علي بن أبي طلحة عن ابن عباس عند الطبري (5/ 610).

(2)

أخرجه الدارقطني (2/ 216، 218) من ثلاثة طرق، اثنان ضعفهما شديد، والثالث: بإسناد جيِّد عن ابن أبي عروبة عن قتادة عن أنس، وقد صححه الحاكم (1/ 442)، إلا أنه أعلَّ، قال البيهقي في «السنن الكبرى» (4/ 330):«لا أُراه إلا وهمًا» وأخرج بإسناده عن ابن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن مرسلًا، ثم قال:«هذا هو المحفوظ» . وهكذا هو مُرسلًا في «المناسك» لابن أبي عروبة (1).

(3)

أخرجها الدارقطني (2/ 215 - 218)، ولكن كما قال عبد الحق الأشبيلي:«ليس فيها إسناد يُحتجّ به» . «الأحكام الوسطى» (2/ 258). وانظر «إرواء الغليل» (988).

(4)

رواه أحمد في «مسائله» رواية ابنه عبد الله (ص 197) ورواية أبي داود (ص 139)، وأبو داود في «مراسيله» (133). وأخرجه الطبري في «تفسيره» (5/ 611 - 614) من طرق عنه.

ص: 40

أفتى به، وهذا يدل على ثبوته عنده، واحتج به أحمد.

وعن ابن عباس قال: مَن مَلَك ثلاثمائة درهم وجب عليه الحج، وحرم عليه نكاح الإماء. رواه أحمد

(1)

.

[ق 143] وأيضًا قوله

(2)

: «مَن مَلَك زادًا وراحلة تُبلِّغه إلى بيت الله ولم يحجَّ فلْيمُتْ إن شاء يهوديًّا، وإن شاء نصرانيًّا»

(3)

.

فهذه الأحاديث مسندةً من طُرق حِسانٍ

(4)

ومرسلةً وموقوفةً تدل على

(1)

في «مسائله» رواية أبي داود (ص 139)، وقال أبو داود:«سمعت أحمد قال: تكلم بهذا ابن عباس بالبصرة، يعني أن الأمصار في هذا تختلف لبُعد المسافة وقربها» . وأخرجه أيضًا ابن أبي شيبة (15959) والطبري في «تفسيره» (5/ 611).

(2)

س: «فان قوله» .

(3)

أخرجه الترمذي (812)، والطبري (5/ 613)، والعقيلي في «الضعفاء» (6/ 272 - تحقيق السرساوي)، وغيرهم من طريق هلال بن عبد الله الباهلي، عن أبي إسحاق، عن الحارث الأعور، عن علي مرفوعًا. قال الترمذي:«هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وفي إسناده مقال، وهلال بن عبد الله مجهول، والحارث يُضعَّف في الحديث» .

وروي نحوه من حديث أبي هريرة وأبي أمامة مرفوعًا ولا يصحّ، وإنما صحّ نحوه من حديث عمر موقوفًا عليه وليس فيه ذكر «الزاد والراحلة» . انظر «تنقيح التحقيق» (3/ 404 - 411) و «التلخيص الحبير» (2/ 222 - 223).

(4)

تبيّن مما سبق أنه ليس في الأحاديث طريق مسند ثابت. وإنما صحّ مرسلًا عن الحسن، وموقوفًا على ابن عباس. وقد ذكر الشافعي في «الأم» (3/ 288) أن الأحاديث المروية في الباب منها ما هو منقطع ومنها ما يمتنع أهل العلم بالحديث من تثبيته. وقال ابن المنذر في «الإشراف على مذاهب العلماء» (3/ 175):«لا يَثبت في هذا الباب حديث مُسنَد» .

ص: 41

أن مناط الوجوب وجود الزاد والراحلة، مع علم النبي صلى الله عليه وسلم بأن كثيرًا من الناس يقدرون على المشي.

وأيضًا فإن قول الله سبحانه في الحج: {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} إما أن يُعنى به

(1)

القدرة المعتبرة في جميع العبادات وهو مطلق المُكْنة، أو قدرٌ زائدٌ

(2)

على ذلك. فإن كان المعتبر هو الأول لم يُحتَجْ إلى هذا التقييد

(3)

، كما لم يُحتَجْ إليه في آية الصوم والصلاة، فعُلِم أن المعتبر قدر زائد على ذلك، وليس هو إلا المال.

وأيضًا فإن الحج عبادة تفتقر إلى مسافة، فافتقر وجوبها إلى مِلْك الزاد والراحلة كالجهاد.

ودليل الأصل قوله تعالى: {وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ} إلى قوله تعالى

(4)

: {وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ} الآية [التوبة: 91 - 92].

وأيضًا فإن المشي في المسافة البعيدة مظِنَّة

(5)

المشقة العظيمة.

(1)

«به» ساقطة من س.

(2)

في المطبوع: «قدرًا زائدًا» ، خلاف ما في النسختين.

