الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومزدلفة
…
(1)
.
و
يُكره إظهار التلبية في الأمصار والحِلَل
(2)
. قال أحمد في رواية المرُّوذي
(3)
: التلبية
(4)
إذا برزوا
(5)
عن البيوت.
وقال في رواية أبي داود
(6)
: لا يُعجبني أن يلبّي في مثل بغداد حتى يبرُزَ.
وقال في رواية حمدان
(7)
بن علي
(8)
: إذا أحرم
(9)
في مِصْره لا يُعجبني أن يلبِّي. وفي لفظٍ: يلبِّي الرجل إذا وارى الجدران، قول ابن عباس، ولا يُعجِبني يلبِّي
(10)
من المصر.
وحمل أصحابنا قوله على إظهار التلبية وإعلانها. وعبارة كثير منهم: لا يُستحبُّ إظهارها، وربما قالوا: لا يُشرع ذلك، كما قالوا: لا يُستحبُّ تكرارها في حال واحدة، وذلك يقتضي التسوية بين المسألتين؛ إما في الكراهة، أو في
(1)
بياض في النسختين.
(2)
جمع حِلَّة: منزل القوم وجماعة البيوت ومجتمع الناس.
(3)
كما في «التعليقة» (1/ 182).
(4)
«في الأمصار
…
التلبية» ساقطة من ق.
(5)
س: «برز» .
(6)
في «مسائله» (ص 172) و «التعليقة» (1/ 182).
(7)
س: «أحمد» .
(8)
كما في «التعليقة» (1/ 182).
(9)
«أحرم» ساقطة من س.
(10)
«يلبي» ساقطة من المطبوع.
أن الأولى تركه، وذلك لِما احتجَّ به أحمد ورواه
(1)
بإسناده عن عطاء عن ابن عباس أنه سمع رجلًا يلبِّي بالمدينة، فقال: إن هذا لمجنون، ليست التلبية في البيوت، وإنما التلبية إذا برزتَ.
وعلّله القاضي
(2)
بأن التلبية مستحبة
(3)
، وإخفاء التطوُّع أولى من إظهاره لمن لا يشركه فيه؛ ولهذا لم يكره ذلك في الصحراء وفي أمصار الحرم؛ لوجود الشركاء.
وهذا ليس بشيء، ويحتمل أن يكون ذلك لأن المقيم في مصرِه ليس بمسافر ولا متوجه إلى الله تعالى، والتلبية إجابة الداعي، وإنما يجيبه إذا شرع في السفر. فإذا فارق البيوت شرع في السفر فيجيبه، وكلام ابن عباس وأحمد يحتمل هذا. فعلى هذا لو مرَّ بمصرٍ آخر في طريقه لبَّى منه.
وعلى هذا فلا يُستحبُّ إخفاؤها ولا إظهارها، وهو ظاهر كلام أحمد وابن عباس.
فأما المساجد فقال القاضي
(4)
وأبو الخطاب
(5)
: لا يُستحبُّ إظهارها في الأمصار ومساجد الأمصار. ومساجد الأمصار
(6)
: هي المبنيَّة في المصر؛
(1)
في «مسائله ــ رواية أبي داود» (ص 142)، وفي إسناده لين.
(2)
في «التعليقة» (1/ 182).
(3)
ق: «تستحب» .
(4)
في «التعليقة» (1/ 181).
(5)
في «الهداية» (ص 176).
(6)
«ومساجد الأمصار» ساقطة من ق.
وذلك لأن حكمها كحكم المصر
(1)
وأولى من حيث كُرِهَ رفع الصوت فيها، لا من [حيث] إظهارها في مساجد الحلّ وأمصاره.
فعلى هذا: المساجد
(2)
المبنية في البرية مثل مسجد ذي الحليفة ونحوه لا يُظْهَر فيه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن رفع الصوت في المسجد
(3)
. وإنما خُصّ من ذلك الإمامُ خاصةً والمأمومُ إذا احتيج إلى تبليغ تكبير الإمام. فيبقى رفع الصوت بالتلبية على عمومه. وهذا قويٌّ على قول من لا يرى
…
(4)
.
وحديث ابن عباس في إهلال النبي صلى الله عليه وسلم بمسجد ذي الحليفة عقيبَ الركعتين، وقول أحمد وغيره بذلك يخالف هذا القول.
