المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مسألة(1): (يجب الحج والعمرة مرة في العمر على المسلم العاقل البالغ الحر) - شرح عمدة الفقه - ابن تيمية - ط عطاءات العلم - جـ ٤

[ابن تيمية]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الحج

- ‌جماعُ معنى الحج في أصل اللغة

- ‌مسألة(1): (يجب الحج والعمرة مرةً في العمر على المسلم العاقل البالغ الحرِّ)

- ‌الفصل الثانيأن العمرة أيضًا واجبة

- ‌ عنه رواية أخرى: أنها سنة

- ‌إن العمرة هي الحج الأصغر

- ‌الفصل الثالثأنهما إنما يجبان مرةً في العمر بإيجاب الشرع، فأما إيجاب المرء على نفسه فيجب في الذمة بالنذر

- ‌الفصل الرابعأنه لا يجب الوجوب المقتضي للفعل وصحتِه إلا على مسلم

- ‌الفصل الخامسأنه لا حج على مجنون(3)كسائر العبادات

- ‌الفصل السادسأنه لا حجَّ على الصبي قبل البلوغ

- ‌الفصل السابعأنه لا يجب إلا على حرٍّ كاملِ الحرية

- ‌مسألة(1): (إذا استطاع إليه سبيلًا، وهو(2)أن يجد زادًا وراحلةً بآلتها(3)مما يَصلُح لمثله، فاضلًا عما يحتاج إليه لقضاء ديونه(4)ومُؤْنةِ نفسه وعياله على الدوام)

- ‌الفصل الرابعأن يجد ذلك بعد ما يحتاج إليه من قضاء دينه ومُؤْنة نفسه وعياله على الدوام

- ‌إن كان له كتبُ علمٍ يحتاج(6)إليها لم يلزمه بيعها

- ‌إذا أَحجَّ(3)عن نفسه أجزأ عنه وإن عوفي

- ‌فصلإمكان المسير والأداء بسعة الوقت، وخلوِّ الطريق، والصحة(2): هل هو شرط للوجوب أو للزوم الأداء(3)فقط؟ على روايتين

- ‌مسألة(1): (ويُعتبر للمرأة وجودُ مَحْرمها، وهو زوجها، ومن تَحْرم عليه على التأبيد بنسبٍ أو سببٍ مباح)

- ‌لا يجوز لها(2)أن تسافر بغير محرم إلا في الهجرة

- ‌الفصل الثاني في المَحْرم

- ‌مسألة(6): (فمن فرَّط حتى مات أُخرِج عنه من ماله حجة وعمرة)

- ‌ من زعم أن العمل لا ينفع غير عامله في جميع المواضع فقد خرج عن دين الإسلام

- ‌فصليجب الحج عن الميت والعاجز من حيث وجب عليه

- ‌إذا لم يقدر له النفقة، فإنه ينفق بالمعروف، ويردُّ ما فضلَ

- ‌مسألة(4): (ولا يصحُّ الحجُّ من كافرٍ ولا مجنونٍ)

- ‌الثاني: أن يُجنَّ بعد إحرامه، فهذا إن كان صرعًا وخَنْقًا لم يبطل إحرامه

- ‌مسألة(4): (ويصحُّ من العبد والصبيِّ، ولا يُجزِئهما)

- ‌الفصل الثانيأن حج الصبي صحيح(2)، سواء كان مميِّزًا أو طفلًا

- ‌إن كان غير مميز عقد الإحرامَ له وليُّه

- ‌مسألة(1): (ويصحُّ من غير المستطيع والمرأةِ بغير مَحْرم، ويُجزئهما)

- ‌مسألة(4): (ومن حجَّ عن غيره ولم يكن حجَّ(5)عن نفسه، أو عن نذرِه ونَفْلِه(6)قبل حجة الإسلام، وقع عن فرض نفسه دون غيره)

