الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكذلك من دخلها خائفًا لفتنةٍ عرضتْ ونحو ذلك
، لما رواه مالك في «الموطأ»
(1)
عن نافع أن
(2)
ابن عمر أقبلَ من مكة، حتى إذا كان بقُدَيد جاءه خبرٌ فرجع، فدخل مكة بغير إحرام.
وعن عبيد الله بن عمر عن نافع قال: خرج ابن عمر من مكة يريد المدينة، فلما بلغ قُدَيدًا بلغه عن جيشٍ قدمَ المدينة، فرجع فدخل مكة بغير إحرام. رواه سعيد
(3)
.
وهذا الجيش
…
(4)
.
ولأن الخائف .... ولم يذكر القاضي و [غيره]
(5)
دخولها
(6)
إلا لقتال مباح أو حاجة تتكرر، كما ذكره الشيخ، ومقتضى كلامهم أن الخائف الذي لا يقاتل لا يدخلها إلا محرمًا. وتأوَّل القاضي
(7)
فعل ابن عمر على أنه أحرم من دون الميقات ولم يحرم منه، وإنما أحرم مِن دونِه لأنه لم يقصد قصْدَه
(8)
ابتداءً. وإنما تأوَّل هذا لأنه بلغه أن ابن عمر دخل بغير إحرام، ولو بلغه السياق الذي ذكرناه لم يتأوَّل هذا التأويل.
(1)
(1/ 423) وقد سبق تخريجه.
(2)
ق: «عن» .
(3)
ومن طريقه الطحاويُّ في «أحكام القرآن» (1657).
(4)
بياض في النسختين هنا وفيما يأتي. وانظر أخبار هذا الجيش الذي سيَّره مروان إلى المدينة ليأخذها له من نائب ابن الزبير، في كتب التاريخ ضمن وقائع سنة خمس وستّين.
(5)
مكانه بياض في النسختين.
(6)
س: «دخلوها» .
(7)
في «التعليقة» (2/ 200).
(8)
س: «يقصده قصد» .
وأما من يتكرر دخوله إلى مكة كل يوم مثل الحطّابين والرِّعاء
(1)
ونحوهم، [ق 181] فإن لهم أن يدخلوها بغير إحرام كما نص عليه؛ لما روي عن عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لا يدخلنَّ إنسانٌ مكةَ إلا محرمًا، إلا الجَمّالين
(2)
والحطّابين وأصحاب منافعها. رواه حرب
(3)
.
وهذا يقتضي لكونه ينتفعون به لا لتكرره
(4)
؛ لأن هؤلاء لو وجب عليهم الإحرام كلما دخلوا لشقَّ عليهم مشقة عظيمة، ولا بدَّ لهم من مكة لتعلُّق مصالحهم بها وتعلُّق مصالح البلد بهم
…
(5)
.
قال أصحابنا: وكذلك من كان من أهلها له صنعة
(6)
بالحلّ يتردَّد إليها، وكذلك الفُيوج
(7)
الذين يتكرر دخولهم، وحد التكرار
…
(8)
. قال حرب: قلت لأحمد: الرجل يدخل مكة بغير إحرام؟ قال: إذا كان من الحطَّابة وهؤلاء الذين يختلفون كل يوم فإنه لا بأس. فقيَّده بيوم.
(1)
في المطبوع: «والرعاة» .
(2)
ق: «الحمالين» .
(3)
رواه أيضًا ابن أبي شيبة (13691) والفاكهي في «أخبار مكة» (892، 1825). وفي إسناده طلحة بن عمرو المكي، وهو ضعيف متروك الحديث. واستثناء الحطابين روي عن عطاء بن أبي رباح موقوفًا عليه، كما في «شرح معاني الآثار» (2/ 263)، فلعلّ طلحة وهم فأسندها إلى ابن عباس.
(4)
في المطبوع: «لتكراره» .
(5)
بياض في النسختين.
(6)
كذا في النسختين، وفي هامش ق: لعله ضيعة.
(7)
جمع فَيْج: رسول السلطان على رجله، فارسي معرب. وفي العُباب: الفيج الذي يسميه أهل العراق الرِّكاب والساعي. انظر «تاج العروس» (فيج).
(8)
بياض في النسختين.
فصل
وإنما يجب الإحرام على الداخل إذا كان من أهل وجوب الحج، فأما العبد والصبي والمجنون فيجوز لهم الدخول بغير إحرام؛ لأنه إذا لم تجب عليهم حجة الإسلام وعمرته، فأَنْ لا يجب ما هو من جنسه بطريق الأولى. هكذا ذكره أصحابنا ابن أبي موسى
(1)
والقاضي
(2)
وغيرهم.
