المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مسألة(3): (السادس: قتل صيد البر، وهو ما كان وحشيا مباحا، فأما صيد البحر والأهلي وما حرم أكله فلا شيء فيه، إلا ما كان متولدا من مأكول وغيره) - شرح عمدة الفقه - ابن تيمية - ط عطاءات العلم - جـ ٤

[ابن تيمية]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الحج

- ‌جماعُ معنى الحج في أصل اللغة

- ‌مسألة(1): (يجب الحج والعمرة مرةً في العمر على المسلم العاقل البالغ الحرِّ)

- ‌الفصل الثانيأن العمرة أيضًا واجبة

- ‌ عنه رواية أخرى: أنها سنة

- ‌إن العمرة هي الحج الأصغر

- ‌الفصل الثالثأنهما إنما يجبان مرةً في العمر بإيجاب الشرع، فأما إيجاب المرء على نفسه فيجب في الذمة بالنذر

- ‌الفصل الرابعأنه لا يجب الوجوب المقتضي للفعل وصحتِه إلا على مسلم

- ‌الفصل الخامسأنه لا حج على مجنون(3)كسائر العبادات

- ‌الفصل السادسأنه لا حجَّ على الصبي قبل البلوغ

- ‌الفصل السابعأنه لا يجب إلا على حرٍّ كاملِ الحرية

- ‌مسألة(1): (إذا استطاع إليه سبيلًا، وهو(2)أن يجد زادًا وراحلةً بآلتها(3)مما يَصلُح لمثله، فاضلًا عما يحتاج إليه لقضاء ديونه(4)ومُؤْنةِ نفسه وعياله على الدوام)

- ‌الفصل الرابعأن يجد ذلك بعد ما يحتاج إليه من قضاء دينه ومُؤْنة نفسه وعياله على الدوام

- ‌إن كان له كتبُ علمٍ يحتاج(6)إليها لم يلزمه بيعها

- ‌إذا أَحجَّ(3)عن نفسه أجزأ عنه وإن عوفي

- ‌فصلإمكان المسير والأداء بسعة الوقت، وخلوِّ الطريق، والصحة(2): هل هو شرط للوجوب أو للزوم الأداء(3)فقط؟ على روايتين

- ‌مسألة(1): (ويُعتبر للمرأة وجودُ مَحْرمها، وهو زوجها، ومن تَحْرم عليه على التأبيد بنسبٍ أو سببٍ مباح)

- ‌لا يجوز لها(2)أن تسافر بغير محرم إلا في الهجرة

- ‌الفصل الثاني في المَحْرم

- ‌مسألة(6): (فمن فرَّط حتى مات أُخرِج عنه من ماله حجة وعمرة)

- ‌ من زعم أن العمل لا ينفع غير عامله في جميع المواضع فقد خرج عن دين الإسلام

- ‌فصليجب الحج عن الميت والعاجز من حيث وجب عليه

- ‌إذا لم يقدر له النفقة، فإنه ينفق بالمعروف، ويردُّ ما فضلَ

- ‌مسألة(4): (ولا يصحُّ الحجُّ من كافرٍ ولا مجنونٍ)

- ‌الثاني: أن يُجنَّ بعد إحرامه، فهذا إن كان صرعًا وخَنْقًا لم يبطل إحرامه

- ‌مسألة(4): (ويصحُّ من العبد والصبيِّ، ولا يُجزِئهما)

- ‌الفصل الثانيأن حج الصبي صحيح(2)، سواء كان مميِّزًا أو طفلًا

- ‌إن كان غير مميز عقد الإحرامَ له وليُّه

- ‌مسألة(1): (ويصحُّ من غير المستطيع والمرأةِ بغير مَحْرم، ويُجزئهما)

- ‌مسألة(4): (ومن حجَّ عن غيره ولم يكن حجَّ(5)عن نفسه، أو عن نذرِه ونَفْلِه(6)قبل حجة الإسلام، وقع عن فرض نفسه دون غيره)

- ‌ إذا خالف وأحرم عن غيره ففيه روايتان

- ‌الفصل الثانيإذا كان عليه فرضٌ ونفْلٌ لم يجز أن يُحرِم إلا بالفرض، وإن كان عليه فرضان لم يجز أن يبدأ إلا بأوكدِهما

- ‌باب المواقيت

- ‌مسألة(2): (وميقات أهل المدينة ذو الحُلَيفة(3)، والشام ومصر والمغرب الجُحْفة، واليمن يَلَمْلَم، ولنجدٍ قَرْن، وللمشرق ذات عِرْق)

- ‌مسألة(1): (وهذه المواقيتُ لأهلها، ولكلِّ من مرَّ عليها)

- ‌ومن مرَّ على ميقاتين فعليه أن يحرم من أبعدهما من مكة

- ‌مسألة(4): (ومن كان منزلُه دون الميقات فميقاته من موضعه، حتى أهلُ مكة يُهِلُّون منها لحجّهم، ويُهِلُّون للعمرة من الحلّ)

- ‌فصلوأما المكي إذا أراد أن يعتمر فإنه يخرج إلى الحلّ

- ‌الإحرام بالعمرة من أقصى الحلّ أفضلُ من أدناه

- ‌فأما الاعتمار من الحديبية فلا فضلَ فيه على غيره

- ‌مسألة(3): (ومن لم يكن طريقُه على ميقاتٍ(4)فميقاتُه حذوَ أقربِها إليه)

- ‌مسألة(1): (ولا يجوز لمن أراد دخول مكة تجاوزُ الميقات غيرَ محرمٍ(2)إلا لقتال مباح، أو حاجةٍ تتكرَّر كالحطَّاب ونحوه. ثم إن أراد النسك أحرم من موضعه، وإن تجاوزه غيره(3)رجع فأحرم من الميقات، فإن أحرم مِن دونِه فعليه دم، سواء رجع إلى الميقات أو لم يرجع)

- ‌إن دخل مكة(4)غيرَ مُحرمٍ لزمه قضاء هذا الإحرام

- ‌الفصل الثانيأن من دخل مكة لقتال مباح فإنه لا إحرام عليه

- ‌وكذلك من دخلها خائفًا لفتنةٍ عرضتْ ونحو ذلك

- ‌مسألة(1): (والأفضل أن لا يُحرِم قبل الميقات، فإن فعلَ فهو مُحرِم)

- ‌ تفسير الحديث: «أن تُحرِم من دُوَيرة أهلك»

- ‌مسألة(5): (وأشهرُ الحج: شوال وذو القعدة وعشْرٌ من ذي الحجة)

- ‌فإن خالف وأحرم بالحج قبل أشهره فإنه ينعقد الإحرام بالحج في أشهر الروايتين

- ‌باب الإحرام

- ‌مسألة(1): (من أراد الإحرام استُحِبَّ له أن يغتسل، ويتنظَّف، ويتطيَّب، ويتجرَّد عن المَخِيْط في إزارٍ ورداء أبيضَينِ نظيفينِ)

- ‌ وليس هذا الغسل واجبًا، نصَّ عليه

- ‌ يُستحبُّ أن يتطيَّب في بدنه دون ثيابه

- ‌مسألة(2): (ثم يصلِّي ركعتين ويُحرم عقيبَهما؛ وهو أن ينوي الإحرام، ويُستحبُّ أن ينطق به ويشترط

- ‌الفصل الثانيفي الوقت الذي يُستحب فيه الإحرام

- ‌إذا أحرم دُبر الصلاة ففي أول أوقات التلبية ثلاثة أوجه:

- ‌ التلبية(6)والإهلال والإحرام وفرْضُ الحج بمعنى واحد

- ‌الفصل الثالثأن الإحرام ينعقد بمجرد النية عند أصحابنا

- ‌مسألة(1): (وهو مخيَّر بين التمتع والإفراد والقران، وأفضلُها التمتع، وهو أن يُحرم بالعمرة في أشهر الحج، ويفرغ منها، ثم يشرع في الحج في عامه، ثم الإفراد، وهو أن يُحرم بالحج مفردًا، ثم القِران

- ‌إن الرجل إذا أنشأ للعمرة سفرًا من مصره كان أفضل من عمرة التمتع

- ‌أما كون النبي صلى الله عليه وسلم أفرد الحج ولم يعتمر في أشهره، فعنه ثلاثة أجوبة:

- ‌المسألة الثانية(2): أنه يجوز أن يحرم بالعمرة، ثم يُدخل عليها الحج، ويصير قارنًا

- ‌مسألة(1): (وإذا استوى على راحلته لبَّى، فيقول: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك)

- ‌سبب التلبية ومعناها

- ‌مسألة(5): (ويُستحبُّ الإكثارُ منها ورفعُ الصوت بها لغير النساء)

- ‌أما المرأة فيستحبُّ لها أن تُسمِع رفيقتها

- ‌يُكره إظهار التلبية في الأمصار والحِلَل

- ‌باب(1)محظورات الإحرام

- ‌مسألة(2): (وهي تسع(3): حَلْق الشعر، وقَلْم الظُّفر)

- ‌مسألة(1): (ففي ثلاثٍ منها دمٌ، وفي كل واحد مما دونها مُدُّ طعامٍ، وهو ربعُ الصاعِ)

- ‌مسألة(5): (الثالث: لُبس المَخيط إلا أن لا يجد إزارًا فيلبس سراويلَ، أو لا يجد نعلين فيلبسْ خفينِ، ولا فدية عليه)

- ‌مسألة(6): (الرابع: تغطية الرأس، والأذنان منه)

- ‌وحيث كُرِه له التظليل فهل تجب الفدية؟ على روايتين منصوصتين

- ‌مسألة(3): (الخامس: الطِّيب في بدنه وثيابه)

