المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌إذا أحرم دبر الصلاة ففي أول أوقات التلبية ثلاثة أوجه: - شرح عمدة الفقه - ابن تيمية - ط عطاءات العلم - جـ ٤

[ابن تيمية]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الحج

- ‌جماعُ معنى الحج في أصل اللغة

- ‌مسألة(1): (يجب الحج والعمرة مرةً في العمر على المسلم العاقل البالغ الحرِّ)

- ‌الفصل الثانيأن العمرة أيضًا واجبة

- ‌ عنه رواية أخرى: أنها سنة

- ‌إن العمرة هي الحج الأصغر

- ‌الفصل الثالثأنهما إنما يجبان مرةً في العمر بإيجاب الشرع، فأما إيجاب المرء على نفسه فيجب في الذمة بالنذر

- ‌الفصل الرابعأنه لا يجب الوجوب المقتضي للفعل وصحتِه إلا على مسلم

- ‌الفصل الخامسأنه لا حج على مجنون(3)كسائر العبادات

- ‌الفصل السادسأنه لا حجَّ على الصبي قبل البلوغ

- ‌الفصل السابعأنه لا يجب إلا على حرٍّ كاملِ الحرية

- ‌مسألة(1): (إذا استطاع إليه سبيلًا، وهو(2)أن يجد زادًا وراحلةً بآلتها(3)مما يَصلُح لمثله، فاضلًا عما يحتاج إليه لقضاء ديونه(4)ومُؤْنةِ نفسه وعياله على الدوام)

- ‌الفصل الرابعأن يجد ذلك بعد ما يحتاج إليه من قضاء دينه ومُؤْنة نفسه وعياله على الدوام

- ‌إن كان له كتبُ علمٍ يحتاج(6)إليها لم يلزمه بيعها

- ‌إذا أَحجَّ(3)عن نفسه أجزأ عنه وإن عوفي

- ‌فصلإمكان المسير والأداء بسعة الوقت، وخلوِّ الطريق، والصحة(2): هل هو شرط للوجوب أو للزوم الأداء(3)فقط؟ على روايتين

- ‌مسألة(1): (ويُعتبر للمرأة وجودُ مَحْرمها، وهو زوجها، ومن تَحْرم عليه على التأبيد بنسبٍ أو سببٍ مباح)

- ‌لا يجوز لها(2)أن تسافر بغير محرم إلا في الهجرة

- ‌الفصل الثاني في المَحْرم

- ‌مسألة(6): (فمن فرَّط حتى مات أُخرِج عنه من ماله حجة وعمرة)

- ‌ من زعم أن العمل لا ينفع غير عامله في جميع المواضع فقد خرج عن دين الإسلام

- ‌فصليجب الحج عن الميت والعاجز من حيث وجب عليه

- ‌إذا لم يقدر له النفقة، فإنه ينفق بالمعروف، ويردُّ ما فضلَ

- ‌مسألة(4): (ولا يصحُّ الحجُّ من كافرٍ ولا مجنونٍ)

- ‌الثاني: أن يُجنَّ بعد إحرامه، فهذا إن كان صرعًا وخَنْقًا لم يبطل إحرامه

- ‌مسألة(4): (ويصحُّ من العبد والصبيِّ، ولا يُجزِئهما)

- ‌الفصل الثانيأن حج الصبي صحيح(2)، سواء كان مميِّزًا أو طفلًا

- ‌إن كان غير مميز عقد الإحرامَ له وليُّه

- ‌مسألة(1): (ويصحُّ من غير المستطيع والمرأةِ بغير مَحْرم، ويُجزئهما)

- ‌مسألة(4): (ومن حجَّ عن غيره ولم يكن حجَّ(5)عن نفسه، أو عن نذرِه ونَفْلِه(6)قبل حجة الإسلام، وقع عن فرض نفسه دون غيره)

- ‌ إذا خالف وأحرم عن غيره ففيه روايتان

- ‌الفصل الثانيإذا كان عليه فرضٌ ونفْلٌ لم يجز أن يُحرِم إلا بالفرض، وإن كان عليه فرضان لم يجز أن يبدأ إلا بأوكدِهما

