المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الثالث: أن إحرامها في وجهها، فلا يجوز لها أن تلبس النقاب والبرقع - شرح عمدة الفقه - ابن تيمية - ط عطاءات العلم - جـ ٤

[ابن تيمية]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الحج

- ‌جماعُ معنى الحج في أصل اللغة

- ‌مسألة(1): (يجب الحج والعمرة مرةً في العمر على المسلم العاقل البالغ الحرِّ)

- ‌الفصل الثانيأن العمرة أيضًا واجبة

- ‌ عنه رواية أخرى: أنها سنة

- ‌إن العمرة هي الحج الأصغر

- ‌الفصل الثالثأنهما إنما يجبان مرةً في العمر بإيجاب الشرع، فأما إيجاب المرء على نفسه فيجب في الذمة بالنذر

- ‌الفصل الرابعأنه لا يجب الوجوب المقتضي للفعل وصحتِه إلا على مسلم

- ‌الفصل الخامسأنه لا حج على مجنون(3)كسائر العبادات

- ‌الفصل السادسأنه لا حجَّ على الصبي قبل البلوغ

- ‌الفصل السابعأنه لا يجب إلا على حرٍّ كاملِ الحرية

- ‌مسألة(1): (إذا استطاع إليه سبيلًا، وهو(2)أن يجد زادًا وراحلةً بآلتها(3)مما يَصلُح لمثله، فاضلًا عما يحتاج إليه لقضاء ديونه(4)ومُؤْنةِ نفسه وعياله على الدوام)

- ‌الفصل الرابعأن يجد ذلك بعد ما يحتاج إليه من قضاء دينه ومُؤْنة نفسه وعياله على الدوام

- ‌إن كان له كتبُ علمٍ يحتاج(6)إليها لم يلزمه بيعها

- ‌إذا أَحجَّ(3)عن نفسه أجزأ عنه وإن عوفي

- ‌فصلإمكان المسير والأداء بسعة الوقت، وخلوِّ الطريق، والصحة(2): هل هو شرط للوجوب أو للزوم الأداء(3)فقط؟ على روايتين

- ‌مسألة(1): (ويُعتبر للمرأة وجودُ مَحْرمها، وهو زوجها، ومن تَحْرم عليه على التأبيد بنسبٍ أو سببٍ مباح)

- ‌لا يجوز لها(2)أن تسافر بغير محرم إلا في الهجرة

- ‌الفصل الثاني في المَحْرم

- ‌مسألة(6): (فمن فرَّط حتى مات أُخرِج عنه من ماله حجة وعمرة)

- ‌ من زعم أن العمل لا ينفع غير عامله في جميع المواضع فقد خرج عن دين الإسلام

- ‌فصليجب الحج عن الميت والعاجز من حيث وجب عليه

- ‌إذا لم يقدر له النفقة، فإنه ينفق بالمعروف، ويردُّ ما فضلَ

- ‌مسألة(4): (ولا يصحُّ الحجُّ من كافرٍ ولا مجنونٍ)

- ‌الثاني: أن يُجنَّ بعد إحرامه، فهذا إن كان صرعًا وخَنْقًا لم يبطل إحرامه

- ‌مسألة(4): (ويصحُّ من العبد والصبيِّ، ولا يُجزِئهما)

- ‌الفصل الثانيأن حج الصبي صحيح(2)، سواء كان مميِّزًا أو طفلًا

- ‌إن كان غير مميز عقد الإحرامَ له وليُّه

- ‌مسألة(1): (ويصحُّ من غير المستطيع والمرأةِ بغير مَحْرم، ويُجزئهما)

- ‌مسألة(4): (ومن حجَّ عن غيره ولم يكن حجَّ(5)عن نفسه، أو عن نذرِه ونَفْلِه(6)قبل حجة الإسلام، وقع عن فرض نفسه دون غيره)

- ‌ إذا خالف وأحرم عن غيره ففيه روايتان

- ‌الفصل الثانيإذا كان عليه فرضٌ ونفْلٌ لم يجز أن يُحرِم إلا بالفرض، وإن كان عليه فرضان لم يجز أن يبدأ إلا بأوكدِهما