- ‌فصليحرم عليه أن يتطيَّب في بدنه وثيابه، سواء مسَّ الطيبُ بدنه أو لم يمسَّه

- ‌وليس له أن يستصحب ما يجد ريحه لتجارة ولا غيرها وإن لم يقصد شمَّه

- ‌فصلفأما الثياب المصبوغة بغير طيب؛ فلا يُكره منها في الإحرام إلا ما يُكره في الحلّ

- ‌أما الكحل إذا كان فيه طيب فإنه لا يجوز إلا لضرورة

- ‌مسألة(3): (السادس: قتل صيد البرِّ، وهو ما كان وحشيًّا مباحًا، فأما صيد البحر والأهليّ وما حرم أكلُه فلا شيء فيه، إلا ما كان متولِّدًا من مأكولٍ وغيره)

- ‌إذا وجد المضطرُّ ميتة وصيدًا فإنه يأكل الميتة ويدع الصيد

- ‌إذا أكل الصيد مَن صِيْد لأجله من المحرمين وجب عليه الجزاء

- ‌مسألة(2): (السابع: عقْدُ النكاح لا يصحُّ منه، ولا فديةَ فيه)

- ‌مسألة(2): (الثامن: المباشرة لشهوة فيما دون الفرج، فإن أنزلَ بها ففيها بدنةٌ، وإلا ففيها شاةٌ)

- ‌إن كانت المباشرة وطأً دون الفرج ففيها بدنة، وإن كانت قبلةً أو غمزًا ففيها شاة

- ‌مسألة(2): (التاسع: الوطء في الفرج، فإن كان قبل التحلُّل الأول أفسد الحج، ووجب المضيُّ في فاسده والحجُّ من قابلٍ، وعليه بدنة، وإن كان بعد التحلل الأول ففيه شاة، ويُحرِم من التنعيم ليطوف محرمًا)

- ‌الفصل الرابعإذا وطئ بعد التحلل الأول لم يبطل حجه

- ‌فصلوهل عليه بدنة أو شاة؟ على روايتين:

- ‌مسألة(3): (وإن وطئ في العمرة أفسدها، وعليه شاة)

- ‌مسألة(1): (ولا يفسد النسك بغيره)

- ‌مسألة(5): (والمرأة كالرجل، إلا أن إحرامها في وجهها، ولها لُبْسُ المخيط)

- ‌الفصل الثالث: أن إحرامها في وجهها، فلا يجوز لها أن تلبس النقاب والبرقع

الفصل: ‌مسألة(3): (السادس: قتل صيد البر، وهو ما كان وحشيا مباحا، فأما صيد البحر والأهلي وما حرم أكله فلا شيء فيه، إلا ما كان متولدا من مأكول وغيره)

وعن القاسم بن محمد أنه سئل عن امرأة تشتكي رأسها وهي محرمة، فقال: تصُبّ على رأسها زيتًا نِيًّا

(1)

. رواهن سعيد.

وعن عبد الله بن عمر أنه صُدِع بذات الجيش وهو محرم، فقالوا: ألا ندهنك بالسمن، قال: لا، قالوا: أليس تأكله؟ قال: ليس أكلُه كادِّهانٍ به. رواه سعيد

(2)

.

‌مسألة

(3)

: (السادس: قتل صيد البرِّ، وهو ما كان وحشيًّا مباحًا، فأما صيد البحر والأهليّ وما حرم أكلُه فلا شيء فيه، إلا ما كان متولِّدًا من مأكولٍ وغيره)

(4)

.

وجملة ذلك: أن الحيوانات بالنسبة إلى المحرم قسمان:

أحدهما: ما يباح له ذبح جميعه بلا شبهة ولا كراهة، وهو الحيوان الإنسي من الإبل والبقر والغنم والدجاج والبطّ والحيوان البحري؛ لأن الأصل حلّ جميع الحيوانات إلا ما حرَّم الله في كتابه، وإنما حرَّم صيد البر خاصة، قال تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ

(1)

لم أقف عليه.

(2)

لم أقف عليه مسندًا، وذكره ابن قدامة في «المغني» (5/ 149). وقد أخرج ابن أبي شيبة (13094) عن نافع عن ابن عمر أنه كره أن يداوي المُحرم يده بالدسم.

(3)

انظر: «المستوعب» (1/ 467) و «المغني» (5/ 132) و «الشرح الكبير» مع «الإنصاف» (8/ 273) و «الفروع» (5/ 467).

(4)

النصّ هكذا في «العمدة» بشرحه «العدة» (1/ 254). وفي بعض النسخ تقديم وتأخير.

ص: 566

عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ [حُرُمًا]} [المائدة: 96]، وفي قوله:{أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ} مطلقا، ثم أردفه بقوله:{وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ [حُرُمًا]} بيان أن صيد البحر حلال لنا، مُحلِّين كنّا أو محرمين، لاسيّما وقد ذكر ذلك عقيب قوله:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ} إلى قوله: {لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} إلى آخر الآية [المائدة: 94 - 95]، ثم قال:{أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ} فكان هذا مبينًا ومفسرًا لما أطلقه في قوله: {لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ [مِنَ الصَّيْدِ]} ، وفي قوله:{لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} ، وقوله:{غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} [المائدة: 1]. وهذا مما أُجمع عليه.

قال ابن أبي موسى

(1)

: والدجاج الأهلي ليس بصيدٍ قولًا واحدًا، وفي الدجاج السندي روايتان: إحداهما: أنه صيد، فإن أصابه محرم فعليه الجزاء. والرواية الأخرى: ليس بصيد، ولا جزاء فيه.

القسم الثاني: صيد البر، فهذا يحرم عليه في الجملة؛ لقوله تعالى:{أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ} [المائدة: 1]، فإنما أباح لهم

(2)

بهيمة الأنعام في حال كونهم غير مستحلّي الصيد في إحرامهم، وقال سبحانه:{وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} [المائدة: 2]، وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ (94)

(1)

في «الإرشاد» (ص 170).

(2)

«لهم» ساقطة من س.

ص: 567

يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا} إلى قوله: {وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ (95) أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} [المائدة: 94 - 96].

والصيد الذي يضمن بالجزاء [له] ثلاث صفات:

أحدها: أن يكون أصله متوحّشًا سواء استأنس أو لم يستأنس، وسواء كان مباحًا أو مملوكًا.

الثاني: أن يكون برّيًّا وهو ما ....

(1)

.

[ق 257] الثالث: أن يكون مباحًا أكله، فإذا كان مباحًا فإنه يضمن بغير خلاف، كالظِّباء

(2)

والأوعال والنَّعام ونحو ذلك، وكذلك ما تولَّد من مأكول وغير مأكول، كالعِسْبار

(3)

: وهو ولد الذئبة من الضِّبْعان، والسِّمع: وهو ولد الضَّبُع من الذئب، وما تولَّد بين وحشي وأهلي.

فأما ما لا يؤكل فقسمان:

أحدهما: يؤذي، كالمأمور بقتله وما في معناه.

والثاني: غير مؤذٍ، فالمباح قتله لا كفارة فيه، وأما غير المؤذي فقال أبو

(1)

بياض في النسختين. وتتمته كما في «المغني» (5/ 400): ما يُفرخ أو يبيض في البر، ولو دخل الماء ليعيش فيه ويكتسب منه.

(2)

ق: «كالضباء» خطأ.

(3)

في المطبوع: «كالعيسار» تحريف.

ص: 568

بكر

(1)

: كل ما قتل من الصيد مما لا يؤكل لحمه فلا جزاء فيه في أحد قولي أحمد، وفي الآخر يَفدِي الثعلب والسنَّور وما أشبه ذلك. وقال: ما يفدي المحرم من الدواب والسباع

(2)

.

قال القاضي في «المجرد» : والأمر على ما حكاه أبو بكر.

وقال ابن عقيل: ما لا يؤكل لحمه ولا يؤذي ففيه روايتان؛ إحداهما: لا ضمان فيه.

قال في رواية حنبل

(3)

: إنما جُعلت الكفارة في الصيد المحلَّل أكله، فأما السبع فلا أرى فيه كفارة.

وفي موضع آخر: سألت أبا عبد الله عن أكل الضبع؟ فقال: يؤكل، لا بأس بأكله.

قال

(4)

: وكل ما يُودَى إذا أصابه المحرم فإنه يؤكل لحمه.

وقال في موضع آخر: وفيها حكومة إذا أصابها المحرم، قيل له: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن أكل كلّ ذي نابٍ من السباع

(5)

. قال أبو عبد الله: هذه خارجة منه، وقد حكم النبي صلى الله عليه وسلم فيها وجعلها صيدًا، وأمر فيه بالجزاء إذا أصابه المحرم، فكل ما وُدِي وحُكم فيه أُكِل لحمه.

(1)

كما في «الروايتين والوجهين» (1/ 300).

(2)

بياض في النسختين.

(3)

انظر «المغني» (5/ 397).

(4)

في رواية حنبل كما في «الروايتين والوجهين» (3/ 28).

(5)

أخرجه البخاري (5530) ومسلم (1932) من حديث أبي ثعلبة الخشني.

ص: 569

وكذلك قال في غير موضع محتجًّا على إباحتها بأنها صيد، يعني أن كل ما كان صيدًا فهو مباح.

وعن أبي الحارث أنه سأله عن لحوم الحمر الوحشية، فقال: هو صيد، وقد جعل جزاؤه بدنة، يعني أنه مباح.

وهذا اختيار أبي بكر وابن أبي موسى والقاضي وأكثر أصحابنا.

لكن ذكر ابن أبي موسى

(1)

في الضفدع حكومة.