(3)

س: «القيد» .

(4)

«إلى قوله تعالى» ساقطة من س.

(5)

في النسختين: «في مظنة» .

ص: 42

الفصل الثاني

أنه لا يجب عليه ــ فيما ذكره أصحابنا

(1)

ــ حتى يملك الزاد والراحلة أو ثمنَهما

(2)

، فأما إن كان قادرًا على تحصيله بصنعة، أو قبول هبة، أو وصية، أو مسألة، أو أخذٍ من صدقة أو بيت المال= لم يجب عليه ذلك، سواء قدَرَ على ذلك في مِصْرِه، أو في طريق مكة؛ لِما تقدم من قوله:«يوجب الحجَّ الزادُ والراحلة» يعني وجودهما، وقوله:«مَن مَلَك زادًا وراحلة تُبلِّغه إلى بيت الله» ، فعلق الوعيد بِمِلْك الزاد والراحلة.

ولأن الزاد والراحلة شرط الوجوب، وما كان شرطًا للوجوب لم يجب على المكلّف تحصيلُه، لأن الوجوب منتفٍ عند عدمه.

ولأن كل عبادة اعتُبِر فيها المال فإن المعتبر ملكه، لا القدرةُ على ملكه. أصله العتق، والهدي في الكفارات، وثمن الماء والسترة في الصلاة.

فصل

وينبني على ذلك أنه إذا بذلَ له ابنه أو غيره مالًا يحج به، أو بذل له ابنه أو غيره طاعته في الحج عنه، وكان المبذول له معْضوبًا

(3)

أو غير معضوب= لم يلزمه عند أكثر أصحابنا

(4)

، مثل ابن حامد والقاضي وأصحابه، وهو مقتضى كلام أحمد، فإنه علّق الوجوب بوجود الزاد والراحلة.

(1)

انظر «المغني» (5/ 8).

(2)

س: «ثمنها» .

(3)

المعضوب: الشخص الذي لازمه المرض زمنًا طويلًا وقطعه عن الحركة.

(4)

انظر «التعليقة» (1/ 62) و «المغني» (5/ 9).

ص: 43

وقال القاضي أبو يعلى الصغير

(1)

بن القاضي أبي خازم

(2)

بن القاضي أبي يعلى: قياس المذهب أن الاستطاعة تثبت ببذل الابن الطاعة أو المال، ولا تثبت ببذل غيره المال. وهل تثبت ببذل غيره الطاعة؟ خرَّجها على وجهين؛ لأن من أصلنا أن الاستطاعة على ضربين: تارة بنفسه، وتارة بنائبه، والمال الذي يأخذه النائب ليس أجرةً عندنا في أشهر الروايتين، وإنما هو نفقة، فيكون قد بذل عمله للمستنيب.

وقد قال أحمد في رواية حنبل

(3)

: لا يُعجبني أن يأخذ دراهم فيحج بها، إلا أن يكون الرجل متبرعًا بحجٍّ عن أبيه، عن أمه

(4)

، عن أخيه. قال النبي صلى الله عليه وسلم للذي سأله أن أبي شيخ كبير، لا يستطيع أن يثبت على الراحلة

(5)

، أفأحج عنه؟ قال:«نعم»

(6)

. والذي يأخذ دراهم الحج لا يمشي ولا يَقْتُر ولا يُسرِف، إنما الحج عمن له

(7)

زاد وراحلة، ويُنفِق ولا يسرف ولا يقتر ولا يمشي إذا كان ورثته صغارًا.

(1)

كما في «ذيل طبقات الحنابلة» (1/ 248)، ونقله ابن رجب من «التعليقة في مسائل الخلاف» .

(2)

في النسختين: «أبي حازم» . والتصويب من مصادر ترجمته مثل «سير أعلام النبلاء» (20/ 353) وغيره.

(3)

كما في «التعليقة» (1/ 89)، وانظر «المغني» (5/ 25).

(4)

ق: «بحج عن أمه» .

(5)

س: «الرحل» .

(6)

سيأتي تخريجه.

(7)

س: «كان له» .

ص: 44

وقال في رواية أبي طالب

(1)

: إذا كان شيخ كبير

(2)

لا يستمسك على الراحلة يحج عنه وليُّه.

فقد بيّن أن النائب متبرِّعٌ بعمله عن الميت، مع أن الحج واجب على الميت.

وأيضًا من أصلنا أن مال الابن مباح للأب، يأخذ

(3)

منه ما شاء مع عدم الحاجة، فإذا بذل له الابن فقد يؤكِّد الأخذ.

وقول أحمد: «إذا وجد الزاد والراحلة» يجوز أن يراد بالموجود المملوك والمباح، لقوله تعالى:{فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً} [المائدة: 6]، ولعل كلامه فيمن يجب عليه الحج بنفسه.

