الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عليه وعلى آبائه؛ أي: وأوتينا العلم بالله تعالى وقدرته على ما يشاء من قبل هذه الآيات، وكنا مسلمين منقادين لحكمه، لم نزل على دينه.
…
{وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ كَافِرِينَ
(43)}
.
[43]
{وَصَدَّهَا} الله بتوفيقها للإسلام عن عبادة {مَا كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ} وهي الشمس، وقيل: المعنى: وصدها منعَها من الإيمان قبل ذلك ما كانت تعبد من دون الله.
{إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ كَافِرِينَ} يعبدون الشمس، فنشأت فيهم، ولم تعرف إلا عبادتها.
…
{قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
(44)}
.
[44]
ولما أراد سليمان أن ينظر إلى قدميها وساقيها من غير أن يسألها كشفهم لما قيل له: إن رجليها كحافر الحمار، وهي شعراء الساقين (1)، وليريها ملكًا أعظم من ملكها، أمر الشياطين فبنوا له صرحًا؛ أي: قصرًا من زجاج؛ كأنه الماء بياضًا، وجعل صحن الدار قوارير، وجعل تحته أمثال الحيات والضفادع، فإذا رئي، ظن ماء حقيقة، ووضع سريره في صدر
(1) انظر: "تفسير البغوي"(3/ 404)، و"تفسير القرطبي"(13/ 207).
الصحن، وجلس عليه، وعكفت عليه الطير والجن والإنس، ودعا بلقيس، فلما جاءت {قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ} القصر.
{فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً} هي معظم الماء، {وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا} لتنجو منه إلى سليمان، فنظر سليمان، فإذا هي أحسن الناس ساقًا وقدمًا، إلا أنها كانت شَعراء الساقين. قرأ قنبل عن ابن كثير:(سَأْقَيْهَا) بالهمز الساكن؛ لجواز أن يكون من العرب من يهمز مفرد ساق وجمعه، والباقون: بغير همز (1)، فلما رأى سليمان ذلك، صرف بصره عنها.
ثم {قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ} بنيان مملس {مِنْ قَوَارِيرَ} من زجاج، وليس بماء حقيقة، ثم دعاها إلى الإسلام، فأجابت، و {قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي} بعبادتي غيرك.
{وَأَسْلَمْتُ} أي: وقد أسلمت {مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} أخلصت له التوحيد.
وأراد سليمان تزوجها، فكره شعر ساقيها، فسأل الإنس: ما يذهب هذا؟ قالوا: الموسى، فقال: إنها تقطع ساقيها، فسأل الجن، فقالوا: لا ندري، ثم سأل الشياطين، فقالوا: نحتال لك حتى تصير كالفضة البيضاء، فأخذوا النورة والحمام، فكانت النورة والحمام من يومئذ، ويقال: إن الحمام الذي ببيت المقدس بباب الأسباط إنما بني لها، وإنه أول حمام بني على وجه الأرض، فلما تزوجها سليمان أحبها حبًّا شديدًا،
(1) انظر: "السبعة" لابن مجاهد (ص: 483)، و"التيسير" للداني (ص: 168)، و"إتحاف فضلاء البشر" للدمياطي (ص: 337)، و"معجم القراءات القرآنية"(4/ 357).