فعلى طريقته يفرَّق بين ما نُهِي عن قتله، كالضِّفدع والنملة والنحلة والهدهد والصُّرَد

(2)

، وما لم يُنْه عن قتله، وهذا اختيار القاضي وأصحابه، وصرَّحوا بأنه لا جزاء في الثعلب إذا قلنا: لا يؤكل لحمه.

وحمل القاضي نصّ أحمد في الجزاء على الرواية التي تقول: يؤكل، لكن لم يختلف نص أحمد وقول قدماء أصحابه أن الثعلب يُودَى بكل حال.

والثانية: فيه الكفارة، قال في رواية ابن القاسم وسندي

(3)

: في الثعلب الجزاء. قال أبو بكر الخلال: أكثر مذهبه وإن كان يودى، فإنه عنده سَبُع لا يؤكل لحمه.

(1)

في «الإرشاد» (ص 172).

(2)

ثبت النهي عن قتل النملة والنحلة والهدهد والصُّرَد في حديث ابن عباس عند أحمد (3066) وأبي داود (5267) وابن حبان (5646) وغيرهم.

وثبت النهي عن قتل الضفدع في حديث عبد الرحمن بن عثمان التيمي عند أحمد (15757) وأبي داود (3871، 5269) والنسائي (4355) والحاكم (4/ 411) وقال: «صحيح الإسناد» .

(3)

كما في «التعليقة» (2/ 400).

ص: 570

وقال أحمد في رواية الميموني: الثعلب يُودَى لتعظيم الحرمة، ولا يلبسه لأنه سبع.

وقال في رواية بكر بن محمد

(1)

وقد سئل عن محرم قتل ثعلبًا، قال: عليه الجزاء، هو صيد ولكنه لا يؤكل.

وقال عبد الله

(2)

: سألت أبي قلت: ما ترى في أكل الثعلب؟ قال لا يعجبني؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن كل ذي

(3)

نابٍ من السباع، لا أعلم أحدًا رخّص فيه إلا عطاء

(4)

، فإنه قال: لا بأس بجلوده يصلَّى فيها؛ لأنها تُودى

(5)

. يعني في المحرم إذا أصابه عليه الجزاء.

وقال

(6)

: سمعت أبي يقول: كان عطاء يقول: كل شيء فيه جزاء يُرخَّص فيه. فنصَّ على أنه يُودَى مع أنه سَبُع.

وقال ابن منصور

(7)

: في السنَّور الأهلي وغير الأهلي حكومة.

مع أن الأهلي لا يؤكل بغير خلاف، والوحشي

(8)

فيه روايتان.

(1)

كما في «الإنصاف» (9/ 10).

(2)

في «مسائله» (ص 270).

(3)

«ذي» ساقطة من المطبوع.

(4)

روي الترخيص عن طاوس وقتادة أيضًا، كما في «مصنف عبد الرزاق» (8742، 8743).

(5)

أخرجه عبد الرزاق (8744) عن ابن جريج قال: سألت عطاءً عن الضبع والثعلب، فقال: كُلْهما من أجل أنهما يُودَيان، وكل صيد يُودَى فهو صيد.

(6)

لم أجده في «مسائله» .

(7)

هو الكوسج، انظر «مسائله» (1/ 605).

(8)

في المطبوع: «والوحش» .

ص: 571

وقال في رواية أبي الحارث

(1)

: في الثعلب شاة، وفي الأرنب شاة، وفي اليربوع جَفْرة، وكذلك الوَبْر فيها الجزاء. مع أنه قد اختلفت الرواية عنه في إباحة الوبر واليربوع، وحكي عنه الخلاف في الأرنب

(2)

أيضًا. وأمُّ حُبَينٍ

(3)

فيها الجزاء في وجه.

وذكر القاضي في بعض كتبه

(4)

وغيرُه أن المسألة رواية واحدة أنه لا جزاء إلا في المأكول، وحمل نصوصه في الثعلب ونحوه على القول بأكله، ونصه في السنَّور الأهلي على الاستحباب.

وهذه الطريقة غلط، فإنه قد نصّ على وجوب الجزاء في الثعلب مع حكمه بأنه سبع محرَّم، واختار ذلك الخلّال وغيره.

فعلى هذه الطريقة يضمن ما تعارض فيه دليل الحظر والإباحة، وإن قلنا: هو حرام قولًا واحدًا، كالصُّرَد والهدهد والخُطَّاف والثعلب واليربوع والجَفْرة

(5)

، كما يضمن السِّمع والعِسْبار

(6)

، كما قلنا في المجوس لما تعارض فيهم سنة أهل الكتاب وسنة المشركين: حرم طعامهم ونساؤهم كالمشركين، وحرمت دماؤهم بالجزية كأهل الكتاب.

(1)

كما في «الروايتين والوجهين» (3/ 27) الفقرة الأولى فقط.

(2)

في المطبوع: «الأرانب» .

(3)

هي دويبة على خلقة الحرباء، عريضة الصدر عظيمة البطن. انظر للتفصيل «تاج العروس» (حبن).

(4)

انظر «التعليقة» (2/ 400، 401).

(5)

كذا في النسختين. والجفرة ولد الماعز، حيوان أهلي، فلعل الكلمة مصحفة.

(6)

في المطبوع: «العسيار» تصحيف.

ص: 572

فكذلك هذه الدوابّ التي تُشبِه السباع ونحوها من المحرمات، وتُشبِه البهائم المباحة: يحرم على المحرم قتلُها ويَدِيْها كالمأكول، ولا يؤكل لحمها [ق 258] كالسباع.

وعلى طريقة أبي بكر وغيره فجميع الدوابّ المحرّمة إذا لم تُودَ: روايتان كالسنَّور الأهلي.

فوجه الأول: أن الله سبحانه قال: {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} بعد قوله: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ} .

فلما أباح صيد البحر مطلقًا، وحرَّم صيد البر ما دمنا محرمين= عُلِم أن الصيد المحرَّم بالإحرام هو ما أبيح في الإحلال؛ لأنه علّق تحريمه بالإحرام، وما هو محرَّم في نفسه لا يعلَّق تحريمه بالإحرام، فعُلِم أن صيد البرِّ مباح بعد الإحلال، كما نصّه في قوله:{وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} [المائدة: 2]، وكذلك قوله:{غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} [المائدة: 1]، فإنه يقتضي إبانة إحلاله ونحن حلال.

وعن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي عمَّار قال: سألت جابر بن عبد الله: آلضبع آكلُها؟ قال: نعم. قلت: أصيدٌ هي؟ قال: نعم، قلت

(1)

: سمعتَ ذاك من نبي الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم. رواه

(2)

.

فلولا أن الصيد عندهم هو الذي يؤكل لم يسأل: أصيدٌ هي أم لا؟ ولولا

(1)

في النسختين: «قال» . والتصويب من «المسند» .

(2)

بياض في النسختين، والحديث أخرجه أحمد (14425) وأبو داود (3801) والترمذي (851، 1791) والنسائي (2836، 4323) وابن ماجه (3085، 3236) وابن خزيمة (2645) وابن حبان (3965). قال الترمذي: «هذا حديث حسن صحيح» ونقل في «العلل الكبير» (ص 320) عن شيخه الإمام البخاري أنه قال: «هو حديث صحيح» .

ص: 573

أن الصيد نوع خاص

(1)

من الوحشي لم يخبر النبي صلى الله عليه وسلم عنها أنها صيد، ولو كان كونها صيدًا يُعلم

(2)

باللغة أو بالعرف لما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم به، فإنه إنما بُعِث لتعليم الشرع، فلما أخبر أنها صيدٌ عُلِم أن كون البهيمة صيدًا حكم شرعي، وما ذاك إلا أنه هو الذي يحلُّ أكله.

ووجه الثاني

(3)

.

وقد روي عنه في الضفدع روايتان:

إحداهما: لا شيء فيه. قال في رواية ابن منصور

(4)

: لا أعرف في الضفدع حكومة، ومن أين يكون فيه حكومة وقد نهي عن قتله؟ وهذا قياس الرواية الأولى عنه.

والثانية: فيه الجزاء. قال في رواية عبد الله

(5)

: هُشيم ثنا حجّاج عن عطاء قال: ما كان يعيش في البر والبحر فأصابه المحرم فعليه جزاؤه، نحو السُّلَحْفاة والسَّرَطان

(6)

والضفادع.

وظاهره أنه أخذ بذلك، وكذلك ذكره أبو بكر، وهذا قول ابن أبي

(1)

«خاص» ساقطة من المطبوع.

(2)

«يعلم» ساقطة من المطبوع.

(3)

بياض في النسختين.

(4)

الكوسج في «مسائله» (1/ 606).

(5)

لم أجده في «مسائله» . وعزاه إليه في «الإنصاف» (8/ 317). والأثر أخرجه الطبري في «تفسيره» (8/ 748) عن يعقوب بن إبراهيم الدورقي عن هشيم به.

(6)

في النسختين: «الشرطان» مصحفًا. والتصويب من «الإنصاف» . والسرطان: حيوان بحري من القشريات العشريات الأرجل.

ص: 574

موسى

(1)

.

فعلى هذا كلُّ ما يضمن فإن قتله حرام بلا تردُّد، وهو من الكبائر؛ لأن أصحابنا قالوا: يفسق بفعله عمدًا.

وما لا يضمن، فقال

(2)

أحمد في رواية حنبل

(3)

: يقتل المحرم الكلبَ العَقُور والذئب والسَّبُع وكل ما عدا من السباع، ولا كفارة عليه، ويقتل القرد والنسر والعُقاب إذا وثب، ولا كفارة. فإن قتل شيئًا من هذه من غير أن يعدو عليه، فلا كفارة عليه، ولا ينبغي له.

