الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال في رواية المرُّوذي
(1)
في المحرم يقبِّل امرأته: عليه دم، فإن أنزل فقد فسد حجه؛ لأنه استمتاع مجرد لا إنزال معه.
والثانية: عليه بدنة في جميع المباشرات إذا كانت في الحج. قال في رواية [ابن]
(2)
إبراهيم في محرم وطئ دون الفرج فأنزل: فسد حجه، فإن لم ينزل فعليه بدنة.
وهذا اختيار القاضي
(3)
وأصحابه، مثل الشريف
(4)
وأبي الخطاب؛ لأنه مباشرة لشهوة أوجب كفارة، فكان بدنةً كالوطء، وهذا لأن جنس المباشرة أغلظ المحظورات، فتعلَّق بجنسها أرفع الكفارات، وهو البدنة جزاءً لكل محظور بقدره، ولا يصح الفرق بالإفساد؛ لأن الإفساد يوجب القضاء ويوجب الكفارة.
والأجود إقرار نصوص الإمام، ف
إن كانت المباشرة وطأً دون الفرج ففيها بدنة، وإن كانت قبلةً أو غمزًا ففيها شاة
، كما فرقنا بينهما في التعزير
…
(5)
.
وقد قال في رواية أبي طالب
(6)
في محرم أتى أهله دون الفرج: فسد
(1)
كما في «التعليقة» (2/ 245).
(2)
زيادة لابد منها، وهو إسحاق بن إبراهيم بن هانئ، انظر «مسائله» (1/ 174) و «التعليقة» (2/ 245، 250).
(3)
في «التعليقة» (2/ 250).
(4)
في «رؤوس المسائل» (1/ 399).
(5)
بياض في النسختين.
(6)
كما في «التعليقة» (2/ 245).
حجه؛ لأنه قد قضى حاجته.
ولم يذكر إنزالًا، لكن قد يُحمل على الغالب.
المسألة الثانية: إذا أنزل المني بالمباشرة بقُبلة أو غمْزٍ أو بالوطء دون الفرج ونحو ذلك، فهل يفسد نسكه؟ على ثلاث روايات:
أحدها: يفسد حجه كالوطء في الفرج، نقلها المرُّوذي في القبلة، ونقلها أبو طالب و [ابن]
(1)
إبراهيم في الوطء دون الفرج. وهذا اختيار القاضي
(2)
وأصحابه؛ لأن كل عبادة أفسدها الوطء أفسدها الإنزال عن مباشرة، كالصيام والاعتكاف، لاسيما ومنعُ الإحرام من المباشرة أشدُّ من منع الصيام، فإذا أفسدَ ما لا يعظم وقعُه فيه، فإفساد ما يعظم وقعُه أولى.
وأيضًا فإن المباشرة مع الإنزال قد يحصل بها من المقصود واللذة أكثر من الوطء المجرد عن إنزال؛ [ق 277] ولهذا ما زال الإنزال موجبًا للغسل، والوطء المجرد قد عري عن الغسل في أول
(3)
الإسلام.
والرواية الثانية: لا يفسد، نقلها الميموني
(4)
في المباشرة إذا أمنى مطلقًا، ونقلها ابن منصور
(5)
في الجماع دون الفرج إذا أنزل، وهذا اختيار
…
(6)
. لأن الأمر إنما جاء في الجماع، والمباشرةُ دون الفرج دونه في
(1)
زيادة لابدّ منها كما سبق. وسبق أيضًا ذكر هذه الروايات.
(2)
في «التعليقة» (2/ 245). وانظر «الفروع» (5/ 462).
(3)
«أول» ساقطة من المطبوع.
(4)
كما في «التعليقة» (2/ 245).
(5)
هو الكوسج، انظر «مسائله» (1/ 600).
(6)
بياض في النسختين. وانظر «الإنصاف» (8/ 353).
أكثر الأحكام، فلم يجز أن يُلحَق به بمجرد القياس، لجواز أن يكون الإفساد معلّقًا بما في الجماع من الخصائص.
والرواية الثالثة: الفرق بين الجماع دون الفرج وبين القُبلة والغَمْز، فإن وطئ دون الفرج فأنزل فسد حجه، وإن قبَّل فأنزل لم يفسد. وهذه اختيار الخرقي
(1)
، وقد ذكر الرواية الأولى ولم يذكر الثانية، وذكر ابن أبي موسى
(2)
الروايتين في الوطء دون الفرج، ولم يذكر في المباشرة خلافًا.