- ‌باب المواقيت

- ‌مسألة(2): (وميقات أهل المدينة ذو الحُلَيفة(3)، والشام ومصر والمغرب الجُحْفة، واليمن يَلَمْلَم، ولنجدٍ قَرْن، وللمشرق ذات عِرْق)

- ‌مسألة(1): (وهذه المواقيتُ لأهلها، ولكلِّ من مرَّ عليها)

- ‌ومن مرَّ على ميقاتين فعليه أن يحرم من أبعدهما من مكة

- ‌مسألة(4): (ومن كان منزلُه دون الميقات فميقاته من موضعه، حتى أهلُ مكة يُهِلُّون منها لحجّهم، ويُهِلُّون للعمرة من الحلّ)

- ‌فصلوأما المكي إذا أراد أن يعتمر فإنه يخرج إلى الحلّ

- ‌الإحرام بالعمرة من أقصى الحلّ أفضلُ من أدناه

- ‌فأما الاعتمار من الحديبية فلا فضلَ فيه على غيره

- ‌مسألة(3): (ومن لم يكن طريقُه على ميقاتٍ(4)فميقاتُه حذوَ أقربِها إليه)

- ‌مسألة(1): (ولا يجوز لمن أراد دخول مكة تجاوزُ الميقات غيرَ محرمٍ(2)إلا لقتال مباح، أو حاجةٍ تتكرَّر كالحطَّاب ونحوه. ثم إن أراد النسك أحرم من موضعه، وإن تجاوزه غيره(3)رجع فأحرم من الميقات، فإن أحرم مِن دونِه فعليه دم، سواء رجع إلى الميقات أو لم يرجع)

- ‌إن دخل مكة(4)غيرَ مُحرمٍ لزمه قضاء هذا الإحرام

- ‌الفصل الثانيأن من دخل مكة لقتال مباح فإنه لا إحرام عليه

- ‌وكذلك من دخلها خائفًا لفتنةٍ عرضتْ ونحو ذلك

- ‌مسألة(1): (والأفضل أن لا يُحرِم قبل الميقات، فإن فعلَ فهو مُحرِم)

- ‌ تفسير الحديث: «أن تُحرِم من دُوَيرة أهلك»

- ‌مسألة(5): (وأشهرُ الحج: شوال وذو القعدة وعشْرٌ من ذي الحجة)

- ‌فإن خالف وأحرم بالحج قبل أشهره فإنه ينعقد الإحرام بالحج في أشهر الروايتين

- ‌باب الإحرام

- ‌مسألة(1): (من أراد الإحرام استُحِبَّ له أن يغتسل، ويتنظَّف، ويتطيَّب، ويتجرَّد عن المَخِيْط في إزارٍ ورداء أبيضَينِ نظيفينِ)

- ‌ وليس هذا الغسل واجبًا، نصَّ عليه

- ‌ يُستحبُّ أن يتطيَّب في بدنه دون ثيابه

- ‌مسألة(2): (ثم يصلِّي ركعتين ويُحرم عقيبَهما؛ وهو أن ينوي الإحرام، ويُستحبُّ أن ينطق به ويشترط

- ‌الفصل الثانيفي الوقت الذي يُستحب فيه الإحرام

- ‌إذا أحرم دُبر الصلاة ففي أول أوقات التلبية ثلاثة أوجه:

- ‌ التلبية(6)والإهلال والإحرام وفرْضُ الحج بمعنى واحد

- ‌الفصل الثالثأن الإحرام ينعقد بمجرد النية عند أصحابنا

- ‌مسألة(1): (وهو مخيَّر بين التمتع والإفراد والقران، وأفضلُها التمتع، وهو أن يُحرم بالعمرة في أشهر الحج، ويفرغ منها، ثم يشرع في الحج في عامه، ثم الإفراد، وهو أن يُحرم بالحج مفردًا، ثم القِران

- ‌إن الرجل إذا أنشأ للعمرة سفرًا من مصره كان أفضل من عمرة التمتع

- ‌أما كون النبي صلى الله عليه وسلم أفرد الحج ولم يعتمر في أشهره، فعنه ثلاثة أجوبة:

- ‌المسألة الثانية(2): أنه يجوز أن يحرم بالعمرة، ثم يُدخل عليها الحج، ويصير قارنًا

- ‌مسألة(1): (وإذا استوى على راحلته لبَّى، فيقول: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك)

