المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌إن كان له كتب علم يحتاج(6)إليها لم يلزمه بيعها - شرح عمدة الفقه - ابن تيمية - ط عطاءات العلم - جـ ٤

[ابن تيمية]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الحج

- ‌جماعُ معنى الحج في أصل اللغة

- ‌مسألة(1): (يجب الحج والعمرة مرةً في العمر على المسلم العاقل البالغ الحرِّ)

- ‌الفصل الثانيأن العمرة أيضًا واجبة

- ‌ عنه رواية أخرى: أنها سنة

- ‌إن العمرة هي الحج الأصغر

- ‌الفصل الثالثأنهما إنما يجبان مرةً في العمر بإيجاب الشرع، فأما إيجاب المرء على نفسه فيجب في الذمة بالنذر

- ‌الفصل الرابعأنه لا يجب الوجوب المقتضي للفعل وصحتِه إلا على مسلم

- ‌الفصل الخامسأنه لا حج على مجنون(3)كسائر العبادات

- ‌الفصل السادسأنه لا حجَّ على الصبي قبل البلوغ

- ‌الفصل السابعأنه لا يجب إلا على حرٍّ كاملِ الحرية

- ‌مسألة(1): (إذا استطاع إليه سبيلًا، وهو(2)أن يجد زادًا وراحلةً بآلتها(3)مما يَصلُح لمثله، فاضلًا عما يحتاج إليه لقضاء ديونه(4)ومُؤْنةِ نفسه وعياله على الدوام)

- ‌الفصل الرابعأن يجد ذلك بعد ما يحتاج إليه من قضاء دينه ومُؤْنة نفسه وعياله على الدوام

- ‌إن كان له كتبُ علمٍ يحتاج(6)إليها لم يلزمه بيعها

- ‌إذا أَحجَّ(3)عن نفسه أجزأ عنه وإن عوفي

- ‌فصلإمكان المسير والأداء بسعة الوقت، وخلوِّ الطريق، والصحة(2): هل هو شرط للوجوب أو للزوم الأداء(3)فقط؟ على روايتين

- ‌مسألة(1): (ويُعتبر للمرأة وجودُ مَحْرمها، وهو زوجها، ومن تَحْرم عليه على التأبيد بنسبٍ أو سببٍ مباح)

- ‌لا يجوز لها(2)أن تسافر بغير محرم إلا في الهجرة

- ‌الفصل الثاني في المَحْرم

- ‌مسألة(6): (فمن فرَّط حتى مات أُخرِج عنه من ماله حجة وعمرة)

- ‌ من زعم أن العمل لا ينفع غير عامله في جميع المواضع فقد خرج عن دين الإسلام

- ‌فصليجب الحج عن الميت والعاجز من حيث وجب عليه

- ‌إذا لم يقدر له النفقة، فإنه ينفق بالمعروف، ويردُّ ما فضلَ

- ‌مسألة(4): (ولا يصحُّ الحجُّ من كافرٍ ولا مجنونٍ)

- ‌الثاني: أن يُجنَّ بعد إحرامه، فهذا إن كان صرعًا وخَنْقًا لم يبطل إحرامه

- ‌مسألة(4): (ويصحُّ من العبد والصبيِّ، ولا يُجزِئهما)

- ‌الفصل الثانيأن حج الصبي صحيح(2)، سواء كان مميِّزًا أو طفلًا

- ‌إن كان غير مميز عقد الإحرامَ له وليُّه

- ‌مسألة(1): (ويصحُّ من غير المستطيع والمرأةِ بغير مَحْرم، ويُجزئهما)

- ‌مسألة(4): (ومن حجَّ عن غيره ولم يكن حجَّ(5)عن نفسه، أو عن نذرِه ونَفْلِه(6)قبل حجة الإسلام، وقع عن فرض نفسه دون غيره)

- ‌ إذا خالف وأحرم عن غيره ففيه روايتان

- ‌الفصل الثانيإذا كان عليه فرضٌ ونفْلٌ لم يجز أن يُحرِم إلا بالفرض، وإن كان عليه فرضان لم يجز أن يبدأ إلا بأوكدِهما