- ‌ إذا خالف وأحرم عن غيره ففيه روايتان

- ‌الفصل الثانيإذا كان عليه فرضٌ ونفْلٌ لم يجز أن يُحرِم إلا بالفرض، وإن كان عليه فرضان لم يجز أن يبدأ إلا بأوكدِهما

- ‌باب المواقيت

- ‌مسألة(2): (وميقات أهل المدينة ذو الحُلَيفة(3)، والشام ومصر والمغرب الجُحْفة، واليمن يَلَمْلَم، ولنجدٍ قَرْن، وللمشرق ذات عِرْق)

- ‌مسألة(1): (وهذه المواقيتُ لأهلها، ولكلِّ من مرَّ عليها)

- ‌ومن مرَّ على ميقاتين فعليه أن يحرم من أبعدهما من مكة

- ‌مسألة(4): (ومن كان منزلُه دون الميقات فميقاته من موضعه، حتى أهلُ مكة يُهِلُّون منها لحجّهم، ويُهِلُّون للعمرة من الحلّ)

- ‌فصلوأما المكي إذا أراد أن يعتمر فإنه يخرج إلى الحلّ

- ‌الإحرام بالعمرة من أقصى الحلّ أفضلُ من أدناه

- ‌فأما الاعتمار من الحديبية فلا فضلَ فيه على غيره

- ‌مسألة(3): (ومن لم يكن طريقُه على ميقاتٍ(4)فميقاتُه حذوَ أقربِها إليه)

- ‌مسألة(1): (ولا يجوز لمن أراد دخول مكة تجاوزُ الميقات غيرَ محرمٍ(2)إلا لقتال مباح، أو حاجةٍ تتكرَّر كالحطَّاب ونحوه. ثم إن أراد النسك أحرم من موضعه، وإن تجاوزه غيره(3)رجع فأحرم من الميقات، فإن أحرم مِن دونِه فعليه دم، سواء رجع إلى الميقات أو لم يرجع)

- ‌إن دخل مكة(4)غيرَ مُحرمٍ لزمه قضاء هذا الإحرام

- ‌الفصل الثانيأن من دخل مكة لقتال مباح فإنه لا إحرام عليه

- ‌وكذلك من دخلها خائفًا لفتنةٍ عرضتْ ونحو ذلك

- ‌مسألة(1): (والأفضل أن لا يُحرِم قبل الميقات، فإن فعلَ فهو مُحرِم)

- ‌ تفسير الحديث: «أن تُحرِم من دُوَيرة أهلك»

- ‌مسألة(5): (وأشهرُ الحج: شوال وذو القعدة وعشْرٌ من ذي الحجة)

- ‌فإن خالف وأحرم بالحج قبل أشهره فإنه ينعقد الإحرام بالحج في أشهر الروايتين

- ‌باب الإحرام

- ‌مسألة(1): (من أراد الإحرام استُحِبَّ له أن يغتسل، ويتنظَّف، ويتطيَّب، ويتجرَّد عن المَخِيْط في إزارٍ ورداء أبيضَينِ نظيفينِ)

- ‌ وليس هذا الغسل واجبًا، نصَّ عليه

- ‌ يُستحبُّ أن يتطيَّب في بدنه دون ثيابه

- ‌مسألة(2): (ثم يصلِّي ركعتين ويُحرم عقيبَهما؛ وهو أن ينوي الإحرام، ويُستحبُّ أن ينطق به ويشترط

- ‌الفصل الثانيفي الوقت الذي يُستحب فيه الإحرام

- ‌إذا أحرم دُبر الصلاة ففي أول أوقات التلبية ثلاثة أوجه:

- ‌ التلبية(6)والإهلال والإحرام وفرْضُ الحج بمعنى واحد

- ‌الفصل الثالثأن الإحرام ينعقد بمجرد النية عند أصحابنا

- ‌مسألة(1): (وهو مخيَّر بين التمتع والإفراد والقران، وأفضلُها التمتع، وهو أن يُحرم بالعمرة في أشهر الحج، ويفرغ منها، ثم يشرع في الحج في عامه، ثم الإفراد، وهو أن يُحرم بالحج مفردًا، ثم القِران