- ‌باب المواقيت

- ‌مسألة(2): (وميقات أهل المدينة ذو الحُلَيفة(3)، والشام ومصر والمغرب الجُحْفة، واليمن يَلَمْلَم، ولنجدٍ قَرْن، وللمشرق ذات عِرْق)

- ‌مسألة(1): (وهذه المواقيتُ لأهلها، ولكلِّ من مرَّ عليها)

- ‌ومن مرَّ على ميقاتين فعليه أن يحرم من أبعدهما من مكة

- ‌مسألة(4): (ومن كان منزلُه دون الميقات فميقاته من موضعه، حتى أهلُ مكة يُهِلُّون منها لحجّهم، ويُهِلُّون للعمرة من الحلّ)

- ‌فصلوأما المكي إذا أراد أن يعتمر فإنه يخرج إلى الحلّ

- ‌الإحرام بالعمرة من أقصى الحلّ أفضلُ من أدناه

- ‌فأما الاعتمار من الحديبية فلا فضلَ فيه على غيره

- ‌مسألة(3): (ومن لم يكن طريقُه على ميقاتٍ(4)فميقاتُه حذوَ أقربِها إليه)

- ‌مسألة(1): (ولا يجوز لمن أراد دخول مكة تجاوزُ الميقات غيرَ محرمٍ(2)إلا لقتال مباح، أو حاجةٍ تتكرَّر كالحطَّاب ونحوه. ثم إن أراد النسك أحرم من موضعه، وإن تجاوزه غيره(3)رجع فأحرم من الميقات، فإن أحرم مِن دونِه فعليه دم، سواء رجع إلى الميقات أو لم يرجع)

- ‌إن دخل مكة(4)غيرَ مُحرمٍ لزمه قضاء هذا الإحرام

- ‌الفصل الثانيأن من دخل مكة لقتال مباح فإنه لا إحرام عليه

- ‌وكذلك من دخلها خائفًا لفتنةٍ عرضتْ ونحو ذلك

- ‌مسألة(1): (والأفضل أن لا يُحرِم قبل الميقات، فإن فعلَ فهو مُحرِم)

- ‌ تفسير الحديث: «أن تُحرِم من دُوَيرة أهلك»

- ‌مسألة(5): (وأشهرُ الحج: شوال وذو القعدة وعشْرٌ من ذي الحجة)

- ‌فإن خالف وأحرم بالحج قبل أشهره فإنه ينعقد الإحرام بالحج في أشهر الروايتين

- ‌باب الإحرام

- ‌مسألة(1): (من أراد الإحرام استُحِبَّ له أن يغتسل، ويتنظَّف، ويتطيَّب، ويتجرَّد عن المَخِيْط في إزارٍ ورداء أبيضَينِ نظيفينِ)

- ‌ وليس هذا الغسل واجبًا، نصَّ عليه

- ‌ يُستحبُّ أن يتطيَّب في بدنه دون ثيابه

- ‌مسألة(2): (ثم يصلِّي ركعتين ويُحرم عقيبَهما؛ وهو أن ينوي الإحرام، ويُستحبُّ أن ينطق به ويشترط

- ‌الفصل الثانيفي الوقت الذي يُستحب فيه الإحرام

- ‌إذا أحرم دُبر الصلاة ففي أول أوقات التلبية ثلاثة أوجه:

- ‌ التلبية(6)والإهلال والإحرام وفرْضُ الحج بمعنى واحد

- ‌الفصل الثالثأن الإحرام ينعقد بمجرد النية عند أصحابنا

- ‌مسألة(1): (وهو مخيَّر بين التمتع والإفراد والقران، وأفضلُها التمتع، وهو أن يُحرم بالعمرة في أشهر الحج، ويفرغ منها، ثم يشرع في الحج في عامه، ثم الإفراد، وهو أن يُحرم بالحج مفردًا، ثم القِران