- ‌باب المواقيت

- ‌مسألة(2): (وميقات أهل المدينة ذو الحُلَيفة(3)، والشام ومصر والمغرب الجُحْفة، واليمن يَلَمْلَم، ولنجدٍ قَرْن، وللمشرق ذات عِرْق)

- ‌مسألة(1): (وهذه المواقيتُ لأهلها، ولكلِّ من مرَّ عليها)

- ‌ومن مرَّ على ميقاتين فعليه أن يحرم من أبعدهما من مكة

- ‌مسألة(4): (ومن كان منزلُه دون الميقات فميقاته من موضعه، حتى أهلُ مكة يُهِلُّون منها لحجّهم، ويُهِلُّون للعمرة من الحلّ)

- ‌فصلوأما المكي إذا أراد أن يعتمر فإنه يخرج إلى الحلّ

- ‌الإحرام بالعمرة من أقصى الحلّ أفضلُ من أدناه

- ‌فأما الاعتمار من الحديبية فلا فضلَ فيه على غيره

- ‌مسألة(3): (ومن لم يكن طريقُه على ميقاتٍ(4)فميقاتُه حذوَ أقربِها إليه)

- ‌مسألة(1): (ولا يجوز لمن أراد دخول مكة تجاوزُ الميقات غيرَ محرمٍ(2)إلا لقتال مباح، أو حاجةٍ تتكرَّر كالحطَّاب ونحوه. ثم إن أراد النسك أحرم من موضعه، وإن تجاوزه غيره(3)رجع فأحرم من الميقات، فإن أحرم مِن دونِه فعليه دم، سواء رجع إلى الميقات أو لم يرجع)

- ‌إن دخل مكة(4)غيرَ مُحرمٍ لزمه قضاء هذا الإحرام

- ‌الفصل الثانيأن من دخل مكة لقتال مباح فإنه لا إحرام عليه

- ‌وكذلك من دخلها خائفًا لفتنةٍ عرضتْ ونحو ذلك

- ‌مسألة(1): (والأفضل أن لا يُحرِم قبل الميقات، فإن فعلَ فهو مُحرِم)

- ‌ تفسير الحديث: «أن تُحرِم من دُوَيرة أهلك»

- ‌مسألة(5): (وأشهرُ الحج: شوال وذو القعدة وعشْرٌ من ذي الحجة)

- ‌فإن خالف وأحرم بالحج قبل أشهره فإنه ينعقد الإحرام بالحج في أشهر الروايتين

- ‌باب الإحرام

- ‌مسألة(1): (من أراد الإحرام استُحِبَّ له أن يغتسل، ويتنظَّف، ويتطيَّب، ويتجرَّد عن المَخِيْط في إزارٍ ورداء أبيضَينِ نظيفينِ)

- ‌ وليس هذا الغسل واجبًا، نصَّ عليه

- ‌ يُستحبُّ أن يتطيَّب في بدنه دون ثيابه

- ‌مسألة(2): (ثم يصلِّي ركعتين ويُحرم عقيبَهما؛ وهو أن ينوي الإحرام، ويُستحبُّ أن ينطق به ويشترط

- ‌الفصل الثانيفي الوقت الذي يُستحب فيه الإحرام

- ‌إذا أحرم دُبر الصلاة ففي أول أوقات التلبية ثلاثة أوجه:

- ‌ التلبية(6)والإهلال والإحرام وفرْضُ الحج بمعنى واحد

- ‌الفصل الثالثأن الإحرام ينعقد بمجرد النية عند أصحابنا

- ‌مسألة(1): (وهو مخيَّر بين التمتع والإفراد والقران، وأفضلُها التمتع، وهو أن يُحرم بالعمرة في أشهر الحج، ويفرغ منها، ثم يشرع في الحج في عامه، ثم الإفراد، وهو أن يُحرم بالحج مفردًا، ثم القِران