- ‌إن الرجل إذا أنشأ للعمرة سفرًا من مصره كان أفضل من عمرة التمتع

- ‌أما كون النبي صلى الله عليه وسلم أفرد الحج ولم يعتمر في أشهره، فعنه ثلاثة أجوبة:

- ‌المسألة الثانية(2): أنه يجوز أن يحرم بالعمرة، ثم يُدخل عليها الحج، ويصير قارنًا

- ‌مسألة(1): (وإذا استوى على راحلته لبَّى، فيقول: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك)

- ‌سبب التلبية ومعناها

- ‌مسألة(5): (ويُستحبُّ الإكثارُ منها ورفعُ الصوت بها لغير النساء)

- ‌أما المرأة فيستحبُّ لها أن تُسمِع رفيقتها

- ‌يُكره إظهار التلبية في الأمصار والحِلَل

- ‌باب(1)محظورات الإحرام

- ‌مسألة(2): (وهي تسع(3): حَلْق الشعر، وقَلْم الظُّفر)

- ‌مسألة(1): (ففي ثلاثٍ منها دمٌ، وفي كل واحد مما دونها مُدُّ طعامٍ، وهو ربعُ الصاعِ)

- ‌مسألة(5): (الثالث: لُبس المَخيط إلا أن لا يجد إزارًا فيلبس سراويلَ، أو لا يجد نعلين فيلبسْ خفينِ، ولا فدية عليه)

- ‌مسألة(6): (الرابع: تغطية الرأس، والأذنان منه)

- ‌وحيث كُرِه له التظليل فهل تجب الفدية؟ على روايتين منصوصتين

- ‌مسألة(3): (الخامس: الطِّيب في بدنه وثيابه)

- ‌فصليحرم عليه أن يتطيَّب في بدنه وثيابه، سواء مسَّ الطيبُ بدنه أو لم يمسَّه

- ‌وليس له أن يستصحب ما يجد ريحه لتجارة ولا غيرها وإن لم يقصد شمَّه

- ‌فصلفأما الثياب المصبوغة بغير طيب؛ فلا يُكره منها في الإحرام إلا ما يُكره في الحلّ

- ‌أما الكحل إذا كان فيه طيب فإنه لا يجوز إلا لضرورة

- ‌مسألة(3): (السادس: قتل صيد البرِّ، وهو ما كان وحشيًّا مباحًا، فأما صيد البحر والأهليّ وما حرم أكلُه فلا شيء فيه، إلا ما كان متولِّدًا من مأكولٍ وغيره)

- ‌إذا وجد المضطرُّ ميتة وصيدًا فإنه يأكل الميتة ويدع الصيد

- ‌إذا أكل الصيد مَن صِيْد لأجله من المحرمين وجب عليه الجزاء

- ‌مسألة(2): (السابع: عقْدُ النكاح لا يصحُّ منه، ولا فديةَ فيه)

- ‌مسألة(2): (الثامن: المباشرة لشهوة فيما دون الفرج، فإن أنزلَ بها ففيها بدنةٌ، وإلا ففيها شاةٌ)

- ‌إن كانت المباشرة وطأً دون الفرج ففيها بدنة، وإن كانت قبلةً أو غمزًا ففيها شاة

- ‌مسألة(2): (التاسع: الوطء في الفرج، فإن كان قبل التحلُّل الأول أفسد الحج، ووجب المضيُّ في فاسده والحجُّ من قابلٍ، وعليه بدنة، وإن كان بعد التحلل الأول ففيه شاة، ويُحرِم من التنعيم ليطوف محرمًا)

