الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهو لا يلتفت إليه؛ لشدة غضبه، ثم قال: يا أرض خذيه، فانطبقت عليه، فذلك قوله تعالى:{فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ} (1) من دون عذابه، فأوحى الله إلى موسى: ما أغلظَ قلبَكَ، استغاث بك سبعين مرة فلم تغثه؟! فوعزتي وجلالي لو استغاث بي مرة واحدة، لأغثته.
{وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ} الممتنعين مما حل به.
روي أنه خُسف به إلى الأرض السفلى، ولما خسفت به، قال بنو إسرائيل: إنما دعا عليه ليستبد بأمواله، فدعا موسى، فخسف بجميع أمواله (2).
{وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلَا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ
(82)}
.
[82]
{وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ} أي: صار أولئك الذين تمنوا ما رزق من المال والزينة.
{بِالْأَمْسِ} أي: بالوقت القريب منهم، استعاره هنا؛ لأن أمس عبارة عن اليوم الذي قبل يومك، يتندمون.
(1) انظر: "تفسير البغوي"(3/ 455 - 456).
(2)
انظر: "تفسير البغوي"(3/ 456 - 457).
و {يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ} يضيق.
{لَوْلَا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا} فلم يعطنا ما تمنينا.
{لَخَسَفَ بِنَا} لتوليده فينا ما ولده فيه، فخسف به لأجله.
{وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} لنعمة الله؛ كقارون. (وَيْكَأَنَّ) كتبت موصولة كلمة واحدة في جميع المصاحف، وكذلك (وَيْكَأَنَّهُ) لكثرة الاستعمال، لأن أصلها:(وَيْ) تعجب و (ما) متصلة بـ (أن) عند البصريين، ولذلك فتحت الهمزة، فصار معناها الندامة، والتنبيه على الخطأ، وعند الكوفيين أن (وَيْكَ) ويلك، ومعناها: ألم تر، واختلف في الوقف عليهما، فوقف أبو عمرو:(وَيْك) على الكاف مقطوعة من الهمزة، وإذا ابتدأ، ابتدأ بالهمزة (أَنَّ)، و (أَنَّهُ)، ووقف الكسائي (وَيْ) على الياء مقطوعة من الكاف، وإذا ابتدأ، ابتدأ بالكاف (كَأَنَّ) و (كَأَنَّهُ)، ووقف الباقون (وَيْكَأَنَّ)(وَيْكَأَنَّهُ) موصولة اتباعًا للمصحف، وهذا هو الأولى والمختار في مذاهب الجميع؛ اقتداء بالجمهور، وأخذًا بالقياس الصحيح (1)، وقرأ يعقوب، وحفص عن عاصم:(لَخَسَفَ) بفتح الخاء والسين، الفاعل الله تعالى، وقرأ الباقون: بضم الخاء وكسر السين مجهولًا (2).
…
(1) انظر: "التيسير" للداني (ص: 61)، و"الكشف" لمكي (2/ 176)، و"معجم القراءات القرآنية"(5/ 33 - 34).
(2)
انظر: "السبعة" لابن مجاهد (ص: 495)، و"تفسير البغوي"(3/ 457)، و"النشر في القراءات العشر" لابن الجزري (2/ 342)، و"معجم القراءات القرآنية"(5/ 34).