فإن قلنا: قد فسد حجه، فعليه بدنة بلا ريب في الحج، وإن قلنا: لم يفسد فعليه بدنة أيضًا، نصَّ عليه في رواية الميموني
(3)
في المباشرة إذا أمنى مطلقًا، وهذا قول كثير من أصحابنا في القبلة وغيرها من المباشرات، ونقل عنه ابن منصور
(4)
إن جامع دون الفرج وأنزل فعليه بدنة وقد تمَّ حجه، وإن قبَّل فأمنى أو أمذى أو لم يُمنِ ولم يُمذِ أرجو أن يُجزئه شاة.
وكذلك قال ابن أبي موسى
(5)
: ولو باشرها كان عليه دم شاةٍ، ولو قبّلها لزمه دم شاة، فإن وطئها دون الفرج فأنزل فعليه بدنة قولًا واحدًا، وفي فساد حجه روايتان.
وإن أمذى بالمباشرة فنقل عنه ابن منصور أن في ذلك ما في المباشرة المجردة، كما تقدم.
(1)
في «مختصره مع المغني» (5/ 170).
(2)
في «الإرشاد» (ص 175).
(3)
سبق ذكرها.
(4)
هو الكوسج في «مسائله» (1/ 559). وانظر «التعليقة» (2/ 246).
(5)
في «الإرشاد» (ص 175).
فأما المباشرة من فوق حائل فقال أصحابنا القاضي وابن عقيل وغيرهما: لا أثر لها، كما لا أثر لها في نقض الوضوء.
ويحرم عليه أن ينظر لشهوة، فإن نظر لشهوة فلم يُنزِل
…
(1)
. قال الخرقي
(2)
: وإن نظر فصرف بصره فأمنى فعليه دم. وإن أمذى فعليه شاة، وإن أمنى لم يفسد حجه وعليه دم، وهل هو بدنة أو شاة؟ على روايتين
(3)
.
وحكى ابن عقيل إحدى الروايتين: عليه بدنة في مطلق الإنزال، والأخرى: عليه بدنة إن أمنى وشاة إن أمذى، وذكر أنها اختيار شيخه.
وهذا غلط، وذلك لما روى مجاهد قال: جاء رجل إلى ابن عباس رضي الله عنهما فقال: يا ابن عباس، أحرمتُ فأتتني فلانة في زينتها، فما ملكت نفسي أن سبقتني شهوتي. فضحك ابن عباس رحمه الله حتى استلقى، ثم قال: إنك لشَبِقٌ، لا بأس عليك، أَهرِقْ دمًا، وقد تمَّ حجُّك. رواه سعيد
(4)
.
وفي رواية النجاد
(5)
عن ابن عباس في محرمٍ نظر إلى امرأته حتى أمنى، قال: عليه شاة.
(1)
بياض في النسختين.
(2)
في «مختصره مع المغني» (5/ 171).
(3)
انظر «التعليقة» (2/ 251).
(4)
وأخرجه أيضًا أبو يوسف في «كتاب الآثار» (564) بإسناده إلى مجاهد عن ابن عباس بنحوه.
(5)
عزاها إليه القاضي في «التعليقة» (2/ 251، 252)، وذكر أنه رواها بإسناده عن مجاهد عن ابن عباس.
وفي رواية له
(1)
قال: جاء رجل إلى ابن عباس فقال: فعلَ الله بهذه وفعلَ، إنها تطيبتْ وأتتني، وكلَّمتني وحدَّثتني
(2)
حتى سبقتني الشهوة، فقال ابن عباس: انحَرْ بدنةً وتمَّ حجك.
ولا يُعرف له مخالفٌ
(3)
في الصحابة، بل
(4)
ولا في التابعين، بل المنقول عن سعيد بن جبير أن عليه دمًا وحجّه تامّ
(5)
. وقال عطاء: عليه ناقة ينحرها
(6)
. وقال الحسن: عليه بدنة، والحج من قابلٍ
(7)
.
وهذا لأن تكرار النظر لشهوة حرام يمكن الاحتراز منه، فإذا اقترن به الإنزال تغلَّظ، فأوجب الفدية كالمباشرة. وإنما يفسُد الحج لما تقدم عن ابن عباس، ولأن ....
(8)
، ويتخرَّج فساد الحج كالصوم.
(1)
عزاها إليه القاضي في «التعليقة» (2/ 252). وذكرها ابن قدامة في «المغني» (5/ 172) بنحوها وعزاها إلى الأثرم. وأخرج ابن أبي شيبة (12881) بإسناد فيه لين عن مجاهد قال: رأى ابن عباس رجلًا وهو يسبُّ امرأته، فقال: ما لك؟ فقال: إني أمذيت أو أمنيت، فقال ابن عباس: لا تسبَّها، وأهرق لذلك دمًا».