- ‌الفصل الرابعإذا وطئ بعد التحلل الأول لم يبطل حجه

- ‌فصلوهل عليه بدنة أو شاة؟ على روايتين:

- ‌مسألة(3): (وإن وطئ في العمرة أفسدها، وعليه شاة)

- ‌مسألة(1): (ولا يفسد النسك بغيره)

- ‌مسألة(5): (والمرأة كالرجل، إلا أن إحرامها في وجهها، ولها لُبْسُ المخيط)

- ‌الفصل الثالث: أن إحرامها في وجهها، فلا يجوز لها أن تلبس النقاب والبرقع

الفصل: ‌مسألة(1): (يجب الحج والعمرة مرة في العمر على المسلم العاقل البالغ الحر)

‌مسألة

(1)

: (يجب الحج والعمرة مرةً في العمر على المسلم العاقل البالغ الحرِّ)

.

في هذا الكلام فصول:

أحدها

أن الحج واجب في الجملة، وهو أحد مباني الإسلام الخمس، وهذا

(2)

من العلم المستفيض الذي توارثته الأمة وتناقلته

(3)

خلفًا عن سلف. والأصل فيه قوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} . وحرف «على» للإيجاب، لا سيما إذا ذُكِر المستحق فقيل: لفلان على فلان. وقد أتبعه بقوله: {وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} [آل عمران: 97] ليبين

(4)

أن من لم يعتقد وجوبه فهو كافر، وأنه إنما وَضَع البيت وأَوجَب حجَّه ليشهدوا منافع لهم، لا لحاجةٍ به

(5)

إلى الحجّاج كما يحتاج المخلوق إلى من يقصده ويُعظِّمه، لأن الله غني عن العالمين.

وكذلك قوله: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} على أحد التأويلين، وقوله:{وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا} ، فأذَّن فيهم:«إنّ لربكم بيتًا فحُجُّوه»

(6)

.

(1)

انظر: «المستوعب» (1/ 440) و «المغني» (5/ 6) و «الشرح الكبير» (8/ 5) و «الفروع» (5/ 201).

(2)

س: «وهو» .

(3)

«وتناقلته» ساقطة من س.

(4)

ق: «ليتبين» .

(5)

«به» ساقطة من المطبوع.

(6)

أخرجه الطبري في «تفسيره» (16/ 516) عن سعيد بن جبير، وعكرمة بن خالد المخزومي. وقد ورد ذلك أيضًا في حديث مسندٍ مرفوع أخرجه الفاكهي في «أخبار مكة» (973) من طريق مجاهد عن أبي هريرة. ولكن الصحيح وقفه على مجاهد كما في الرواية الأخرى عنده (974).

ص: 6

وأما السنة: فما روى ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بُنِي الإسلام على خمسٍ: شهادةِ أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وإقامِ الصلاة، وإيتاءِ الزكاة، وصومِ رمضان، وحجِّ البيت» . متفق عليه

(1)

.

وفي حديث جبريل من

(2)

رواية عمر رضي الله عنه أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: ما الإسلام؟ قال: «أن تشهدَ أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وتُقيمَ الصلاة، وتُؤتيَ الزكاة، وتصومَ رمضان، وتحجَّ البيت إن استطعتَ إليه سبيلا» . رواه مسلم

(3)

.

وليس ذِكْر الحج في حديث أبي هريرة المتفق عليه

(4)

.

وسيأتي إن شاء الله تعالى قوله: «إنّ الله فرضَ عليكم الحجَّ فحُجُّوا» . رواه مسلم

(5)

وغيره. وأحاديث كثيرة في هذا المعنى.

و

(6)

عن شَرِيك بن أبي نَمِر، عن أنس بن مالك قال: «بينما

(7)

نحن

(1)

البخاري (8) ومسلم (16).

(2)

في المطبوع: «في» .

(3)

«رواه مسلم» ساقطة من س. والحديث في «صحيح مسلم» (8).

(4)

البخاري (50) ومسلم (9).