قال القاضي أبو يعلى

(4)

: وأصل

(5)

هذا أن الاستطاعة تحصل بالمال المباح، كما تحصل بالمال المملوك. قال: ولو بذل له الرقبة في الكفارة لم يجزْ له الصيام. فعلى هذا لو وجد كنزًا عاديًّا

(6)

ونحوه وجب عليه أن يأخذ منه ما يحج به، ولو عرض عليه السلطان حقه من بيت المال

(7)

.

(1)

كما في «التعليقة» (1/ 71، 72).

(2)

كذا في النسختين مرفوعًا، وفي «التعليقة»:«شيخًا كبيرًا» .

(3)

س: «أن يأخذ» .

(4)

في «التعليقة» (1/ 64 - 65) بمعناه.

(5)

ق: «هذا وأصل» .

(6)

أي قديمًا.

(7)

بياض في س.

ص: 45

ولو لم يبذل له الابن فهل يجب عليه أن يأخذ من ماله ما يحج؟ فإن الجواز لا شك فيه عندنا، وذلك لِمَا روى عبد الله بن عباس عن الفضل بن عباس أن امرأة من خَثْعم قالت: يا رسول الله، إن أبي شيخ كبير، عليه فريضة الله في

(1)

الحج، وهو لا يستطيع أن يستوي على ظهر بعيره، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«فحُجِّي عنه» . رواه الجماعة إلا أبا داود والترمذي

(2)

، وهو

(3)

.

وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: وقف النبي صلى الله عليه وسلم بعرفة، وذكر الحديث إلى أن قال: ثم أتته امرأة شابة من خثعم، فقالت: إن أبي شيخ كبير قد أَفْنَدَ، وقد أدركته فريضة الله في الحج، فهل يُجزِئ أن أحج عنه؟ قال:«نعم، فأدِّي عن أبيك» . قال: ولَوى عنقَ الفضل، [ق 144] فقال له العباس: يا رسول الله، ما لك لويتَ عنق ابن عمك؟ قال:«رأيت شابًّا وشابةً، فخِفْتُ الشيطان عليهما» . وفي لفظٍ: فهل يُجزِئ عنه أن أؤدي عنه؟ قال: «نعم، فأدِّي عن أبيك» . وفي لفظٍ: إن أبي كبير وقد أفند، وأدركته فريضة الله في الحج، ولا يستطيع أداءها، فيُجزِئ عنه أن أؤدِّيها؟ قال:«نعم» . رواه في حديث طويل أحمد والترمذي

(4)

، وقال: حديث حسن صحيح، لا نعرفه من حديث علي إلا من هذا الوجه. وقد روى بعضَ الحديث الطويل أبو داود وابن ماجه

(5)

.

(1)

«الله في» ساقطة من المطبوعة.

(2)

أخرجه أحمد (1822) والبخاري (1853) ومسلم (1335) والنسائي (5389) وابن ماجه (2909). وأخرجه الترمذي (928) أيضًا.

(3)

هنا بياض في النسختين.

(4)

أحمد (562، 1348)، والترمذي (885).

(5)

أبو داود (1922، 1935) وابن ماجه (3010)، وليس عندهما موضع الشاهد.

ص: 46

وقد تقدم أيضًا

(1)

حديث أبي رَزِين العُقَيلي لما قال للنبي صلى الله عليه وسلم: إن أبي شيخ كبير لا يستطيع الحج ولا العمرة ولا الظَّعْن، فقال:«حُجَّ عن أبيك واعتمر» . رواه الخمسة، وصححه الترمذي. وقد احتج به أحمد وغيره على وجوب العمرة.

وعن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما قال: جاء رجل من خَثْعم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن أبي أدركه

(2)

الإسلام وهو شيخ كبير، لا يستطيع ركوب الرحْل، والحج مكتوب عليه، أفأحجُّ عنه؟ قال:«أنت أكبر ولده؟» قال: نعم، قال:«أرأيتَ لو كان على أبيك دَينٌ فقضيتَه عنه، أكان ذلك يُجزِئ عنه؟» قال: نعم، قال: «فاحجُجْ

(3)

عنه». رواه أحمد

(4)

والنسائي

(5)

.

فقد أقرَّ النبي صلى الله عليه وسلم هؤلاء السُّؤَّالَ على أن المعضوب عليه فريضة الله في الحج، وأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بفعلها عنه، وشبَّهها بالدين، ولم يستفصل هل له مال يحج به أو ليس له مال، وتركُ الاستفصال دليل على عموم الجواب، لا سيما والأصل عدم المال، بل أوجب الحج بمجرد بذل الولد أن يحج، فدلَّ ذلك على أن بذل الابن موجب، وإنما أقرَّها النبي صلى الله عليه وسلم على الإخبار بفرض

(1)

(ص 18). وخرِّج هناك.

(2)

س: «أدرك» .

(3)

ق: «فحج» ، والمثبت من س لفظ المسند.

