الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مسألة
(1)
: (ويصحُّ من غير المستطيع والمرأةِ بغير مَحْرم، ويُجزئهما)
(2)
.
وجملة ذلك: أن من لم يجب عليه لعدم استطاعته مثل المريض، والفقير، والمعضوب، والمقطوع طريقه، والمرأة التي لا محرم لها، ونحو ذلك، إذا تكلَّفوا شهودَ المشاعر أجزأهم الحج.
ثم منهم من هو مُحسِن في ذلك كالذي يحج ماشيًا، ومنهم من هو مسيء في ذلك
(3)
كالذي يحج بالمسألة، والمرأة تحج بغير محرم.
وإنما أجزأهم لأن الأهلية تامة، والمعصية إن وقعت فهي في الطريق، لا في نفس المقصود.
مسألة
(4)
: (ومن حجَّ عن غيره ولم يكن حجَّ
(5)
عن نفسه، أو عن نذرِه ونَفْلِه
(6)
قبل حجة الإسلام، وقع عن فرض نفسه دون غيره)
.
في هذا الكلام فصلان:
(1)
انظر: «المستوعب» (1/ 443) و «المغني» (5/ 7، 30) و «الشرح الكبير» (8/ 53) و «الفروع» (5/ 249).
(2)
ق: «وغيرهما» . والمثبت موافق لما في «العدّة شرح العمدة» .
(3)
«ذلك» ليست في س.
(4)
انظر: «التعليقة» (1/ 103، 114) و «المستوعب» (1/ 538، 539) و «المغني» (5/ 42، 43) و «الشرح الكبير» (8/ 89) و «الفروع» (5/ 284).
(5)
في المطبوع: «ولم يحج» ، خلاف ما في النسختين والعمدة.
(6)
في «العمدة» : «أو عن نفله» .
أحدهما
أن من عليه حجة واجبة، سواء كانت حجة الإسلام أو نذرًا أو قضاء، فليس له
(1)
أن يحج عن غيره حتى يحج عن نفسه، في ظاهر المذهب المشهور عنه وعن أصحابه.
قال في رواية صالح
(2)
: لا يحج أحد عن أحد حتى يحج عن نفسه، وقد بيَّن ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال:«حُجَّ عن نفسك، ثم عن شُبرمة»
(3)
،
وحديث ابن عباس إذ قالت المرأة: يا رسول الله، إن أبي شيخ كبير لا يستمسك على الراحلة، أفأحج عنه؟ قال:«نعم، حُجِّي عن أبيك»
(4)
. هو جُملةٌ
(5)
، لم يبيّن
(6)
حجَّت
(1)
س: «عليه» .
(2)
في «مسائله» (2/ 139، 140). ونقلها أبو يعلى في «التعليقة» (1/ 103).
(3)
أخرجه أبو داود (1811) وابن ماجه (2903) وابن خزيمة (3039) وابن حبان (3988) من حديث ابن عباس مرفوعًا.
وأخرجه الدارقطني (2/ 267 - 271) والبيهقي في «الكبرى» (4/ 336 - 337) على أوجهٍ مختلفة: مسندًا، ومرسلًا، وموقوفًا على ابن عباس أنه سمع رجلًا يلبّي عن شبرمة فقال له
…
إلخ. قال الإمام أحمد في رواية الأثرم: رفعه خطأ، وبنحوه قال ابن المنذر والطحاوي.
وقد احتج بالمرفوع الإمام أحمد في رواية صالح هنا، وفي رواية إسماعيل بن سعيد الشالَنْجيّ عنه، وصحّحه ابنُ خزيمة وابن حبان والبيهقي وعبد الحق الأشبيلي. انظر:«تنقيح التحقيق» (3/ 394 - 399) و «التلخيص الحبير» (2/ 223).
(4)
سبق تخريجه.
(5)
أي مجمل، وهو تعبير شائع عند الإمام الشافعي وغيره، انظر «الرسالة» (ص 91، 92، 112، 197، 214، 218، 222، 295، .... ).
(6)
س: «يتبين» . وفي «المسائل» : «تبين» .
أو لم تحجَّ.
وقال في رواية إسماعيل بن سعيد
(1)
: الصَّرورة يحجُّ عن غيره لا يُجزئه إن فعل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمن لبَّى عن غيره وهو صرورة: «اجعلْها عن نفسك» .
وعنه رواية أخرى: يجوز، قال في رواية محمد بن ماهان
(2)
في رجل عليه دين وليس له مال، يحج الحج عن غيره حتى يقضي دينه؟ قال: نعم.
وقد جعل جماعة من أصحابنا هذه روايةً بجواز الحج عن غيره قبل نفسه مطلقًا
(3)
، وهو محتمل، لكن الرواية إنما هي منصوصة في غير المستطيع
(4)
.
ووجه ذلك: أن النبي صلى الله عليه وسلم أذن للخثعمية أن تحج عن أبيها، ولم يستفصل هل حجت عن نفسها أو لم تحج؟ وكذلك الجهنية أذن لها
(5)
أن تحج عن أمها نذْرَها، وللمرأة الأخرى، ولأبي رَزِين، وغيرهم، ولم يَستفصلْ واحدًا منهم، ولا أمره أن يبدأ بالحج عن نفسه.