- ‌سبب التلبية ومعناها

- ‌مسألة(5): (ويُستحبُّ الإكثارُ منها ورفعُ الصوت بها لغير النساء)

- ‌أما المرأة فيستحبُّ لها أن تُسمِع رفيقتها

- ‌يُكره إظهار التلبية في الأمصار والحِلَل

- ‌باب(1)محظورات الإحرام

- ‌مسألة(2): (وهي تسع(3): حَلْق الشعر، وقَلْم الظُّفر)

- ‌مسألة(1): (ففي ثلاثٍ منها دمٌ، وفي كل واحد مما دونها مُدُّ طعامٍ، وهو ربعُ الصاعِ)

- ‌مسألة(5): (الثالث: لُبس المَخيط إلا أن لا يجد إزارًا فيلبس سراويلَ، أو لا يجد نعلين فيلبسْ خفينِ، ولا فدية عليه)

- ‌مسألة(6): (الرابع: تغطية الرأس، والأذنان منه)

- ‌وحيث كُرِه له التظليل فهل تجب الفدية؟ على روايتين منصوصتين

- ‌مسألة(3): (الخامس: الطِّيب في بدنه وثيابه)

- ‌فصليحرم عليه أن يتطيَّب في بدنه وثيابه، سواء مسَّ الطيبُ بدنه أو لم يمسَّه

- ‌وليس له أن يستصحب ما يجد ريحه لتجارة ولا غيرها وإن لم يقصد شمَّه

- ‌فصلفأما الثياب المصبوغة بغير طيب؛ فلا يُكره منها في الإحرام إلا ما يُكره في الحلّ

- ‌أما الكحل إذا كان فيه طيب فإنه لا يجوز إلا لضرورة

- ‌مسألة(3): (السادس: قتل صيد البرِّ، وهو ما كان وحشيًّا مباحًا، فأما صيد البحر والأهليّ وما حرم أكلُه فلا شيء فيه، إلا ما كان متولِّدًا من مأكولٍ وغيره)

- ‌إذا وجد المضطرُّ ميتة وصيدًا فإنه يأكل الميتة ويدع الصيد

- ‌إذا أكل الصيد مَن صِيْد لأجله من المحرمين وجب عليه الجزاء

- ‌مسألة(2): (السابع: عقْدُ النكاح لا يصحُّ منه، ولا فديةَ فيه)

- ‌مسألة(2): (الثامن: المباشرة لشهوة فيما دون الفرج، فإن أنزلَ بها ففيها بدنةٌ، وإلا ففيها شاةٌ)

- ‌إن كانت المباشرة وطأً دون الفرج ففيها بدنة، وإن كانت قبلةً أو غمزًا ففيها شاة

- ‌مسألة(2): (التاسع: الوطء في الفرج، فإن كان قبل التحلُّل الأول أفسد الحج، ووجب المضيُّ في فاسده والحجُّ من قابلٍ، وعليه بدنة، وإن كان بعد التحلل الأول ففيه شاة، ويُحرِم من التنعيم ليطوف محرمًا)

- ‌الفصل الرابعإذا وطئ بعد التحلل الأول لم يبطل حجه

- ‌فصلوهل عليه بدنة أو شاة؟ على روايتين:

- ‌مسألة(3): (وإن وطئ في العمرة أفسدها، وعليه شاة)

- ‌مسألة(1): (ولا يفسد النسك بغيره)

- ‌مسألة(5): (والمرأة كالرجل، إلا أن إحرامها في وجهها، ولها لُبْسُ المخيط)

- ‌الفصل الثالث: أن إحرامها في وجهها، فلا يجوز لها أن تلبس النقاب والبرقع

الفصل: ‌إذا أحرم دبر الصلاة ففي أول أوقات التلبية ثلاثة أوجه:

وعلى هذا يُستحب الإحرام إذا ركب وأراد الأخذ في السير؛ لأن تقليد الهدي وإشعاره بعد الصلاة، وقد جعل الإحرام بعده.