وفي لفظٍ

(4)

: يقتل المحرم الحِدَأ والغراب الأبقع، والزنبور، والحيَّة والعقرب، والفأرة، والذئب، والسَّبُع، والكلب العقور

(5)

. ويقتل القرد وكلَّ ما عدا عليه من السباع ولا كفارة عليه، ويقتل النسر والعقاب، ولا كفارة عليه، شبيه بالحِدَأ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقتلها محرمًا وغير محرم، وهو يخطف، ولا كفارة عليه. وإنما جعلت الكفارة والجزاء في الصيد المحلَّل أكلُه، وهذا سبع، فلا أرى فيه

(6)

كفارة. ولا بأس أن يقتل الذرّ.

وقال في رواية أبي الحارث

(7)

: يقتل السَّبُع عدا عليه أو لم يعدُ.

(1)

في «الإرشاد» (ص 172).

(2)

في المطبوع: «قال» .

(3)

كما في «التعليقة» (2/ 396).

(4)

ذكره المرداوي باختصار في «الإنصاف» (8/ 315، 316).

(5)

«العقور» ساقطة من المطبوع.

(6)

«أرى فيه» ساقطة من المطبوع.

(7)

كما في «التعليقة» (2/ 396).

ص: 575

وقال في رواية مهنّا

(1)

: يقتل المحرم البرغوث ولا يقتل

(2)

القَمْل، ويقتل المحرم النملة إذا عضَّته

(3)

، ولا يقتل النحلة، فإن آذتْه قتلَها، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل الذرِّ والصُّرَد، والصُّرد طير.

وقال في رواية ابن منصور

(4)

: يُقرِّد

(5)

المحرِمُ بعيرَه.

وقال في رواية عبد الله

(6)

والمرُّوذي: يقتل المحرم الغراب والحِدَأة والعقرب والكلب العقور، وكل سَبُعٍ عدا عليك أو عَقَرَك، ولا كفارةَ عليك.

وجملة هذا: أن ما آذى الناس أو آذى أموالهم فإن قتله مباح، سواء كان قد وُجد منه الأذى كالسَّبُع الذي قد عدا على المحرم، أو لا يُؤمَن أذاه مثل الحيّة والعقرب والفأرة والكلب العقور، فإن هذه الدوابّ ونحوها تدخل بين الناس من حيث لا يشعرون، ويعمُّ بلواهم بها، فأذاها

(7)

غير مأمون.

قال أصحابنا: قتله

(8)

مستحب، وهذا إجماع

(9)

؛ وذلك لما روى ابن عمر قال: حدثتني إحدى نسوة النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يقتلُ المحرم

(1)

كما في «التعليقة» (2/ 407).

(2)

«المحرم البرغوث ولا يقتل» ساقطة من المطبوع، ففسد المعنى.

(3)

ق: «عظته» تحريف.

(4)

أي الكوسج في «مسائله» (1/ 557).

(5)

أي يزيل عنه القُراد، وهي دُوَيبة متطفلة ذات أرجل كثيرة تعيش على الدواب والطيور.

(6)

في «مسائله» (ص 206). وكذا في رواية أبي داود (ص 144).

(7)

في المطبوع: «فأذاهم بها» ، خلاف النسختين.

(8)

في المطبوع: «قتلها» خلاف الأصل. والضمير المذكر يرجع إلى «ما آذى الناسَ» .

(9)

انظر «المغني» (5/ 176).

ص: 576

الفأرةَ والعقرب والحِدَأة والكلب العقور والغراب»

(1)

.

عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «خمسٌ من الدوابِّ كلُّهن فاسقٌ، يُقْتَلْن في الحرم: الغراب والحِدَأة والعقرب والفأرة والكلب العقور»

(2)

، وفي لفظ

(3)

: «في الحلّ والحرم» . متفق عليه.

وفي لفظٍ لمسلم

(4)

: «والغراب الأبقع» .

وفي رواية للنسائي وابن ماجه

(5)

: «خمسٌ يقتلهنَّ المحرم: الحيّة والفأرة والحِدأة والغراب الأبقع والكلب العقور» .

وفي رواية قالت حفصة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خمسٌ من الدوابّ لا حرجَ على من قتلهنّ: الغراب والفأرة والحِدأة والعقرب [ق 259] والكلب العقور» . متفق عليه

(6)

.

وفي رواية لمسلم

(7)

أنه سأله رجل ما يقتلُ من الدوابّ وهو محرم؟ فقال: حدثتني إحدى نسوة النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يأمر بقتل الكلب العقور والفأرة والعقرب والحِدأة والغراب والحيّة. قال: وفي الصلاة أيضًا.

(1)

أخرجه البخاري (1827) ومسلم (1200/ 75).

(2)

أخرجه البخاري (1829) ومسلم (1198/ 71).

(3)

عند مسلم (1198/ 70).

(4)

رقم (1198/ 67).

(5)

النسائي (2829) واللفظ له، وابن ماجه (3087).

(6)

البخاري (1828) ومسلم (1200/ 73).

(7)

رقم (1200/ 75).

ص: 577

وفي رواية لمسلم

(1)

: قالت حفصة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خمسٌ من الدوابّ كلها فواسق، لا حرجَ على من قتلَهن» وذكره.

وعن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «خمسٌ من الدوابّ ليس على المحرم في قتلهن جُناحٌ: الغراب والحِدأة والعقرب والفأرة والكلب العقور» . رواه الجماعة إلا الترمذي

(2)

.

وفي رواية لمسلم

(3)

وغيره: «لا جُناحَ على من قتلهنّ في الحرم والإحرام» .

وعن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «خمسٌ كلهن فاسقةٌ يقتلهن المحرم، ويُقْتَلْن

(4)

في الحرم: الفأرة والعقرب والحيّة والكلب العقور والغراب». رواه أحمد

(5)

.

وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «خمسٌ قتلُهنَّ حلالٌ في الحرم: الحيّة والعقرب والحِدأة والفأرة والكلب العقور»

(6)

.

(1)

رقم (1200/ 73).

(2)

البخاري (1826، 3315) ومسلم (1199) وأحمد في «مسنده» (4543، 5107، 5132) وأبو داود (1846) والنسائي (5/ 187، 190) وابن ماجه (3088).

(3)

رقم (1199/ 72) والنسائي (5/ 190).

(4)

في النسختين: «ولا يقتلن» . وهو غلط مخالفٌ لما في «المسند» و «المنتقى» للمجد (1923) و «مجمع الزوائد» (3/ 228).

(5)

(2330). في إسناده لين، ولكنه صحيح بالشواهد المتقدمة المتفق عليها.

(6)

أخرجه أبو داود (1847) وابن خزيمة (2667) بإسناد حسن.

ص: 578

وعن أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عما يقتل المحرم؟ قال: «الحيَّة والعقرب والفُويسِقة، ويرمي الغراب ولا يقتله، والكلب العقور، والحِدَأة، والسَّبُع العادي» . رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه والترمذي، وقال: حديث حسن

(1)

، وذكره أحمد في رواية الفضل بن زياد.

فذكر النبي صلى الله عليه وسلم ما يؤذي الناسَ في أنفسهم وأموالهم، وسمّاهن فواسقَ لخروجهن على الناس.

ولم يكن قوله «خمس» على سبيل الحصر؛ لأن في أحد الحديثين ذكر الحيّة، وفي الآخر ذكر العقرب، وفي آخر ذكرها وذكر السَّبُع العادي، فعُلِم أنه قصد بيان ما تمسُّ الحاجة إليه كثيرًا، وهو هذه الدوابّ، وعلّل ذلك بفسوقها؛ لأن تعليق الحكم بالاسم المشتق المناسب يقتضي أن ما منه الاشتقاق علة للحكم، فحيثما وُجِدت دابة فاسقة ــ وهي التي تضرُّ الناس وتؤذيهم ــ جاز قتلها.

وقوله في حديث أبي سعيد: «يرمي الغراب ولا يقتله» إما أن يكون منسوخًا بحديث ابن عمر وابن عباس وأبي هريرة وعائشة؛ لأن الرخصة بعد النهي، لئلا يلزم التغيير

(2)

مرتين

(3)

، أو يكون رميُه هو الأَولى وقتلُه جائزًا.

(1)

أحمد (10990) وأبو داود (1848) وابن ماجه (3089) والترمذي (838). قال الحافظ: «فيه يزيد بن أبي زياد، وهو ضعيف وإن حسنه الترمذي، وفيه لفظة منكرة وهي قوله: ويرمي الغراب ولا يقتله» . «التلخيص الحبير» (2/ 274).

(2)

في الهامش: «أي تغيير الحكم» .

(3)

أي أن النهي عن قتل الغراب منسوخ بالرخصة المذكورة في قوله: «لا حرجَ على من قتلهن» ، فيكون النهي متقدمًا على الرخصة، وليست الرخصة متقدمةً على النهي، لأنها لو كانت كذلك للزم تغيير الحكم مرتين، لأن لفظ الرخصة يوحي بوجود النهي قبله، فكأنه كان منهيًّا عنه ثمّ رخّص فيه ثم نُهي عنه، وهذا مخالف لعامة أحكام الشريعة.

ص: 579

فأما ما هو مضرٌّ في الجملة لكن ليس من شأنه أن يبتدئ الناسَ بالأذى في مساكنهم ومواضعهم، وإنما إذا اجتمع بالناس في موضع واحد أو أتاه الناس آذاهم، مثل كل ذي نابٍ من السباع وكل ذي مِخْلبٍ من الطير، مثل الأسد، والنمر، والذئب، والدُّب، والفهد، والبازي، والصقر، والشاهين، والباشق= فهذا كالقسم الأول والمشهور عند أصحابنا المتأخرين مثل القاضي ومن بعده

(1)

. وقد نص في رواية أبي الحارث

(2)

على أنه يقتل السبع، عدا عليه أو لم يعدُ، وكذلك ذكر أبو بكر وغيره.