- ‌إن الرجل إذا أنشأ للعمرة سفرًا من مصره كان أفضل من عمرة التمتع

- ‌أما كون النبي صلى الله عليه وسلم أفرد الحج ولم يعتمر في أشهره، فعنه ثلاثة أجوبة:

- ‌المسألة الثانية(2): أنه يجوز أن يحرم بالعمرة، ثم يُدخل عليها الحج، ويصير قارنًا

- ‌مسألة(1): (وإذا استوى على راحلته لبَّى، فيقول: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك)

- ‌سبب التلبية ومعناها

- ‌مسألة(5): (ويُستحبُّ الإكثارُ منها ورفعُ الصوت بها لغير النساء)

- ‌أما المرأة فيستحبُّ لها أن تُسمِع رفيقتها

- ‌يُكره إظهار التلبية في الأمصار والحِلَل

- ‌باب(1)محظورات الإحرام

- ‌مسألة(2): (وهي تسع(3): حَلْق الشعر، وقَلْم الظُّفر)

- ‌مسألة(1): (ففي ثلاثٍ منها دمٌ، وفي كل واحد مما دونها مُدُّ طعامٍ، وهو ربعُ الصاعِ)

- ‌مسألة(5): (الثالث: لُبس المَخيط إلا أن لا يجد إزارًا فيلبس سراويلَ، أو لا يجد نعلين فيلبسْ خفينِ، ولا فدية عليه)

- ‌مسألة(6): (الرابع: تغطية الرأس، والأذنان منه)

- ‌وحيث كُرِه له التظليل فهل تجب الفدية؟ على روايتين منصوصتين

- ‌مسألة(3): (الخامس: الطِّيب في بدنه وثيابه)

- ‌فصليحرم عليه أن يتطيَّب في بدنه وثيابه، سواء مسَّ الطيبُ بدنه أو لم يمسَّه

- ‌وليس له أن يستصحب ما يجد ريحه لتجارة ولا غيرها وإن لم يقصد شمَّه

- ‌فصلفأما الثياب المصبوغة بغير طيب؛ فلا يُكره منها في الإحرام إلا ما يُكره في الحلّ

- ‌أما الكحل إذا كان فيه طيب فإنه لا يجوز إلا لضرورة

- ‌مسألة(3): (السادس: قتل صيد البرِّ، وهو ما كان وحشيًّا مباحًا، فأما صيد البحر والأهليّ وما حرم أكلُه فلا شيء فيه، إلا ما كان متولِّدًا من مأكولٍ وغيره)

- ‌إذا وجد المضطرُّ ميتة وصيدًا فإنه يأكل الميتة ويدع الصيد

- ‌إذا أكل الصيد مَن صِيْد لأجله من المحرمين وجب عليه الجزاء

- ‌مسألة(2): (السابع: عقْدُ النكاح لا يصحُّ منه، ولا فديةَ فيه)

- ‌مسألة(2): (الثامن: المباشرة لشهوة فيما دون الفرج، فإن أنزلَ بها ففيها بدنةٌ، وإلا ففيها شاةٌ)

- ‌إن كانت المباشرة وطأً دون الفرج ففيها بدنة، وإن كانت قبلةً أو غمزًا ففيها شاة

- ‌مسألة(2): (التاسع: الوطء في الفرج، فإن كان قبل التحلُّل الأول أفسد الحج، ووجب المضيُّ في فاسده والحجُّ من قابلٍ، وعليه بدنة، وإن كان بعد التحلل الأول ففيه شاة، ويُحرِم من التنعيم ليطوف محرمًا)

- ‌الفصل الرابعإذا وطئ بعد التحلل الأول لم يبطل حجه

- ‌فصلوهل عليه بدنة أو شاة؟ على روايتين:

- ‌مسألة(3): (وإن وطئ في العمرة أفسدها، وعليه شاة)

- ‌مسألة(1): (ولا يفسد النسك بغيره)

- ‌مسألة(5): (والمرأة كالرجل، إلا أن إحرامها في وجهها، ولها لُبْسُ المخيط)

- ‌الفصل الثالث: أن إحرامها في وجهها، فلا يجوز لها أن تلبس النقاب والبرقع

الفصل: ‌إن كان له كتب علم يحتاج(6)إليها لم يلزمه بيعها

وإن كان فيهم من لا يلزمه بعينه نفقته لكن يخاف عليه الضياع، كيتيم وأرملة ونحو ذلك

(1)

.