و‌

‌إذا أحرم دُبر الصلاة ففي أول أوقات التلبية ثلاثة أوجه:

أحدها: أنه يلبّي إذا استوتْ به راحلته كما ذكره الشيخ، قاله الخرقي

(1)

، وذكره القاضي

(2)

وابن عقيل في «المجرد» و «الفصول» ، وهو المنصوص عنه في رواية الأثرم؛ قال

(3)

: قد يكون الرجل محرمًا بغير تلبية إذا عزم على الإحرام، وقد يلبِّي الرجل ولا يُحرِم، ولا يكون عليه شيء وهو يَعزِم على الإحرام، فإذا انبعثتْ به راحلتُه لبَّى.

والثاني: أن أول حالٍ تُشرع فيها التلبية إذا أشرف على البيداء، لا في أول الإحرام، ذكره القاضي في بعض المواضع.

والثالث: أنه يلبِّي عقيبَ إحرامه في دُبُر الصلاة، وهو الذي استقرَّ عليه قول القاضي

(4)

وغيره من أصحابنا، وقد نصّ في رواية المرُّوذي

(5)

على أنه يَصِل الإحرام بالتلبية.

قال أحمد في رواية حرب

(6)

وقد سأله عن الرجل إذا أحرم في دُبُر

(1)

في «مختصره» مع شرحه «المغني» (5/ 100).

(2)

في «التعليقة» (1/ 168).

(3)

كما في المصدر السابق (1/ 174).

(4)

في المصدر السابق (1/ 167).

(5)

كما في المصدر السابق (1/ 167).

(6)

كما في المصدر السابق (1/ 170، 171).

ص: 271

الصلاة أيلبِّي ساعةَ يُسلِّم أم متى

(1)

؟ قال: يلبِّي متى شاء ساعةَ يُسلِّم، وإن شاء بعد ذلك، وسهَّل فيه.

وأكثر نصوص أحمد تدلُّ على أن زمن الإحرام هو زمن التلبية، كما تقدَّم عنه أنه مخيَّر بين الإحرام والإهلال عقيب الصلاة وعلى الراحلة، ولم يذكر في شيء من ذلك أنه يحرم عقيب الصلاة ويلبي إذا استوت به راحلته.

وسبب هذا: الاختلافُ في وقت إحرام النبي صلى الله عليه وسلم وإهلاله، فروى نافع قال: كان ابن عمر يأتي مسجد ذي الحليفة فيصلّي، ثم يركب فإذا استوت به راحلته قائمةً أحرم، ثم قال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه البخاري

(2)

.

وفي لفظ له

(3)

: «رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يركب راحلته بذي الحليفة، ثم يهلّ حين تستوي به قائمة» .

وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: «بيداؤكم هذه التي تكذبون على رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها

(4)

ما أهلَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا من عند المسجد

(5)

» يعني مسجد ذي الحليفة. وفي رواية: «ما أهلّ إلا من عند الشجرة حين قام به بعيره» . متفق عليهما

(6)

.

وفي رواية عنه: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يُهِلُّ ملبِّدًا يقول: لبيك اللهم

(1)

ق: «يبقى» تحريف.

(2)

رقم (1554).

(3)

رقم (1514) وأخرجه مسلم (1187/ 29) أيضًا.

(4)

«فيها» ساقطة من س.

(5)

س: «الشجرة» .

(6)

البخاري (1541) ومسلم (1186/ 23، 24).

ص: 272

لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملكَ لا شريك لك

(1)

. وقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يركع بذي الحليفة ركعتين، ثم إذا استوت به الناقة قائمةً عند مسجد ذي الحليفة أهلَّ بهؤلاء الكلمات». رواه مسلم

(2)

.

وعنه أيضا قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا وضع رِجْلَه

(3)

في الغَرْز وانبعثَتْ به راحلته قائمةً أهلَّ من ذي الحليفة. متفق عليه

(4)

.

وهذا يبيِّن أنه أهلّ لما انبعثت به

(5)

إلى القيام وهو استواؤها؛ لأن البعير إذا نهض يكون منحنيًا، فإذا استوى صار

(6)

قائما.

وهذا كله يبيِّن أنه أهلّ حين استواء البعير وإرادة المسير قبل أن يشرع في السير، فعلى هذا تكون التلبية عوضًا عن الذكر المشروع.

وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن إهلال رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذي الحليفة حين استوتْ به راحلته. رواه البخاري

(7)

، وقال: رواه أنس وابن عباس.

