الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لأن المقصود أن يجمعوا في الإحرام بين الحلّ والحرم، وهذا يحصل بعد التعريف؛ لأنه لو كان الواجب أن يحرموا من نفس مكة لكونها ميقاتًا لم يجز الخروج منها إلا بالإحرام، وقد دلّت السنة على جواز الخروج منها
(1)
بغير إحرام، وجواز الإحرامِ من البطحاء. ولأن الإحرام في الأصل إنما وجب لدخول الحرم، أما للخروج إلى الحلّ فلا، فإذا خرج أهل مكة لم يجب عليهم الإحرام
(2)
لخروجهم إلى عرفات، بخلاف ما إذا رجعوا، ولأن قطع المسافة في الخروج إلى عرفات ليس من الحج المقصود لنفسه. ولهذا لو ترك المبيت بمنى ليلة عرفة لم يجب عليه دم.
والرواية الثانية
…
(3)
.
فصل
وأما المكي إذا أراد أن يعتمر فإنه يخرج إلى الحلّ
، سواء في ذلك أهل البلد وغيرهم ممن هو في الحرم، قال أحمد في رواية الميموني
(4)
: ليس على أهل مكة عمرة، وإنما العمرة لغيرهم، قال الله تعالى:{ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: 196]، إلا أن ابن عباس قال: يا أهل مكة، من أراد منكم العمرة فليجعل بينه وبينها بطنَ مُحسِّر
(5)
. وإذا أراد المكي
(1)
«إلا بالإحرام
…
الخروج منها» ساقطة من ق.
(2)
في المطبوع: «إحرام» .
(3)
بياض في النسختين. والرواية الثانية أن عليه دمًا، كما في «الإنصاف» (8/ 113).
(4)
كما في «التعليقة» (1/ 210).
(5)
سبق تخريجه (ص 26).
وغيره العمرة أهلَّ من الحلّ
(1)
، وأدناه من التنعيم.
وقال أيضًا
(2)
:ليس على أهل مكة عمرة؛ لأنهم يعتمرون في
(3)
كل يوم يطوفون بالبيت، فمن أراد منهم أن يعتمر خرج إلى التنعيم أو تجاوز الحرم.
وذلك لما روت عائشة رضي الله عنها قالت: ثم
(4)
خرجتُ معه ــ تعني النبي صلى الله عليه وسلم ــ في النفر الآخر حتى نزل المحصَّب ونزلنا معه، فدعا عبد الرحمن بن أبي بكر، فقال:«اخرجْ بأختك من الحرم فلْتهِلَّ بعمرة، ثم لتطُفْ بالبيت، فإني أنتظركما هاهنا» . قالت
(5)
: فخرجنا، فأهللتُ ثم طفتُ بالبيت وبالصفا والمروة، فجئنا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وهو في منزله في جوف الليل، فقال:«هل فرغتِ؟» ، قلت: نعم، فأذَّن في أصحابه بالرحيل، فخرج فمرَّ بالبيت فطاف به قبل صلاة الصبح، ثم خرج إلى المدينة. متفق عليه
(6)
.
وفي روايةٍ
(7)
متفق عليها
(8)
من حديث القاسم والأسود عن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت: يا رسول الله، يصدُر الناس بنُسُكينِ وأصدُر بنُسُكٍ واحد، قال:«انتظري، فإذا طهرتِ فاخرجي إلى التنعيم، فأهِلِّي منه، ثم ائْتِينا بمكان كذا وكذا، ولكنها على قدر نفقتك أو نَصَبك» .
(1)
ق: «الحرم» . وفي هامشها: لعله الحل.
(2)
أي الإمام أحمد، وذلك في رواية ابن الحكم، وقد سبق ذكرها.
(3)
«في» ليست في س.
(4)
في المطبوع: «لما» ، خلاف النسختين والبخاري.
(5)
«قالت» ساقطة من المطبوع.
(6)
البخاري (1560) ومسلم (1211/ 123).
(7)
«متفق عليه وفي رواية» ساقطة من ق.
(8)
البخاري (1787) ومسلم (1211/ 126).
وفي لفظ متفق عليه
(1)
: «فلما كانت ليلةُ الحَصْبة قالت: قلت: يا رسول الله، يرجع الناس بعمرة وحجة وأرجع أنا بحجة، قال: «أوما كنتِ طُفتِ لياليَ قَدِمْنا مكة؟» ، قالت: قلت: لا، قال:«فاذهبي مع أخيك إلى التنعيم، فأهلّي بعمرة، ثم موعدُكِ مكان كذا وكذا» . متفق عليه.
وعن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق رضي الله عنهما قال: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أُردِفَ عائشةَ، وأُعمِرها من التنعيم. متفق عليه
(2)
.
وعن ابن سيرين رحمه الله قال: وقَّت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل مكة التنعيم. رواه أبو داود في «مراسيله»
(3)
، وعن ابن عباس
…
(4)
.
فقد تبيَّن أن العمرة لمن هو بالحرم لا بدَّ فيها من الخروج إلى الحلّ. قال أصحابنا وغيرهم: لأنه لا بدَّ في النسك من الجمع بين الحِلّ والحرم، وأفعال العمرة هي في الحرم، فلو أحرم بالعمرة من الحرم لما وقع شيء منها في الحِلّ، بخلاف الحج فإن أحد ركنيه ــ وهو الوقوف بعرفة ــ يقع في الحِلّ، لأن عرفات من الحِلّ، وذلك لأن العمرة هي الزيارة، ومنه العُمْرة، وهو أن يَبنِيَ الرجل بامرأته في أهلها، فإن نقَلَها إلى أهله فهو العُرْس. قاله ابن الأعرابي
(5)
.
(1)
البخاري (1561) ومسلم (1211/ 128).
(2)
البخاري (1784) ومسلم (1212).
(3)
رقم (135). وأخرجه ابن أبي شيبة (14273) بنحوه مع ذكر المواقيت الأخرى. وهو مُرسل.
(4)
بياض في النسختين. ولعله الأثر المذكور عنه قريبًا، وسبق تخريجه.
(5)
كما في «لسان العرب» (عمر).