(2)
«وحدثتني» ليست في ق.
(3)
في المطبوع: «مخالفًا» خطأ.
(4)
«بل» ليست في المطبوع.
(5)
أخرجه ابن أبي شيبة (12882).
(6)
لم أجد قوله فيمن أمنى بالنظر أو المحادثة، وقد أخرج ابن أبي شيبة (12883) عنه فيمن أمذى بذلك. قال: شاة.
(7)
ذكره المحب الطبري في «القِرى» (ص 217) بنحوه وعزاه إلى سعيد بن منصور.
(8)
بياض في النسختين.
ثم إن قلنا: يجب بدنة، وهي
(1)
اختيار الخرقي والقاضي وابن عقيل
…
(2)
، وهذا فيما إذا كرّر النظر، فأما النظرة الواحدة إذا تعمَّدها ولم يُدِمْها فأمنى فعليه شاة، هكذا قال أصحابنا. وعنه ما يدل على أنه لا شيء عليه؛ قال في رواية ابن إبراهيم
(3)
: إذا كرَّر النظر فأنزل فعليه دم.
وعنه ما يدل على أن عليه بدنة، قال في رواية حنبل
(4)
: إذا أمنى من نظرٍ وكان لشهوةٍ فعليه بدنة، وإن أمذى فعليه شاة.
وإن أمنى أو أمذى بفكرٍ غالب فلا شيء عليه، وإن استدعى الفكرَ ففيه وجهان
(5)
:
أحدهما: لا شيء عليه، قاله القاضي وأبو الخطاب وغيرهما.
والثاني: أن الفكر كالنظر، قاله ابن عقيل.
فعلى هذا إذا لم يستدِمْه ففيه دم، وإن استدامه فهل فيه بدنة أو شاة؟ على وجهين. ولا يفسد الحج بحال، ويتخرّج في النظر والتفكُّر
(6)
إذا استدامهما أن يفسد الحج. والمنقول عن أحمد في التفكر يحتمل
(7)
الوجهين، زعم
(1)
في المطبوع: «وهو» .
(2)
بياض في النسختين.
(3)
أي ابن هانئ في «مسائله» (1/ 174)، وانظر «التعليقة» (2/ 251، 252).
(4)
كما في «التعليقة» (2/ 251).
(5)
انظر «الفروع» (5/ 465، 466).
(6)
في المطبوع: «التفكير» هنا وفيما يأتي، خلاف النسختين.
(7)
في المطبوع: «يتحمل» .
القاضي
(1)
أن ظاهره يقتضي أن لا يتعلق بالتفكر حكم، وزعم ابن عقيل أنه يدل على أنه يتعلق بالمستدعى منه حكم.
قال في رواية أبي طالب وأحمد بن جميل
(2)
في محرمٍ نظر فأمنى: فعليه دم، قيل له: فإن ذكر شيئًا فأمنى؟ قال: لا ينبغي أن يذكر، قيل له: وقع في قلبه شيء، قال: أرجو أن لا يكون عليه شيء.
فمن حيث جعل في الإنزال بالنظر دمًا، ولم يجعل في الإنزال بالذِّكْر شيئًا، بل نهاه عنه= كان قول القاضي متوجهًا. ومن حيث فرَّق بين ما يقع في قلبه [ق 278] في أنه لا شيء عليه، وبين ما يذكره عمدًا= يتوجه قول ابن عقيل. إلا أن للقاضي أن يقول: استدعاء الفكر مكروه، فيُنهى عنه، ولهذا قال: لا ينبغي له أن يذكر حيث الغالب منه، فإنه لا يوصف بالكراهة، فالفرق عاد إلى هذا لا إلى وجوب الدم.
والدم الواجب بالمباشرة ونحوها من الاستمتاع يتعين، ولا يُجزئ عنه الصيام والصدقة مع وجوده، بخلاف ما يجب بالطيب واللباس، قاله القاضي في «خلافه»
(3)
والمنصوص عنه أنه يُخيَّر
(4)
، قال في رواية الميموني: والمتمتع إذا طاف فجامع قبل أن يقصر أو يحلق، فإن ابن عباس قد أفتى في هذا
(5)
بعينه: عليه دم، أو فدية من صيام، أو صدقة، أو نسك، وإنما يحل
(1)
في «التعليقة» (2/ 247).
(2)
لم أجد روايتهما في «التعليقة» وغيره من المصادر.
(3)
أي «التعليقة» (2/ 247، 249).
(4)
في النسختين: «يجبر» مصحفًا.
(5)
في المطبوع: «بهذا» .