قال أصحابنا: ويستحبُّ إظهارها في المسجد الحرام وغيره من مساجد الحرم؛ مثل مسجد منى، وفي مسجد عرفات، وإظهارها في مكة، لأنها مواضع المناسك
(5)
.
(1)
ق: «حكم المصر» .
(2)
في المطبوع: «للمساجد» خطأ.
(3)
رُوي النهي الصريح عن رفع الصوت في المسجد في حديث ضعيف أخرجه ابن ماجه (750). وثَمّ آثار تدل على المنع. انظر «باب رفع الصوت في المسجد» من «صحيح البخاري» مع «الفتح» (1/ 560، 561).
(4)
بياض في النسختين.
(5)
في س بعدها: «فصل ولا بأس بتلبية الحلال
…
». وهذا الفصل في ق بعد الفصل الآتي. وهو المكان المناسب له، فإنه آخر مباحث التلبية في «المغني» (5/ 108) و «الشرح الكبير» (8/ 217).
فصل
وأما تسمية ما أحرم به في تلبيته
(1)
، فقال أبو الخطاب
(2)
: لا يُستحبُّ أن ينطق بما أحرم به، ولا يُستحبُّ أن يذكره في تلبية؛ لما رُوي عن ابن عمر يقول: لا يضرُّ الرجلَ أن لا يسمِّي بحج ولا بعمرة، يكفيه من ذلك نيتُه، إن نوى حجًّا فهو حج، وإن نوى عمرة فهو عمرة
(3)
.
وعنه أنه كان إذا سمع بعض أهله يسمِّي بحج يقول: «لبيك
(4)
بحجة» صَكَّ في صدره وقال: أتُعلِّم الله بما في نفسك؟
(5)
.
وعنه أنه سئل: أيتكلم بالحج والعمرة؟ فقال: أتُنبِّئون الله بما في قلوبكم؟
(6)
.
وذلك لأن عائشة قالت: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نلبِّي
(7)
لا نذكر حجًّا ولا عمرة. متفق عليه
(8)
. والذين وصفوا تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم لما استوى على
(1)
ق: «التلبية» .
(2)
في «الهداية» (ص 176). وفيه: «والمستحب أن ينطق
…
».
(3)
عزاه في «القِرى» (ص 177) إلى سعيد بن منصور. وأخرج ابن أبي شيبة (15069) نحوه مختصرًا من طريق نافع عنه.
(4)
«لبيك» ليست في س.
(5)
رواه الشافعي ــ كما في «معرفة السنن والآثار» (7/ 125) ــ، والبيهقي في «الكبرى» (5/ 40) عن نافع عنه.
(6)
لم أقف عليه.
(7)
«نلبي» ليست في س.
(8)
أخرجه بهذا اللفظ مسلم (1211/ 129). وعند البخاري (1772) بلفظ: «خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نذكر إلا الحج
…
».
دابته مثل ابن عمر وغيره، ذكروا أنه لبَّى
(1)
، ولم يذكروا
(2)
في تلبيته ذكر حج ولا عمرة.
والمنصوص عن أحمد في رواية المرُّوذي
(3)
قال: إن أردتَ المتعة فقل: «اللهم إني أريد العمرة، فيسِّرها لي وتقبَّلْها مني، وأعنِّي عليها» تُسِرُّ ذلك في نفسك مستقبلَ القبلة، وتشترط عند إحرامك، فتقول: إن حبسني حابس فمحلّي حيث حبستَني، وإن شئتَ أهللتَ على راحلتك. وذكر في الإفراد والقران
(4)
نحو ذلك، إلا أنه قال:«اللهم إني أريد العمرة والحج فيسِّرهما لي وتقبّلهما مني، لبيك اللهم عمرة وحجًّا، فقل كذلك» . ولم يذكر في المتعة والإفراد لفظه في التلبية.
فقد استحبَّ أن يسمِّي في تلبيته العمرة [ق 228] والحج أولَ مرّةٍ؛ لما روى بكر بن عبد الله المزني عن أنس قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يلبِّي بالحج والعمرة جميعًا، قال بكر: فحدثتُ بذلك ابن عمر، فقال: لبَّى بالحج وحده. فلقيتُ
(5)
أنسًا فحدثته، فقال أنس: ما تعدُّونا إلا صبيانًا، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:«لبيك عمرةً وحجًّا» . متفق عليه
(6)
. وقال: «قل: عمرة وحجة» ،
(1)
ق: «يلبي» .