(5)

رقم (1337) من حديث أبي هريرة. وأخرجه أيضًا أحمد في «مسنده» (10607) والنسائي (2619) وابن خزيمة (2508) وابن حبان (3704) وغيرهم.

(6)

الواو ساقطة من ق.

(7)

ق: «بينا» .

ص: 7

جلوسٌ مع النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد إذ دخل رجل على جملٍ، ثم أناخَه في المسجد، ثم عقَلَه، ثم قال: أيكم محمد؟ والنبي صلى الله عليه وسلم متكئٌ بين ظَهْرانَيْهم، فقلنا: هذا الرجل الأبيض المتكئ. فقال له الرجل: ابنَ عبد المطلب؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «قد أجبتُك» ، فقال الرجل: إني سائلُك فمشدِّدٌ عليك في المسألة، فلا تَجِدْ عليّ في نفسك. فقال:«سَلْ عمّا بدا لك» . فقال: أسألك بربك وربِّ من قبلك آللهُ أرسلك إلى الناس كلهم؟ قال: «اللَّهم نعم» . قال: أَنشُدك بالله آللهُ أمرك

(1)

أن تصلِّي الصلوات الخمس في اليوم والليلة؟ قال: «اللّهم نعم» . قال: أَنشُدك بالله آلله أمرك أن تصوم هذا الشهر من السنة؟ قال: «اللّهم نعم» . قال: أَنشُدك بالله آللهُ أمرك أن تأخذ هذه الصدقة من أغنيائنا فتَقْسِمها على فقرائنا؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «اللَّهم نعم» . فقال الرجل: آمنتُ بما جئتَ به، وأنا رسولُ مَن ورائي من قومي، وأنا ضِمام بن ثعلبة أخو بني سعد بن بكر». رواه الجماعة

(2)

إلا مسلمًا والترمذيّ

(3)

، عن إسماعيل وعلي بن عبد الحميد

(4)

،

وقال: رواه سليمان عن

(5)

ثابت عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله.

(1)

في المطبوع: «أمر» .

(2)

أخرجه أحمد (12719) والبخاري (63) وأبو داود (486) والنسائي (2092، 2093) وابن ماجه (1402) من طريق شريك بن أبي نمر عن أنس به.

(3)

سيأتي أنهما أخرجاه من طريق ثابت عن أنس.

(4)

ق: «علي بن الحميدي» . ولعل صواب العبارة: «عن محمد بن إسماعيل عن علي بن عبد الحميد» ، فإن الترمذي (619) رواه بهذا الإسناد. أو يكون في العبارة تقديم وتأخير، وهو من كلام البخاري، وصوابه كما في عقب الحديث عنده:«رواه موسى [بدلًا من إسماعيل] وعلي بن عبد الحميد عن سليمان عن ثابت عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا» . ويكون المراد بـ «وقال» البخاري لا الترمذي، فليس هذا من كلام الترمذي ..

(5)

ق: «بن» تحريف.

ص: 8

ورواه

(1)

أحمد ومسلم

(2)

والترمذي والنسائي

(3)

من حديث ثابت عن أنس قال: نُهِينا

(4)

في القرآن أن نسأل رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عن شيء، فكان يُعجِبنا أن يجيء الرجل من أهل البادية العاقل، فيسألَه ونحن نسمع، فجاء رجل من أهل البادية فقال: يا محمد، أتانا رسولك فزعم لنا أنك تزعم أن الله أرسلك! قال:«صدق» . قال: فمن خلق السماء؟ قال: «الله» . قال: فمن خلق الأرض؟ قال: «الله» . قال: فمن نصبَ هذه الجبال وجعل فيها

(5)