الفصل الثالث
أن من جاز له مجاوزة الميقات بغير إحرام، إما لأنه لم يقصد مكة أو قصدها وهو ممن يجوز له دخولها بغير إحرام، كالمحارب وذي الحاجة المتكررة وغيرهم، إذا أراد النسك بعد ذلك فإنه يُحرِم من موضعه، وليس عليه أن يعود إلى الميقات في أشهر الروايتين.
فصل
فأما الصبي والمجنون والعبد إذا دخلوا مكة بغير إحرام، ثم أرادوا الحج بأن يأذن للصبي مولاه، وللعبد سيده، أو صاروا من أهل الوجوب= فإنهم يُحرمون بالحج من حيث أنشأوه ولا دم عليهم.
قال أحمد في رواية ابن منصور
(3)
وذُكِر له قول سفيان في مملوك جاوز المواقيت بغير إحرام، منعه مواليه أن يحرم حتى وقف بعرفة، قال: يُحرِم مكانَه وليس عليه دم، لأن سيده منعه، قال أحمد: جيّد، حديث أبي رجاء عن ابن عباس
(4)
.
(1)
لم أجد كلامه في «الإرشاد» .
(2)
في «التعليقة» (2/ 198).
(3)
في «مسائله» (1/ 588) و «التعليقة» (2/ 191).
(4)
لم أهتدِ إليه.
لأنه
(1)
جاز لهم مجاوزة الميقات بغير إحرام، وإنما وجب عليهم الإحرام حين صاروا من أهل الوجوب، فصاروا كالمكي، ولأنهما لا يملكان الإحرام إلا بإذن الولي.
هذا فيما إذا دخلوا
(2)
غير مريدين للنسك، أو أراداه
(3)
ومنعهما السيد والولي من الإحرام
(4)
، فإن أذن لهما الولي في الإحرام من الميقات فلم يحرما لزمهما دم، ذكره القاضي
(5)
.
وأما الكافر إذا جاوز الميقات، أو دخل مكة ثم أسلم وأراد الحج، ففيه روايتان:
إحداهما: عليه أن يرجع إلى الميقات فيحرم منه، فإن تعذَّر ذلك أحرم من موضعه وعليه دم. قال في رواية أبي طالب
(6)
في نصراني أسلم بمكة: يخرج إلى الميقات فيحرم، فإن خشي الفوات
(7)
أحرم من مكة وعليه دم. وهذا اختيار القاضي
(8)
والشريف أبي جعفر
(9)
وأبي الخطاب وابن عقيل
(1)
ق: «لأنهم» .
(2)
كذا في النسختين، وضمير الجمع نظرًا إلى الصبي والمجنون والعبد، وضمير المثنى في بعض المواضع للصبي والعبد.
(3)
في المطبوع: «أراده» خطأ.
(4)
أشار في س هنا إلى البياض.
(5)
في «التعليقة» (2/ 192).
(6)
كما في «التعليقة» (2/ 193).
(7)
س: «الفوت» .
(8)
في «التعليقة» (2/ 193).
(9)
«أبي جعفر» ساقطة من ق. واختياره في كتابه «رؤوس المسائل» (1/ 395).
وغيرهم؛ لأنه قد وجب عليه الإحرام وتمكّن منه، فإذا لم يفعله لزمه
(1)
دم بتركه كالمسلم، وذلك لأن الكافر يمكنه أن يسلم ويحرم، وهو غير معذور في ترك الإسلام، وإن كان لا يصح منه الإحرام في حال كفره، فأشبهَ من ترك الصلاة وهو مُحدِث حتى خرج الوقت.
والرواية الثانية: يحرم من موضعه ولا دم عليه، قال في رواية ابن منصور
(2)
في نصراني أسلم بمكة ثم أراد أن يحج: هو بمنزلة من ولد بمكة. وقال في رواية حنبل
(3)
في الذمي يُسلِم بمكة: يحرم من مكة أو من موضع أسلم. وهذا اختيار أبي بكر.