(2)
س: «ولم يذكر» .
(3)
سبق ذكرها.
(4)
ق: «في القران والإفراد» .
(5)
س: «فقلت» .
(6)
أخرجه بهذا اللفظ مسلم (1232). وعند البخاري (4353) بسياق آخر.
وفي لفظٍ: «عمرة في حجة»
(1)
. ولكن هذا يحتمل النطق قبلَ التلبية ووقتَها
(2)
.
وعن علي أنه أهلَّ بهما: لبيك بعمرة وحجة، وقال: ما كنت لأدعَ سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لقول أحد. رواه البخاري
(3)
.
وفي حديث الصُّبي بن مَعبد أنه
(4)
سمعه
(5)
سلمان وزيد وهو يلبِّي بهما، فقال له عمر:«هُدِيتَ لسنة نبيك»
(6)
.
وقال ابن أبي موسى
(7)
: إن أراد الإفراد بالحج قال: اللهم إني أريد الحج فيسِّره لي وتمِّمْه
(8)
، ويلبّي فيقول:«لبيك اللهم لبيك، بحجةٍ تمامها عليك، لبيك لا شريك لك، إن الحمد والنعمة لك» إلى آخرها، ويُستحبُّ له الاشتراط، وهو أن يقول بعد التلبية:«إن حبسني حابسٌ فمحلّي حيث حبستَني» .
وقال في القارن: هو كالمفرد غير أنه يقول في تلبيته: «لبيك بعمرة وحجة تمامها عليك» بعد أن ينوي القران.
(1)
سبق تخريجهما.
(2)
(3)
سبق ذكره.
(4)
بعدها بياض في ق.
(5)
في النسختين: «وسمعه» . والواو لا حاجة إليها.
(6)
حديث صحيح سبق تخريجه (ص 323 - 324).
(7)
في «الإرشاد» (ص 158).
(8)
في المطبوع: «وأتممه» . وهو خلاف النسختين و «الإرشاد» .
وقد جاء في حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من أراد أن يُهِلَّ بحجة فليفعل، ومن أراد أن يُهِلَّ بعمرة فليفعل، ومن أراد أن يُهِلَّ بحجة وعمرة فليفعل» .
وفي حديث ابن عباس: «أهلَّ بالعمرة، وأهلَّ أصحابه بالحج» .
وفي حديث ابن عمر: «لبَّى بالحج وحده» .
إلا أن هذا يقال لمن نوى ذلك ولمن يُعلِم به
(1)
في تلبيته كما يقال ....
(2)
، بدليل أن ابن عمر يروي ذلك، وكان ينكر اللفظ به في التلبية.
فصل
ولا بأس بتلبية الحلال، ولا يصير محرمًا بذلك إلا أن ينوي الإحرام. قال أحمد في رواية الأثرم
(3)
: قد يلبِّي الرجل ولا يُحرِم، ولا يكون عليه شيء. لما روي عن إبراهيم قال: أقبل عبد الله من ضَيْعته التي دون القادسية، فلقي قومًا يلبُّون عند النجف فكأنهم هيَّجوا شوقَه
(4)
، فقال: لبيك عددَ التراب لبيك. رواه سعيد
(5)
.
وعن عطاء والحسن وإبراهيم أنهم لم يروا بأسًا للحلال أن يتكلَّم بالتلبية يُعلِّمها الرجلَ
(6)
.
(1)
«به» ليست في ق.
(2)
بياض في النسختين.
(3)
كما في «التعليقة» (1/ 174).
(4)
في المطبوع: «أشواقه» خلاف النسختين.
(5)
ولم أقف عليه عند غيره. وانظر (ص 418).
(6)
أخرجه ابن أبي شيبة (14284 - 14288) عنهم وعن غيرهم من التابعين.
وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في دعاء الاستفتاح: «لبيك وسعديك، والخير في يديك، والشر ليس إليك، أنا منك وإليك» . رواه مسلم
(1)
.
* * * *
(1)
رقم (771) من حديث علي بن أبي طالب.