قالوا

(3)

: لأن الله إنما حرّم قتل الصيد، والصيد اسم للمباح كما تقدم؛ ولأن النبي صلى الله عليه وسلم أباح قتل السَّبُع العادي، والعادي صفة للسَّبُع سواء وجد منه العدوان أو لم يوجد. كما قال: الكلب العَقُور، وكما يقال: السيف قاطع، والخبز مُشبِع، والماء مُرْوِي

(4)

؛ لأنه لو لم يكن كذلك لم يكن فرقٌ بين السبع وبين الصيد، فإن الصيد إذا عدا عليه فإنه يقتله.

قالوا

(5)

: ولأن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر من كل جنس أدناه ضررًا لينبِّه بإباحة قتله

(1)

انظر «التعليقة» (2/ 396) و «المغني» (5/ 176) و «المستوعب» (1/ 471، 472).

(2)

سبق ذكرها.

(3)

انظر «التعليقة» (2/ 397، 398).

(4)

كذا في النسختين بإثبات الياء.

(5)

انظر «التعليقة» (2/ 399).

ص: 580

على إباحة ما هو أعلى منه ضررًا، فنصَّ على الفأرة تنبيهًا بها

(1)

على ما هو أكبر منها من الحشرات، وذكر الغراب تنبيهًا به على ما هو أكبر منه من الجوارح، وذكر الكلب العقور ــ وهو أدنى السِّباع ــ تنبيهًا به على سائر السباع.

قالوا: وفحوى الخطاب تنبيهه الذي هو مفهوم الموافقة أقوى من دليله الذي هو مفهوم المخالفة، وربما قالوا: الكلب العقور اسم لجميع السباع؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في دعائه على عتبة

(2)

بن أبي لهب: «اللهم سلِّطْ عليه كلبًا من كلابك» ، فأكله السبع

(3)

.

وعنه رواية أخرى: أنه إنما يقتل إذا عدا عليه بالفعل، فإذا لم يعدُ فلا ينبغي قتله؛ لأنه قال في رواية حنبل

(4)

: فإن قتل شيئًا من هذه من غير أن

(1)

«بها» ساقطة من المطبوع.

(2)

كذا في النسختين وفي معظم مصادر التخريج، والصواب:«عتيبة» ؛ لأن عتبة عاش وأسلم وشهد حُنينًا، وأقام بمكة ومات بها. انظر «الإصابة» (7/ 79).

(3)

أخرجه ابن قانع في «معجم الصحابة» (3/ 207) من حديث هبار بن الأسود بإسناد واهٍ. وأخرجه الحارث بن أبي أسامة كما في «بغية الباحث» (572)، ومن طريقه الحاكم في المستدرك (2/ 539) وغيرهما من حديث أبي عقرب بنحوه إلا أن المدعو عليه فيه «لهب بن أبي لهب» ، وإسناده واهٍ أيضًا. وله طرق أخرى واهية، وأصحّ طرقه مُرسل محمد بن كعب القرظي، ورواية عثمان بن عروة بن الزبير عن رجال من أهل بيته، رواهما ابن إسحاق في «المغازي» ، ومن طريقه الدولابي في «الذرية الطاهرة» (77) وأبو نعيم في «دلائل النبوة» (381). ويشهد لأصل القصة مُرسل طاوس بلفظ:«ألا تخاف أن يسلط الله عليك كلبه؟» وكذا مُرسل قتادة بنحوه، أخرجهما عبد الرزاق (2/ 250) والطبري (22/ 6 - 7) في «تفسيريهما» .

(4)

سبق ذكرها.

ص: 581

تعدوَ عليه فلا كفارة عليه، ولا ينبغي له. وقال أيضًا: يقتل ما عدا عليه من السباع ولا كفارة عليه.

فخصّ قتله بما إذا عدا عليه أو بما إذا عدا في الرواية الأخرى، وهذا يقتضي أنه لا يقتله إذا لم يعدُ. ولو أراد أبو عبد الله أن العدوان صفة لازمة للسبع لم يقل: كل ما عدا من السباع، فإن جميع السباع عادية بمعنى أنها تفترس، ولذلك حرم أكلها، فعُلِم أنه أراد عدوانًا تُنشِئه وتفعله، فلا تُقصَد [ق 260] في مواضعها ومساكنها فتُقْتل، إلا أن يقصد ما من شأنه أن يعدو على بني آدم كالأسد، فيُقْتل الذي من شأنه أن يعدو دون أولادها الصغار، ودون ما لا يعدو على الناس. وهذا مذهب مالك، فينظر، وهو قول أبي بكر؛ لأنه قال: يقتل السبع مطلقًا ولـ

الهم

(1)

.

وقال في رواية عبد الله

(2)

: ويقتل الحيّة والعقرب والكلب العقور، وكل سبعٍ عدا عليك أو عَقَرَك.

فنصّ على أن المقتول من السباع هو الذي يعدو على المحرم ويريد عَقْره، وهذه الرواية أصحُّ إن شاء الله، وهي اختيار

(3)

. لوجوه:

أحدها: أن النبي صلى الله عليه وسلم لو أراد بهذا الحديث الإذنَ في قتل كلِّ ما لا يؤكل لقال: يُقْتل كلُّ ما لا يؤكل، ويُقْتل كلُّ ذي ناب من السباع وكلُّ ذي مخلب من الطير، فإنه صلى الله عليه وسلم كان قد أوتي جوامعَ الكلم، ألا تراه لما أراد النهي عنها

(1)

كذا في النسختين. ولم أجد النص في مصدر آخر.

(2)

في «مسائله» (ص 206). وسبق ذكرها.

(3)

بياض في النسختين.

ص: 582

قال: «كل ذي نابٍ من السباع حرام»

(1)

. ولم يعدِّد أنواعًا منها.

الثاني: أنه سئل عما يقتل المحرم من الدوابّ.

الثالث: أنه علّل الحكم بأنهن فواسقُ، والفاسق هو الذي يخرج على غيره ابتداءً بأن يقصده في موضعه، أما من لا يخرج حتى يقصد في موضعه فليس بفاسق.

الرابع: أنه خصّ الكلب العقور، ولو قصد ما لا يؤكل أو ما هو سبعٌ في الجملة لم يخصّ العقور من غيره، فإن الكلب سَبُعٌ من السباع، وأكله حرام.

الخامس: أنه ذكر من الدوابّ والطير ما يأتي الناسَ في مواضعهم، ويعمُّ بلواهم به، بحيث لا يمكنهم الاحتراز منه في الغالب إلا بقتله، مثل الحُدَيَّا، والغراب، والحيّة، والعقرب. ومعلوم أن هذا وصف مناسب للحكم، فلا يجوز إهداره عن الاعتبار وإثباتُ الحكم بدونه إلا بنص آخر.

السادس: أنه قال: والسبع العادي، ولا يجوز أن يكون العدوان صفة لازمة، بل يجب أن يكون المراد به السبع الذي يعتدي، أو السبع إذا اعتدى ونحو ذلك، أو السبع الذي من شأنه أن يعتدي على الناس فيأتيهم في أماكنهم، ونحو ذلك. كما يقال: الرجل الظالم، كما قال:«الكلب العقور» ، فكان ذلك نوعًا خاصًّا من الكلاب؛ فلذلك هذا يجب أن يكون نوعًا خاصًّا من السباع لوجوه:

أحدها: أنه لو كان المراد به العدوان الذي في طباع السباع ــ وهو كونه

(1)

أخرجه مسلم (1933) من حديث أبي هريرة بلفظ: «كل ذي ناب من السباع فأكلُه حرام» . وفي الباب أحاديث أخرى بمعناه في «الصحيحين» .

ص: 583

يفترس غيرَه من الحيوان ــ لكانت جميع السباع عاديةً بهذا الاعتبار، فتبقى الصفة ضائعة. وهذا وإن كان قد يأتي للتوكيد في بعض المواضع، لكن الأصل فيه التقييد، لاسيما وهو لم يذكر ذلك في الحيَّة والعقرب مع أن العدوان صفة لازمة لهما، فعُلِم أنه أراد صفة تخصُّ بعضَ السباع.

الثاني: أن الأصل في الصفات أن تكون لتمييز الموصوف مما شاركه في الاسم وتقييد الحكم بها، وقد تجيء لبيان حال الموصوف وإظهاره وإيضاحه، لكن هذا خلاف للأصل، وإنما يكون إذا كان في إظهار الصفة فائدةٌ من مدح أو ذم أو تنبيه على شيء خفي أو غير ذلك، وهنا قال: «السبع

(1)

العادي»، فيجب أن يكون العادي تقييدًا للسبع، أو إخراجًا للسبع الذي ليس بعادي

(2)

، إذ إرادة عدوانٍ لازمٍ مخالفٌ للأصل، ثم ذلك العدوان الطبيعي معلوم بنفس قوله: سبع، فلا فائدة في ذكره.

الثالث: أن العدوان الذي هو فعل السبع معلوم إرادته

(3)

قطعًا، والعدوان الذي هو طبعه يجوز أن يكون مرادًا، ويجوز أن لا يكون مرادًا، فلا يثبت بالشك.

السابع

(4)

: أن كثيرًا من الدوابّ قد نُهي عن قتلها في الإحلال، مثل الضفدع، والنملة، والنحلة، والهدهد، والصُّرَد، فكيف يكون [جائزًا] في الإحرام؟ وقد قال في الفواسق:«يُقْتَلن في الحلّ والحرم» .

(1)

«السبع» ساقطة من المطبوع. وفي النسختين: «السابع» .

(2)

كذا بإثبات الياء.

