الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا
(36)}
.
[36]
ونزل في امتناع زينب وأخيها من تزويج زيد بن حارثة بعد أن خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم له {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ} (1) لعبد الله بن جحش.
{وَلَا مُؤْمِنَةٍ} زينب.
{إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا} هو خطبتها لزيد {أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ} أي: الاختيار {مِنْ أَمْرِهِمْ} المعنى: لا يجوز لأحد أن يريد إلا ما أراد الله ورسوله. قرأ الكوفيون، وهشام عن ابن عامر:(أَنْ يَكُونَ) بالياء على التذكير؛ للحائل بين التأنيث والفعل، وقرأ الباقون: بالتاء؛ لتأنيث الخيرة (2).
{وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا} أخطأ خطأً ظاهرًا.
* * *
{وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا
(37)}
.
[37]
فرضيت زينب وأخوها، وتزوجت بزيد، وبقيت معه مدة، ثم
(1) رواه الطبري في "تفسيره"(22/ 11).
(2)
انظر: "السبعة" لابن مجاهد (ص: 522)، و"التيسير" للداني (ص: 179)، و "تفسير البغوي"(3/ 565)، و"معجم القراءات القرآنية"(5/ 125).
أُلقي في نفس زيد كراهتها، فجاء النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال: أريد طلاق صاحبتي، فقال:"أرابك منها شيء؟ "، قال: لا والله ولكنها تترفع علي، فقال له:"أمسكْ عليكَ زوجَك"، فنزل قوله تعالى:
{وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ} (1) بالإسلام {وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ} بالعتق: {أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ} لا تفارقها، نهي تنزيه. قرأ أبو عمرو، وهشام، وحمزة، والكسائي، وخلف:(وَإِذ تَّقُولُ) بإدغام الذال في التاء، والباقون: بالإظهار (2).
{وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ} ما علمته، وهو {مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ} أي: مظهره، وهو أنه تعالى كان قد أعلمه صلى الله عليه وسلم أن زينب ستصير زوجة له.
{وَتَخْشَى النَّاسَ} أي: اليهود أن يقولوا: تزوجَ امرأةَ ابنه.
{وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ} فلا تفعلْ مثل ذلك، وهذا عتاب شديد، قال عمر، وابن مسعود، وعائشة:"ما نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم آية هي أشدُّ عليه من هذه الآية"(3)، وعن عائشة:"لو كتم نبيُّ الله شيئًا مما أنزل عليه، لكتم هذه الآية"(4)، فطلقها زيد، فلما انقضت عدتها، قال لزيد: "اذهبْ
(1) قال الزيلعي في "تخريج أحاديث الكشاف"(3/ 111): غريب بهذا اللفظ، ورواه مسلم في "صحيحه"(1428) في النكاح مختصرًا من حديث أنس.
(2)
انظر: "الغيث" للصفاقسي (ص: 325)، و"معجم القراءات القرآنية"(5/ 126).
(3)
انظر: "عمدة القاري" للعيني (19/ 119).
(4)
رواه مسلم (177)، كتاب: الإيمان، باب: معنى قوله الله عز وجل: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} . ورواه البخاري (6984)، كتاب: التوحيد، باب:{وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} ، لكن عن أنس بن مالك رضي الله عنه.