الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اغتسلت إذا اتَّسع الزمان. هكذا ذكر أصحابنا القاضي وابن عقيل،
وليس هذا الغسل واجبًا، نصَّ عليه
. وقيل
(1)
: إن بعض المدنيين يقول: من ترك الاغتسال فعليه دم لقول النبي صلى الله عليه وسلم لأسماء وهي نفساء: «اغتسلي» فكيف الطاهر؟! فأظهر التعجب من هذا القول. وكان ابن عمر يغتسل أحيانًا ويتوضأ أحيانًا. وأيّ ذلك فعلَ أجزأه، وذلك لما روي عن ابن عمر أنه توضأ مرةً في عمرة اعتمرها ولم يغتسل، وكان في عُمَرِه إذا أتى ذا الحليفة تجرَّد واغتسل. رواهما سعيد
(2)
.
وإن لم يكن هناك ماء فهل يتيمم؟ على وجهين، ويقال: روايتين.
إحداهما: يتيمم، قاله القاضي وابن عقيل
…
(3)
.
فصل
وأما التنظُّف
(4)
فالمراد به أن يجُزَّ شاربه، ويَقْلِم أظفاره، ويَنْتِف إبطه، ويحلق عانته، إن احتاج إلى شيء من ذلك، ويُزيل شَعَثَه، وقطع الرائحة.
قال أحمد في رواية المرُّوذي
(5)
: فإذا أردتَ أن تُحرِم فخُذْ من شاربك وأظفارك، واستحِدَّ، وانتِفْ ما تحت يدك، وتنظَّفْ، واغتسلْ إن أمكنك،
(1)
أي للإمام أحمد كما في «المغني» (5/ 75).
(2)
وأخرج ابن أبي شيبة (15850) عن ابن جريج قال: سألت نافعًا: أكان ابن عمر يغتسل عند الإحرام؟ فقال: كان ربما يغتسل، وربما توضأ.
(3)
بياض في النسختين.
(4)
س: «التنظيف» .
(5)
كما في «التعليقة» (1/ 167) مختصرًا.
وتوضَّأْ وضوءك للصلاة، فإن وافقتْ صلاةٌ مكتوبة صلَّيتَ، وإلا فصلِّ ركعتين، فإن أردتَ المتعة
(1)
ــ فإنها آخر [ق 190] الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم لقوله: «لو استقبلتُ من أمري ما استدبرتُ لم أَسُقِ الهديَ ولجعلتُها عمرةً»
(2)
، فلم يَحِلَّ لأنه ساق الهدي، وأبو عبد الله يختارها ــ فقل: اللهمَّ إني أريد العمرة فيسِّرها لي، وتقبَّلْها
(3)
مني، وأعنِّي عليها، تُسِرُّ ذلك في نفسك مستقبلَ
(4)
القبلة، وتشترط عند إحرامك تقول: إن حبسني حابسٌ فمحلّي حيث حبستَني، وإن شئتَ أهللتَ على راحلتك.
وذكر في الإفراد والقران نحو ذلك، إلا أنه قال: فقل: اللهمَّ إني أريد
(5)
العمرة والحج فيسِّرْهما لي وتقبَّلْهما مني، لبيك اللهمَّ عمرةً وحجًّا، فقل كذلك. ولم يذكر في المتعة والقران
(6)
لفظه في التلبية، ثم قال: وإن شاء تطيَّب قبل أن يُحرم، ويغتسل المحرم إن شاء قبلَ دخول الحرم
(7)
.
وذلك لأن هذه عبادة فاستحبَّ أن يدخل فيها بنظافة كغيرها، لا سيما وهو ممنوع من ذلك بعد الإحرام، فإن أراد أن يأخذ من شعر رأسه بالجزّ ونحوه فهل يُكره؟ رخَّص فيه عمر والحجازيون، وكرهه
…
(8)
.
(1)
ق: «العمرة» .
(2)
أخرجه البخاري (1651، 1785) ومسلم (1216، 1218) من حديث جابر بن عبد الله.
(3)
ق: «وتقبل» .
(4)
ق: «تستقبل» .
(5)
«أريد» ساقطة من ق.
(6)
في هامش س: لعله «في الإفراد والقران» .
(7)
«قبل دخول الحرم» ليست في ق.
(8)
بياض في النسختين.
فصل
وأما التطيُّب فقد قال في رواية المرُّوذي
(1)
: وإن شاء تطيَّب قبل أن يحرم. وقال عبد الله
(2)
: سألت أبي عن المحرم: الطيب أحبُّ إليك له أم تركُ الطيب؟ قال: لا بأس أن يتطيَّب قبل أن يحرم، ونذهب فيه إلى حديث عائشة. وكذلك نقل حنبل
(3)
.
وإنما لم يؤكّده لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر به وإنما فعله، فيجوز أن يكون فعلَه لأنه عبادة، ويجوز أن يكون فعلَه على الوجه المعتاد، وفي مراعاته نوع مشقَّة. وفيه اختلاف، وظاهر كلامه أنه مستحبّ غير مؤكّد بحيث لا يُكْره تركه، بخلاف الاغتسال والتنظُّف
(4)
.