ما جعل؟ قال: «الله» . قال: فبالذي خلق السماء وخلق الأرض ونصبَ هذه الجبال آللهُ أرسلك؟ قال: «نعم» قال: وزعم رسولك أن علينا خمسَ صلواتٍ في يومنا وليلتنا! قال: «صدق» . قال: [ق 137] فبالذي أرسلك آللهُ أمرك بهذا؟ قال: «نعم» . قال: وزعم رسولك أن علينا صومَ شهر رمضان في سنتنا! قال: «صدق» . قال: فبالذي أرسلك، آللهُ أمرك بهذا؟ قال:«نعم» . قال: وزعم رسولك أن علينا حجَّ البيت من استطاع إليه سبيلا! قال: «صدق» . قال: ثم ولَّى وقال: والذي بعثك بالحق لا أزيدُ عليهن، ولا أنقُصُ منهن. فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«إن صدقَ ليدخلنَّ الجنة» .

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: بعثَتْ

(6)

بنو سعد بن بكر ضِمامَ بن

(1)

في المطبوع: «وروى» .

(2)

زِيدَ «مسلم» في س، وبهامش ق.

(3)

أخرجه أحمد (12457) ومسلم (12) والترمذي (619) والنسائي (2091) بهذا الإسناد.

(4)

«نهينا» ساقطة من ق.

(5)

س: «بها» .

(6)

س: «بعث» .

ص: 9

ثعلبة وافدًا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقدِمَ عليه، فأناخ بعيره

(1)

على باب المسجد، ثم عقَلَه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في أصحابه في المسجد. وكان ضِمام بن ثعلبة رجلًا جَلْدًا أشعرَ ذا غَديرتينِ، قال: فأقبل حتى وقف على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في أصحابه، فقال: أيكم ابنُ عبد المطلب؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنا ابن عبد المطلب» . قال: أمحمدٌ؟ قال: «نعم» . قال: يا ابنَ عبد المطلب، إني سائلُك ومغلِّظٌ عليك في المسألة، فلا تَجِدَنَّ في نفسك، فقال:«لا أجد في نفسي، سَلْ عما بدا لك» . قال: أَنشُدك الله

(2)

إلهك وإله من كان

(3)

قبلك وإله من هو كائن بعدك، آللهُ أمرك أن نعبدَه وحده لا نُشرِك به شيئا، وأن نخلعَ هذه الأوثان التي كان آباؤنا يعبدون معه؟ قال:«اللّهم نعم» . قال: فأَنشُدك الله إلهك وإله من كان قبلك وإله من هو كائن بعدك، آللهُ أمرك أن نُصلِّي هذه الصلوات الخمس؟ قال:«اللّهم نعم» . قال: ثم جعل يذكر فرائض الإسلام فريضةً فريضةً: الزكاة، والصيام، والحج، وشرائع الإسلام كلها، يناشده عند كل فريضةٍ كما يناشده في التي قبلها، حتى إذا فرغ قال: فإني أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وسأؤدِّي هذه الفرائض، وأَجتنب ما نهيتَني عنه، ثم لا أزيد ولا أنقص. قال: ثم انصرف إلى بعيره، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إن صدَقَ ذو العَقِيصتينِ يدخل الجنة» . قال: فأتى بعيرَه فأطلق عقاله، ثم خرج حتى قدم على قومه،

(1)

في المطبوع: «بعيرة» ، خطأ مطبعي.

(2)

ق: «بالله» .

(3)

«كان» ساقطة من ق.

ص: 10

فاجتمعوا إليه، فكان أول ما تكلم به

(1)

أن قال: ما بئست

(2)

اللات والعزى؟ قالوا: مَه يا ضِمام! اتَّقِ البرص، اتَّقِ الجُذام، اتّقِ الجنون، قال: ويلكم! إنهما والله ما يَضُرَّان وما ينفعان، وإن الله تعالى قد بعث رسولًا، وأنزل عليه كتابًا استنقذكم به مما كنتم فيه، وإني أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدًا عبده ورسوله، وقد جئتكم من عنده بما أمركم به ونهاكم عنه. قال

(3)

: فوالله ما أمسَى ذلك اليومَ من حاضرته من رجلٍ ولا امرأةٍ إلا مسلمًا. قال ابن عباس: فما سمعنا بوافدٍ قطُّ كان أفضلَ من ضِمام بن ثعلبة. رواه أحمد وأبو داود من طريق ابن إسحاق

(4)

، وهذا لفظ «المغازي»

(5)

.