وعن أنس بن مالك قال: صلّى النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة أربعًا، وبذي الحليفة ركعتين، ثم بات حتى أصبح بذي الحليفة، فلما ركب راحلته واستوتْ به

(1)

«لبيك إن الحمد

شريك لك» ساقطة من ق.

(2)

رقم (1184/ 21).

(3)

س: «رجليه» .

(4)

البخاري (2865) ومسلم (1187/ 27).

(5)

«به» ليست في س.

(6)

س: «كان» .

(7)

رقم (1515).

ص: 273

أهلَّ. رواه البخاري

(1)

، ولمسلم

(2)

إلى قوله: «ركعتين» .

وعن ابن عباس قال: صلَّى النبي صلى الله عليه وسلم الظهر بذي الحليفة، ثم دعا بناقته فأشعرها في صفحة سَنامها الأيمن، وسَلَتَ الدمَ عنها، وقلَّدها نعلين، ثم ركب راحلته، فلما استوت به على البيداء أهلَّ بالحج. رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي

(3)

.

فهذه نصوص صحيحة أنه إنما أهلّ [ق 193] حين استوت به

(4)

راحلته واستوى عليها، ورُواتها مثل ابن عمر وجابر وأنس وابن عباس في رواية صحيحة.

ثم من قال من أصحابنا: يُحرِمون عقيب الصلاة قال: قد جاء أنه أحرم عقيب الصلاة، وهنا أنه أهلّ إذا استوتْ به راحلته، فتُحمَل تلك الرواية على الإحرام المجرَّد، وهذه على الإهلال

(5)

؛ لأن التلبية إجابة الداعي، وإنما تكون

(6)

الإجابة إذا أراد أن يأخذ في الذهاب إليه، بخلاف الإحرام فإنه عقدٌ وإيجاب، ففعلُه عقيب الصلاة أقرب إلى الخشوع.

وأما رواية البيداء فروي عن أنس بن مالك رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلّى الظهر ثم ركب راحلته، فلما علا على جبل البيداء أهلَّ. رواه أحمد وأبو داود

(1)

رقم (1546).

(2)

رقم (690).

(3)

أحمد (2296) ومسلم (1243) وأبو داود (1752) والنسائي (2782).

(4)

«به» ليست في س.

(5)

ق: «المجرد عن الإهلال» .

(6)

«تكون» ليست في ق.

ص: 274

والنسائي، وقد روى البخاري

(1)

نحوه.

وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: لما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم[الحج]

(2)

أذَّن في الناس فاجتمعوا، فلما أتى البيداء أحرم. رواه الترمذي

(3)

وقال: حديث حسن صحيح.

ورواه مسلم

(4)

في حديثه الطويل، ولفظه: «فصلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد، ثم ركب القَصْواء

(5)

، حتى إذا استوت به ناقته

(6)

على البيداء نظرت

(7)

إلى مدِّ بصري بين يديه من راكبٍ وماشٍ، وعن يمينه مثلَ ذلك، ومن خلفه مثلَ ذلك، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا وعليه ينزل القرآن وهو يعرف تأويله، وما عمِلَ به من شيء عملنا به، فأهلَّ بالتوحيد: لبيك اللهم لبيك، [لبّيك] لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملكَ، لا شريك لك».

(1)

رواه أحمد (13153) وأبو داود (1774) والنسائي (2662) بإسناد صحيح من رواية الحسن البصري عن أنس. وأخرجه البخاري (1551) من رواية أبي قلابة عن أنس قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن معه بالمدينة الظهر أربعًا، والعصر بذي الحليفة ركعتين، ثم بات بها حتى أصبح، ثم ركب حتى استوت به على البيداء، حمد الله وسبح وكبر، ثم أهل بحج وعمرة

».

(2)

زيد من مصدر التخريج.

(3)

رقم (817).

(4)

رقم (1218).

(5)

في النسختين: «القصوى» .

(6)

س: «راحلته» . وسقطت «به» من ق.

(7)

ق: «فنظرت» .

ص: 275

وعن سعد

(1)

بن أبي وقّاص قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أخذ طريقَ الفُرع أهلَّ إذا استقلَّت

(2)

به راحلته، وإذا أخذ طريق أُحُدٍ أهلَّ إذا أشرف على جبل البيداء. رواه أبو داود

(3)

.