- ‌إن الرجل إذا أنشأ للعمرة سفرًا من مصره كان أفضل من عمرة التمتع

- ‌أما كون النبي صلى الله عليه وسلم أفرد الحج ولم يعتمر في أشهره، فعنه ثلاثة أجوبة:

- ‌المسألة الثانية(2): أنه يجوز أن يحرم بالعمرة، ثم يُدخل عليها الحج، ويصير قارنًا

- ‌مسألة(1): (وإذا استوى على راحلته لبَّى، فيقول: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك)

- ‌سبب التلبية ومعناها

- ‌مسألة(5): (ويُستحبُّ الإكثارُ منها ورفعُ الصوت بها لغير النساء)

- ‌أما المرأة فيستحبُّ لها أن تُسمِع رفيقتها

- ‌يُكره إظهار التلبية في الأمصار والحِلَل

- ‌باب(1)محظورات الإحرام

- ‌مسألة(2): (وهي تسع(3): حَلْق الشعر، وقَلْم الظُّفر)

- ‌مسألة(1): (ففي ثلاثٍ منها دمٌ، وفي كل واحد مما دونها مُدُّ طعامٍ، وهو ربعُ الصاعِ)

- ‌مسألة(5): (الثالث: لُبس المَخيط إلا أن لا يجد إزارًا فيلبس سراويلَ، أو لا يجد نعلين فيلبسْ خفينِ، ولا فدية عليه)

- ‌مسألة(6): (الرابع: تغطية الرأس، والأذنان منه)

- ‌وحيث كُرِه له التظليل فهل تجب الفدية؟ على روايتين منصوصتين

- ‌مسألة(3): (الخامس: الطِّيب في بدنه وثيابه)

- ‌فصليحرم عليه أن يتطيَّب في بدنه وثيابه، سواء مسَّ الطيبُ بدنه أو لم يمسَّه

- ‌وليس له أن يستصحب ما يجد ريحه لتجارة ولا غيرها وإن لم يقصد شمَّه

- ‌فصلفأما الثياب المصبوغة بغير طيب؛ فلا يُكره منها في الإحرام إلا ما يُكره في الحلّ

- ‌أما الكحل إذا كان فيه طيب فإنه لا يجوز إلا لضرورة

- ‌مسألة(3): (السادس: قتل صيد البرِّ، وهو ما كان وحشيًّا مباحًا، فأما صيد البحر والأهليّ وما حرم أكلُه فلا شيء فيه، إلا ما كان متولِّدًا من مأكولٍ وغيره)

- ‌إذا وجد المضطرُّ ميتة وصيدًا فإنه يأكل الميتة ويدع الصيد

- ‌إذا أكل الصيد مَن صِيْد لأجله من المحرمين وجب عليه الجزاء

- ‌مسألة(2): (السابع: عقْدُ النكاح لا يصحُّ منه، ولا فديةَ فيه)

- ‌مسألة(2): (الثامن: المباشرة لشهوة فيما دون الفرج، فإن أنزلَ بها ففيها بدنةٌ، وإلا ففيها شاةٌ)

- ‌إن كانت المباشرة وطأً دون الفرج ففيها بدنة، وإن كانت قبلةً أو غمزًا ففيها شاة

- ‌مسألة(2): (التاسع: الوطء في الفرج، فإن كان قبل التحلُّل الأول أفسد الحج، ووجب المضيُّ في فاسده والحجُّ من قابلٍ، وعليه بدنة، وإن كان بعد التحلل الأول ففيه شاة، ويُحرِم من التنعيم ليطوف محرمًا)

- ‌الفصل الرابعإذا وطئ بعد التحلل الأول لم يبطل حجه

- ‌فصلوهل عليه بدنة أو شاة؟ على روايتين:

- ‌مسألة(3): (وإن وطئ في العمرة أفسدها، وعليه شاة)

- ‌مسألة(1): (ولا يفسد النسك بغيره)

- ‌مسألة(5): (والمرأة كالرجل، إلا أن إحرامها في وجهها، ولها لُبْسُ المخيط)

- ‌الفصل الثالث: أن إحرامها في وجهها، فلا يجوز لها أن تلبس النقاب والبرقع

الفصل: ‌الفصل الثالث: أن إحرامها في وجهها، فلا يجوز لها أن تلبس النقاب والبرقع

عليهما؛ ولأن المعاني التي من أجلها حُرِّم ذلك على الرجل موجودة في المرأة وربما كانت أشدَّ.