(4)

في ق بعده: «والترمذي» . والحديث لم يروه الترمذي.

(5)

أحمد (16102، 16125) والنسائي (2638). في إسناده يوسف بن الزبير مولى آل الزبير، وثقه ابن حبان، وقد تفرّد بزيادة «أنت أكبر ولده؟» كما نبّه عليه أبو حاتم الرازي في «العلل» لابنه (838). ثم إن الصحيح في السائل من خثعم أنها امرأة كما في حديث الفضل وعبد الله ابنَي عباس المتفق عليه وحديث علي السابق. والله أعلم.

ص: 47

الحج على المعضوب لما رأى الولد قد بذل الحج.

وأيضًا فإن الاستطاعة تحصل بالمباح كما تحصل بالمملوك، ويحصل به الوجوب كما يحصل بالمملوك، بدليل أن الوضوء يجب بالماء المبذول والمباح، والصلاة تجب في السترة المعارة، فيجب أن يحصل الحج أيضًا بالاستطاعة المبذولة من مال أو عمل. نعمْ ما عليه فيه منَّة لا يُبذَل بذلًا مطلقًا، لكن الغالب أنه لا بد أن يطلب منه باذلُه نوعَ عوضٍ ولو بالثناء أو الدعاء

(1)

، ويحصل عليه به مِنّة، فلا يجب عليه قبوله، كما لو بُذِلت له

(2)

السترة ملكًا، أو بذل له أجنبي مالًا يحجّ به، أو يكفّر به.

وبذلُ الابن ليس فيه منّة ولا عوض، بل هو من كسبه وعمله، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:«إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه، وإن ولده من كسبه»

(3)

. وقال: «أنت ومالك لأبيك»

(4)

.

(1)

ق: «والدعاء» .

(2)

«له» ساقطة من س.

(3)

أخرجه أحمد (24032)، وأبو داود (3528، 3529)، والترمذي (1358) وحسّنه، والنسائي (4449 - 4452)، وابن ماجه (2137)، وابن حبان (4260 - 4261) والحاكم (2/ 46) من حديث عائشة رضي الله عنها. وفي إسناده اختلاف كثير، رجّح الترمذي والدارقطني في «العلل» (3600) أن الصواب رواية عُمارة بن عمير عن عمّته عن عائشة. وعمّته هذه مجهولة.

وللحديث شاهد حسن من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، بنحوه وفيه زيادة:«أنت ومالك لأبيك» ، وهو الحديث الآتي.

(4)

أخرجه أحمد (6678، 7001)، وأبو داود (3530)، وابن ماجه (2292) من طرق عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو. وهذا الحديث أصح شيء في الباب. وروي من حديث جابر وعائشة وابن مسعود وابن عمر وغيرهم، ولكن أسانيدها لا تخلو من علّة أو ضعف. انظر:«التلخيص الحبير» (3/ 189 - 190).

ص: 48

وكذلك دعاء الابن بعد موته من جملة عمله، كما قال صلى الله عليه وسلم:«إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاثٍ: صدقةٍ جارية، أو علمٍ يُنتفع به، أو ولدٍ صالح يدعو له»

(1)

. فكيف لا يجب عليه أن يحج مع بذل الابن له ذلك؟ ولا مؤنة

(2)

عليه فيه أصلًا.

وطَرْدُ هذا أنه

(3)

يجب على الأب أن يقبل من مال ابنه ما يؤدي به دَينه، بل ينبغي أن يكون هذا مسلَّمًا بلا خلاف؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم شبَّهه بالدين، فعلى هذا يُشترَط في الباذل

(4)

.

ووجه الأول أن الله سبحانه قال: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} ، وقد فسَّر النبي صلى الله عليه وسلم السبيل بأنه الزاد والراحلة، وفي لفظٍ: سُئل: ما يوجب الحج؟ قال: «الزاد والراحلة» . وفي لفظ: «مَن مَلَك زادًا وراحلة تُبلِّغه إلى بيت الله تعالى ولم يحجّ، فليمت إن شاء يهوديًّا، وإن شاء نصرانيًّا»

(5)

. فعُلِم بذلك أن الحج لا يوجبه إلا مِلْك الزاد والراحلة.

فإن قيل: قوله: «ما يُوجِب الحج؟» يعني حجَّ المرء بنفسه، ولم يتعرَّض لحج غيره عنه، ولم يفرق في الزاد والراحلة بين أن تكون مملوكة أو مباحة،

(1)

أخرجه مسلم (1631) من حديث أبي هريرة.

(2)

كذا، ولعل الصواب:«منة» كما يظهر من السياق.

(3)

س: «أن» .

(4)

بياض في النسختين.

(5)

سبق تخريج هذه الأحاديث.