ووجه الأول ما روى خُصَيف عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم لبَّى في دُبر الصلاة. رواه الخمسة إلا أبا داود

(4)

، ولفظ أحمد:«لبَّى في دُبُر الصلاة» . وقال الترمذي: حديث حسن غريب.

وفي رواية لأحمد

(5)

وأبي داود عن سعيد قال: قلت لابن عباس: عجبًا لاختلاف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في إهلاله، فقال: إني لأعلمُ الناسِ بذلك، إنما كانت منه حجةٌ واحدةٌ فمن هنالك اختلفوا. خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجًّا، فلما صلّى في مسجده بذي الحليفة ركعتيه

(6)

أوجبَ في مجلسه، فأهلَّ بالحج حين فرغ من ركعتيه، فسمع ذلك منه أقوام، فحفظوا عنه، ثم

(1)

في المطبوع: «سعيد» ، تحريف.

(2)

س: «استوت» . والتصويب في هامشها.

(3)

رقم (1775) والبزار (1198) والحاكم (1/ 452)، وهو ضعيف، تفرّد به محمد بن إسحاق وقد رواه بالعنعنة.

(4)

أخرجه أحمد (2579) والترمذي (819) والنسائي (2754)، ولم أجده في «سنن ابن ماجه» . والإسناد فيه ضعف من أجل خُصيف الجزري.

(5)

رقم (2358) وأبو داود (1770) من طريق خصيف عن سعيد بن جبير. وأخرجه أيضًا الحاكم (1/ 451) والبيهقي في «الكبرى» (5/ 37) وفي «معرفة السنن والآثار» (7/ 120 - 121) وقال عقبه: «هذا جمع حسن، إلا أن خُصيفًا الجزري ليس بالقوي عند أهل العلم بالحديث. وقد رواه الواقدي بإسناد له عن ابن عباس، إلا أن الواقدي ضعيف» . وقال بنحوه في «الكبرى» . قلتُ: رواية الواقدي التي أشار إليها ستأتي قريبًا.

(6)

في المطبوع: «ركعتين» .

ص: 276

ركب فلما استقلَّت به ناقته أهلَّ، فأدرك ذلك منه أقوام فحفظوا عنه، وذلك أن الناس إنما كانوا يأتون أَرْسالًا، فسمعوه حين استقلَّت به ناقته، ثم مضى فلما علا على شرف البيداء أهلَّ، فأدرك ذلك أقوام فقالوا: إنما أهلَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم حين علا شرفَ البيداء، وأيْمُ اللهِ لقد أوجبَ في مصلَّاه، وأهلَّ حين استقلَّت به راحلته، وأهلَّ حين علا على شرف البيداء.

ورواه الأثرم

(1)

وقال: أوجب رسول الله صلى الله عليه وسلم الإحرام حين فرغ من صلاته، ثم خرج فلما ركب راحلته واستوت به ناقته أهلَّ. ولعل هذا اللفظ هو الذي اعتمده بعض أصحابنا.

ورُوي [في حديث آخر]

(2)

عن ابن عباس أنه قال: أهلَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجد ذي الحليفة وأنا معه، وناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم عند باب المسجد وابن عمر معها، ثم خرج فركب فأهلَّ، فظنَّ ابن عمر أنه أهلَّ في ذلك الوقت.

وهذه رواية مفسّرة فيها زيادةُ علمٍ واطلاعٍ على ما خفي في غيرها، فيجب تقديمها

(3)

واتباعها، وليس هذا مخالفًا لما تقدَّم عنه أنه أهلَّ حين استوت به على البيداء؛ لأن تلك الرواية بعض هذه.

وعن أشعث بن عبد الملك عن الحسن عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم

(1)

كما في «التعليقة» (1/ 169).

(2)

بياض في النسختين، والمثبت من «التعليقة» (1/ 169) وهذه هي رواية الواقدي التي أشار إليها البيهقي كما سبق النقل عنه آنفًا. أخرجها أبو جعفر ابن البختري في «الجزء الرابع من حديثه» (177) من طريق الواقدي، عن عمر بن محمد الأسلمي، عن إسحاق بن عبد الله بن الحارث بن كنانة، عن ابن عباس بنحوه. والواقدي والأسلمي ضعيفان، بل متروكان.

(3)

في المطبوع: «التقيد بها» ، تحريف.

ص: 277