الثاني: أنها لا يحرم عليها لبس المخيط ولا تخمير الرأس؛ فلها أن تلبس الخفين والقميص لما تقدم؛ وذلك لأنها محتاجة إلى ستر ذلك لأنها عورة، ولا يُحصِّل سترَه

(1)

في العادة إلا ما صُنِع على قدره، ولو كُلِّفتِ السترَ بغير المخيط لشقّ عليها مشقة شديدة. ولما كان الستر واجبًا وهو مصلحة عامة لم يكن محظورًا في الإحرام. وسقط عنهن التجرُّد كما سقط استحباب رفع الصوت بالإهلال والصعود على مزدلفة والصفا والمروة، لما فيه من بروزها وظهورها.

‌الفصل الثالث: أن إحرامها في وجهها، فلا يجوز لها أن تلبس النقاب والبرقع

، وهذا إجماع.

قال أصحابنا: وستر رأسها واجب، فقد اجتمع في حقها وجوب

(2)

ستر الرأس ووجوب كشف الوجه، ولا يمكن تكميل أحدهما إلا بتفويت تكميل الآخر. فيجب أن تكمل الرأس لأنه أهم، كما وجب أن تستر سائر البدن ولا تتجرد؛ ولأن المحظور أن تستر الوجه على الوجه المعتاد كما سيأتي. وسترُ شيء يسير منه تبعًا للرأس لا يُعدُّ سترًا للوجه. فأما في غير الإحرام فلا بأس أن تطوف منتقبةً، نصّ عليه.

فإن احتاجت إلى ستر الوجه، مثل أن يمرَّ بها الرجال وتخاف [أن] يروا وجهها، فإنها ترسل من فوق رأسها على وجهها ثوبًا، نصّ عليه.

(1)

ق: «ستر» .

(2)

«وجوب» ساقطة من المطبوع.

ص: 708

قال أبو عبد الله في رواية أبي طالب

(1)

: وإحرام الرجل في رأسه، ولا يغطِّي رأسه

(2)

، ومن نام فوجد رأسه مغطًّى فلا بأس، والأذنان من الرأس. يخمِّر أسفلَ من الأذنين وأسفلَ من الأنف. والنبي صلى الله عليه وسلم قال:«لا تُخمِّروا رأسه»

(3)

. فأذهبُ إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم. قال: وإحرام المرأة في وجهها، لا تنتقب و [لا] تتبرقع، وتُسدلِ الثوب على رأسها من فوق، وتلبس من خزِّها وقَزِّها

(4)

ومعصفرها وحُليِّها في إحرامها، مثل قول عائشة رضي الله عنها.

وذلك لما روت عائشة قالت: «كان الرُّكبان يمرُّون بنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرمات، فإذا حَاذَوا

(5)

بنا سَدَلَتْ إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها، فإذا جاوزونا كشفناه». رواه أحمد رضي الله عنه، وأبو داود وابن ماجه

(6)

.

ولو فعلت ذلك لغير حاجة جاز، على ما ذكره أحمد رضي الله عنه.

(1)

في «التعليقة» (1/ 356) فقرة منها.

(2)

«ولا يغطي رأسه» ساقطة من المطبوع.

(3)

أخرجه البخاري (1265) ومسلم (1206) من حديث ابن عباس.

(4)

«وقزّها» ساقطة من المطبوع.

(5)

في النسختين: «جادوا» . وفي هامشهما: «لعله جازوا» . والمثبت من مصادر التخريج.