قال أصحابنا: يُستحبّ له أن يتطيّب بما شاء من طيب الرجال، سواء كان مما يبقى أثره أو لا يبقى؛ لما روى عروة عن عائشة قالت: كنتُ أُطيِّب النبي صلى الله عليه وسلم عند إحرامه بأطْيبِ ما أجدُ
(5)
. وفي رواية
(6)
: قالت: كنتُ أُطيِّب النبي صلى الله عليه وسلم بأطيب
(7)
ما أقدِرُ عليه قبل أن يُحرِم، ثم يحرم. متفق عليه.
(1)
كما في «الفروع» (5/ 324) دون ذكر الراوي.
(2)
في «مسائله» (ص 203).
(3)
كما في «التعليقة» (1/ 331).
(4)
في المطبوع: «والتنظيف» ، خلاف النسختين.
(5)
أخرجه البخاري (5928).
(6)
عند مسلم (1189/ 37).
(7)
«عند إحرامه
…
بأطيب» ساقطة من ق.
وفي رواية: «كنت أطيِّب النبي صلى الله عليه وسلم عند إحرامه بأطيبِ ما أجدُ، حتى أجد وبيصَ الطيب في رأسه ولحيته» . لفظ البخاري
(1)
.
وفي روايةٍ لمسلم
(2)
: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يحرم تطيَّب بأطيبِ ما يجد، ثم أرى وبيصَ الدُّهْن
(3)
في لحيته ورأسه بعد ذلك».
وفي رواية القاسم عنها: «كنت أطيِّب النبي صلى الله عليه وسلم لإحرامه قبل أن يحرم، ولحلِّه قبل أن يطوف بالبيت بطيبٍ فيه مسكٌ» . متفق عليه
(4)
.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت
(5)
: كنا نخرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة فنَضْمِد جِباهَنا بالمسكِ المطيَّب عند الإحرام، فإذا عَرِقتْ إحدانا سال على وجهها، فيراه النبي صلى الله عليه وسلم فلا ينهانا. رواه [أحمد و]
(6)
أبو داود.
وعن نافع قال: كان ابن عمر إذا أراد الخروج إلى مكة ادَّهن بدهنٍ ليس له رائحة طيبة، ثم يأتي مسجد ذي الحُلَيفة
(7)
، فيصلّي ثم يركب، فإذا
(1)
رقم (5923).
(2)
رقم (1190/ 44).
(3)
ق: «الطيب» .
(4)
البخاري (1539) ومسلم (1189/ 33).
(5)
«قالت» ليست في س.
(6)
مكانه بياض في س. والحديث أخرجه أحمد (24502) وأبو داود (1830) بإسناد صحيح، وهذا لفظ أبي داود إلا أن فيه «بالسُّكِّ» بدل «المسك». والسُّك: طيب يُركّب من المِسك ومادّة سوداء كالقار يُقال لها «رامِك» . انظر «تاج العروس» مادتَي (س ك ك) و (رم ك).
(7)
س: «ذا الحليفة» .
استوت به راحلته قائمةً أحرم، ثم قال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل. رواه البخاري
(1)
.
وعن دُرَّة قالت: كنت أُغَلِّف رأسَ عائشة بالمسْك والعَنْبر
(2)
عند إحرامها
(3)
.
وعن عائشة ابنة سعد بن أبي وقاص قالت
(4)
: كنت أَسْحَقُ له المسكَ ــ يعني سعدًا ــ بالبانِ الجيد، فأُضمِّخُ منه لحيته ورأسه، وأُجْمِر حُلَّتَه، فيروح فيها مُهِلًّا
(5)
.
وعن مسلم بن صُبَيح قال: رأيتُ في رأس ابن الزبير ولحيته من الطيب وهو محرم، ما لو كان لرجل لاتخذ منه رأس مال
(6)
.
وعن علي بن حسين قال: قال لي ابن عباس وعائشة: ادَّهِنْ بأي دُهنٍ شئتَ وأنت محرم
(7)
. وقال ابن عمر: ادَّهِنْ بالزيت.
(1)
رقم (1554).
(2)
في المطبوع: «والصبر» ، تحريف.
(3)
أخرجه الطحاوي في «شرح معاني الآثار» (2/ 131).
(4)
«كنت أغلف .... قالت» ساقطة من ق.
(5)
أخرجه الشافعي في «الأم» (3/ 378) وابن أبي شيبة (13656) والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (2/ 131) بنحوه مختصرًا دون ذكر إجمار الحلّة.
(6)
أخرجه ابن أبي شيبة (13662) وابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (576) والدِّينوَري في «المجالسة وجواهر العلم» (3347) من طرق عن الأعمش عن مسلم بن صبيح. وأخرج ابن أبي شيبة (13671) عن عروة أن ابن الزبير كان يتطيب بالغالية الجيدة عند إحرامه.
(7)
لم أقف عليه، وكذا قول ابن عمر الآتي.