ص: 49

وإنما قال: «الزاد والراحلة» ، أي: وجود ذلك، وذلك

(1)

يعمُّ ما وجد مباحًا ومملوكًا، بدليل قوله في آية الوضوء:{فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً} [المائدة: 6].

وأيضًا فإن الاستطاعة صفة المستطيع، فلا بدَّ أن يكون قادرًا على الحج، وهو لا يصير قادرًا ببذل غيره، لجواز أن يرجع الباذل، وذلك أن شرط وجوب العبادة

(2)

لا بد أن يستمر إلى حين انقضائها، فإن أُوجِبَ على الباذل التزامُ ما بذل صار الوعد فرضًا، وإن لم يجب فكيف يجب فرعٌ لم يجب أصله؟

وأيضًا فإن في إيجاب قبول بذل الغير عليه ضررًا عليه؛ لأن ذلك قد يُفضي إلى المنّة عليه وطلبِ العوض منه، وإن كان الباذل ولدًا، فإنه قد يقول الولد: أنا لا يجب عليَّ أن أحجَّ عنك، ولا أن أُعطيك ما تحج به. ومَن فعل مع غيره من الإحسان ما لا يجب عليه فإنه في مظنّة أن يمنَّ

(3)

به عليه.

وأيضًا

(4)

.

وأما حديث الخثعمية [ق 145] وأبي رزين ونحوهما، فهو صريح بأن الوجوب كان قد ثبت واستقر قبل استفتاء

(5)

النبي صلى الله عليه وسلم، واستفتاؤه متقدم على بذل الولد الطاعة في الحج؛ لأنهم لم يكونوا يعلمون أن الحج يُجزِئ

(1)

«وذلك» ساقطة من المطبوع.

(2)

س: «العباد» .

(3)

ق: «يمتن» .

(4)

بياض في النسختين.

(5)

«استفتاء» ساقطة من ق.

ص: 50

عن العاجز حتى استفتوا النبي صلى الله عليه وسلم، فكيف يبذلون الحج عن الغير وهم لا يعلمون جواز ذلك؟ فإذا كانوا إنما بذلوا الحج عن الوالد بعد الفتوى، والوجوب متقدم على الفتوى= عُلِم أن هذا البذل لم يكن هو الموجِبَ للحج، ولا شرطًا في وجوبه؛ لأن الشرط لا يتأخر عن حكمه، وصار هذا كما روى ابن عباس رضي الله عنهما أن امرأة من جُهينة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إن أمي نذرتْ أن تحج، فلم تحج حتى ماتت، أفأحج عنها؟ قال:«نعم، حُجِّي عنها، أرأيتِ لو كان على أمك دين أكنتِ قاضيتَه؟ اقضوا الله، فالله أحقُّ بالوفاء» . رواه البخاري

(1)

.

وكذلك حديث بُريدة في التي قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: إن أمي كان عليها صوم شهرٍ، أفأصوم عنها؟ قال:«صومي عنها» ، قالت: إنها لم تحج قطُّ أفأحج عنها؟ قال: «حُجِّي عنها» . رواه مسلم

(2)

، إلى غير ذلك. وشبَّهه النبي صلى الله عليه وسلم بالدين، ولم يكن البذل هو المقرر للوجوب.

وأيضًا فإن القوم إنما سألوه عن إجزاء الحج عن المعضوب، وعنه وقع الجواب، ولم يتعرَّض للوجوب بنفي ولا إثبات. وبالاتفاق لا يجب على الباذل أن يحج.

ونحن إنما استدللنا بحديث أبي رزين على وجوب العمرة، لأنه استفتى النبي صلى الله عليه وسلم عن أداء ما وجب على أبيه لتبرأ ذمة الأب، فأمره أن يحج عنه ويعتمر، فعُلِم أن كلاهما

(3)

كان واجبًا على الأب، وإلّا لم يحتجْ أن يأمره

(1)

رقم (1852).

(2)

رقم (1149).

(3)

كذا في النسختين. وهو أسلوب المؤلف، فإنه يلتزم الألف في «كِلا» في جميع الأحوال، كما تدلّ عليه مسوَّداته وكتاباته.

ص: 51

به، كما لم يأمره

(1)

بتكرار الحج والطواف، فعند هذا يكون قول السائل:«عليه فريضة الله في الحج» ، «إذا أدركته فريضة الله» ونحو ذلك= كان لمِلْكه الزاد والراحلة، وقد بلغ هؤلاء أن مَن مَلَك الزاد والراحلة فعليه فريضة الله في الحج، ولم يعلموا حكم العاجز عن الركوب: أيسقط عنه أم يتجشَّم المشاقَّ وإن أضرَّ به وهلك في الطريق، أم يستخلف مَن يحج عنه؟ ولهذا جزمت السائلة فقالت:«إن أبي شيخ كبير عليه فريضة الله في الحج» ، وقال الآخر:«أدركه الإسلام وهو شيخ كبير لا يستطيع ركوب الرحل، والحج مكتوب عليه» . ولن يقول هذا إلا من قد علم أنه مكتوب عليه وواجب. فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالحج عن الآباء، ولم يستفصلهم هل ملكوا مالًا أم لا، لوجهين:

أحدهما: أنهم إنما سألوه عن جواز النيابة وإسقاطها فرضَ حجة الإسلام، وهذا لا يختلف الحال فيه بين الواجد والمُعدِم، فلم يكن للاستفصال وجه. وكل معضوب إذا حَجَّ عنه

(2)

غيرُه بإذنه أسقط عنه الفرض، حتى لو ملك بعد هذا مالًا لم يجب عليه حجة أخرى. وشبَّهه النبي صلى الله عليه وسلم بالدين في جواز الأداء عن الغير. فإن من عليه دين وهو قادر على وفائه من ماله أو عاجز عنه، إذا أدَّاه غيره عنه بإذنه جاز، كذلك الحج

(3)

.

(1)

«به كما لم يأمره» ساقطة من ق.

(2)

«عنه» ساقطة من س.

(3)

س: «الحج اذا» .

ص: 52

والثاني: أن يكون قد علم أن الحج قد

(1)

وجب على

(2)

الآباء بملك المال، إما لعلمه صلى الله عليه وسلم بأن أماكن أولئك السؤَّال قريبة، وأن غالب العرب لا يَعْدَم أحدهم بعيرًا يركبه وزادًا يبلِّغه، أو لأنه رأى جزم السائلين بالوجوب مخصّصين لهؤلاء من دون

(3)

غيرهم من المسلمين، فعُلِم أنهم إنما جزموا لوجود المال الذي تقدم بيانه أنه هو السبيل، أو لغير ذلك من الأسباب.

ويجوز أن يكون السؤَّال عَنَوا بقوله

(4)

: «أدركته فريضة الله في الحج» ، و «عليه فريضة الله في الحج» ، و «الحج مكتوب عليه» الوجوبَ العام، وهو أن الحج أحد أركان الإسلام، وقد أوجبه الله سبحانه على كل مسلم حر عاقل بالغ، وهو مخاطبٌ به سواء كان قادرًا أو عاجزًا. ولهذا لو فعله أو فُعِل عنه أجزأه ذلك من حجة الإسلام، وإنما سقط عن

(5)

غير المستطيع السيرُ للعذر، لا لكونه ليس من أهل الوجوب، بخلاف الصبي والعبد والمجنون، فإنهم ليسوا من أهل الوجوب.

ولهذا يفرق في الجمعة والحج وغيرهما بين أهل الأعذار في كونهم من أهل وجوب هذه العبادة، وإنما سقط عنهم السعي إليها للمشقة والعذر؛ ولهذا إذا حضروا وجبت عليهم وانعقدت بهم، وبين العبد والمسافر والمرأة ونحوهم في كونهم ليسوا من أهل الوجوب؛ ولهذا إذا حضروا لم تجب عليهم، ولا تنعقد بهم.

(1)

«قد» ليست في س.

(2)

«على» ساقطة من س.

(3)

ق: «من بين» .

(4)

كذا، ولعل الصواب «بقولهم» .

(5)

ق: «من» .

ص: 53

وسبب الفرق بين القسمين أن الوجوب يعتمد كمال الفاعل الذي به يستعدُّ لحمل الأمانة، ويعتمد إمكان الفعل الذي به يمكن أداؤها، فإذا لم يكن الإنسان من أهل الكمال لِنَقْصِ عقلِه أو سنِّه أو حريته ونحو ذلك= لم يخاطب بذلك الوجوب أصلًا، وليس عليه أن ينظر هل يفعل أو لا يفعل، ولو فعل لما حصل

(1)

به المقصود. وإذا كان كاملًا تأهَّل للخطاب، وكان عليه أن يعزم على الأداء إذا قدر، وأن ينظر في نفسه [ق 146] هل هو قادر أو عاجز، ولو تجشَّم وفعل لحصل المقصود، فالمعضوب من هذا القسم.

فقول السائل: «أدركته فريضة الله في الحج» يجوز أن يعني به أنه حر عاقل بالغ من أهل الوجوب، لكن هو عاجز عن الأداء، فإن استناب فهل يقوم فعل النائب مقام فعله، بحيث يكون بمنزلة من فعل، أم لا يصح ذلك فيبقى غير فاعل؟ وهذه طريقة مشهورة في الكلام

(2)

.

فصل

ومن لم يجد زادًا وراحلةً

(3)

: إذا اكتسب حتى حصَّل زادًا وراحلةً فقد أحسن بذلك، وكذلك إن كان يعمل صنعةً في الطريق، أو يُكرِي نفسه بطعامه

(4)

أو طعامه وعقبته. ويستحب له الحج على هذا الوجه، ويُجزئ عنه. وإن استقرض وكان له وفاء

(5)

.