ولا بدَّ أن يرجع إلى كفاية له ولعياله على الدوام، إما ربح تجارةٍ أو صناعة، أو أجور عقارٍ ودوابَّ، أو رَيْع

(2)

وقف عليه بعينه، لأن

(3)

.

فإن أمكنه أن يأخذ من وقف الفقراء أو الفقهاء أو بيت المال

(4)

ونحوه من مال المصالح

(5)

.

والمراد بالكفاية: ما يحتاج إليه مثله من طعام وكسوة ونحو ذلك، ومن مسكن، فإنه لا بد له من السكنى، فليس عليه أن يبيع مسكنَه ثم يسكن بأجر أو في وقف. لكن إن كان واسعًا يُمكِنه الاعتياضُ عنه بما دونه من غير مشقة، لزمه أن يحج بالتفاوت.

و‌

‌إن كان له كتبُ علمٍ يحتاج

(6)

إليها لم يلزمه بيعها

، وإن لم يكن علمها فرضًا عليه

(7)

؛ لأن حاجة العالم إلى علمه

(8)

.

فإن كانت مما لا يحتاج إليها، أو كان له بكتابٍ نسختان يستغني عن

(1)

بياض في ق.

(2)

س: «وريع» .

(3)

بياض في النسختين.

(4)

«المال» ساقطة من المطبوع.

(5)

بياض في النسختين.

(6)

س: «محتاج» .

(7)

«عليه» ساقطة من س.

(8)

بياض في س.

ص: 62

إحداهما، باع ما لا يحتاج إليه.

وإن أراد أن يشتري كتب علم، أو ينفق في طلب العلم، فقد قال عبد الله

(1)

: سألت أبي عن رجل ملك خمسمائة درهم، وهو رجل جاهل، أيحج بها أم يطلب العلم؟ فقال: يحج

(2)

؛ لأن الحج فريضة، وليس الحديث

(3)

عليه فريضة، وينبغي له أن يطلب العلم.

والفرق بينهما أن

(4)

هذا لم يتعلَّم بعدُ

(5)

، فالابتداء بفرض العين قبل فرض الكفاية أو النافلة متعين، والأول قد تعلَّم العلم، وهو مقيّد بالكتاب، ففي بيع كتبه إخلالٌ

(6)

بما قد علمه مِن علمه.

وإذا كان له خادمٌ

(7)

يحتاج إلى خدمتها لم يلزمه بيعها. قال في رواية الميموني

(8)

: إذا كان للرجل المسكنُ والخادم والشيء الذي لا يمكنه بيعه لأنه كفاية لأهله= فلا يباع، فإذا خرج عن

(9)

كفايته ومُؤْنة عياله باع.

(1)

انظر «مسائله» (ص 197، 198).

(2)

في المسائل: «لا يحج» . وهو مخالف للسياق، ويمكن تصحيحه بوضع فاصل بعد «لا» .

(3)

في المسائل: «وطلب الحديث» بدل «وليس الحديث» . وهذا يعكس المعنى.

(4)

«أن» ساقطة من المطبوع.

(5)

«بعد» ساقطة من س.

(6)

س: «اخلا» .

(7)

يقع على الذكر والأنثى. انظر شواهد استعماله للمؤنث في «تاج العروس» (خدم).

(8)

انظر: «القواعد» لابن رجب (ص 295).

(9)

س: «من» .

