الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وظاهر هذا يقتضي أن المستحب أن يتباعد فيحرم من الميقات الشرعي، وهو أفضل من إحرامه من أدنى الحلّ.
قال القاضي
(1)
وابن عقيل وغيرهما: المستحب أن يحرم بالعمرة من الميقات الشرعي على ظاهر كلامه، قال في رواية صالح
(2)
: والعمرة بمكة من الناس من يختارها على الطواف، ومنهم من يختار المُقام بمكة والطواف.
واحتج من اختار العمرة
(3)
بأن النبي صلى الله عليه وسلم أَعْمرَ عائشة من التنعيم.
وقال القاضي: يستحب الإحرام من الجِعرَّانة، فإن فاته ذلك أحرم من التنعيم، فإن فاته فمن الحديبية. وكذلك ذكر ابن عقيل إلا أنه لم يذكر التنعيم هنا
(4)
.
وعمدة ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمر من الجعرانة، واعتمر عمرة الحديبية، وأمر عائشة أن تعتمر من التنعيم، فخصَّت هذه بالفضل، وكان أفضل هذه المواقيت.
وقال أبو الخطاب
(5)
: الأفضل أن يحرم من التنعيم.
فأما الاعتمار من الحديبية فلا فضلَ فيه على غيره
؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم
(1)
في «التعليقة» (1/ 164).
(2)
لم أجدها في «مسائله» ، فالمطبوعة ناقصة.
(3)
س: «اختارها» .
(4)
ق: «قلنا» تحريف.
(5)
في «الهداية» (ص 198).
يعتمر من الحديبية قطُّ، وإنما اعتمر من ذي الحليفة، فلما صدّه المشركون حلّ بالحديبية من إحرامه.
وكذلك الجعرَّانة ليس في خروج المكي إليها بخصوصها سنةٌ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعتمر من مكة قطُّ، وإنما أعمرَ عائشةَ رضي الله عنها من التنعيم
(1)
في حجة الوداع، وإنما اعتمر من الجعرانة لما قسم غنائم حُنين، لأنها كانت الموضع الذي أنشأ منه العمرة، بمنزلة من يريد أن يُنشِئ العمرة
(2)
وهو دون المواقيت، فينشئ العمرة من موضعه، ولا يقاس بهذا أن يخرج
(3)
المكي إلى ذاك الموضع فيحرم منه. وإنما السنة في الخروج إلى الحلّ من أيّ الجوانب كان، لكن جهة بلد المعتمر
…
(4)
.
وإن أحرم الحرميُّ بالعمرة من الحرم فهو بمنزلة من أحرم دون الميقات، فلا يجوز له ذلك، وإذا فعله فعليه دم لتركه بعض نسكه.
ولا يسقط الدم بخروجه إلى الحرم
(5)
، كما لا يسقط الدم بعوده إلى الميقات إذا أحرم دونه، لكنه إن خرج إلى الحلّ قبل الطواف ورجع صحَّت عمرته، وإن لم يخرج إلى الحلّ حتى طاف وسعى وقصر، ففيه وجهان خرَّجهما القاضي وغيره:
(1)
«من التنعيم» ساقطة من ق.
(2)
«بمنزلة من يريد أن ينشئ العمرة» ساقطة من المطبوع.
(3)
«أن يخرج» ليست في ق.
(4)
بياض في النسختين.
(5)
كذا في النسختين، وفي هامش س: لعله «إلى الحل» . وهو الصواب.
أحدهما: أنه لا يعتدُّ بطوافه
(1)
وسعيه، بل يقع باطلًا، لأنه نسك، فكان من شرطه الجمعُ بين الحلّ والحرم كالحج.
ولأن الحلّ لو لم يجب إلا لأنه ميقات لكان
(2)
من أنشأ العمرة دونه تُجزئه كمواقيت الحج، ولما أمر النبي صلى الله عليه وسلم عائشة أن تخرج إلى الحلّ فتُهِلَّ بالعمرة= عُلِم أنه لا بدّ أن تكون العمرة من الحلّ.
فعلى هذا وجود الطواف وما بعده كعدمه لا يتحلّل بذلك، بل عليه أن يخرج إلى
(3)
الحلّ ثم يطوف بعد ذلك، فإن قصَّر رأسه
(4)
كان بمنزلة من قصَّر قبل الطواف فعليه دم، وإن وطئ لاعتقاده أنه تحلَّل كان كمن وطئ قبل الطواف، فيُفسِد بذلك عمرتَه وعليه دم الإفساد، وإتمامها بالخروج إلى الحل والطواف بعد ذلك، وقضاها بعد ذلك.
والثاني ــ وهو المشهور، وهو الذي ذكره أبو الخطاب
(5)
وغيره ــ: أن العمرة صحيحة، وعليه دم لِما تركه من [ق 178] الإحرام من الميقات، لأن من ترك من نُسكه شيئا فعليه دم، ولأن
(6)
أكثر ما فيه أنه ترك بعض الميقات، وهذا لا يُفسِد العمرة
(7)
، وإنما يوجب الدم.
(1)
ق: «لا يعيد طوافه» تصحيف.
(2)
ق: «لكل» .
(3)
ق: «من» .
(4)
س: «من رأسه» .
(5)
في «الهداية» (ص 175).
(6)
في س: «لأن» .
(7)
في النسختين: «الحج» ، خطأ. فالكلام في الذي يحرم بالعمرة من الحرم.