(3)

«إرادته» ساقطة من المطبوع.

(4)

تابع لما ذُكر من الوجوه الستة.

ص: 584

الثامن: أنه صلى الله عليه وسلم قال في الكلاب: «لولا أنها أمة من الأمم لأمرتُ بقتلها، فاقتلوا منها كلَّ أسودَ بهيمٍ» . متفق عليه

(1)

.

وهذا يقتضي أن كونها أمةً وصفٌ يمنع من استيعابها بالقتل، لتبقى هذه الأمة تعبد الله وتسبِّحه، نعم خصّ منها ما يضرّ بني آدم ويشقُّ عليهم الاحتراز منه؛ لأن رعاية جانبهم أولى من رعاية جانبه، ويبقى ما يمكنهم الاحتراز منه على العموم.

فعلى هذا قتلُه حرام أو مكروه، وبكل حال لا جزاء فيه. نصّ عليه.

وإذا لم يُقتل هذا، فغيره ممن

(2)

لا يؤكل لحمه ولا في طبعه الأذى أولى أن لا يُقتل.

وقال ابن أبي موسى

(3)

: للمحرم أن يقتل الحيَّة، والعقرب، والفأرة، والكلب العقور، والأسود البهيم، والسَّبُع، والذئب، والحِدَأة، والغراب الأبقع، والزنبور، والقرد، والنسر

(4)

، والعُقاب إذا وثب عليه، والبَقَّ

(5)

، [ق 261]

(1)

لم يُخرجه الشيخان، وإنما أخرجه أبو داود (2845) والترمذي (1489) والنسائي (7/ 185) وابن ماجه (3205) من حديث عبد الله بن مغفّل، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. وفي «صحيح مسلم» (1572) من حديث جابر بلفظ: «عليكم بالأسود البهيم ذي النقطتين، فإنه شيطان» .

(2)

كذا في النسختين، والأولى:«مما» .

(3)

في «الإرشاد» (ص 162).

(4)

«النسر» ساقطة من ق.

(5)

حشرة من رتبة نصفية الأجنحة، أجزاء فمها ثاقبة ماصّة على شكل خرطوم، ومنه ضروب.

ص: 585

والبعوض، والحَلَم

(1)

، والقِرْدان

(2)

، وكل ما عدا عليه وآذاه، ولا فدية عليه.

فأما على الرواية الأولى فقال أبو الخطاب

(3)

: يباح قتل كل ما فيه مضرَّة كالحيّة والعقرب، وسمَّى ما تقدم ذكره، وقال: والبرغوث والبقّ والبعوض والقُراد والوَزَغ وسائر الحشرات والذباب، ويقتل النمل إذا آذاه.

وقال القاضي وابن عقيل: الحيوانات التي لا تُؤكل ثلاثة أقسام:

قسم يضرُّ ولا ينفع، كالأسد والذئب والجِرْجِس

(4)

والبقّ والبرغوث والبعوض والعَلَق

(5)

والقُراد، فهذا يستحبُّ قتله.

الثاني: ما يضرّ وينفع، كالبازي والفهد وسائر الجوارح من الطير [ذي] المِخْلَب

(6)

الذي ليس بمعلَّم، فقتله جائز لا يكره ولا يستحب.

الثالث: ما لا يضرّ ولا ينفع، كالخَنافس والجِعْلان

(7)

وبنات وَرْدان

(8)

والرَّخَم

(9)

والذباب والنحل والنمل إذا لم يلسعه، فهذا

(10)

يُكره قتلُه ولا

(1)

جمع حَلَمة: القُرادة الضخمة أو الصغيرة.

(2)

جمع قُراد. وقد سبق شرحها.

(3)

في «الهداية» (ص 180).

(4)

البعوض الصغار، كما في «القاموس» .

(5)

دود أسود يمتصّ الدم يكون في الماء الآسن، إذا شربته الدابة عَلِق بحلقها.

(6)

في النسختين: «والمخلب» . ولعل الصواب ما أثبتُّ.

(7)

جمع جُعَل: حيوان كالخنفساء يكثر في المواضع الندية.

(8)

بنت وَردان: دُويبة نحو الخنفساء حمراء اللون، وأكثر ما تكون في الحمّامات والكُنُف.

(9)

طائر غزير الريش أبيض اللون مبقَّع بسوادٍ، له منقار طويل قليل التقوُّس، رماديُّ اللون إلى الحمرة.

(10)

«فهذا» ساقطة من المطبوع.

ص: 586

يحرم.

وأما الذباب فذكره ابن عقيل في القسم [الأول]

(1)

، وهو ما يضر ولا ينفع، وذكره القاضي في القسم الثالث، وهو ما لا يضر ولا ينفع.

وقد تقدَّم الكلام على القسم الأول، وذكرنا الروايتين فيه.

وأما القسم الثاني والثالث فالمنصوص عنه المنع من قتله ــ كما تقدم ــ ما لم يضر، ثم قد أدخلوا فيه الكلب، والمذهب أن قتله حرام.

وأما الذباب فقد ذكره أبو الخطاب وابن عقيل من المؤذي، وذكره القاضي فيما لا يؤذي، وهذا على قولنا لا يجوز أكله، فأما إذا قلنا يجوز أكله فينبغي أن يضمن.

وأما الذرّ فقد رُوي عنه: لا بأس أن يقتله

(2)

، وقال في الرواية الأخرى: قد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قتل الذرِّ

(3)

.

وقال ابن أبي موسى

(4)

: ويُكره له أن يقتل القَمْلة، ولا يقتل النملة في حلٍّ ولا حرم، ولا يقتل الضفدع.

وهذه المنهيّات عن قتلها، مثل الصُّرد والنحلة والنملة، مردُّها

(5)

هل

(1)

زيادة ليناسب السياق. وفي هامش ق: «لعله الثاني» . وهو خطأ.

(2)

روى عنه حنبل كما في «الفروع» (5/ 515).

(3)

سبق تخريجه (ص 570).

(4)

في «الإرشاد» (ص 162).

(5)

في النسختين: «مرد» ، وفي هامشهما:«لعله قيل» . ولعل الصواب ما أثبتُّ.

ص: 587

هو منع

(1)

تنزيه أو تحريم؟ قال ابن أبي موسى

(2)

: ولا يقتل النمل في حلٍّ ولا حرم ولا الضفدع. وظاهر كلام أحمد التحريم، قال في رواية مهنّا

(3)

وقد سأله عن قتل النحلة والنملة، فقال: إذا آذتْه قتلها، فقيل له: أليس قد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قتل النحلة؟ قال: نعم قد نهى عن قتل النحل والصُّرد، وهو طير.

وقال في رواية عبد الله

(4)

وأبي الحارث في الضفادع: لا تُؤكل ولا تقتل، نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قتل الضفدع

(5)

.

وقال في رواية ابن القاسم وقال له رجل

(6)

: يا أبا عبد الله، الضفدع لا يؤكل؟ فغضب وقال: النبي صلى الله عليه وسلم نهى عنه أن يُجعل في الدواء، من يأكله!

فهذا يقتضي أن قتلها وأكلها سواء، وأنه محرم.

فأما إذا عضَّته النحلة أو النملة، أو تعلَّق القُراد ببعيره، ونحو ذلك، فإنه يقتله وإن أمكن دفعُ أذاه

(7)

بدون ذلك، بحيث له أن يقتل النملة بعد أن تَقْرُصه.

(1)

في س: «نهي منع» جمع بين مترادفين.

(2)

كذا في النسختين، وقد سبق ذكر هذا القول.

(3)

انظر «الفروع» (5/ 515).

(4)

في «مسائله» (ص 271، 272).

(5)

صحّ ذلك من حديث عبد الرحمن بن عثمان عند أبي داود (3871) وغيره، وقد سبق تخريجه (ص 570).

(6)

«رجل» ساقطة من المطبوع.

(7)

في المطبوع: «أدناه» تحريف.

ص: 588

فصل

وما حرم قتله، فإنه يحرم قصدُ قتله بمباشرة أو تسبُّبٍ، ويحرم أذاه بأنواع الأذى، مثل أن يُنَحِّيه من الظلّ ويجلس موضعه أو ينفِّره

(1)

. ويحرم عليه تملُّكه باصطيادٍ أو ابتياع أو اتّهابٍ، وسائر أنواع التملُّكات مثل كونه عوضًا في صداق أو خُلع أو صلح عن قصاص أو غير ذلك؛ لأن الله قال {لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ} [المائدة: 94]. فإنْ قبضه بعقد البيع فتلِفَ في يده ضمِنَه بالجزاء، وضمنَ القيمة لمالكه، بخلاف ما قبضه بعقد الهبة، ومتى ردَّه على البائع والواهب زال الضمان.

فأما مِلكه بالإرث ففيه وجهان.

وإذا اصطاده ولم يُرسِلْه حتى حلَّ فعليه إرساله؛ لأنه لم يملكه بذلك الاصطياد، فإن لم يفعل حتى تلف في يده فعليه ضمانه، وإن ذبحه بعد التحلُّل فهو ميتة، نصَّ عليه في رواية ابن القاسم وسندي

(2)

، وهو قول ابن أبي موسى

(3)

والقاضي

(4)

.

وقال أبو الخطاب

(5)

وابن عقيل: يباح أكله وعليه ضمانه؛ لأنه ذبيحة حلال، أكثر ما فيه أنه كالغاصب فيجب عليه قيمته.

(1)

«ويحرم أذاه

ينفره» ساقطة من المطبوع.

(2)

كما في «التعليقة» (2/ 415).

(3)

في «الإرشاد» (ص 169).

(4)

في «التعليقة» (2/ 415).

(5)

كما في «المستوعب» (1/ 468) و «الإنصاف» (8/ 296).