ص: 63

وإذا كان به حاجة إلى النكاح، فقال أحمد في رواية أحمد بن سعيد: إذا كان مع الرجل مال فإن تزوج به لم يبقَ معه فضل، وإن حج خشي على نفسه، فإنه إذا لم يكن له صبرٌ عن التزويج تزوَّج، وترك الحج.

وكذلك نقل أبو داود

(1)

وغيره، وعلى هذا عامة أصحابنا

(2)

: أنه إن خشي العَنَتَ قدَّم النكاح؛ لأنه واجب عليه، ولا غنى به عنه، فهو كالنفقة.

وحكى ابن أبي موسى

(3)

عن بعض أصحابنا: أنه يبدأ بالحج. وقد قال أحمد في رواية جعفر بن محمد في رجل عنده أربعمائة درهم، ويخاف على نفسه العنت، ولم يحج، و

(4)

أبواه يأمرانه بالتزويج، قال: يحج ولا يطيعهما في ذلك. هكذا ذكرها أبو بكر

(5)

في «زاد المسافر» ، ثم فصَّل كما تقدم [ق 148] عن أحمد.

ووجه ذلك: أنه يتعيَّن عليه بوجود السبيل إليه، والعنت المخوف مشكوك فيه، وهو نادر، والغالب على الطباع خلاف ذلك، فلا يُفرِّط فيما تيقَّن وجوبه بما يشك فيه. وأما إن لم يخش العنتَ قدَّم الحج.

وإن قلنا: إن النكاح واجب، فإن كانت له سُرِّية لم يجب عليه بيعها واستبدالُ ما هو دونها. ولا يجب عليه أن يطلِّق امرأته ليستفضل نفقتها.

(1)

في «مسائله» (ص 150). وانظر «مسائل الإمام أحمد» رواية ابن هانئ (1/ 143).

(2)

انظر «المغني» (5/ 12) و «الإنصاف» (8/ 48).

(3)

في «الإرشاد» (ص 180).

(4)

الواو ساقطة من ق.

(5)

غلام الخلّال (ت 363). ترجمته في «طبقات الحنابلة» (2/ 119 - 127)، ولم يصل إلينا كتابه «زاد المسافر» .

ص: 64

فصل

ولا يجب عليه المسِيرُ حتى يقدر على المسير، بأن يكون يتسع الوقت للسير والأداء. فلو وجد ذلك قبل النحر بأيام، وبينه وبين مكة شهر ونحو ذلك، لم يجب عليه المسير للحج في تلك السنة. وليس عليه أن يسير إلا السير المعتاد وما يقاربه، وليس عليه أن يحمل على نفسه، ويسير سيرًا يجاوز العادة، أو يَعجِز معه عن تحصيل آلة السفر؛ لما في ذلك من المشقة التي لا يجب معها مثل هذه العبادات من الجمعة والجماعة ونحو ذلك.

وأن يكون الطريق خاليًا من العوائق المانعة، فإن كان فيه من يصدُّه عن الحج من قُطَّاع الطريق

(1)

، كالأعراب والأكراد الذين يقطعون الطريق

(2)

على القوافل، أو كفّار، أو بُغاة= لم يجب عليه السعي إلى الحج. فإن أمكن قتالهم

(3)

.

وإن أمكن بذلُ خَفارةٍ

(4)

لهم، فقال القاضي وأصحابه

(5)

: لا يجب بذلها وإن كانت يسيرةً، لوجهين:

أحدهما: أنها رشوة، فلا يلزم بذلُها في العبادة كالكثيرة.

الثاني: أنهم لا يُؤمَنون مع أخذها، فإن

(6)

من استحلّ أكل المال

(1)

س: «طريق» .

(2)

س: «الطرق» .

(3)

بياض في النسختين.

(4)

أي جُعْل للأمان، وهو مثلث الخاء.

(5)

انظر «المغني» (5/ 8).

(6)

ق: «فإنه» .

ص: 65

بالباطل من وفد الله، لم يُؤمَن على استحلال قتلهم أو نهبهم أو سرقتهم.