(1)

في المطبوع: «لم يحصل» ، خلاف النسختين.

(2)

«في الكلام» ساقطة من ق.

(3)

س: «الزاد أو الراحلة» .

(4)

«بطعامه» ليست في س.

(5)

بياض في النسختين.

ص: 54

وإن كان يسأل في المصر أو في الطريق، فقال أصحابنا: يُكره له الحج بالسؤال. والمنصوص

(1)

عن أحمد أن السؤال لغير ضرورة حرام

(2)

.

وإن لم يسأل لكن بُذِل له مال يحج به، أو

(3)

بُذِل له أن يركب ويطعم

(4)

.

وإن حج بغير مال، ومِن نيته أن لا يسأل ويتوكل على الله، ويقبل ما يُعطاه، فإن وَثِق باليقين والصبر عن المسألة والاستشرافِ إلى الناس، ولم يضيِّق على الناس

(5)

.

وأما إن كان يزعم أنه يتوكل

(6)

.

وإن حج ماشيًا، وله زاد مملوك أو مباح أو مكتسب أو كما ذكرناه أولًا، فقد أحسن، وهو أفضل مِن تَرْك الحج.

فصل

وإنما تُعتبر الراحلة في حق مَن بينه وبين مكة مسافة القصر عند أصحابنا

(7)

، فأما القريب والمكي ونحوهما ممن يقدر على المشي فيلزمه ذلك، كما يلزمه المشي إلى الجمعة والعيد. فإن

(8)

كان زَمِنًا لا يقدر على

(1)

في المطبوع: «والنصوص» .

(2)

انظر «المستوعب» (1/ 442) و «المغني» (5/ 10).

(3)

ق: «ولو» .

(4)

بياض في النسختين.

(5)

بياض في النسختين.

(6)

بياض في النسختين.

(7)

انظر «المغني» (5/ 10).

(8)

ق: «وإن» .

ص: 55

المشي لم يلزمه أن يحج حَبْوًا.

وأما الزاد فيعتبر في حق القريب والبعيد، قاله ابن عقيل، لأنه لا بد منه. وقال القاضي

(1)

: لا يعتبر أن يجد الزاد، وإنما يعتبر أن يحصل له ما يأكله ولو بكسبٍ، فإن كان متى تشاغل بالحج انقطع كسبه وتعذر الزاد عليه لم يلزمه الحج.

وإن قدر على السؤال [وجرت عادته به= لزمه، وإن لم تجر عادته بذلك لم يلزمه].

الفصل الثالث

أنه يعتبر أن يجد الزاد والراحلة بالآلة التي تصلح لمثله من الغرائر

(2)

وأوعية الماء، وأن يكون الزاد مما يقتاتُه مثله في هذا الطريق طعامًا وإدامًا

(3)

، وأن تكون آلات الراحلة مما يصلح لمثله. فإن كان ممن لا يمكنه الركوب إلا في مَحْمِلٍ

(4)

ونحوه بحيث يخاف السقوط اعتبر وجود المحمل، وإن كان يكفيه الرَّحْل والقَتَب

(5)

بحيث لا يخشى السقوط أجزأه وجودُ ذلك، سواء كانت عادته السفر في المحامل، أو على الأقتاب والزوامل

(6)

والرِّحال.

(1)

في «التعليقة» (1/ 53)، ومنه الزيادة بين المعكوفتين مكان البياض في النسختين.

(2)

جمع غِرارة: وعاء من الخيش ونحوه يوضع فيه القمح والحبوب.

(3)

ق: «وأدمًا» .

(4)

هو الهودج.

(5)

الرحل: ما يوضع على ظهر البعير للركوب. والقتب: الرحل الصغير على قدر سنام البعير.

(6)

سيأتي شرحها.

ص: 56

وإن كان ممن يستحي من الركوب على الزوامل لكونه كان من الأشراف والأغنياء

(1)

.

والأفضل أن يحج على الرحل والزاملة دون المَحْمِل إذا أمكن، لِمَا روى ثُمامة

(2)

بن عبد الله بن أنس قال: حجَّ أنس على رحْلٍ ولم

(3)

يكن شحيحًا، وحدّث أن النبي صلى الله عليه وسلم حجَّ على رحْلٍ، وكانت زاملتَه». رواه البخاري

(4)

. والزاملة هي البعير الذي يحمل متاع الرجل وطعامه. وازْدَملَه: احتمله. والزميل: الرديف. والمزاملة: المعادلة على بعير.

وعن الربيع بن صَبِيح، عن يزيد الرقاشي، عن أنس قال: حجَّ النبي صلى الله عليه وسلم على رحلٍ رَثٍّ، وقطيفةٍ تسوى

(5)

أربعة دراهم أو لا تسوى، ثم قال:«اللهم حجةً لا رياء فيها ولا سمعة» . رواه ابن ماجه

(6)

، وفيهما كلام.