وهذا لأنه لا يصح منه الإحرام فأشبهَ المجنونَ، ولأنه إنما جاوز الميقات قبل الإسلام، وقد غُفِر له ما ترك قبل الإسلام من الواجبات بقوله تعالى:{قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: 38]، وبقوله صلى الله عليه وسلم:«الإسلام يَجُبُّ ما قبلَه»
(4)
. فصار بمنزلة العبد إذا عَتَقَ والصبي إذا بلغ سواء، وبهذا يظهر الفرق بينه وبين من ترك الصلاة مُحدِثًا، فإنه هناك لا يسقط عنه ما تركه من الواجبات في حال حدثه، وهنا يغفر له ما تركه في
(5)
حال كفره حتى يخاطب بالوجوب من حين الإسلام.
(1)
س: «فعليه» . وصوّب في هامشها «لزمه» .
(2)
في «مسائله» (1/ 523).
(3)
كما في «التعليقة» (2/ 193).
(4)
أخرجه أحمد (17777، 17813، 17827) من حديث عمرو بن العاص رضي الله عنه. وهو في «صحيح مسلم» (121) وغيره بلفظ: «الإسلام يهدم ما كان قبله» .
(5)
«في» ليست في ق.
ولأن مكة قد استوطنها أقوام في الجاهلية من غير أهلها، فإما أن يكونوا دخلوها بغير إحرام، أو بإحرام لا يصح، ثم لما أسلموا لم يؤمروا أن يخرجوا إلى الميقات فيحرموا منه، إلا أن يقال: لا نسلِّم أنه استوطنها أُفُقيٌّ بعد فرض الحج.
الفصل الرابع
أنه إن جاوز
(1)
الميقاتَ غير هؤلاء وأرادوا النسك، لزِمَهم أن يرجعوا إلى الميقات فيحرموا منه، فيدخل في هذا كلُّ
(2)
من كان مقصوده الحج أو العمرة، ومن كان مقصوده دخول مكة لتجارة [ق 182] أو زيارة ونحو ذلك.
وإن قلنا: يسقط الإحرام بالدخول، أو قلنا: ليس بواجب عليه، فإنه إذا أراد الحج أو العمرة فإن عليه أن يخرج إلى الميقات فيحرم منه، سواء كان الحج واجبًا أو تطوعًا.
قال ابن أبي موسى
(3)
: فأما المسلم يدخل مكة لتجارة بغير إحرام ثم يريد الحج، فإنه يخرج إلى الميقات فيحرم منه، فإن خشي الفوت أحرم من مكانه، وكان عليه دم قولًا واحدًا.
ذكر ذلك بعد أن حكى في الذمي إذا أسلم بمكة الروايتين، وقد نصَّ على ذلك في رواية أبي طالب
(4)
: وإذا دخل مكة بغير إحرام فإن كان عليه
(1)
ق: «تجاوز» .
(2)
«كل» ليست في ق.
(3)
في «الإرشاد» (ص 178).
(4)
كما في «التعليقة» (2/ 204).
وقت وأراد الحج رجع إلى الميقات فأهلَّ منه، ولا دم عليه، فإن خاف الفوت أحرم من مكة وعليه دم.
ومن دخل مكة والحج واجب عليه ولم يُرِدْه
…
(1)
، وهذا لأن الإحرام من الميقات واجب قد أمكن فعلُه، فلزمهم كسائر الواجبات.
وإذا رجعوا فأحرموا فلا دمَ عليهم؛ لأنهم قد أتوا بالواجب، وتلك المجاوزة ليست نسكًا، فإذا لم يتركوا نسكًا ولم يفعلوا نسكًا في غير وقته ولم يفعلوا في الإحرام محظورًا فلا وجه لإيجاب الدم.
قال جابر بن زيد: رأيت ابن عباس يردُّهم
(2)
إلى المواقيت إذا جاوزوها بغير إحرام. رواه سعيد
(3)
.
فإن ضاق الوقت بحيث يخافون من الرجوع فوتَ الحج، أو لم يمكن الرجوع لتعذُّر الرفقة ومخافة الطريق ونحو ذلك، فإنه لا يجب عليهم الرجوع، فيحرمون من موضعهم وعليهم دم.
وكذلك لو أحرموا مِن دونه مع إمكان العَوْد
(4)
فعليهم دم؛ لأن ابن عباس
…
(5)
ولا يسقط الدم
(6)
بعودهم إلى الميقات.
(1)
بياض في النسختين.
(2)
ق: «ردهم» .
(3)
وأخرجه الشافعي في «الأم» (3/ 345)، وابن أبي شيبة (14388)، والبيهقي في «الكبرى» (5/ 29) من طريق الشافعي.
(4)
في المطبوع: «العودة» ، خلاف النسختين.
(5)
بياض في النسختين.
(6)
«الدم» ليست في س.