والثاني: يجب بذل الخفارة اليسيرة، قاله ابن حامد

(1)

؛ لأنها نفقة يقف

(2)

إمكان الحج على بذلها، فلم يمتنع الوجوب مع إمكان بذلها كالأثمان والأكرية، وقد بذل صُهيب للكفار جميع ماله الذي كان

(3)

بمكة حتى خَلَّوه يهاجر، فأنزل الله تعالى فيه

(4)

: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ}

(5)

[البقرة: 207].

وفي معنى ذلك لو احتاج أن يَرشُو الولاةَ لتخليته، أو لحراسة طريقه

(6)

.

ولو احتاج أن يبذل مالًا لمن يخرج معه ليحرسه فهذا ليس برشوة، وإنما هو جَعالة

(7)

أو إجارة؛ لأنه لا يجب عليهم الخروج معه وحفظُه. وقياس المذهب: أن هذا واجب، كما يجب على المرأة نفقة مَحْرمها لأنه بمنزلة الحافظ لها، وكما يجب عليه

(8)

أجرة من يحفظ رَحْلَه من السُّراق.

(1)

انظر «المغني» (5/ 8) و «المستوعب» (1/ 442).

(2)

«يقف» ليست في ق.

(3)

«كان» ساقطة من س.

(4)

«فيه» ساقطة من س.

(5)

قصة بذل صهيب لماله ثابتة من وجوه. ورويت آثار مُرسلة في نزول الآية فيه. انظر «تفسير الطبري» (3/ 591 - 592) و «مستدرك الحاكم» (3/ 398، 400) و «تفسير ابن كثير» (2/ 271 - 272).

(6)

بعدها بياض في ق.

(7)

ما يُجعَل على العمل من أجر.

(8)

«عليه» ساقطة من س.

ص: 66

وسواء كانت الطريق قريبةً أو بعيدةً يبقى فيها سنين

(1)

.

وسواء كانت الطريق برًّا أو بحرًا إذا كان الغالب عليه السلامة، وإن كان الغالب على البحر الهلاك لم يجب السعي إلى الحج. وإن كان يَسْلَم قوم ويَتْلَف قوم، فقال القاضي

(2)

: يلزمه، وقال أبو محمد

(3)

: إن لم يكن الغالب السلامة لم يلزمه سلوكه.

فصل

ولا يجب عليه أن يحج بنفسه حتى يقدر على الركوب، فمتى قدر على الركوب في

(4)

حالٍ من الأحوال لزمه الحج بنفسه، فإن عجز عنه لمرضٍ أو كبرٍ لم يلزمه.

والمعتبر في ذلك: أن يُخشَى من ركوبه سقوطُه، أو مرضٌ، أو زيادةُ مرض، أو تباطؤُ بُرْءٍ، ونحو ذلك. فأما إن كان توهمًا أو جبنًا أو مرضًا

(5)

يعتريه أحيانًا، ويقدر أن يستطبَّ

(6)

.

ثم إن كان مأيوسًا

(7)

من بُرئه فإنه يُحِجَّ عن نفسه، قال أحمد في رواية أبي طالب

(8)

: يحجُّ الرجل عن الرجل وهو حيٌّ، وعن المرأة، وإذا كان

(1)

بياض في النسختين.

(2)

كما في «الإنصاف» (8/ 67).

(3)

في «المغني» (5/ 8). وكذلك القاضي في «التعليقة» (1/ 75).

(4)

س: «على» .

(5)

في النسختين: «مرة» ، تحريف.

(6)

بياض في النسختين.

(7)

في المطبوع: «ميؤسا» خلاف النسختين.

(8)

كما في «التعليقة» (1/ 71، 72).

ص: 67

شيخًا كبيرًا لا يستمسك على الراحلة يحجُّ عنه وليُّه، وإذا كانت امرأة ثقيلة لا يقدر مثلها يركب، والمريض الذي قد أُوْيِسَ

(1)

منه أن يبرأ، فيحجُّ عنهم وليُّهم. وهذا الذي أمر فيه

(2)

النبي صلى الله عليه وسلم الخثعمية، قالت: يا رسول الله، إن أبي شيخ كبير، وقد أدركته فريضة

(3)

الله في الإسلام، وهو لا يستمسك على الراحلة، أفأحجُّ عنه؟ قال:«نعم حُجِّي عن أبيك» .