ص: 589

والأول أجود؛ لأنه ممنوع لحقّ الله.

وإذا أحرم وفي ملكه صيد ليست يده الحسِّية عليه، بأن يكون في مصره غائبًا عنه، فملكه باقٍ عليه، ولا يلزمه إرساله. وإن كانت يده المشاهدة الحسية عليه بأن يكون مربوطًا معه في

(1)

حال الإحرام، أو هو في قَفَصِه أو في يده، فإنه يجب عليه إزالة يده عنه في ظاهر المذهب.

قال في رواية ابن القاسم وسندي

(2)

في رجل أحرم وفي يده صيد: يرسله، فإن كان في منزله ليس عليه، وقد كان عبد الله بن الحارث يُحرِم وفي بيته النَّعام.

فإن لم يفعل فأزال يده عنه

(3)

إنسان فلا شيء عليه؛ لأنه قد فعل ما يجب عليه، فأشبه ما لو أزال يده عن المكاتب.

وأما ملكه فلا يزول عنه فيما ذكره أصحابنا.

فإن لم يرسله حتى حلّ لم يجب عليه إرساله، بخلاف ما اصطاده في الإحرام، ذكره أصحابنا؛ لأن [ق 262] ما حرم استدامته من المحظورات لا يجب إزالته إذا استدامه في الإحلال

(4)

، كاللباس والطيب.

وقال ابن أبي موسى

(5)

: لو اصطاد محرم صيدًا فأمسكه حتى حلَّ من

(1)

«في» ساقطة من المطبوع.

(2)

كما في «التعليقة» (2/ 411).

(3)

«عنه» ساقطة من المطبوع.

(4)

في المطبوع: «الحلال» .

(5)

في «الإرشاد» (ص 169).

ص: 590

إحرامه لزمه إرساله واجبًا، فإن تلِفَ في يده أو ذبحه بعد الإحلال فعليه جزاؤه، ولا يحلُّ له أكله، وكذلك لو أحرم وفي يد المملوك

(1)

صيده لزمه إرساله.

وظاهره الفرق. فإن أراد أن يبيع الصيد أو يهبه، فقال القاضي في «خلافه»

(2)

: لا يصح ذلك؛ لأن في ذلك تصرف

(3)

فيه؛ لأنه عاجز شرعًا عن نقل الملك فيه.

فعلى هذا هل له أن يُعيره؟

(4)

.

وقال القاضي في «المجرد» وابن عقيل

(5)

وغيرهما من أصحابنا: يجوز أن يبيعه ويهبَه؛ لأنه إخراج له عن ملكه، فأشبهَ إزالة يده عنه، ولأن إزالة الملك أقوى من إزالة اليد. ولهذا نقول في العبد الكافر: إذا أسلم عند سيِّده الكافر فإنه ممنوع من إقرار يده عليه، وله أن يبيعه لمسلم ويهبه له.

هذا إذا لم تكن يدُه

(6)

المشاهَدة عليه، فأما إن كانت اليد الحسية عليه لم يصح بيعه ولا هبته؛ لأنه مأمور في الحال برفع يده عنه.

وذكر ابن عقيل في موضع آخر أن له أن يُعيره

(7)

من حلال؛ لأنه إخراج

(1)

في «الإرشاد» : «يده» .

(2)

أي «التعليقة» (2/ 415).

(3)

كذا في النسختين، والأولى حذف «في» .

(4)

بياض في النسختين.

(5)

انظر «الإنصاف» (8/ 302).

(6)

«يده» ساقطة من ق.

(7)

في النسختين: «يعتبره» . والتصحيح من هامشهما.

ص: 591

له عن يده، وهذا يلائم حاله فعلى هذا

(1)

.

وإذا باعه ثم أراد فسخ البيع لإفلاس المشتري أو لعيبٍ في الثمن أو لخيار شرط ونحو ذلك= لم يكن له ذلك فيما ذكره أصحابنا؛ لأنه ابتداء بملكٍ، إلا أن نقول: إن الملك لا ينتقل إلى المشتري، فيكون مثل الرجعة للزوجة فيما ذكره بعض أصحابنا، وغيره أطلق المنع.

فأما إن كان المشتري حلالًا وأراد ردَّه على البائع المحرم بعيب أو خيار ونحو ذلك= فله ذلك. قاله ابن عقيل.

فإذا صار في يد البائع لزمه إطلاقه لأجل إحرامه، ويتخرَّج إذا قلنا: لا يورث.

وإن كان المشتري محرمًا فأراد ردَّه على بائع محرم أو حلال بعيبٍ أو خيارٍ ونحو ذلك= فهو كابتداء بيعه على ما تقدَّم فيما ذكره ابن عقيل. فإن كانت يده المشاهدة عليه لم يجز، وإلا جاز على ما ذكره القاضي وابن عقيل. وعلى قول القاضي في «خلافه»: لا يجوز مطلقًا، وعلى قول

(2)

.

ومن هذا الباب: لو أراد الواهب أن يسترجعه لم يكن له ذلك، وإذا طلَّق امرأته وهو محرم والصداق صيدٌ لم يمنع من طلاقها، لكن هل يدخل نصف الصداق في ملكه؟

(3)

.

(1)

بياض في النسختين.

(2)

بياض في النسختين.

(3)

بياض في النسختين.

ص: 592

فصل

وإذا ذبح المحرم صيدًا فهو حرام، كما لو ذبحه كافر غير الكتابي، وهو بمنزلة الميتة. وتُسمّيه

(1)

الفقهاء المتأخرون «ميتة» بمعنى أن حكمه حكم الميتة، إذ حقيقة الميتة ما مات حتْفَ أنفه، قال في رواية حنبل

(2)

: إذا ذبح المحرم لم يأكله حلال ولا حرام، هو بمنزلة الميتة.

وفي لفظٍ لحنبل و [ابن] إبراهيم

(3)

: في محرم ذبح صيدًا هو ميتة؛ لأن الله تعالى قال: {لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} [المائدة: 95]، فسمَّاه قتلًا، فكلّ ما اصطاده المحرم أو ذبحه فإنما هو قتلٌ قتلَه.

وفي لفظ

(4)

: لا، إذا ذبح المحرم الصيد لم يأكله أحد؛ لأن الله سمَّاه قتلًا، فلا يُعجبنا لأحدٍ أن يأكله.

وذلك لما احتجَّ به أحمد من قول الله سبحانه: {لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} [المائدة: 95]، فسمَّى الله سبحانه رمي الصيد بالسهم ونحو ذلك قتلًا، ولم يُسمِّه تذكية. وذلك يقتضي كونه حرامًا من وجوه:

(1)

في المطبوع: «وتسيمة» .

(2)

كما في «التعليقة» (2/ 349).

(3)

المصدر نفسه (2/ 355) ومنه الزيادة، وهو إسحاق بن إبراهيم بن هانئ، انظر «مسائله» (1/ 164).

(4)

في رواية عبد الله في «مسائله» (ص 206).

ص: 593

أحدها: أن كل حيوان نهى الشرع عن قتله فإنه حرام، كما نهى عن قتل الضفدع، وعن قتل

(1)

الهدهد والصُّرَد، وعن قتل الآدمي؛ لأن النهي عن قتله يقتضي شرفه وكرامته، وذلك يوجب حرمته.

الثاني: أنه سمَّى جرحه قتلًا، والقتل إذا أطلق في لسان الشرع فإنه يقتضي الفعل المُزهِق للروح الذي لا يكون ذكاة شرعية، كما قال تعالى:{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً} [النساء: 92]، {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا} [النساء: 93] إلى غير ذلك من ذكر قتل الآدمي.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «ينزلِ ابنُ مريم حَكَمًا عَدْلًا وإمامًا مُقسِطًا، فيكسِر الصليبَ ويقتلُ الخنزيرَ»

(2)

.

وقال: «خمسٌ من الدوابّ يُقتَلن في الحِلِّ [والحرم]، ولا جُناحَ على من قتلَهن»

(3)

.

وقال: «اقتلوا الأبترَ وذا

(4)

الطُّفْيتين»

(5)

.

وأمر بقتل الأسودين في الصلاة: الحيَّة والعقرب

(6)

.

(1)

«قتل» ساقطة من المطبوع.

(2)

أخرجه البخاري (2222، 2476، 3448) ومسلم (155) من حديث أبي هريرة.

(3)

سبق تخريجه. والزيادة من مصادر التخريج.

(4)

في المطبوع: «وذو» خطأ.

(5)

أخرجه البخاري (3297) ومسلم (2233) من حديث ابن عمر. وأخرجه أيضًا البخاري (3308، 3309) ومسلم (2232) من حديث أم المؤمنين عائشة.

(6)

أخرجه أحمد (7178، ومواضع) وأبو داود (921) والترمذي (390) والنسائي (1202، 1203) وابن ماجه (1245) وابن خزيمة (869) وابن حبان (2351) وغيرهم من حديث أبي هريرة. قال الترمذي: «حديث حسن صحيح» .

ص: 594

ونهى عن قتل الحيوان لغير مأكُلَةٍ

(1)

.

وقال: «من قتل عصفورًا بغير حقِّه فإنه يَعِجُّ إلى الله يومَ القيامة يقول: ربّي سَلْ هذا فيم قتلَني؟»

(2)

.

وسئل عن ضِفدعٍ تُجعل في دواء، فنهى عن قتلها وقال:«إن نقيقَها تسبيح»

(3)

.