(6)

أحمد (24021) وأبو داود (1833) وابن ماجه (2935) من طريق يزيد بن أبي زياد عن مجاهد عن عائشة. ويزيد ضعيف الحديث. وله شاهد من حديث فاطمة بنت المنذر قالت: «كنا نخمّر وجوهنا ونحن محرمات، ونحن مع أسماء بنت أبي بكر الصديق» . رواه مالك في «الموطأ» (1/ 328) ــ واللفظ له ــ وابن خزيمة (2690) والحاكم (1/ 454).

ص: 709

قال ابن أبي موسى

(1)

: إن احتاجتْ سدلتْ.

لكن عليها أن تُجافي ما تسدله عن البشرة، فإن أصاب البشرة باختيارها افتدت، وإن وقع الثوب على البشرة بغير اختيارها رفعتْه بسرعة، ولا فدية عليها، كما لو غطى

(2)

.

فإن لم ترفعه عن وجهها مع القدرة عليه افتدتْ، هذا قول القاضي وأصحابه وأكثر متأخري أصحابنا

(3)

، وحملوا مطلق كلام أحمد عليه، لأنه قال

(4)

: إحرام الرجل في رأسه، وإحرام المرأة في وجهها، قالوا: لأن وجه المرأة كرأس الرجل بدليل ما روي

(5)

. ورأس الرجل لا يجوز تخميره بمخيط ولا غير مخيط، فكذلك وجه المرأة. لكن موجب هذا القياس أن لا تخمِّر وجهها بشيء منفصل عنه كرأس الرجل وهذا غير صحيح.

والذي يدل عليه كلام أحمد وقدماء أصحابه: جواز الإسدال، سواء وقع على البشرة أو لم يقع؛ لأن أحمد قال: تسدل الثوب، وقال ابن أبي موسى

(6)

: إحرامها في وجهها، فلا تغطِّيه ولا تتبرقع، فإن احتاجت سدلت على وجهها. لأن عائشة ذكرت أنهن كنّ يُدلين [ق 290] جلابيبهن على وجوههن من رؤوسهن، ولم تذكر مجافاتها، فالأصل عدمه؛ لاسيما وهو لم

(1)

في «الإرشاد» (ص 164).

(2)

بياض في النسختين.

(3)

انظر «الإنصاف» (8/ 355).

(4)

كما سبق في رواية أبي طالب.

(5)

بياض في النسختين.

(6)

في «الإرشاد» (ص 164).

ص: 710

يُذكر، مع أن الحاجة داعية

(1)

، والظاهر أنه لم يُفعَل؛ لأن الجلباب متى أرسل مسّ بَشرةَ

(2)

الوجه؛ ولأن في مجافاته مشقة شديدة، والحاجة إلى ستر الوجه عامة. وكلُّ ما احتيج إليه لحاجة عامة أُبِيح مطلقًا، كلبس السراويل والخفّ. فعلى هذا التعليل إن باشر لغير حاجة الستر

(3)

.

ولأن وجه المرأة كبدن الرجل وكيد المرأة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تنتقب المرأة المحرمة، ولا تلبس القُفّازَين» ، ولم ينهها عن تخمير الوجه مطلقًا. فمن ادعى تحريم تخميره مطلقًا فعليه الدليل، بل تخصيص النهي بالنقاب وقِرانُه بالقفّاز دليل على أنه إنما نهاها عما صُنع لستر الوجه، كالقفّاز المصنوع لستر اليد، والقميص المصنوع لستر البدن.

فعلى هذا يجوز أن تخمِّره بالثوب من أسفل ومن فوق، ما لم يكن مصنوعًا على وجه يثبت على الوجه، وأن تخمِّره بالمِلْحفة وقت النوم. ورأس الرجل بخلاف هذا كله. وقال ابن أبي موسى

(4)

: ومتى غطَّت وجهها أو تبرقعت افتدتْ.

فصل

ولا يجوز للمحرمة لبس القُفَّازين ونحوهما؛ وهو كل ما يصنع لستر اليدين إلى الكوعين. هذا نصُّه

(5)

ومذهبه، لا خلاف فيه. وكلام الشيخ هنا

(1)

«داعية» ساقطة من المطبوع.