فإذا كان الرجل والمرأة لا يقدرانِ على الحج، وقد وجب عليهما الحج، حجَّ عنهما وليهما.

وإحجاجه عن نفسه واجب عند أصحابنا على ما ذكره أبو عبد الله

(4)

، سواء بلغ وهو معضوب، أو عُضِب بعد ذلك، قبل وجود المال أو بعد وجود المال. وظاهر كلام أبي بكر وابن أبي موسى: أنه لا يجب؛ لأن ابن أبي موسى ذكر

(5)

أن شروط الوجوب: الحرية، والبلوغ، والإسلام، والعقل، والصحة، والزاد والراحلة، والمَحْرم للمرأة، وخلوُّ الطريق. وذكر أبو بكر أن الحج يجب على الرجل بثلاثة أوصاف: بالزاد، والراحلة، والصحة. وعلى المرأة بأربعة أوصاف: الزاد، والراحلة، والصحة، والمَحْرم؛ لِمَا تقدَّم من أن الخثعمية وغيرها أخبرت أن أباها قد فُرِض عليه الحج، وأقرَّها النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك، وأمرها أن تحجَّ عنه، [ق 149] وشبَّه ذلك بالدين المقضيّ. ولولا

(1)

من الفعل الرباعي «آيَسَ» . وفي التعليقة: «أُيِسَ» .

(2)

«فيه» ليست في س.

(3)

س: «فرائض» .

(4)

كما في «مسائل ابن هانئ» (1/ 176). وانظر «المستوعب» (1/ 444).

(5)

في «الإرشاد» (ص 156).

ص: 68

أن الحج قد وجب على هذا المعضوب لما صح

(1)

ذلك.

فإن قيل: المراد أنه من أهل وجوب الحج

(2)

.

وأيضًا فإن النبي صلى الله عليه وسلم سُئل: ما يوجب الحج؟ فقال: «الزاد والراحلة» . ولم يفرق بين القادر بنفسه والعاجز.

وأيضًا فإن فرائض الله إذا قدر أن يفعلها بأصل أو بدل وجب عليه ذلك، كما يجب بدل الصوم وهو الإطعام، وبدل الكفارات، وبدل الوضوء والغسل.

وأيضًا فإنه من أهل وجوب الحج، وهذه الحَجة تُجزِئ عنه، وتُسقِط عنه فرضَ الإسلام بنص النبي صلى الله عليه وسلم، وقد أمكنتْه الاستنابة

(3)

من غير ضرر في دينه ولا دنياه؛ لأن النائب إن كان أجيرًا فلا ضرر مِنَّةٍ

(4)

عليه فيه؛ لأن عمله يقع مستحقًّا للمستأجر، كالاستئجار على البناء والخياطة والكتابة. وإن كان نائبًا محضًا فإن النفقة إنما تجب في مال المستنيب، فلا منةَ عليه في ذلك. يبقى عمل النائب فقط، وذلك لا منة فيه؛ لأن له غرضًا

(5)

صحيحًا في شهود المشاعر، وعمل المناسك، وحضور الموسم، وله بذلك عمل صالح غير إبراء ذمة النائب

(6)

من حجِّ الفرض، وإنما بلغ ذلك بمال المستنيب، فيصيران متعاونين على إقامة

(1)

في المطبوع: «صحح» ، خلاف النسختين.

(2)

بياض في النسختين.

(3)

س: «النيابة» .

(4)

س: «منه ضرر» . وفي المطبوع: «ضرر منه» .

(5)

في المطبوع وس: «عوضا» ، تحريف.

(6)

كذا في النسختين، ولعل الصواب:«المستنيب» .

ص: 69