(1)

بياض في س.

(2)

في النسختين: «عامر» ، وهو خطأ، والتصويب من مصدر التخريج، ولا يوجد راوٍ اسمه عامر بن عبد الله بن أنس.

(3)

س: «فلم» .

(4)

رقم (1517).

(5)

كذا في النسختين «تسوى» في الموضعين، وفي مصدر التخريج:«تساوي» .

(6)

برقم (2890) والترمذي في «الشمائل» (334). والإسناد ضعيف جدًّا، كل من الربيع بن صَبِيح ويزيد الرقاشي: عابد صالح في نفسه ولكن ضعيف في الحديث، لا سيما يزيد فقد قال فيه ابن معين: ليس حديثه بشيء، وقال النسائي: متروك الحديث. وأخرجه البزار (7343) والضياء في «المختارة» (1705) من طريقين آخرين عن أنس، ولا يثبتان. وأخرج الطبراني في «الأوسط» (1378) نحوه عن ابن عباس. ولا يصحّ، تفرّد به أحمد بن محمد بن أبي بزّة، وهو منكر الحديث. انظر «الضعفاء» للعقيلي (1/ 369 - 370).

ص: 57

وهل يُكره الحج في المَحْمِل؟ على روايتين:

إحداهما: لا يكره، قال في رواية صالح

(1)

: والمحامل قد ركبها العلماء، ورخص فيها.

والثانية: يُكره، قال في رواية عبد الله

(2)

: عطاء كان يكره المحامل للرجل، ولا يرى بها للنساء بأسًا

(3)

، وقال عطاء: القِباب على المحامل بدعة. وظاهره أنه أفتى بذلك.

وإذا كان يحتاج إلى من يخدمه في ركوبه وطعامه وغير ذلك، اعتبرت القدرة عليه بكراء أو شراء، ويعتبر أن يجدهما في ملكه، أو [يجد] هما

(4)

بكراء أو شراء، إذا كان ذلك عوضَ مثْلِهما في غالب الأوقات في ذلك المكان، وهو واجد له.

وإن وجد ذلك بزيادة يسيرة على عوض المثل لزِمَه الشراء والكراء. وإن كانت كثيرة تُجْحِف بماله لم يلزمه بذلُها، وإن كانت لا تُجْحِف بماله ففيه وجهان

(5)

.

(1)

في «مسائله» (2/ 262).

(2)

لم أجدها في «مسائله» المطبوعة.

(3)

لم أجد قوله، ولكن الظاهر أنه كان يكره ذلك لأنه سمع ابن عمر يَنهى المحرمَ عن الاستظلال. فقد روى البيهقي في «الكبرى» (5/ 70) عن عطاء أنه رأى عبد الله بن أبى ربيعة جعل على وسط راحلته عودًا وجعل ثوبًا يستظل به من الشمس وهو محرم، فلقيه ابن عمر فنهاه.

(4)

ما بين المعكوفتين ساقط من النسختين.

(5)

انظر «الإنصاف» (8/ 43).

ص: 58

وإن كان السعر غاليًا في ذلك العام غلاءً خارجًا عن الأمر الغالب فقيل: يعتبر ثمن مثله في ذلك الوقت.

وسواء كان الثمن عينًا أو دينًا يمكنه اقتضاؤه بأن يكون على مُوسرٍ باذل، أو غائبٍ يمكن إحضاره، فأما إن تعذَّر استيفاؤه أو إحضاره

(1)

لم يلزمه ذلك.

ثم إن كان يجد الزاد في بعض المنازل أو في كل منزل، لم يلزمه حمله من مصره، بل عليه حمله من

(2)

موضع وجوده إلى موضع وجوده، وإن لم يجده فعليه حملُه من مِصره

(3)

، سواء كان من عادته أن يكون موجودًا فيما بينه وبين مكة أو لا.

وأما الماء له ولدوابّه وعَلَف الرواحل، فمن [ق 147] عادته أن يكون موجودًا في بعض المنازل، فعليه حملُه من موضع وجوده على ما جرت به العادة الغالبة.

فإن لم يكن في الطريق ماء ولا علف، فقال القاضي وأبو الخطاب وأكثر أصحابنا

(4)

: ليس عليه حمله من بلده، ولا من أقرب الأمصار إلى مكة؛ لأن هذا يشقُّ، ولم تجْرِ العادة به، ولا يتمكن من حمل الماء لبهائمه في جميع الطرق

(5)

، [والطعام بخلاف ذلك]

(6)

.

(1)

«فأما إن تعذر استيفاؤه أو إحضاره» ساقطة من المطبوع.

(2)

ق: «في» .

(3)

«من مصره» ساقطة من المطبوع.

(4)

انظر «المغني» (5/ 11) و «الإنصاف» (8/ 68).

(5)

س: «الطريق» .

(6)

هنا بياض في النسختين، والمثبت من «المغني» .

ص: 59