والخثعمية، وإن كان الظاهر أنه قد علم أنها حجت عن نفسها؛ لأنها سألتْه غداةَ النحر حين أفاض من مزدلفة إلى منى، وهي مفيضة معه، وهذه حال من قد حج ذلك العام، لكن غيرها ليس في سؤاله ما يدلُّ على أنه حج.
ولأنه شبَّهه بقضاء الدين، والرجل يجوز أن يقضي دين غيره قبل دينه.
(1)
كما في «التعليقة» (1/ 103).
(2)
كما في «التعليقة» (1/ 104).
(3)
س: «مطلقًا قبل نفسه» .
(4)
بعدها في س: «وإن كان مستطيعًا» .
(5)
ق: «وكذلك أذن للخثعمية» .
وأيضًا فإنه عمل تدخله النيابة، فجاز أن ينوب عن غيره قبل أن يؤدِّيه عن نفسه، كقضاء الديون، وأداء الزكاة والكفارات.
وإن كان الكلام مفروضًا فيمن لم يستطع الحج فهو أوجه وأظهر، فإن الرجل إنما يؤمر بأن يبدأ بالحج عن نفسه إذا كان واجبًا عليه
(1)
، وغير المستطيع لم يجب عليه، فيجوز أن يحج عن غيره.
ولا يقال: إذا حضر تعيَّن عليه؛ لأنه إنما يتعيَّن أن لو لم يكن قد
(2)
أحرم عن غيره، فإذا حضر وقد انعقد إحرامه لغيره فهو بمنزلة من لم يحضر في حق نفسه.
ووجه المشهور: ما روى سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلًا يقول: لبيك عن شُبرمة، قال:«مَن شُبرمة؟» قال: أخ لي أو قريب
(3)
لي، قال:«حججتَ عن نفسك؟» قال: لا، قال: «حُجَّ عن نفسك، ثم حُجَّ
(4)
عن شبرمة». رواه أبو داود وابن ماجه
(5)
، وقال:«فاجعلْ هذه عن نفسك، ثم احججْ عن شبرمة»
(6)
. رواه الدارقطني
(7)
من وجوه عن عطاء عن ابن عباس، وعن عائشة أيضًا.
(1)
«وأظهر
…
عليه» ساقطة من ق.
(2)
«قد» ساقطة من المطبوع.
(3)
س: «أخا لي أو قريبًا» .
(4)
ق: «احجج» .
(5)
أبو داود (1811) وابن ماجه (2903). وقد سبق تخريجه قريبًا.
(6)
«رواه أبو داود
…
عن شبرمة» ساقطة من ق.
(7)
«سنن الدارقطني» (2/ 267 - 270). وأما رواية عطاء عن عائشة، فغير محفوظة لأنها من طريق ابن أبي ليلى، وهو سيئ الحفظ. انظر «العلل» للدارقطني (3874).
فإن قيل: هذا الحديث موقوف على ابن عباس، ذكر الأثرم عن أحمد أن رفعه خطأ، وقال: رواه عدة موقوفًا على ابن عباس، وهو مشهور من حديث قتادة عن عَزْرة
(1)
عن سعيد بن جبير، وقد قال يحيى: عزرة لا شيء
(2)
.
قلنا: قد تقدَّم أن أحمد حكم بأنه
(3)
مسند، وأنه من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيكون قد اطلع على ثقة من رفعه، وقد
(4)
رفعه جماعة.
على أنه إن كان موقوفًا فليس لابن عباس مخالف.
فوجه الحجة أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يحج عن نفسه ثم يحج عن شبرمة، وستأتي بقية الألفاظ الدالة على أن تلك لم تجز عن شبرمة، ولم يَفْصِل بين
(5)
أن يكون الحاج مستطيعًا واجدًا للزاد والراحلة أو لا يكون، وتركُ الاستفصال والتفريق
(6)
في حكاية الأحوال يدلُّ على العموم.
وأيضًا فإن الحج واجب في أول سنة من سِنِي الإمكان، فإذا أمكنه فعلُه عن
(1)
ق: «عروة» هنا وفيما يأتي. وهو تحريف.
(2)
قال البيهقي في «الكبرى» (4/ 336): «هذا إسناد صحيح ليس في هذا الباب أصح منه» . قال الحافظ: «وأعله ابنُ الجوزي بعَزْرة فقال: قال يحيى بن معين: عزرة لا شيء. ووهِم في ذلك، إنما قال ذلك في عَزْرة بن قيس، وأما هذا فهو ابن عبد الرحمن ــ ويقال فيه: ابن يحيى ــ وثقه يحيى بن معين وعلي بن المديني وغيرهما وروى له مسلم» . اهـ. «التلخيص الحبير» (2/ 224). وانظر «الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم (7/ 21).
(3)
ق: «أنه» .
(4)
في المطبوع: «وقرر» ، خلاف النسختين.
(5)
«بين» ساقطة من س.
(6)
في المطبوع: «والتعريف» ، تحريف.