(2)

في المطبوع: «من ببشرة» خطأ.

(3)

بياض في النسختين.

(4)

في «الإرشاد» (ص 164).

(5)

كما في «التعليقة» (1/ 337).

ص: 711

يقتضي جواز لبسهما؛ لأنه لم يذكره، وأباح لبس المخيط مطلقًا. وهذا تساهلٌ في اللفظ لا يؤخذ منه مذهب؛ لأنه قد صرَّح بخلاف ذلك

(1)

، وذلك لما روى الليث عن نافع عن ابن عمر قال: قام رجل فقال: يا رسول الله، ماذا تأمرنا أن نلبس من الثياب في الإحرام؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تلبس القميص، ولا السراويلات، ولا العمائم، ولا البرانس

(2)

، ولا الخِفاف، إلا أن يكون أحد ليست له نعلان فليلبس الخفين، وليقطعهما أسفلَ من الكعبين، ولا تلبسوا شيئًا مسَّه الزعفران والورس، ولا تنتقب المرأة المحرمة، ولا تلبس القُفَّازين». رواه أحمد والبخاري وأبو داود والنسائي

(3)

.

وعن محمد بن إسحاق عن نافع عن ابن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى النساء في الإحرام عن القُفَّازين والنِّقاب، وما مسَّ الورس والزعفران من الثياب. رواه أحمد وأبو داود

(4)

.

وأيضًا فإن حق المحرم أن لا يلبس شيئًا من اللباس المصنوع للبدن، لكن رخّص للمرأة أن تلبس ما تدعو إليه الحاجة لأنها عورة.

ولا حاجة بها إلى أن تستر يديها بذلك؛ لأن سترها يحصل بالكُمّ وبإدخالها في العُبِّ

(5)

ونحو ذلك، فلا حاجة إلى صنع القفّاز ونحوه، كبدن الرجل لما أمكن ستره بالرداء ونحوه لم يجزْ سترُه بالقميص. وهذا بخلاف

(1)

في «المغني» (5/ 158، 159).

(2)

في المطبوع: «البرنس» .

(3)

أحمد (6003) والبخاري (1838) وأبو داود (1825) والنسائي (2681).

(4)

أحمد (4740، 4868) وأبو داود (1827).

(5)

أصل الكمّ.

ص: 712

قدميها، فإنها لو أُمرتْ بلبس النعلين

(1)

، أيضًا فإن يديها تظهر غالبًا، فسترهما بالقُفَّاز ونحوه صونٌ لهما في حال الإحرام، فلم يجزْ.

وقد سلك بعض أصحابنا

(2)

في ذلك طريقة؛ وهو

(3)

أن اليدين ليسا من العورة، فوجب كشفهما كالوجه، وعكسه القدمان وسائر البدن، وذلك لأن العورة يجب سترها بخلاف ما ليس بعورة. ومن سلك هذه الطريقة جوَّز لها أن تصلِّي مكشوفة اليدين.

وهذه الطريقة فيها نظر لوجوه:

أحدها: أن اليدين لا يجب كشفهما، ولا يحرم تعمُّدُ تخميرِهما بما لم يصنع على قدرهما بالإجماع، فإن لها أن تقصد إدخال اليد في الكمّ وفي الجيب من غير حاجة، ولو كان مطلق الستر حرامًا إلا لحاجة لما جاز ذلك.

الثاني: أن كون الوجه واليدين ليسا بعورة لا يبيح إبداءهما للرجال بكل حال، وكون العضد والساق عورة لا يوجب سترهما في الخلوة، وإنما يظهر أثر ذلك في الصلاة ونحوها

(4)

.

* * * *

(1)

كذا في النسختين، ويبدو أن هنا سقطًا، ومن قوله «أيضًا» تعليل آخر لعدم سَتر اليدين في الإحرام.

(2)

انظر «التعليقة» (1/ 339، 341).

(3)

كذا في النسختين بتذكير الضمير.

(4)

في المطبوع: «ونحوهما» خطأ.

ص: 713