واختُلف في سنة قدومه

(6)

. فقيل: كان ذلك في سنة خمس، قاله محمد بن حبيب وغيره

(7)

.

(1)

«به» ساقطة من س.

(2)

كذا بزيادة «ما» في النسختين، وبحذفها في «سيرة ابن هشام» (2/ 574) و «مسند أحمد» (2380) و «سنن الدارمي» (658) و «البداية والنهاية» (7/ 283) .. وفي هامش «السيرة»: كذا في شرح المواهب، وفي الأصول:«باست» . أقول: فلعل «ما بئست» صوابها «بِاسْت» ، وتكون سبًّا للات والعزّى.

(3)

«قال» ساقطة من ق.

(4)

أحمد (2254، 2380) وأبو داود (487) والحاكم في «المستدرك» (3/ 54 - 55) وقال: «وقد اتفق الشيخان على إخراج ورود ضمامٍ المدينةَ ولم يسق واحد منهما الحديث بطوله، وهذا صحيح» . وقال الحافظ في «تغليق التعليق» (2/ 71): «هو إسناد جيد لتصريح ابن إسحاق بسماعه له» .

(5)

انظر «سيرة ابن هشام» (2/ 573 - 575).

(6)

انظر «التمهيد» (16/ 167) و «فتح الباري» (1/ 152) و «الإصابة» (5/ 350).

(7)

مثل الواقدي، كما في «طبقات ابن سعد» (1/ 259).

ص: 11

وروى

(1)

شَريك عن كُريب عن ابن عباس رضي الله عنهما حديث ابن عباس

(2)

، وفيه

(3)

: «بعث بنو سعدٍ ضِمامًا في رجب سنة خمس» . وقيل: في سنة سبع. وقيل: في سنة تسع. ذكره ابن هشام عن أبي عبيدة

(4)

، وذكره أبو إسحاق إبراهيم بن حبيب البصري

(5)

المعروف بالحاكم في تاريخه «لوامع الأمور وحوادث الدهور»

(6)

.

وزعم ابن عبد البر

(7)

أن هذا هو الأعرابي الثائر الرأس الذي من أهل نجد، الذي يروي حديثَه طلحة

(8)

، ويروي نحوًا من هذا

(9)

أبو هريرة

(10)

.

وهذا فيه نظر، لأن ذاك أولًا أعرابي

(11)

، وهذا من بني سعد بن بكر. ثم

(1)

س: «وروى عن» .

(2)

«حديث ابن عباس» ليست في س.

(3)

أخرجه ابن سعد في «الطبقات الكبرى» (1/ 259) من طريق الواقدي، عن أبي بكر بن عبد الله بن أبي سبْرة، عن شريك به. وهذا إسناد تالف من أجل الواقدي وابن أبي سبْرة. والمحفوظ عن شريك هو روايته عن أنس، كما سبق في حديث البخاري وغيره.

(4)

«سيرة ابن هشام» (2/ 560، 573).

(5)

ق: «المصري» تحريف.

(6)

كما في «التعليقة» لأبي يعلى (1/ 127).

(7)

في «الاستيعاب» (2/ 752). وجزم به ابن بطّال وآخرون، انظر «فتح الباري» (1/ 106).

(8)

في النسختين: «أبو طلحة» ، خطأ. وحديث طلحة عند البخاري (46) ومسلم (11).

(9)

س: «منه» .

(10)

أخرجه البخاري (1397) ومسلم (14).

(11)

س: «عربي» .

ص: 12