(1)

إنما روي ذلك موقوفًا من وصية أبي بكر رضي الله عنه لأمير الجيش الذي بعثه إلى الشام، أخرجه مالك في «الموطأ» (2/ 447). وأخرج أبو داود في «المراسيل» (316) عن القاسم مولى عبد الرحمن عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أوصى رجلًا غزا بكلمات منها:«ولا تقتل بهيمة ليست لك بها حاجة» . وهو ضعيف لإرساله، بل الظاهر أنه من أوهام بعض الرواة حيث نسب وصية أبي بكر إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

(2)

أخرجه أحمد (19470) والنسائي (4446) وابن حبان (5894) وغيرهم من حديث الشريد بن سويد رضي الله عنه، ولفظه:«يا ربِّ، إن فلانًا قتلني عبثًا ولم يقتلني لمنفعة» . وإسناده ضعيف، فيه عامر الأحول متكلم فيه، وصالح بن دينار الجعفي لم يوثّقه معتبَر. وله شاهد من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص عند أحمد (6551) وغيره، ولكن إسناده ضعيف أيضًا لجهالة حال أحد رواته.

(3)

أخرجه أحمد (15757) وأبو داود (3871، 5269) والنسائي (4355) والحاكم (4/ 410 - 411) وغيرهم من حديث عبد الرحمن بن عثمان التيمي بإسناد صحيح، إلا أنه ليس فيه:«إن نقيقها تسبيح» . وإنما رُوي ذلك من حديث أنس عند عبد الرزاق في «مصنفه» (8393) ولكن إسناده واهٍ، فيه «أبو سعيد الشامي» وهو عبد القدوس بن حبيب الكلاعي، متروك الحديث. وروي أيضًا من حديث عبد الله بن عَمرو عند الطبراني في «الأوسط» (3716) وابن عدي في «الكامل» (6/ 388) وغيرهما مرفوعًا، وعند ابن أبي شيبة (24178) والبيهقي في «الكبرى» (9/ 318) وغيرهما موقوفًا، والموقوف هو الصحيح. وانظر:«السلسلة الضعيفة» (4788).

ص: 595

ونهى عن قتل أربعٍ من الدوابّ

(1)

.

وقال في الفعل المبيح: {إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ} [المائدة: 3].

وقال: «دِباغُ الأديمِ ذكاتُه»

(2)

.

وقيل له: «أما تكون الذكاةُ إلا في الحَلْق واللَّبَّة؟»

(3)

.

فلما سمَّى الله [ق 263] سبحانه رمي الصيد بالسهم وإزهاقَ روحه قتلًا ولم يسمِّه ذكاةً ولا عَقْرًا، عُلم أنه ليس مذكًّى تذكيةً شرعيةً.

(1)

هي النملة والنحلة والهدهد والصُّرَد. وقد سبق تخريج حديث ابن عباس رضي الله عنهما في النهي عن قتلها (ص 570).

(2)

رواه بهذا اللفظ الطيالسي (1339) ــ وعنه البيهقي (1/ 21) ــ والدارقطني (1/ 45) من حديث سلمة بن المُحبِّق رضي الله عنه. وهو حديث صحيح، سبق تخريجه في أوائل كتاب الطهارة (ص 85).

(3)

أخرجه أحمد (18947) وأبو داود (2825) والترمذي (1481) والنسائي (4408) وابن ماجه (3184) وغيرهم من حديث حماد بن سلمة عن أبي العُشَراء عن أبيه أنه قال ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال:«لو طعنتَ في فخذها لأَجزَأك» . قال الترمذي: «هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث حماد بن سلمة، ولا نعرف لأبي العشراء عن أبيه غير هذا الحديث» . وأبو العشراء مجهول الحال، قال البخاري:«في حديثه واسمه وسماعه من أبيه نظر» . انظر «التاريخ الكبير» (2/ 21 - 22) و «البدر المنير» (9/ 245 - 249).

ص: 596

وأيضًا فإن هذا عَقْر قد حرَّمه الشرع لمعنى في القاتل، فلم يُفِد الإباحة ولا الطهارة كذبح المجوسي والمرتدّ، وعكسه ذبحُ المسروق والمغصوب إن سُلِّم، فإن ذلك المعنى في المالك، وهو أن نفسه لم تطِبْ به، ولهذا لا يختلف حال الغاصب قبل الإذن وبعده إلا فيما يتعلَّق بالمغصوب خاصة، بخلاف المحرم، فإن إحرامه صفة في نفسه تكون مع وجود الصيد وعدمه كدين المشرك والمرتدّ.

وأيضًا فإنه عَقْرٌ محرَّمٌ لحق الله فلم يُفِد الإباحة، كالعقر في غير الحلق واللَّبَّة، وبكلب غير معلَّم، وبدون التسمية، وبدون قصد الذكاة، وعَقْر المشرك. وذلك لأن الحيوان قبل الذكاة حرام، فلا يباح إلا بأن يذكَّى على الوجه المأذون فيه، كما أن الفرج قبل العقد محرَّم، فلا يباح إلا بعقد شرعي. فإذا نهى الشارع عن عقره لم يكن عقره مشروعًا، فيبقى على أصل التحريم، كما لو نكح المرأة نكاحًا لم يُبِحه الشارع. ولأنه قتلٌ لا يُبيح

(1)

المقتولَ لقاتله بحال، فلا يباح لغيره كسائر ما نهى عنه الشرع من القتل. ولأنه قتل محرَّم لحرمة الحيوان وكرامته، فلا يفيد الحلَّ، كذبح الإنسان والضفدع والهدهد. ولأن جرح الصيد الممتنع يفيد الملك والإباحة، واقتضاؤه الملكَ أقوى من اقتضائه الإباحةَ؛ لأنه يحصل بمجرد إثباته وبدون قصد الذكاة، ويثبت للمشرك، فإذا كان جرح الصيد في حال الصيد لا يفيد الملك، فأن لا يفيد الإباحةَ أولى وأحرى.

وصيد الحرم إذا ذُبِح فيه بمنزلة الميتة، كالصيد الذي يذبحه المحرم،

(1)

في النسختين: «يبيحه» . والصواب ما أثبته.

ص: 597

قال في رواية ابن منصور

(1)

وقد سئل هل يؤكل الصيد في الحرم؟ قال: إذا ذُبِح في الحلّ.

ونقل عنه أيضًا

(2)

: إذا رماه في الحل فتحامل فدخل الحرم يكره أكله.

وقال في رواية حنبل

(3)

: وإن دخل الحرمَ فلا يصطاد، ولا أرى أن يذبح، إلا أن يُدخِل مذبوحًا من خارج الحرم فيأكله، ولا أرى أن يذبح شيئًا من صيد الحلّ ولا الحرم.

وكذلك صيد المدينة الذي يصطاد

(4)

فيه، قال في رواية حنبل

(5)

: صيد المدينة حرامٌ أكله حرامٌ صيده. وخرَّجها القاضي

(6)

على وجهين، أحدهما: كذلك، والثاني: الفرق؛ لأن حرمة حرم المدينة لا يوجب زوال الملك في الصيد المنقول إليها من خارجٍ، بخلاف حرمة حرم مكة.

وإن أخرجه من الحرم ثم ذبحه لم يحلَّ أيضًا، كما لو أمسكه حتى تحلل ثم ذبحه. وإذا اشترك حلال

(7)

وحرام في قتل صيد فهو حرام أيضًا، كما لو اشترك مسلم ومجوسي في الذكاة.

وإن أعان المحرم حلالًا بدلالة أو إعارة آلةٍ ونحو ذلك، فقال

(1)

الكوسج في «مسائله» (1/ 556).

(2)

المصدر نفسه (1/ 604).

(3)

كما في «التعليقة» (2/ 355).

(4)

في هامش النسختين: «يصاد» .

(5)

كما في «التعليقة» (2/ 356).

(6)

في المصدر السابق.

(7)

«حلال» ساقطة من س.

ص: 598

القاضي

(1)

وأصحابه: هو ذكيٌّ مباح للحلال ولغير المحرم الدالّ؛ لأن في حديث أبي قتادة: فبينما هم يسيرون إذ رأوا حُمُرَ وحْشٍ، فحمل عليها أبو قتادة، فعقر منها أتانًا، فنزلوا فأكلوا من لحمها، قال: فقالوا: أكلنا لحما ونحن محرمون، فحملوا ما بقي من لحم الأتان، فلما أتوا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قالوا: يا رسول الله، إنا كنا أحرمنا، وكان أبو قتادة لم يُحرِم، فرأينا حمر وحش، فحمل عليها أبو قتادة، فعقرَ منها أتانًا، فنزلنا فأكلنا من لحمها، فقالوا: أنأكل لحم صيدٍ ونحن محرمون؟ فحملنا ما بقي. فقال: «هل منكم أحد أمره أن يحملَ عليها أو أشار إليها؟» قالوا: لا. قال: «فكلوا ما بقي من لحمها» . رواه البخاري

(2)

.

وفي لفظ مسلم

(3)

: «هل معكم أحد أمره أو أشار إليه بشيء؟» قال: قالوا: لا. قال: «فكلوا ما بقي من لحمها» .

وهذا يقتضي أنه لو أشار بعضهم حرم على جميعهم.

وقال أبو بكر

(4)

: إذا أبان المحرم فاصَّادَه

(5)

حلال، فعلى المحرم الجزاء، ولا يأكل الحلال والمحرم من الصيد؛ لأنه في حكم الميتة.

(1)

في «التعليقة» (2/ 358).

(2)

رقم (1824).

(3)

رقم (1196).

(4)

كما في «التعليقة» (2/ 349).

(5)

كذا في النسختين وأصل «التعليقة» ، فغيّرها ناشرا شرح «العمدة» و «التعليقة» إلى «فاصطاده» . ولا حاجة إلى التغيير، فقد تُدغم الطاء (وهو تاء الافتعال) في الصاد، ووردت بذلك بعض الأحاديث، انظر «تاج العروس» (صيد).

ص: 599